هل كان عبد الكريم بيارة ناطقاً لحكومة البعث؟.. مهدي الصميدعي أمام موجة اعتراضات بعد تصريح حول المُفتين في الدول العربية
انفوبلس/..
في الدول الدكتاتورية، يأتي الكثير من المُفتين بخطبهم المنبريّة وفتاويهم، من أوراق مُعَدَّة مسبقاً، تلافياً للوقوع في ما لا يرضي الحاكمين. هذا ما أكد عليه مفتي عام العراق ورئيس مجلس الإفتاء السُني في بغداد، الشيخ مهدي الصميدعي.
حيث ذكر في لقاء متلفز، أنه "عدلنا عن الفرضية التي حصلت في الزمن الأموي، فالكثير من المفتين في العالم الإسلامي وحتى في العراق قبل تشكيل دار الإفتاء، كان المفتي العراقي الشيخ عبد الكريم بيارة، ناطقاً باسم الحكومة العراقية، ولا يستطيع معارضة ما تقوله الحكومة أو الاعتراض عليه".
وأضاف الصميدعي، أن "المفتي في الدول العربية المجاورة ليس له شخصية يستطيع من خلالها استنكار ما لا يرضاه أو يقبله، إلا أن دار الإفتاء العراقية أخذت شخصية قوية بفضل الحكومة العراقية التي استقَت هذا الشراب وهذه الآداب من المرجعية الشيعية".
وكان الشيخ عبد الكريم بيارة، مفتي الديار العراقية، رئيس رابطة علماء العراق من 1974م إلى 2003م، وعضوا عاملا في المجمع العلمي العراقي من سنة 1979م إلى 1996م ومن بعدها عضو شرف، وعضوا مراسلا في مجمع اللغة العربية بدمشق، وعضوا مؤازرا في مجمع اللغة الأردني 1980.
علماء ومُفتون.. أم ديكورات؟
وقال مراقبون للشأن السياسي، إن "كلام الصميدعي عن مفتي العراق في زمن حكومة البعث، لا يتعارض من حقيقة أن الحكومات الدكتاتورية المتسلطة لن تسمح للمفتي بطرح كل ما يتعارض من منهاج السلطة القائم، ولا يمكن لرجل الدين تحت السلطات الدكتاتورية إلا أن يكون معارضا لها أو راضخاً لإملاءاتها في طرح ما ترغب، وتحولت مناصب المفتي في تلك الدول مجرد ديكورات".
وتابع المراقبون، إن "هنالك الكثير من العلماء الذين يتحدثون تحت سلطات الدكتاتوريات، عملوا على تبادل المنافع بينهم وبين الأنظمة الظالمة، فهم ورقة رابحة للحاكم يخرجها متى ما أراد".
وأضافوا، إن "هؤلاء العلماء، يقرأون خطبهم المنبرية من أوراق مُعَدَّة مسبقاً لكيلا يقعوا في ما لا يُرضي الحاكمين، أما خطبهم فلا تعرف مقاومة الظالم".
احتجاج على التصريح
، وقفة احتجاجية تنديداً بكلام الصميدعي حول رجل الدين الراحل عبد الكريم بيارة، التي اعتبروها إساءة له، فيما طالبوا بإحالة رجل الدين مهدي الصميدعي، إلى المحاكم المختصة، بتهمة التشهير.
خطباء بغداد، خرجوا بعد كلام المفتي مهدي الصميدعي، مطالبين بمحاكمته ومنعه من الإمامة في "جامع أم الطبول" على خلفية حديثه عن عبد الكريم بيارة، حيث نظّم أئمة وخطباء المساجد في بغداد، وقفة احتجاجية تنديداً بكلام الصميدعي حول رجل الدين الراحل عبد الكريم بيارة، التي اعتبروها إساءة له، فيما طالبوا بإحالة رجل الدين مهدي الصميدعي، إلى المحاكم المختصة، بتهمة التشهير.
