انتقاد لاذع لمهرجان "الهلال الذهبي".. هل الصفقات "الغامضة" وبيع الجوائز وراء استقالة الفنانة آسيا كمال؟
انفوبلس/ تقرير
النسخة السادسة من مهرجان "الهلال الذهبي"، شهدت تكريم العديد من نجوم ونجمات الدراما العراقيين، إضافة إلى فنانين عرب، لكن مع ذلك فقد لقيَ انتقاداً من قبل فنانين عراقيين ومدونين وكتّاب، واعتبروه دليلاً جديدًا على انهيار الفن الدرامي العراقي الذي أصبح بيد "الفاشنستات"، فما الذي جرى؟
جائزة الهلال الذهبي هي جائزة سنوية تُعنى بالإنجاز الدرامي والبرامجي الذي يظهر في السباق الرمضاني على الفضائيات العراقية والعربية.
*فعاليات مهرجان الهلال الذهبي وأبرز المكرَّمين
انطلقت فعاليات مهرجان الهلال الذهبي بنسخته السادسة، يوم الخميس الماضي 9 مايو/ أيار 2024، في الدورة التي حملت اسم الفنان جواد الشكرجي على قاعة الأمراء في العاصمة العراقية بغداد بمشاركة أكثر من 22 عملا دراميا وبحضور فني عربي وخليجي.
وكرّم المهرجان مجموعة من الفنانين عن أعمالهم الدرامية في عام 2024، حيث كانت الفنانة اللبنانية ماغي بوغصن، من أبرز المكرَّمين في المهرجان، وذلك عن دورها في مسلسل "ع أمل" الذي عُرض ضمن موسم دراما رمضان الماضي، والتي أعربت عن سعادتها خلال كلمتها على المسرح بهذه الجائزة، واصفةً العراق بأنه أرض الحضارات والفن الذي ترك بصمة كبيرة في التاريخ العربي، وقدمت الجائزة هدية إلى بلدها لبنان.
الفنان المصري أحمد زاهر، هو الآخر جرى تكريمه عن دوره في مسلسل "نعمة الأفوكاتو" الذي عُرض ضمن موسم رمضان المنصرم، وقال إنه يزور العراق للمرة الأولى، ويأمل التقدم والازدهار لبلاد الرافدين، مقدماً شكره وتقديره للقائمين على المهرجان.
في بداية المهرجان، جرى تكريم جواد الشكرجي بتمثال من البرونز، تكريما لمسيرته الفنية التي امتدت لأكثر من نصف قرن في مجال التمثيل، إذ بدأ مسيرته بعالم الفن عام 1969.
عراقياً، فاز الفنان بكر خالد بجائزة أفضل ممثل عن دوره في مسلسل "عسل مسموم"، فيما نالت جمانة كريم لقب أفضل ممثلة عن دورها في مسلسل "العائلة إكس"، فيما حصد يوسف عمر كأفضل ممثل واعد، ومريانا مايكل أفضل ممثلة واعدة، وحسين حافظ وأمير حسين أفضل ممثلَين شابَّين، ومريم غريبة أفضل ممثلة شابة.
أما الممثلان يحيى إبراهيم وعلي فرحان فازا كأفضل ممثلَي دور ثان، فيما نالت الفنانة صبا إبراهيم جائزة أفضل ممثلة دور ثاني، أما الفنانَين إحسان دعدوش ولؤي أحمد، فنالا لقب أفضل مُمَثّلَين كوميديَّين، ورفل نشمي نالت جائزة أفضل ممثلة كوميدية.
من المكرّمين أيضا، الفنان العراقي محمود أبو العباس أفضل ممثل رائد، والفنانة آسيا كمال أفضل ممثلة رائدة، ونال علي فاضل جائزة أفضل مؤلف ومخرج، فيما فاز "عسل مسموم" و"العائلة إكس" بجائزة أفضل عملين دراميّين في سباق دراما رمضان 2024.
كما حرصت لجنة "الهلال الذهبي" على منح جائزة خاصة لتشجيع الأعمال الوطنية إلى المسلسلين العراقيين "الساتر الغربي" و"آمرلي"، وسلمت جائزة خاصة للفنانة زهراء غازي عن مسلسل "روح"، والطفلة رحمة من مسلسل "عسل مسموم".
