كتاب "النوم مع الشيطان" من تأليف روبرت باير: هكذا اشترى "بندر سوبر سفير" وآل سعود النخبة الحاكمة في واشنطن
انفوبلس/ تقرير
يتناول كتاب "النوم مع الشيطان" لمؤلفه روبرت باير، الضابطَ الميداني السابق في الاستخبارات المركزية الأميركية والذي شغل مناصب مهمة عديدة أبرزها رئاسة محطة السي آي أي في لبنان عام 1983، وكان ضالعاً في عمليات اغتيال في عدة بلدان بالشرق الأوسط، كمية من الوقائع المتصلة بشراكة أميركية سعودية في تكوين الإرهاب التكفيري ورعايته، ويقدم صورة عن واقع النظام السعودي من الداخل، ويكشف خفايا العائلة الحاكمة.
ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، على أهم نصوص الكتاب الذي صدر عام 2003 وحُذفت نصوص وأسماء معينة حرصاً على مصالح الولايات المتحدة وللتستر ـ على ما يبدو - على بعض العملاء والضباط الذين ما يزالون في العمل، وكيف حاول بندر بن سلطان اغتيال السيد محمد حسين فضل الله.
بعض الصحافيين سمَّوا الكتاب بعنوان آخر غير النوم مع الشيطان هو: البيت الأبيض والذهب الأسود.
*حكم آل سعود
الأمور أسوأ مما تبدو… المملكة العربية السعودية ليس لديها ما يُعرف "بسيادة القانون". ومن خلال النظر إلى مضمون جواز السفر السعودي: فهو ينص على أن صاحب الجواز "ينتمي" للعائلة المالكة. السعودي المنتمي إلى عامة الشعب هو أشبه بقطعة من الممتلكات فهو لا يختلف عن قصر جدة الذي يملكه آل سعود أو الرولز رويس سيلفر كلاود، ولا توجد حقوق في المملكة، تماما كما لم يكن هناك برلمانا أو دستورا.
الأمور قد تكون أفضل لو كانت المملكة العربية السعودية مملكة يقودها "أشخاص حكيمون"، ملك خير وعائلة مالكة تتمتع بشعور النبلاء. ولكن الأمر ليس كذلك. نبدأ في الجزء العلوي، الملك فهد، مصاب بسكتة دماغية، وعاجز منذ العام 1995. ولي العهد الأمير عبد الله من المفترض أن يملأ الفراغ الذي خلّفه غياب فهد، -أخوه غير الشقيق- ولكن ليست لديه سلطة حقيقية. وهو ليس مصدر ثقة، ومحتقر من قبل كبار الأمراء – ومجلس الوزراء والوزراء – وسلطته مهددة في كل فرصة.
زوجة فهد المفضلة، "الجوهرة الابراهيم" ومدللها، (ابنها عبد العزيز – عزوزي، أو "ديري" كما يدعوه الملك فهد) يديرون المملكة العربية السعودية. "الجوهرة" كانت تتواجد مع الملك فهد أربعا وعشرين ساعة في اليوم. هي كانت تقرر من يراه ومن لا يراه، أي مراسيم سيوقّعها وأيها تُحجب عنه ولأغراض عملية كانت هي تحدد المسار العام للسياسة الداخلية والخارجية للسعودية. ونحن نعرف، أنها كانت تحدد كمية النفط التي يجب أن تُضخ ومتى تتوقف تماماً.
الخرف، المؤامرات، والغيرة هي فقط بداية لقصة آل سعود. آل سعود يتسمون بالعنف والانتقام مثل أية عائلة مافيوية. أول سعودي أعدَّ كتاباً انتقد فيه المملكة اختُطف في بيروت وقُتل في وقت لاحق في السبعينيات.
بعد أن تركت وكالة الاستخبارات المركزية، في منتصف التسعينيات علمت أن الأمير نايف كان على الأقل وراء محاولتين لاغتيال محمد المسعري، زعيم لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية ومقره لندن. وبالتأكيد ذلك يجب أن يكون سببا كافيا لـ "المسعري" لأن يشارك الآخرين في حمل السلاح ضد آل سعود – أسامة بن لادن، على سبيل المثال. وفي حالة أخرى، عبد الكريم النقشبندي، وهو سوري غضب على عضو في العائلة المالكة، وقد وُجِد مقطوع الرأس في شوارع الرياض في العام 1996، على الرغم من مناشدات نشطاء حقوق الإنسان في مختلف أنحاء العالم. إلا أن أي تصرف لا يخدم مصلحة المملكة العربية السعودية يمكن أن يكون جريمة عقوبتها الإعدام.
