التليغرام يتعثر في العراق.. ما قصته؟ وما حقيقة محاولات الحكومة حظره؟
الاتصالات تكسر صمتها وتكشف السبب الرئيس
التليغرام يتعثر في العراق.. ما قصته؟ وما حقيقة محاولات الحكومة حظره؟
انفوبلس/..
بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار، توقف تطبيق تليغرام الروسي عن العمل في العراق، ما أثار جملة من علامات الاستفهام، حول أسباب التوقف لاسيما مع وجود حديث يفيد بنيّة حكومية في حظر التطبيق، فيما دخلت الأخيرة في سُبات ولم تُبدِ موقفا حول الموضوع "لا رد ولا توضيح".
ومنذ مساء يوم أمس السبت، وبشكل مفاجئ توقف التطبيق عن العمل في عموم العراق، وهو ما سبب صدمة في الساحة العراقية الشعبية منها والسياسية، متسائلين عن أسباب التوقف.
المثير للاستغراب، وإلى هذه اللحظة، لم يصدر أي بيان توضيحي من الجهات المسؤولة عن مواقع التواصل في العراق، والتي تتمثل بوزارة الاتصالات، أو حتى هيئة الإعلام والاتصالات.
ومن المعروف أن "التليغرام"، من التطبيقات الروسية التي تتيح نشر المواد التي تقوم بحظرها برامج أخرى مثل "الميتا" والـ"انستغرام"، باعتبار أن التطبيقات الأخيرة ذات عائدية أمريكية.
*السبب
وبحسب مراقبين، فإن موضوع حظر تطبيق التليغرام في العراق، يعود لعدم تعاون الشركة مع الحكومة العراقية في حذف القنوات التابعة للتنظيمات الإرهابية وقنوات التسريبات.
فيما يرى آخرون، أن قرار حجب التليغرام يأتي بسبب شعبية التطبيق في العراق وفشل الولايات المتحدة بالسيطرة عليه، إذ هذه محاولة أمريكية للسيطرة على جميع المنصات والتطبيقات لتحريك الرأي العام وفق المزاج الأمريكي.
من جهة أخرى، ترى مواقع وصفحات عديدة على مواقع التواصل لاسيما في "التليغرام" أن إغلاق التطبيق جاء نتيجة "قرار سياسي"، بطلب من السفارة الأمريكية في العراق.
وأفادت معلومات من مصادر متعددة، بتوجه الحكومة العراقية لحظر تطبيق تليغرام في البلاد، وسط غموض يلفّ حقيقة الأمر والأسباب وراء هذا التوجه، في الوقت الذي لايزال التطبيق متوقفاً على بعض الشبكات.
واكتشف عدد كبير من مستخدمي الإنترنت في العراق توقف تطبيق التيليغرام منذ ظهر أمس السبت وحتى الآن، فيما وردت معلومات وأنباء عن أن التوقف حدث في العراق فقط، وأنه ضمن توجه حكومي لحظر التطبيق نهائيا في البلاد دون إعلان رسمي.
بالمقابل فإن التطبيق قابل للاستخدام في حال فتحVPN أو "بروكسي" كما رصد عدد من المستخدمين.
*تحرك برلماني
وبحسب مصادر إعلامية، فإن هناك تحركاً برلمانياً لاستقدام وزيرة الاتصالات هيام الياسري، واستجوابها في الجلسة المقبلة حول أسباب إغلاق التطبيق.
وأكد عضو مجلس النواب، مصطفى جبار سند، قائلاً: "اليوم أتت توجيهات بإيقاف هذا البرنامج (تيليغرام) في العراق.. إذا تم حجب هذا المنبر الروسي الشرقي الحر غير الخاضع للاستعمار والعبودية فسيتم التعدي مستقبلاً على حريات وثوابت أخرى"، مردفاً: "سجلوها علي".
وكتب النائب سعود الساعدي، منشوراً عبر تويتر، نصه: "ما الذي بقي للدفاع عن عقيدتكم ووطنكم غير منصات الجهاد المؤثرة على تليغرام حتى تغلقوها؟ اذا تم اختراق بقية وسائل التواصل الاجتماعي فهل ستغلقونها جميعاً؟".
فيما اعتبر القيادي في تيار الحكمة الوطني، بليغ أبو كلل، "حظر تطبيق التيليغرام خطأ كبيرا ويمثل انتهاكاً صارخاً لحرية الرأي وحجباً متعمداً لحقائق كثيرة وسريعة يتم تداولها في هذا البرنامج من الأخبار إلى منصات التعليم والعمل وغيرها مما فيه فائدة للناس"، داعياً إلى "أن لا يبقى هذا الأمر مستمراً إن كان من فعل ذلك الحكومة، وإلا فإن استمراره يمثل خطأً كبيراً يضرّ بمصداقيتها ووفائها لجمهورها".
وأعرب مركز النخيل للحقوق والحريات الصحفية، عن قلقه البالغ إزاء محاولات التضييق على تطبيق "التلغرام" في العراق، محذرا من أن هذه المحاولات باتت متزايدة ومكشوفة.
ورصد مركز النخيل ضعفا وتضييقا واضحا على تطبيق "التلغرام" الذي يُعد أحد أكثر التطبيقات شهرةً ضمن مواقع التواصل الاجتماعي في العراق دون صدور أي توضيحات رسمية من الجانب الحكومي بهذا الخصوص، في وقت يؤكد مختصون في المجال التقني وجود توجه "مقصود" للتضيق على هذا التطبيق الذي تنشط فيه قنوات ومنصات معارضة للحكومة.
ولفت إلى أن هذه المحاولات تندرج ضمن مساعٍ باتت مكشوفة وواضحة لاستهداف الحريات وتكميم الأفواه، سيما أن هذا الإجراء سبقه إغلاق عدد من صفحات الصحفيين والناشطين على الفيسبوك خلال الأشهر القليلة الماضية.
