هل تتعرض البنية التحتية للكابل الضوئي لشركة "إيرثلنك" إلى عمليات تخريب فعلاً أم إنها ادعاءات "كاذبة"؟
انفوبلس/ تقرير
تستمر البيانات التي تصدرها وزارة الاتصالات العراقية، التي تعلن تعرض مشروع تجهيز المواطنين بخدمة الإنترنت بتقنية الكابل الضوئي FTTH في جانب الرصافة إلى أعمال تخريبية، وسط حديث وتساؤلات عن حقيقة هذه الادعاءات المتكررة وسوء الخدمة المقدمة، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، على ما جرى من خلال شهر شباط الحالي.
عدد من الكابينات الضوئية في ثلاث مناطق بجانب الرصافة تعرضت إلى أعمال تخريبية خلال الشهر الحالي
اليوم الأربعاء 14 شباط/ فبراير 2024، كشفت وزارة الاتصالات، عن تعرض البنى التحتية الخاصة بمشروع تجهيز الإنترنت بتقنية الكابل الضوئي في الرصافة إلى أعمال "تخريبية".
وذكرت الوزارة ذكرت في بيان ورد لـ"انفوبلس"، أنه "تعرضت البنى التحتية التابعة لوزارة الاتصالات/ الشركة العامة للاتصالات والمعلوماتية الخاصة بمشروع تجهيز المواطنين بخدمة الانترنت بتقنية الكابل الضوئي FTTH في جانب الرصافة إلى أعمال تخريبية، قامت بها مجموعة لا تريد لبلدنا وشعبنا الخير والتطور، لاسيما بعد النجاح الكبير لمشاريع الكابل الضوئي، والاستحسان الذي لاقته من قبل المواطنين في كافة المحافظات والمناطق التي تم تشغيل المشاريع فيها".
وأضافت، أنه "في الشهر الحالي تعرضت عدد من الكابينات الضوئية في ثلاث مناطق بجانب الرصافة (الحبيبية - البلديات - الأمين) إلى أعمال تخريبية أدت الى خروجها عن الخدمة لفترة من الوقت لحين إكمال أعمال الصيانة، لتعود الخدمة الى ما كانت عليه بأسرع وقت.
وتابعت، أنه "بدورنا ندعو الأجهزة الأمنية إلى أخذ دورها في حماية البنى التحتية التابعة لوزارة الاتصالات كونها مُلكاً للدولة، وملاحقة من تُسوّل له نفسه الإضرار بالممتلكات العامة لينال جزاءه العادل".
"إيرثلنك" تقول إنه الثالث خلال أسبوع وصفته بأنه "هجوم إرهابي"
أما شركة إيرثلنك فقد أعلنت، أمس الثلاثاء، استهداف البنية التحتية للكابل الضوئي الخاص بها في مدينة الصدر، شرقي بغداد، بهجوم وصفته بأنه "إرهابي"، فيما بينت أن هذا الاستهداف هو الثالث خلال أسبوع يستهدف بناها التحتية.
الشركة ذكرت في بيان ورد لـ"انفوبلس"، إن "هجمة إرهابية جديدة طالت البنية التحتية للكابل الضوئي في مدينة الصدر فجر الثلاثاء وتسبب الهجوم بتعطيل مجموعة من الكابينات وحرمان العوائل في المدينة من خدمة الإنترنت وإلحاق خسائر مالية تقدر بمئات الملايين".
وطالبت ايرثلنك الجهات الأمنية "بأخذ دورها في حماية البنية التحتية للكابل الضوئي، لأنها ملك عام وعائديتها لوزارة الاتصالات، ويجب أن تخضع لحماية مشددة". وبينت أن "هذا الاستهداف الإرهابي يُعد هو الثالث من نوعه خلال أسبوع، مما يشير إلى وجود عمليات إرهابية ممنهجة، وجهات تهدف إلى ضرب عجلة الاقتصاد في العراق وإيقاف مسيرة التحول الرقمي التي ترعاها الحكومة العراقية برئاسة رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني".