أفراد العائلة المالكة في أي مكان هم مقاومون للتغيير. هم لا يريدون الاعتراف بالتعفن في المملكة، ولا يريدون التحدث عن حقيقة أن السكتة الدماغية لفهد عززت حظوظ الأمراء الفاسدين في المشاريع غير المشروعة، من بيع التأشيرات والكحول وسرقة الممتلكات. هم أيضا لا يريدون التحدث عن حقيقة أن استيراد العمالة الأجنبية أدى الى وجود أعداد كبيرة من الشباب السعوديين العاطلين عن العمل وجرى تشجيعهم على قضاء معظم وقتهم في المسجد حيث يتم تلقينهم "الجهاد وقتل الصالحين".
كل عاهل سعودي يحصل على بدل كبير، ولكن عندما لا يحصلون على ما يكفي، فلديهم ملحق المخصصات الخاصة بهم، من الرشاوى على مشاريع البناء (ومعظمها بيد عائلة ابن لادن)، وصفقات السلاح، وسرقة الممتلكات من العامة. بالإضافة إلى التأشيرات، كما أنهم يبيعون الخمور والمخدرات. وفي تموز العام 2002، تم توجيه الاتهام لنايف بن سلطان بن فواز الشعلان من قبل هيئة محلفين كبرى في فلوريدا بأنه استخدم طائرة شخصية لنقل طنين من الكوكايين من كراكاس الى باريس. هذا الحادث بدا مفاجئاً حتى لي: لقد عرفت عائلة شعلان لأكثر من عقد، وحتى ذلك الحين، تمكنوا من تجنب الإصابة بداء المملكة.
قصص آل سعود حول "التبذير" وفيرة، ولكن الابن الأصغر لفهد، "عزوزي"، كسر القالب عندما بنى لنفسه حديقة مترامية الأطراف خارج الرياض لأنه كان "مهتما" بالتاريخ. وقال لزواره إن الحديقة كلفت 4.6 مليار دولار. فهي تشمل نموذجا مصغرا من مكة القديمة، ومجسمات نسخة طبق الأصل عن قصر الحمراء، مكة المكرمة، والمدينة المنورة، ومن المعالم الاسلامية الاخرى. "عزوزي" هو من ضبط الشكل الذي بُنيت عليه الحديقة، ولكنه في الحقيقة يتبع التقاليد العائلية. عندما تزور عائلة الملك فهد قصر ماربيا، ينفقون حوالي 5 ملايين دولار يوميا في المتاجر المحلية، لذا يرغب أصحاب المتاجر في تسمية أحد الشوارع باسم "الملك". وبقدر ما يحب آل سعود المال وشراء الحاجيات – كالماس واليخوت والقصور والطائرات- فإنهم يحبون اللحم البشري أكثر. ببساطة، هاجس آل سعود هو الجنس، من المومسات إلى الصبية الصغار. وبالمناسبة، وزير الداخلية الأمير "نايف" يمضي وقته في استشارة الأطباء عن العجز الجنسي الذي يعانيه.
وهذا على ما يبدو يؤثر على زوجته "مها" التي تعاني من مشكلة غضب حادة في إدارة أمورها. ففي العام 1995، وهي في زيارة إلى أورلاندو، قيل إنها اعتدت على خادمتها، متهمة إياه بسرقة مئتي ألف دولار من النقد والمجوهرات. وعندما ضربت "مها" خادمتها أمام مأمور شرطة أورلاندو لم يتحرك أحد لأنه كانت لديها حصانة دبلوماسية. والدرس لم يؤخذ من تلك الحادثة فبعد ست سنوات، أيضا في أورلاندو، اتُهمت الأميرة السعودية بضرب خادمتها ودفعها إلى أسفل الدرج… لم تستخفَّ هذه الأميرة بخدمها وتقوم بتلك الأفعال فقط لأنها تتمتع بحصانة دبلوماسية … ولكن كنت أتحدث عن الجنس.
السعوديون هم على الأرجح أكثر من لديهم "كبت جنسي" في العالم. فالنساء ليست بمتناول الرجل حتى يوم الزفاف. وبعد تلك الفرحة، يحتفظ الأزواج بزوجاتهم في المنزل حتى يوم وفاتهم. فقط 5% من النساء يعملن لا يمكن للمرأة قيادة السيارات، وإذا احتاجت إلى الذهاب إلى أي مكان، فالذكور -ابن العم، الأخ، أو الأب يقودون السيارة لأخذها-. كما يُسمح لهن بالذهاب إلى مراكز التسوق، والمطاعم، وحمامات السباحة التي تفصل بين الجنسين فقط. وإذا أُلقي القبض عليها في حالة تلبس بالزنا، فإنها تُرجم حتى الموت، جنبا إلى جنب مع عشيقها.. وإنه أسهل على الشاب السعودي أن يسافر إلى أفغانستان من التواصل مع فتاة سعودية.