أخيرا، حصد برنامج "الله بالخير" الذي تقدمه جمانة محمد على قناة السومرية كأفضل برنامج إنساني، وبرنامج "خيوط ذهب" الذي تقدمه الإعلامية شيماء هلال، كأفضل برنامج حواري، وبرنامج "تجربتي العراقية العامة" كأفضل برنامج ترفيهي.
وعقب انتهاء المهرجان بساعات، أعلنت الفنانة العراقية آسيا كمال، استقالتها من منصبها كـ"نائب نقيب الفنانين العراقيين"، عبر بيان مقتصب نشرته على صفحتها الرسمية دون توضيح الأسباب.
وقالت كمال في منشور لها على صفحتها في انستغرام اطلعت عليه "انفوبلس، "أصدقائي الفنانين أُعلن استقالتي من منصبي كنائب نقيب الفنانين وعضو المجلس المركزي، شكراً لمن دعمني وأتمنى أن أكون قد كنت خير عون لكم في السنوات الماضية"، دون ذكر سبب هذه الاستقالة لكن مراقبين أكدوا أن السبب يعود الى ما حدث في مهرجان الهلال الذهبي وبيع الصفقات فيه وضعف دور نقابة الفنانين.
*انتقاد شديد للمهرجان
أكد ناقدون ومدونون على مواقع التواصل الاجتماعي أن ما حصل في مهرجان بغداد الدولي، عكس صورة سيئة عن واقع الفن العراقي، وطبيعة الشخصيات الفنية، خاصة بعد أن خرج جيل الفنانين القديم عن صمته وانتقد ما حصل في فعاليات المؤتمر، الذي شاركت فيه العديد من الشخصيات التي لا تمت للفن بصلة.
وتركزت انتقادات رواد السوشيال ميديا على أزياء الحاضرين التي كانت بعيدة عن الواقع العراقي، وأيضا تجاهل الطبقة الأولى من الممثلين والفنانين العراقيين ودعوة شخصيات لا تمت للفن بصلة.
ويرى مختصون بالشؤون الفنية أن ما حصل في مهرجان بغداد، هو استعراض أزياء وأجسام وفقرات لا علاقة لها بالفن العراقي الأصيل، وأن الذائقة العراقية الفنية لا تزال تحتاج الى المزيد من التطور، سواء من ناحية الملبس او الأداء وحتى التفاصيل الأخرى الفنية وغيرها، فيما دعا المختصون، الجهات ذات العلاقة الى التركيز على تطوير الجوانب الإبداعية بدلا من هكذا مهرجانات لا تُغني ولا تُسمن.
وفي هذا السياق، كشف الممثل زهير محمد رشيد، أن "هناك العديد من هذه المهرجانات تديرها شخصيات لا تعرف بالفن أبدا"، لافتا الى أن "وجود انتقادات واسعة هاجمت المكان المُقام به مهرجان الهلال الذهبي".
كما وثّق الممثل زهير محمد رشيد مقطع فيديو "ساخر" مع صديقه المقرّب سعد خليفة وهو يحمل "سمكة" مغلّفة، ليُعلِن عن فوز خليفة بما أسماه "درع السمكة" حتى "لا يُبقيها بنفسه"، فيما يبدو أنها إشارة منه إلى تجاهل بعض الفنانين العراقيين الرواد الذين لا زالت أدوارهم و"قفشاتهم" عالقة في أذهان الناس خلال حفلات التكريم والمهرجانات الفنية وأبرزها مهرجان الهلال.
كما انتقد فنانون عراقيون بشدة مهرجان الهلال الذهبي، الذي نُظم بشكل فردي وبدور هامشي لوزارة الثقافة في العراق، ونقابة الفنانين، واعتبروه دليلاً جديدًا على انهيار الفن الدرامي العراقي، وأكدوا على أن الفن العراقي الدرامي أصبح الآن بيد الفاشنستات والسلكونيات.
وصرّح أحد الفنانين العراقيين المعروفين، مفضلاً عدم الكشف عن اسمه، أن الفنان العراقي الملتزم غاب تمامًا، في حين تم تهميش الأسماء العراقية المهمة لصالح الأدوار الاستعراضية والبطلات السلكونية الفاشنستية.