وجدد مركز النخيل دعوته للحكومة وبقية الجهات المعنية بتنظيم العمل الرقمي والإعلامي بضرورة احترام الحريات الصحفية والإعلامية والرقمية في البلاد التي كفلها الدستور والقانون وعدم اللجوء إلى أي أساليب من شأنها التضييق وتكميم الأفواه عبر استغلال وتطويع بعض النصوص القانونية.
*بيان إعلامي رافض
وصدر بيان عن قنوات التليغرام "التي تعرضت لسياسة تكميم الأفواه ومسك الأنفاس".
وجاء في نص البيان: "في محاولة للتركيع وتحويلنا من منصات شعبية جماهيرية تكشف الحالات السلبية من استغلال السلطة والفساد السياسي والأخطاء التي يحاول البعض فيها أن يوهم العراقيين وأن يحول فيها شخصيات فاسدة إلى شخصيات معصومة، سعت جهات حكومية لحظر تطبيق التليغرام في العراق بصورة دائمة".
وأعلنت، "من هنا وابتداءً من هذه اللحظة، المعارضة السياسية والإعلامية للأنشطة الحكومية كافة وللوزارات كافة ولن نستثني أي جهة. وعليه ندعو جميع القنوات للانضمام لهذا التحالف، والله من وراء القصد".
وأتم البيان: "والله لن نسكت".
*قنوات تسريب وابتزاز
وفي وقت سابق، حذّر الإعلام الرقمي DMC من خطر برنامج الـ"تليغرام" في العراق، معتبراً إياه "خطرا جديدا" يتسبب بإرقة دماء الفتيات.
وذكر المركز في بيان، أنه "خلال الأشهر القليلة الماضية رُصِد تواجد عشرات قنوات التيليجرام المخصصة لتطوير التقنيات الاحتيالية والابتزاز الالكتروني، فضلا عن تسريبها آلاف البيانات الخاصة بالمستخدمين العراقيين والأجهزة الأمنية والحكومية".
كما رصد "وجود قنوات أخرى مختصة بابتزاز الفتيات العراقيات بعد قرصنة حساباتهن، ومن ثم التهديد بنشر الصور الخاصة عبر قنوات أخرى، الأمر الذي تسبب بقتل بعض الفتيات وتشويه سمعة عشرات العوائل العراقية".
وبين المركز، أن "منصة تيليجرام تتجاهل باستمرار طلبات حذف القنوات المخالفة، وكان التعاون ضعيفا من قبل الدعم الفني للمنصة رغم عشرات التبليغات التي تصلها حول المخالفات الإجرامية المرصودة".
وأشار إلى، أن عدم الاستجابة والتعاون مع التبليغات التي ترصد الأنشطة الإجرامية هي ظاهرة تميزت بها منصة تليجرام عكس المنصات الرقمية الأخرى مثل فيسبوك Facebook وواتساب WhatsApp التي تتعاون باهتمام مع التبليغات المتعلقة بالأنشطة غير المشروعة وتتم إزالتها بوتيرة سريعة".
وذكر، أن "تقاعس منصة تيليجرام وتأخرها في تقديم الدعم الفني والاستجابة لتبليغات الجمهور في العراق سهّل على الجماعات الإجرامية الإعلان والترويج لأنشطتها المختلفة وساهمت هذه الثغرات التنظيمية في تطوير وتسريع مهارات الجريمة الرقمية في العراق".
ودعا مركز الإعلام الرقمي DMC منصة تيليجرام إلى "الإسراع بتغيير سياستها ويحذرها من مغبة استمرار عدم التعاون مع المستخدمين في تبليغاتهم ضد القنوات المخالفة التي تنتهك المعايير والقوانين المحلية والدولية".
بعدها، قام تليغرام بحذف قنوات وبوتات تُستخدم لتسريب بيانات العراقيين وأخرى لابتزاز الفتيات.
وفي 19 أيار الماضي، أفاد مركز الإعلام الرقمي، بأن شركة موقع التواصل الاجتماعي (تيليجرام) حذفت عدة قنوات وبوتات على منصتها؛ "كانت تُستخدم لتسريب بيانات المواطنين العراقيين" المشاركين في المنصة.
بعدها، أعلن المركز، حذف تطبيق "تلغرام" حوالي 40 قناة ومنصة تُستخدم لابتزاز النساء في العراق.
*الاتصالات تكسر صمتها
ولفتت وزارة الاتصالات "انتباه مستخدمي الشبكة المعلوماتية (الإنترنت) في العراق، إلى أن حجب تطبيق (تيليغرام) جاء بناءً على توجيهات الجهات العليا لمحددات تتعلق بالأمن الوطني، وحفاظًا على البيانات الشخصية للمواطنين، التي خرق التطبيق المذكور سلامة التعامل، بها خلافًا للقانون".
وقالت الوزارة في بيان، "إن مؤسسات الدولة، ذات العلاقة، قد طلبت مرارًا، من الشركة المعنية بإدارة التطبيق المذكور، التعاون في غلق المنصات التي تتسبب في تسريب بيانات مؤسسات الدولة الرسمية والبيانات الشخصية للمواطنين، ممّا يشكل خطرًا على الأمن القومي العراقي والسلم المجتمعي، إلا إن الشركة لم تستجب ولم تتفاعل مع أيٍّ من تلك الطلبات".
وأتمت "إن وزارة الاتصالات تؤكد احترامها حقوق المواطنين في حرية التعبير والاتصال، دون المساس بأمن الدولة ومؤسساتها، ونعرب عن ثقتنا في تفهم المواطنين لهذا الإجراء".