ثامر الزيدي في ذمة الله والعراق.. سيرة صاحب "حي بن يقضان" خالدة في ضمير الأجيال
انفوبلس..
قامة عراقية كبيرة أخرى ترحل عن عالمنا إلى مثواها الأخير في بلاد المهجر، صاحب "حي بن يقضان" الفنان والمخرج ثامر الزيدي يودع الحياة بعد إرث مهم وكبير سيخلِّد اسمه وأعماله في ضمير الشعب العراقي والعربي.
نقابة الفنانين العراقيين أعلنت، أمس الأحد، وفاة المخرج السينمائي والكارتوني ثامر الزيدي عن عمر ناهز 80 عاماً.
وذكر بيان للنقابة، أن "نقابة الفنانين العراقيين- المركز العام- تنعى الفنان ثامر الزيدي الذي وافاه الأجل عن عمر ناهز 80 في مغتربه المَجَري".
وأضاف البيان، "أكمل الزيدي دراسته الفنية في معهد الفنون الجميلة ببغداد عام 1961 ليعمل معلماً ومسرحياً ومؤسِّساً لفرقة مسرح بعقوبة التي قدّمت أعمالاً مسرحية و تمثيليات تلفزيونية، لينتقل بعد ذلك إلى بغداد ليواصل فيها عمله المسرحي والفني".
وتابعت النقابة، "وفي نهاية سبعينيات القرن الماضي ونتيجة معارضته للنظام الدكتاتوري، اضطر الهروب من العراق ليعمل في عدد من العواصم ويستقر في النهاية بالعاصمة المجريّة، بودابست".
مشيرة إلى أنه "عمل في التلفزيون المجري ليقدم مجموعة من أفلام الكارتون السينمائية، أما أهم عمل قدّمه في هذا الإطار فهو فيلم الكارتون (حي بن يقضان)، والذي فاز بعدد من الجوائز العربية".
ويعتبر الزيدي صاحب فكرة وإخراج أول فيلم عربي كارتوني طويل "حي بن يقظان" الذي فاز بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي للأطفال بالجائزة الأولى وهي جائزة الجمهور، وكذلك بجائزة وزارة الثقافة المصرية.
كما قدّم أهم الأعمال في مجال الرسوم المتحركة، المسلسل المعروف والمشهور "افتح يا سمسم"، ومسلسل "افتح أبوابك يا وطني "، وأفلام كارتون لبرنامج "صحتك وسلامتك" وأفلام تثقيفية وصحية وأغاني وأفلام كارتونية لمؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك.
وفيلمه الأخير هو "أصيلة" وعُرض في مهرجان "ترابيكا" الأمريكي في الدوحة بإشراف الممثل روبرت دينيرو وفاز بجائزة الجمهور وجائزة وزارة الثقافة في مهرجان القاهرة لسينما الطفل في دورته العشرين .
الزيدي من روّاد المسرح العراقي الأصيل أسّس مسرح مدينة "بعقوية " وهو لازال طالبا في معهد الفنون الجميلة في بغداد، وتخرج الفنان من معهد الفنون الجميلة في بغداد عام 1962 مختصا في الإخراج والتمثيل، ثم ترك بغداد مضطرا نتيجة الوضع السياسي الذي تدهور ونتيجة لمعارضته للنظام السياسي القائم وخطورة موقفه تجاهها آنذاك ، وتنقل بين اليمن وليبيا حتى استقر في العاصمة الهنغارية (بودابست) منذ عام 1991، ليتفرغ للعمل التلفزيوني.
بدأ مشواره الفني، قبل تخرجه في مدينة يعقوبة، وأسس عام 1961 فرقة مسرحية.
يُعد من أبرز رواد المسرح العراقي، وقدم أعمالا هامة في بدايات تأسيسه، ومنها "المُدمِن"، و"بهلوان آخر الزمان"، و"الأحرار" وغيرها.
عام 1974، شارك في تأسيس فرقة المسرح الشعبي في بغداد، وأخرج مسرحية "حكايات الناس"، ومسرحية "المهاجرون" مع فرقة المسرح الجديد، عام 1991، انتقل المبدع العراقي الراحل، إلى المجر، وظل مقيما بها لمدة 34 عاما حتى وفاته صباح السبت الماضي.
في عام 2017، تبرّع الزيدي بجزء من مكتبته الشخصية إلى مكتبة كلية الفنون الجميلة، وفي هذا المجال سبق وأن قامت عمادة كلية الفنون الجميلة بتشكيل لجنة علمية لاستلام الكتب، حيث ثمّنت عمادة كلية الفنون الجميلة هذه المبادرة القيمة لما لها من أثر في توفير المصادر والمراجع الفنية والتخصصية لمكتبة الكلية وتتيح الفرصة أمام الأساتذة والطلبة والباحثين على التزود والاستفادة منها في بحوثهم العلمية.
وفي عام 2004، أكد الزيدي أن الفيلم الكارتوني «حي بن يقظان» يمثل خطوة نحو العالمية، من حيث الطرح الفكري والانساني، وأيضا المعالجة الفنية. وكانت مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية قد شرعت بإنتاج هذا العمل الضخم بناء على توصيات مجلس إدارة المؤسسة في تقديم عمل سينمائي كارتوني، يستمد أصوله وقيمه من التراث العربي، ويمكن عرضه في صالات العرض في أنحاء العالم.
وفي هذا الإطار يقول الزيدي، إن كلمة الإشراق والتنوير في قصة «حي بن يقظان» للكاتب والفيلسوف العربي (ابن طفيل) تتواصل الجهود لتحويلها إلى فيلم سينمائي من أفلام الرسوم المتحركة ليوازي مستوى الأفلام العالمية من حيث تقديم المفاهيم الإنسانية والعلاقات الحميمة للطفل العربي وكذلك لأطفال العالم لكون الفكر الإنساني من قيم وأخلاق وعلاقات يستنبطها الطفل منذ الصغر عبر الإرشاد والتوجيه بعقلانية خالية من المباشرة والتوجيه القسري.
تابع، أن هذا ما اعتمد في كتابة السيناريو للفيلم، والذي تقوم بإنتاجه مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك ليُعرض في دور السينما العالمية كافة، بعدما تم الاتفاق مع مجموعة من الشركات الألمانية والمجرية والأوروبية على توزيعه، بعد أن كانت تلك القطاعات قد اطلعت على المرحلة الأولى من العمل (قبيل العمليات الفنية النهائية من تركيب الأصوات والموسيقى والمونتاج والمكياج).
واستطرد المخرج الزيدي قائلا، إنه اعتمد على فريق عمل من المصممين والرسامين والمتخصصين الحرفيين من أجل تصميم الرسوم وتحريكها بشكل انسيابي وتلوينها بتقنية متقدمة مستخدمين صورا ذات الابعاد الثلاثة (3) بشكل يرقى إلى العالمية.
وأكد المخرج الزيدي أهمية تقديم العمل بشكل فني ودرامي ليكون منطلقا لتنفيذ روائع التراث العربي من قصص وأساطير بمفاهيم عربية وإنسانية تؤكد الإرث التاريخي للحضارة العربية المتفتّحة على الخير وحب الناس وبتعاليم إنسانية ودينية متنورة.