"نوايا التظاهر" تقود لخلف القضبان .. سلطات الإقليم تلفُّ حبال القمع على أعناق المتظاهرين وتخنق حرية التعبير.. ما الذي كشفه ممثل المحتجين؟
انفوبلس/ تقارير
دقّت حكومة إقليم كردستان مؤخراً مسماراً جديداً في نعش حرية التعبير بالعراق، عبر اعتقال العشرات وقمع كل مَن ينوي التظاهر، لكن أزمة الرواتب والاحتجاجات التي رافقتها، بدأت بالكشف عن جوانب مغيّبة من القمع في أربيل ودهوك، ويُبرهن ذلك تصريحُ ممثل المتظاهرين في الإقليم، سامان علي، بأن الأسايش اعتقلت محاضراً لنيّته التظاهر فقط، ليكشف بذلك عن خفايا الانتهاكات التي تمتنع وسائل الإعلام المقرّبة من سلطات أربيل عن عرضها.
*قصة اعتقال المحاضر
يؤكد ممثل المتظاهرين المعلمين والموظفين في إقليم كردستان سامان علي في تصريحات متلفزة، أن هناك سلطة تقمع الحريات في أربيل ولا يمكن التظاهر هناك، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن السليمانية تحمي المتظاهرين وكانت منبراً للصوت الحر.
ويقول علي، "حكومة الإقليم تتحمل مسؤولية ضياع العام الدراسي الحالي، حيث إن الأسايش أقدمت على اعتقال محاضر لمجرد النيّة في التظاهر أمام مجلس وزراء الإقليم"، مبينا أن "حكومة الإقليم تعرقل العملية التربوية بسبب تغييب الرواتب".
*أزمة مستدامة
ويمضي ممثل المتظاهرين بالقول، إن "مشكلة الرواتب أصبحت أزمة مستدامة في الإقليم بعد أن أوقفت ترفيع الدرجات الوظيفية، مؤكدا أن تظاهرات المعلمين في أربيل قُمعت عام 2018".
*قمع شديد في أربيل ودهوك
ومنذ نحو عقد من الزمن، ينتعش إضراب الكوادر التدريسية والموظفين والطبقات الأخرى التي تعتمد في إغناء دخلها الشهري على الرواتب بالتزامن مع بدء العام الدراسي الجديد في كل عام.
ورغم ما يحمله الإضراب من انعكاسات سلبية تُهدد المسيرة التعليمية والتربوية في الإقليم لاسيما في مناطق السليمانية والإدارات والأقضية والنواحي التابعة لها على عكس أربيل ودهوك، يُبرر الناشط في احتجاجات الكوادر التربوية ميران محمد، أن الإضراب يُنظَّم للفت أنظار العالم عمّا يجري من ظلم واضح على مواطني الإقليم.
ويؤكد محمد، "لو أُتيح الأمر لأهالي دهوك وأربيل لخرجوا بتظاهرات أكبر، لكن القمع الكبير الموجود من الحزب الديمقراطي والأجهزة الأمنية منها منع التظاهر والإضراب، رغم المعاناة يمنع ذلك".
*اعتقالات لردع الاحتجاجات
قالت "هيومن رايتس ووتش" في وقت سابق، إن قوات الأمن في إقليم كردستان اعتقلت عشرات الصحفيين، والنشطاء، والسياسيين في 5 و6 أغسطس/ آب 2022، قبل مظاهرات كان مخطط لها.
في 1 أغسطس/ آب، دعا رئيس حزب "حراك الجيل الجديد" شاسوار عبد الواحد إلى مظاهرات في السليمانية، وأربيل، ودهوك لمواجهة تفاقم "الفساد والفقر والبطالة" في الإقليم.
آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش قال، "استخدام القمع التعسفي لقمع الاحتجاجات وترهيب النشطاء والصحفيين سيفاقم مظالم سكان إقليم كردستان العراق. ولمعالجة غضب الناس، من الأفضل ضمان احترام الحقوق والحريات الأساسية، ومنها الحق في الاحتجاج السلمي".
وقد وثّقت هيومن رايتس ووتش في السنوات الأخيرة تصاعد استهداف وسائل الإعلام المستقلة والصحفيين المستقلين في إقليم كردستان العراق. كما استخدمت السلطات الاتحادية وسلطات الإقليم مجموعة من الأحكام القانونية المتعلقة بالتشهير والتحريض ضد المنتقدين، بمن فيهم صحفيون، ونشطاء، وأصوات معارضة أخرى.
*إحصائية مقلقة
رحمن غريب، مدير "مركز ميترو" المختص برصد حرية الإعلام في الإقليم، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن المركز حدد 78 انتهاكا حقوقيا على يد قوات الأمن ضد 60 صحفيا ووسيلة إعلامية أثناء الاعتقالات في عام 2022. اعتقلت قوات الأمن ما لا يقل عن 26 صحفيا، وصادرت معدات 23 صحفيا، ومنعت 16 صحفيا من تغطية الاحتجاجات.
وقال غريب: "أصبح واضحا لنا أن قوات الأمن تستهدف الصحفيين أثناء الاحتجاجات بدل حمايتهم. قوات الأمن تخشى عدسات الكاميرا لأنها تكشف سلوكها غير القانوني".
*قفز السلطات على القانون
غالبا ما تستخدم سلطات كردستان قوانين الإقليم، مثل قانون الصحافة وقانون منع إساءة استخدام معدات الاتصالات، ضد الصحفيين والنشطاء الذين يمارسون الحقوق الأساسية مثل حرية التجمع. يحظر هذان القانونان، من بين جملة أمور، إساءة استخدام الهواتف الخلوية والبريد الإلكتروني – أو، على نطاق أوسع، الإنترنت – لتهديد شخص ما، باستخدام ألفاظ نابية، ونشر المعلومات المضللة، ومشاركة الصور التي تتعارض مع القيم العامة، ومشاركة المعلومات الخاصة، حتى لو كانت صحيحة.
يتطلب القانون الكردي لتنظيم المظاهرات في إقليم كردستان العراق إذناً كتابياً لجميع الاحتجاجات من وزير داخلية الإقليم أو وحدة الإدارة المحلية. إذا رُفض الإذن، يمكن اتهام المتظاهرين بارتكاب جريمة.
وقال كوغل: "غالبا ما تروّج السلطات الكردية لازدهار الإقليم واستقراره مقارنةً بأجزاء أخرى من العراق. لكن الاعتقال الاستباقي بحق النشطاء، والسياسيين المعارضين، والصحفيين لمجرد تنظيم احتجاجات سياسية سلمية، وحضورها، وتغطيتها ليس مدعاةً للفخر".