هجوم "كاسح" على وزارة الاتصالات وحكومة السوداني على خلفية تعطيل "تيليغرام".. ما قصة تسريب البيانات؟
انفوبلس/ تقرير
بعد أن أعلنت الحكومة العراقية، اليوم الأحد 6 أغسطس/ آب 2023، عن حجب تطبيق "تيليغرام" الشهير للمراسلات الفورية رسمياً، لأسباب تتعلق بـ"الأمن القومي والسلم المجتمعي"، والحفاظ على سلامة البيانات الشخصية لمستخدمي التطبيق في البلاد، أبدت منصات إخبارية وعراقيين على شبكات التواصل رفضهم "القاطع" لهذا القرار وقاموا بمهاجمة وزارة الاتصالات في حكومة السوداني.
جاء ذلك في بيان صادر عن وزارة الاتصالات العراقية، وقالت الوزارة إن "حجب تطبيق تيليغرام جاء بناءً على توجيهات الجهات العليا لمحددات تتعلق بالأمن الوطني، وحفاظاً على البيانات الشخصية للمواطنين، التي خرق التطبيق سلامة التعامل بها خلافاً للقانون".
وأضافت الوزارة، إن "مؤسسات الدولة ذات العلاقة قد طلبت مراراً، من الشركة المعنية بإدارة التطبيق، والتعاون في غلق المنصات التي تتسبب في تسريب بيانات مؤسسات الدولة الرسمية والبيانات الشخصية للمواطنين، ما يشكل خطراً على الأمن القومي العراقي والسلم المجتمعي".
وأوضحت الوزارة، أن الشركة لم تستجب للطلبات، و"لم تتفاعل مع أي منها". وأضافت الوزارة أنها "تؤكد احترامها حقوق المواطنين في حرية التعبير والاتصال، دون المساس بأمن الدولة ومؤسساتها"، معربةً عن ثقتها "في تفهم المواطنين لهذا الإجراء".
يأتي هذا فيما لم يصدر عن شركة "تيليغرام" تعليق فوري على الخطوة العراقية.
ومنذ مساء السبت، 5 أغسطس/ آب 2023، وبشكل مفاجئ، توقف "تيليغرام" عن العمل في عموم العراق؛ ما سبّب صدمة في الساحة الشعبية، وتساؤلات عن سبب التوقف.
وعن خبراء تقنيين، قولهم إنه "في الأشهر الأخيرة شهد تيليغرام موجة كبيرة من عمليات الابتزاز والتسريب والتشهير، من قبل بعض القنوات التي عجزت الحكومة عن الوصول إلى بياناتها"، دون تفاصيل عن إن كانت التسريبات تتعلق بالشأن السياسي أو الاجتماعي.
وقبل أيام ظهر بوت في التليغرام يحمل اسم "بوت بيانات العراق" كان السبب الرئيسي لحجب التطبيق، حيث عند كتابة اسم أحد الأشخاص في البوت يظهر التفاصيل الكاملة لعائلة الشخص المكتوب.
*هجوم على وزارة الاتصالات وحكومة السوداني
أثار حجب السلطات العراقية لتطبيق "تيليغرام" ردود أفعال "غاضبة" من منصات إخبارية أبرزها "صابرين نيوز"، وعراقيون على شبكات التواصل، وأعربوا عن معارضتهم لهذا القرار.
وشنّت هذه المنصات حملات كبيرة ضد رئيس الوزراء ووزيرة الاتصالات، عقب توقف التطبيق.
وقالت منصة صابرين نيوز على التلغرام، "إلى من يهمه الأمر، توقيف تطبيق التلغرام يندرج ضمن سياسة تكميم الأفواه ولا يرتقي أبدا بالدول التي تتبنى شعارات الديمقراطية وحقوق الانسان، التلغرام المنصة الوحيدة التي تعبر عن تطلعات الشعوب الحرة، على الطبقة السياسية أن تتذكر أن لولا تطبيق التلغرام لما كانت هناك تجمعات بشرية وتثقيف ساهم بوصولكم الى سُدّة الحكم!".
علقت صابرين عن الأسباب الرئيسية لحجب التطبيق (بوت بيانات العراق) قائلة، إن "كل البيانات التي سُربت هي بيانات بطاقة الناخب للمواطن العراقي، والمسؤول عن هذا الخرق هو اللجنة العليا المستقلة للانتخابات واقسامها".
وتابعت، إن "الدليل على ذلك.. أي شخص ممطلع بطاقة الناخب ولا مسويها! اسمه مموجود ببوت تسريب المعلومات والي مسوي بطاقة الناخب راح تشوف اسمه واسم عائلته، عدا تسريبات بعض الاجهزة الامنية الفاسدة التي كرمتها الحكومة بإحالتهم على التقاعد".
وبعد ذلك، أصدرت قنوات على التلغرام بياناً مشتركاُ قالت فيه، "في محاولة للتركيع وتحويلنا من منصات شعبية جماهيرية تكشف الحالات السلبية من استغلال السلطة والفساد السياسي والأخطاء التي يحاول البعض فيها أن يوهم العراقيين وأن يحول فيها شخصيات فاسدة إلى شخصيات معصومة، سعت جهات حكومية لحظر تطبيق التلغرام في العراق بصورة دائمة، نعلن من هنا وابتداءً من هذه اللحظة، المعارضة السياسية والإعلامية للأنشطة الحكومية كافة وللوزارات كافة ولن نستثني أي جهة".
وأضاف، "وعليه ندعو جميع القنوات للانضمام لهذا التحالف، والله من وراء القصد".
