بدوافع طائفية وبغضاً بالإمام الصادق ع.. عثمان الخميس يشكك بشخصية العالم "جابر بن حيان" ويثير موجة ردود فعل واسعة
انفوبلس/..
جابر بن حيان، رائد الكيمياء التاريخي "شخصية وهمية، ومجرد خيال، ولا يوجد شخص بهذا الاسم" هذا ما يزعمه الداعية الكويتي عثمان الخميس في تصريحات أثارت جدلاً واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيد ومعارض، حيث ادعى أن جابر بن حيان شخصية وهمية لا وجود لها على أرض الواقع، وهذا تسبب في استياء الكثيرين باعتبار أن جابر بن حيان بن عبد الله الكوفي، المولود عام 721م في مدينة طوس في إيران، هو عالم مسلم عربي برز في العديد من المجالات، خاصة الكيمياء، حيث يعتبر أبو الكيمياء الحديثة وله مساهمات هائلة في تأسيس هذا العلم.
وأثار الداعية الكويتي "عثمان الخميس" رواد مواقع التواصل، بعد رواج فيديو يقول إن جابر بن حيان شخصية وهمية، ولا يوجد شخص بهذا الاسم، ما أثار حالة من الجدل الواسع بين المهتمين في التاريخ.
وقال الخميس خلال الفيديو، إنه "لا يوجد شخص اسمه جابر بن حيان، خاصة أن الكتب التي تُنسب إليه يدّعي أنه أخذها من جعفر الصادق (ع)، وهي في الكيمياء، وكلها علوم لم يكن يعرفها العرب وقتها بهذه الطريقة".
وتابع: كثير من أهل العلم ذكروا أن هذه الشخصية وهمية، وإذا كان عنده كل هذه الكتب والعلوم كان المفروض أن يشتهر في زمنه، لكننا لا نجد له ذكرا في زمنه".
موجة انتقادات
وأثارت تصريحات للداعية الكويتي عثمان الخميس، حول العالم العربي جابر بن حيان، جدلا واسعا عبر شبكات التواصل الاجتماعي، حيث أعرب نشطاء عن دهشتهم من قول الخميس إن بن حيان شخصية وهمية، لا وجود لها، متسائلين كيف أمكنه الوصول لهذا الاستنتاج بشأن عالم ذائع الصيت لديه 70 رسالة في الكيمياء، ورغم ذكره والاستشهاد به في عشرات المراجع الغربية".
موجة من الانتقادات صدرت من قبل العديد من المؤرخين والباحثين الذين أكدوا على وجود ابن حيان كشخصية حقيقية مدعومين بالأدلة العلمية،
ابن تيمية أغرق كتبه
أستاذ تاريخ متخصص رد على تصريح عثمان الخميس، بأن "جابر بن حيان هو أحد الرموز العربية الإسلامية نسبًا وعلمًا، وهو عالم من العلماء الذين اشتهرت بهم الحضارة الاسلامية وكان رمزاً".
وأضاف: "لا يمكن أن يبتعد جابر بن حيان عن الحقيقة، أو يكون مثارًا للجدل، ومن يدعي هذا الادعاء، فعليه أن يثبت بالدليل، لقد ظهر من العلماء المنافسين لجابر بن حيان، وطاردوا كتبه، مثل ابن تيميمة، الذي أغرق كتبه بالماء والكتب موجودة، وهذا شاهد على وجوده".
وأردف: "هناك أهواء عند بعض الفئات التي تريد أن تخلط السياسة مع الدين مع العلم لتصل إلى أهدافها، وهذا لا يجوز، العلم لا علاقة له بالطائفية ولا الأسباب السياسية، وأطالب من انبرى أو ادعى أن يراجع نفسه أو أن يكف عن ذلك أو أن يثبت بالدليل".
وقال: "ابن حيان من العلماء الموسوعيين، فله سهم في الكيمياء، وله إسهامات في الطب والفلك، ففي العصر الإسلامي من القرن الأول إلى السادس الهجري كان العلماء موسوعيين، يتحدثون في التاريخ والفقه والطب والفلك، ونستطيع أن نضرب عددًا من الأمثلة في هذا الجانب، فالعصر الإسلامي إلى القرن الخامس والسادس كان العلماء موسوعيين، يتحدثون في العديد من المجالات فالعالم المسلم هو عالم موسوعي".
وأضاف: يجب ألا يكون عند المسلم هوى لإرضاء فئة فينتقص من الحضارة الإسلامية التي نشرت نور الرسالة على الدنيا في أقصر وقت ولمدة ربع قرن، ويكفي أنه إلى اليوم يعتبر العالم الغربي عالة على العالم الإسلامي في هذه العلوم.
علومه وتأثيره
ويعتبر جابر بن حيان، أشهر علماء المسلمين وينسب إليه تأسيس علم الكيمياء، بالإضافة إلى ذلك فقد ألف العديد من الكتب والمخطوطات في هذا المجال، كما تُرجمت العديد من مؤلفاته إلى اللاتينية وأثرت على العلماء الأوروبيين لقرون.