وتعهدت الشركة لمشتركيها "بإصلاح جميع الأضرار خلال مدة قياسية قصيرة للحفاظ على استمرارية الخدمة وعدم انقطاعها بالرغم من كل التحديات الإرهابية".
وفي اليوم الثالث من الشهر الحالي، أعلنت شركة ايرثلنك للاتصالات أيضاً، عن استهداف مجاميع مسلحة للكابل الضوئي ما تسبب بانقطاع خدمة الانترنت عن مناطق واسعة شرق القناة في بغداد.
ما هو مشروع الإنترنت الوطني؟
المشروع الوطني للإنترنت، أحد المشاريع الحكومية التي تتعلق بتأسيس البنى التحتية الخاصة بالإنترنت عبر الكابل الضوئي، وتديره وزارة الاتصالات ممثلةً بالشركة العامة للاتصالات والمعلوماتية، وتنفذه شركتا ايرثلنك للإنترنت وسميفوني للاتصالات وبدعم فني من شركة سيسكو وشركة نوكيا وهاواوي، لتزويد معدات وأجهزة المشروع، من البدالات المتطورة والحديثة.
*خفايا الصراع بين "إيرثلنك" ومزوّدي الخدمة
يشار الى أن العلاقة لم تكن جيدة مطلقاً بين شركة إيرثلنك وغالبية مزودي الخدمة، حيث يعيش الطرفان صراعاً أزلياً تكمن أبرز محاوره باتهام المزودين الشركة بالهيمنة على مصادر الخدمة المجهزة لباقي الشركات بما يسمى (شركات المشروع الوطني) ومحاولة إفشال الخدمة المجهزة للأبراج التي تعمل بالوايرلس أو ما يقدّمه أصحاب الأبراج من خدمة واصلة للمشترك النهائي عن طريق كابينات خاصة بهم Ftth مناصفةً للخدمة المقدمة من شركات القرض الياباني Ftth وشركات Hala Ftth المدعومة من قبل المشروع الوطني وشركة الجزيرة Ftth.
يتهم المزودون شركة إيرثلنك بالفساد، عازين ذلك إلى تقديمها أسوء خدمة انترنت والذين وصفوه بالمعدوم وفي أكثر الأوقات وهميّ بالإضافة إلى القطوعات والفصلات المستمرة والمتكررة التي قد تصل إلى أكثر من 5 مرات باليوم بسبب استخدامهم أجهزة ذات جودة رديئة مثل 2011 و 3011 لتجهيز أكثر من 1000 مشترك للجهاز الواحد بربيترات الشركة المتهالكة، بالإضافة إلى الحمل الزائد على أجهزة ASR الخاصة بسيرفرات pppoe والترفك الكلي لكل ربيتر أو نود تابع للربيتر، وعليه يجب أن يطّلع المشترك والمواطن على سياسة عمل و"فساد هذه الشركة".
يؤكد المزودون أن الشركة تجبر أصحاب الأبراج على استخدام أجهزة معينة (لنكات) بأحجام لا تغطي إمكانات الطلب على الخدمة من قبل المشتركين ومحاربة أصحاب الأبراج باتباع سياسات تعارض التطور الحاصل بمجال الشبكات.
وبحسب وزارة الاتصالات فإن شركة ايرثلنك تمتلك 80% من سوق الانترنت في البلاد، ولم تجد منافساً لها بسبب غياب المساءلة والتنظيم.
وتتعرض مشاريع الكابل الضوئي لعشرات العمليات التخريبية، والتي فاقمت أزمة تردي ضعف خدمة الإنترنت في البلاد، حتى أن هيئة الإعلام والاتصالات أكدت أنها "أشّرت ازدياداً ملحوظاً في الأعمال التخريبية التي تتعرض لها مشاريع البنى التحتية الخاصة بمنظومات الاتصالات، وتحديداً مشاريع الكابل الضوئي المنفذة من قبل وزارة الاتصالات والشركات المتعاقدة معها".