كما أن مواطنون آخرون أبدوا استياءهم، من اتخاذ الحكومة، خطوة "حظر" البرنامج في العراق، لاسيما أن أهميته لديهم قد تكون أهم من التطبيقات الاخرى خصوصاً لفئات الطلبة والمواقع الإخبارية، وحتى بالنسبة لمن يكون رزقهم على هذا التطبيق من خلال قضايا الدعاية والإعلام.
ويقول هشام الحسناوي، إن "حظر تطبيق التليغرام من قبل الحكومة، خطوة غير موفقة لاسيما هناك الكثير من طلبة المراحل المنتهية والجامعات يعتمدون في دراستهم على هذا التطبيق".
بدوره، مواطن آخر، يدعى ضياء الجابري، قال، إن "تليغرام مصدر رزقي الوحيد حالياً في العراق، فالصفحات التي امتلكها على بقية المواقع لن تعمل كما هو حال، على هذا التطبيق".
من جهة أخرى، ترى مواقع وصفحات عديدة على مواقع التواصل لاسيما في "التليغرام" ان إغلاق التطبيق جاء نتيجة "قرار سياسي"، بطلب من السفارة الأمريكية في العراق.
*مواقف نيابية
قال النائب مصطفى سند، "إذا تم حجب هذا المنبر الروسي الشرقي الحر، غير الخاضع للاستعمار والعبودية، سيتم التعدي مستقبلاً على حريات وثوابت أخرى.. سجلوها علي".
وذكر النائب سعود الساعدي في تغريدة، "ما الذي بقي للدفاع عن وطنكم وعقيدتكم غير منصات الجهاد المؤثرة على "التيليغرام" حتى تغلقوه؟. إذا تم اختراق بقية تطبيقات ووسائط التواصل الاجتماعي فهل ستغلقونها جميعا؟".
وفي وقت سابق، حذر الاعلام الرقمي DMC من خطر برنامج الـ "تليغرام" في العراق، معتبرته "خطرً جديداً" يتسبب بارقة دماء الفتيات.
وذكر المركز في بيان ورد لـ"انفوبلس"، انه "خلال الاشهر القليلة الماضية رصد تواجد عشرات قنوات التيليجرام المخصصة لتطوير التقنيات الاحتيالية والابتزاز الالكتروني، فضلا عن تسريبها آلاف البيانات الخاصة بالمستخدمين العراقيين والاجهزة الامنية والحكومية".
كما رصد المركز "وجود قنوات اخرى مختصة بابتزاز الفتيات العراقيات بعد قرصنة حساباتهن، ومن ثم التهديد بنشر الصور الخاصة عبر قنوات اخرى، الامر الذي تسبب بقتل بعض الفتيات وتشويه سمعة عشرات العوائل العراقية".
وبين المركز أن "منصة تيليجرام تتجاهل باستمرار طلبات حذف القنوات المخالفة، وكان التعاون ضعيف من قبل الدعم الفني للمنصة رغم عشرات التبليغات التي تصلها حول المخالفات الاجرامية المرصودة".
وأشار المركز الى، ان عدم الاستجابة والتعاون مع التبليغات التي ترصد الانشطة الاجرامية هي ظاهرة تميزت بها منصة تليجرام عكس المنصات الرقمية الاخرى مثل فيسبوك Facebook وواتساب WhatsApp التي تتعاون باهتمام مع التبليغات المتعلقة بالأنشطة غير المشروعة وتتم إزالتها بوتيرة سريعة".
ويذكر المركز أن "تقاعس منصة تيليجرام وتأخرها في تقديم الدعم الفني والاستجابة لتبليغات الجمهور في العراق سهّل على الجماعات الاجرامية الاعلان والترويج لأنشطتها المختلفة وساهمت هذه الثغرات التنظيمية في تطوير وتسريع مهارات الجريمة الرقمية في العراق".
ودعا مركز الإعلام الرقمي DMC منصة تيليجرام الى "الاسراع بتغيير سياستها ويحذرها من مغبة استمرار عدم التعاون مع المستخدمين في تبليغاتهم ضد القنوات المخالفة التي تنتهك المعايير والقوانين المحلية والدولية".
ويُستخدم التطبيق على نطاق واسع في العراق للمراسلة، كما أنه يمثل مصدراً للأخبار ومشاركة المحتوى، وتحتوي بعض القنوات على عدد هائل من البيانات الشخصية، منها أسماء وعناوين مستخدمين عراقيين وروابطهم الأسرية.
يفتخر تطبيق "تيليغرام" بالخصوصية الشديدة التي يمنحها لمستخدميه؛ حيث يتيح خاصية التشفير التام بين الأطراف. ويمكن للمستخدمين تداول الرسائل أو الاتصال ببعضهم البعض، مع إخفاء رقم الهاتف- عكس واتساب- ما يجعله أداة اتصال قوية لأولئك الذين يخشون تعرضهم للعقاب على ما يكتبونه، كما هو الحال في البلدان الاستبدادية.
وإلى جانب الرسائل، يمكن للمستخدمين إنشاء قنوات تعمل مثل المدونات، أو مشاركة النصوص أو الصور أو الفيديو أو الرسائل الصوتية مع جمهور يمكن أن ينمو مثل حساب تويتر.
وقبل 3 أشهر، حذفت منصة تيليغرام، قرابة 40 حساب [قناة وبوت] على منصتها، بدعوى استخدامها لابتزاز النساء في العراق، كما حذفت منصة قنوات وبوتات على منصتها كانت تُستخدم لتسريب بيانات المواطنين العراقيين.