ودعا المحتجون إلى، "ضرورة وقف هذه التصريحات وإحالة الصميدعي إلى المحاكم المختصة بتهمة التشهير لينال جزاءه العادل، فضلاً عن مطالبة ديوان الوقف السُني بإيقافه من الإمامة والخطابة بجامع أم الطبول".
وأكد المحتجون، أن "علماء الدين في العراق خط أحمر ويحظون بمكانة كبيرة واحترام وتقدير من أبناء الشعب العراقي".
من جانبها، أصدرت رابطة أئمة وخطباء الأعظمية بياناً شديد اللهجة، استنكر التصريحات التي أدلى بها رجل الدين مهدي الصميدعي بحق رجل الدين الراحل عبد الكريم المدرس بيارة، وقالت الرابطة، إن السماح للصميدعي بإطلاق تلك التصريحات، يُعد تشجيعاً للمتطرفين.
وكان الصميدعي قد قال في تصريح متلفز، إن "علماء الدين، ومن بينهم بيارة، كانوا ناطقين باسم الحكومة، أما دار الإفتاء اليوم (برئاسة الصميدعي) فلها شخصية قوية، وذلك بفضل الله والحكومة العراقية”.
ونحن إذ نُدين هذه الإساءة فإننا نطالب العلماء والمؤسسات الشرعية والمؤسسات المعنية وعلى رأسها ديوان الوقف السُني باتخاذ موقف حازم من المدعو مهدي الصميدعي. وعلى الجهات المسؤولة في الحكومة والقضاء تنفيذ القرارات الصادرة بحقه كونه تجاوز كل الخطوط الحمراء.
كما نطالب بتطبيق القانون العراقي كونه يجرّم الإساءة للرموز الإسلامية وأن مهدي الصميدعي بهذه الإساءة قد أساء لكل العلماء وطلبة العلم، وهذا تهديد للأمن المجتمعي وتشجيع للمتطرفين الذين تعودنا منهم الإساءة للعلماء والرموز الإسلامية.
الصميدعي.. المفتي الرسمي
الصميدعي من مواليد قضاء الصويرة بمحافظة واسط، يحتل مكانة علمية مع عائلته، والده السيد أحمد بن السيد صالح كان إماما في جامع الصويرة الكبير، وكان جده السيد صالح خليل المدفون في سلمان باك، عالما ومفتيا لمحافظة الانبار، وكان ذا منزلة عند العلماء وطلاب العلم في منطقة غرب بغداد خصوصا، توفي وله مقام يُزار باسم السيد الصميدعي.
حصل على رسالة الماجستير في الشريعة من الجامعة الحرة في دمشق ومن جامعة الشرق الأوسط، ونال شهادة الدكتوراه بدرجة امتياز عال من جامعة أزهر الشام ومن نفس جامعة لاهاي الدولية للعلوم التطبيقية قسم الدراسات الإسلامية في دمشق، وشهادة البكالوريوس في الشريعة كلية الآداب جامعة بغداد/ قسم أصول الدين.
أصبح إمام جامع أم الطبول في بغداد سنة 2003 حسب توجيه وزارة الأوقاف، وانتُخب رئيسا للهيئة العليا للدعوة والإفتاء سنة 2003 في المؤتمر التأسيسي الذي عُقد في جامع أم الطبول بغداد في 2003، ورئيسا لمجلس شورى أهل السنة والجماعة في المؤتمر نفسه، بمعنى مفتيا رسميا للعراق، لغاية اعتقاله من قبل قوات الاحتلال الأمريكية سنة 2004 وإطلاق سراحه في 1 كانون الثاني 2009.
بعد عودته في مشروع المصالحة سنة 2011 مارس صفته الرسمية حسب الاتفاق مع الحكومة العراقية رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ومصادقة قانون دار الإفتاء من قبل مجلس شورى الدولة واعتبار دار الإفتاء جهة رسمية غير حكومة وكذلك منصب المفتي رسمي غير حكومي وهذا منشور في مجلة الفتوى الرسمية لدى دائرة الوثائق والكتب.