ويؤكّد المختص بحوكمة وأمن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، علي أنور، أنّ وزارة الاتصالات تُسيطر عليها أطراف مُعينة، ما يُفسّر سطوع نجم بعض الشركات وأفول بعضها الآخر، كما أنّ الشركات التي تستثمر بالاتصالات مُعرّضة للابتزاز من عشائر أو جماعات أو أشخاص متنفذين لإجبارها على دفع مبالغ مالية مقابل عدم التعرض للبنى التحتية لها من أبراج وغيرها".
"استهداف شركات الانترنت له عدة رسائل، منها إثارة الفوضى الأمنية ومحاولة إثارة الرأي العام من خلال قطع الانترنت بعد استهداف الشركات، أو هي محاولة ابتزاز من قبل بعض الجهات للحصول على الأموال، فليس كل تفجير هو إرهابي بل هناك أعمال هدفها الابتزاز، وهذا الأمر تتعرض له الكثير من الشركات"، هذا ما يؤكده القيادي في تحالف الفتح علي الفتلاوي.
ويشكو كثير من العراقيين سوء خدمة الإنترنت وارتفاع أسعارها في عموم المحافظات، على الرغم من إعلان وزارة الاتصالات حزمة من القرارات الهادفة إلى تحسين الخدمات والحد من ارتفاع أسعارها.
وتبدأ أسعار الاشتراكات الشهرية للإنترنت التي تقدمها الشركات الأهلية في العراق من 35 ألف دينار عراقي، وتصل أحيانًا إلى 180 ألف دينار، مقابل خدمة رديئة تمثل مثارًا دائمًا للسخط وانتقادات المواطنين.
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلنت وزيرة الاتصالات هيام الياسري عن إطلاق خدمة الاشتراك المدعوم للإنترنت في عموم العراق، وإمكانية حصول كل مشترك على كامل الحزمة التي يختارها من دون نقص أو ضعف، بواقع 15 ألف دينار (11.5 دولاراً وفق السعر الرسمي) لكلّ 100 غيغا بايت، و30 ألف دينار لكلّ 200 غيغا بايت، و45 ألف دينار لكلّ 300 غيغا. وأشارت إلى منح 10 غيغا بايت مجانية للعائلات الفقيرة للاستفادة منها، وفي حال نفادها، يمكنهم الاشتراك بمبلغ 15 ألف دينار للحصول على 100 غيغا.
وعلى الرغم من وعود وزارة الاتصالات بتحسين الخدمة، فإنّها لا زالت سيئة ولم تصل إلى مراحل الجودة المعتمدة، وفق مشتركين وخبراء اتصالات، لافتين إلى أن خدمة الإنترنت المدعوم التي أعلنت عنها الوزارة لم تغير من واقع الخدمة المتاحة، لأنّ مصدر الإنترنت لا زال هو ذاته.
وجاء العراق في المرتبة 113 عالمياً في جودة خدمات الإنترنت، وفق مركز الإعلام الرقمي العراقي (منظمة غير حكومية).
ويخسر العراق –وفقاً لتقديرات- أربعين مليون دولار يوميا نتيجة ضعف خدمة الإنترنت أو انقطاعها، بسبب توقف الأعمال لبعض الشركات منها المصارف ووسائل الإعلام وغيرها، حيث تنقطع خدمة الإنترنت بشكل مستمر.
كما أنه بين الحين والآخر تظهر دعوات لتحسين قطاع خدمات الاتصالات عامة في العراق، بما يتناسب مع التطور الحاصل حول العالم، وبما يلبّي طموح ملايين المستخدمين العراقيين، فيما يبين مختصون أن تطوير قطاع الاتصالات والتكنولوجيا سينعكس إيجابيا على الاقتصاد العراقي.