وانتقدت فنانة عراقية مخضرمة ظاهرة ارتباط المهرجانات بأشخاص بدلاً من الدولة، ودعت الدولة إلى منع أي حفل يرتبط باسم أفراد وأن تكون الدولة هي الراعية لتلك المهرجانات.
واستشهدت بأمثلة مثل مهرجان بابل ومهرجان الهلال الذهبي وغيرها من الأنشطة الاجتماعية التي ينظمها أشخاص وترتبط بأسمائهم، وسألت: من أين لهم هذه الأموال؟ وإذا كانت تبرعات ومساهمات فلماذا لا تذهب إلى خزينة الدولة التي تكفل إقامة تلك المهرجانات؟.
كما انتقد النقاد والفنانون، السطحية والاستعراض الجسدي البارز في مهرجان الهلال الذهبي، وصرحت الفنانة المخضرمة بأنه مجرد استعراض للفاشنستات والخلفيات بدلاً من فن إبداعي حقيقي.
وفي جانب متصل، كشفت فنانة عراقية شابة عن صفقة تم فيها بيع جوائز مهرجان الهلال الذهبي بين صاحب المهرجان حيدر النعيمي وجهات فنية وأخرى نافذة.
وأكدت الفنانة أنها تتساءل كيف يمكن لشخص مثل النعيمي أن يقيم هذا المهرجان، ولماذا لا تقيم وزارة الثقافة هذا المهرجان ولماذا يرتبط بشخص معين؟ مضيفة، أن وزير الثقافة بلغ من الضعف الى حد أنه لا يستطيع منع الجهات الفرعية والأشخاص من إقامة هذه المهرجانات.
بينما رفعت الإعلامية جيهان الطائي دعوى قضائية ضد مدير مهرجان الهلال الذهبي حيدر النعيمي بعد تصريحاته ضدها في لقاء تلفزيوني حول آلية توزيع جوائز المهرجان.
أما المتهم بالشؤون الفنية العراقية، علي القيسي، فقد كتب، إن مهرجان الهلال الذهبي لعام 2024 في بغداد كان يمكن أن يكون تجلياً للأناقة والفخامة، لكن ما شهدناه كان عرضاً مبتذلاً يخلو من كل ذوق فني وجمالي. كان يُتوقع أن يحضر الرجال ببدلاتهم الأنيقة وأن تتألق النساء بفساتين تُظهر فن الخياطة الرفيع والأناقة المترفة؛ بدلاً من ذلك، غرق الحضور في بحر من الألوان الصاخبة والأزياء الغريبة التي تفتقر إلى كل معنى للتنسيق والتوازن.
وأضاف، الرجال تخلَّوا عن رصانة البدل ليظهروا في مظاهر تخطت حدود الجرأة إلى الفوضى، والنساء أسرفن في استخدام الزينة بما يتجاوز الحدود الفنية للتجميل، مُظهرات مكياجاً كثيفًا يغطي الملامح بدلاً من تعزيزها. الإكسسوارات التي كان يُفترض أن تضيف لمسات من الجمال، بدت وكأنها مجرد عناصر تشتيت تُضفي تفاصيل غير مرغوبة.
كما أن سلوك الحاضرين كان بعيداً عن معايير الاحترام والتقدير المفترضة في مثل هذه الأحداث. الامتناع عن استخدام الهواتف المحمولة أثناء العروض، الأحاديث الجانبية العالية، والصراخ!، بحسب القيسي الذي بين أن المهرجان الذي كان يمكن أن يكون محفلاً يحتفي بالجمال والفن، تحول إلى مهرجان للتفاخر بالذوق الرديء والتكلف الظاهر. لقد فاتت على الحاضرين فرصة تقديم أنفسهم بطريقة تليق بعراقة وتاريخ بغداد، ليتركوا بدلاً من ذلك ذكرى ملطخة بالسخف والبذخ المُبالغ.
كما لم يتبين لغاية الآن الشركات الداعمة لحيدر النعيمي صاحب المهرجان، لكن صفحات ومنصات اتهمت ربيع نادر مدير المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني بتمويل المهرجان.
ومن المتوقع أن تقوم الفنانة العراقية شذى حسون بزيارة بغداد لتجمع حولها الفاشنستات والاستعراضيات، وسيتم صرف أموال طائلة على مهرجانها من المال العام، حتى لو كانت تبرعات من البنوك والجهات الثرية.