كذلك برع أيضاً في مجالات الطب والصيدلة وعلوم أخرى، بالإضافة إلى ذلك يعتبر واحدا من أهم علماء المسلمين في التاريخ، كما لُقب بـ أبو الكيمياء الحديثة، وذلك لِمساهماته الجليلة في تأسيس هذا العلم، وأثرت أفكاره على العلماء المسلمين والأوروبيين لقرون، كما ساهمت في تقدم علم الكيمياء بشكل كبير.
ألّف جابر في شتى العلوم وفي جميع الصناعات وكل أنواع المعرفة والثقافة، فألّف في الطب والكيمياء والرياضيات والزهد والوعظ وغيرها؛ حتى بلغت مؤلفاته ثلاثة آلاف وتسعمائة مؤلَف ما بين كتاب ورسالة وله في الطب وحده خمسمائة كتاب وفي الكيمياء له كتب كثيرة مهمة تُرجمت إلى لغات أجنبية متعددة ولا يزال منها مخطوطاً في مكتبات الشرق والغرب.
ولادته ونشأته
اختلفت المصادر كثيراً في تاريخ ولادته، وحُرِّف بعضها عن عمد ولأسباب سياسية ومذهبية من قبل المؤرخين لإبعاد جابر عن الفترة التي عاشها، ونفي تعلمه على يد أستاذه الأول الذي علمه الكيمياء وغيرها من العلوم وهو الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع).
وأرجح الأقوال في ولادته هي سنة (120هـ)، وهنا تواجه الدارس لحياته نقاط من الاختلاف في مكان ولادته، فهناك روايات تقول بأنه كوفي، ولكن بعضها لا تجزم بولادته في الكوفة، بل ترجّح مقامه فيها زمناً حيث قالت بعض الروايات: "إنه كان يقيم في شارع باب الشام في درب يعرف بدرب الذهب في الكوفة، وإن جابراً كان أكثر مقامه في الكوفة لصحة هوائها".
ولكن وِل ديورانت في (قصة الحضارة) يقول: "كان جابر ابن عقار كوفي اشتغل بالطب وكان يمضي معظم أوقاته بين الأنابيق والبوادق"، وقال ابن النديم في الفهرست: "إنه وُلد في طوس من بلاد خراسان". وهناك رواية أخرى تقول: "إنه من طرسوس"، وأخرى تقول: "إنه كان صابئاً من أهل حرّان"، ورابعة تقول: "إنه يوناني اعتنق الإسلام... ووصل الاختلاف إلى حد نسبته إلى إشبيلية!" وهي رواية خاطئة جداً خلط فيها قائلها بين جابر بن حيان الذي عاش في القرن الثاني الهجري وجابر بن الأفلح الاشبيلي الفلكي والرياضي الذي وُلد وعاش في إشبيلية في القرن السادس للهجرة.
ونجد من يوضح هذا التضارب في الروايات ويحل ما تلابس منها فيقول: "إنه أزدي ينتسب إلى قبيلة الأزد التي نزحت من جنوبي الجزيرة العربية إلى الكوفة". ثم يقول آخر: "إن جابراً ولد في طوس من أعمال خراسان من أب عربي من قبيلة الأزد وأم عربية، وكان أبوه حيان عطاراً، وبعد نزوح حيان مع زوجته وولده جابر إلى طوس قرب مدينة مشهد، أرسل ولده جابراً إلى الجزيرة العربية وتعلّم القرآن والحساب بالإضافة إلى علوم أخرى".
ويقول ابن النديم: "إن جابر بن حيان من كبار الشيعة، وزعم قوم إنه من الفلاسفة وله في المنطق والفلسفة مصنفات، وزعم أهل صناعة الذهب والفضة إن الرياسة انتهت إليه في عصره وإن أمره كان مكتوماً"، وفي الحقيقة إن ابن النديم قد أصاب في كل ما نُسب إلى جابر كما يقول الأستاذ زكي نجيب محمود في كتابه (جابر بن حيان): "وحقيقة الأمر أنه ــ أي جابر ــ كان من الثلاثة معاً، فهو من الشيعة مذهباً، وهو من الفلاسفة جدلاً، وهو من الكيميائيين علماً".
وعن نشأته وبدايته مع العلم يقول الدينوري في (الأخبار الطوال): "إن جابراً كان تلميذاً للإمام جعفر بن محمد الصادق حيث وجد فيه سنداً ومعيناً وموجهاً لا يستغني عنه".
إذاً فقد كان الإمام الصادق (عليه السلام) أول معلم له وملهمه علومه، وقد استطاع بفضله تحرير الكيمياء من خلال الاستعانة بإرشاداته فأصبح كيميائي العرب الأول وأول من اشتهر علم الكيمياء عنه، وأول من يستحق لقب كيميائي من المسلمين عن جدارة، وهذه الألقاب كلها جاءت من العلماء الذين درسوا كتب جابر.
تلقى جابر بن حيان علمه ومعرفته من الإمام جعفر الصادق عليه السلام، هو الامر الذي دفع بالداعية الكويتي عثمان الخميس الى إنكار وجوده، تعزيزاً للدور الذي يلعبه في نصب العداء لمنهج آل بيت النبوة عليهم السلام وأتباعهم وشيعتهم.