الفلبينيون والخدم الإندونيسيون في المملكة يعيشون في خوف دائم من الاغتصاب، من قبل كفلائهم السعوديين، "فالعبيد" يخافون من الذهاب إلى الشرطة. لا أحد لديه أي فكرة عن مدى انتشار ظاهرة الاغتصاب في البلاد. فلا يتم نشر الإحصاءات.
في وقت مبكر من أعوام السبعينيات عندما بدأت عائدات النفط تفيض على السعوديين، بدأت المغامرة اللبنانية في تهريب المومسات إلى الأمراء في المملكة. فكانت النساء المتنكرات بزيّ مضيفات الخطوط الجوية اللبنانية (الميدل ايست) يذهبن مباشرة إلى القصور الملكية، فرق المطاوعة لم تفعل أي شيء حيال ذلك. وبعد أن أقام اللبنانيون رأس جسر في المملكة، عاد أكثر من شخص إلى لبنان لبناء مستقبله السياسي بثروته التي جمعها.
السعوديون الذين لا يستطيعون الدخول في مجرى "البغايا المالكة" يتخذون عدة زوجات وكلما كانت النساء أصغر كلما كان أفضل. فزواج رجل سعودي سبعيني من فتاة في سن المراهقة المبكرة يبدو شائعا جدا. السعوديون الأغنياء ببساطة يذهبون إلى الخارج لممارسة الزنى. ما عليك إلا متابعة رحلة مغادرة من الخليج لرؤية هؤلاء وهم يخلعون الجلباب ويخرجون السجائر والخمور: هؤلاء السادة يكونون في طريقهم إلى الحفلة، لقضاء ليلتهم في زيارة الأندية والملاهي في فرنسا في "كوت دازور" أو في "مونتي كارلو"، وستجد الرجال والنساء السعوديين مستيقظين طوال الليل، ويتمتعون بكل لحظة من حريتهم.
قصص كثيرة عن "الزنا السعودي" اجتاحت الصحافة الأميركية فوعظت الافتتاحيات بشأن حقوق المرأة، ولكن يبدو أن أحدا لا يتذكر النقطة التالية: السعودية تنفق نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي على "الجنس". إذا نحن تبرعنا بدولار إلى حراس العائلة المالكة في كل مرة نقوم بتعبئة خزان البنزين، فنحن ربما نتبرع نصف مرة أخرى للسعوديين "للاستغناء والتبذير".
العائلة المالكة تنفق حصة الأسد من أرباح الدولة يمكنك أن تجد قصورهم على طول البحر الأبيض المتوسط، بُنيت كلها للترفيه عن العاهرات. كونك تحمل الدم الملكي فأنت تحتاج إلى كل وسائل الراحة في المنزل. تقول الأسطورة إن المسؤول عن قصر الملك فهد قرب “انتيب” اقترح على الحكومة –وهذه القصة لا زالت تُداول في الأروقة الفرنسية حتى الآن- نقل السكك الحديدية الباريسية في "نيس" بعيداً عن القصر، ولا يهم إن كان نقل الخط يكلف الملايين.
وأوضح المسؤول في قصر الملك فهد، إن هناك انزعاجا من سماع صوت مرور القطارات البعيد بينما يتنقل الملك في حديقة منزله.
في وقت مبكر من العام 1970 وبعد أن خسر الملك فهد 6 ملايين دولار في كازينو "نيس"، كان على العائلة المالكة إيجاد مربح جديد، وحالما سمع الحسن الثاني ملك المغرب أن السعوديين كانوا لاعبين بارزين في سوق العقارات، اتصل هاتفيا بالرياض لتقديم العروض.
كان الملك الحسن قد سمح لعشرات الأمراء السعوديين بالبناء في عقارات منعزلة في المغرب، في كثير من الجبال الوعرة القريبة من طنجة. المنطقة التي يطلق عليها اسم "الريف"، وهي برية وينعدم فيها القانون – أي أوجد لهم مكانا مثاليا للعربدة ولحفلات الشرب، بعيدا عن أعين المتطفلين من "الوهابيين" والصحافة في أوروبا. أي صحفي يحاول التقاط أي صورة يخاطر بنفسه باحتمال الخطف أو قطع الرأس.
عندما كنت في المغرب، وصل خبر لوكالة الاستخبارات المركزية أن أميرا سعوديا قد قضم ثدي شابة مغربية وهو ثمل لأقصى درجة، ولكن الملك الحسن طوق الحادث بسرعة، وتم دفع المال لعائلة الفتاة، وقيل لهم: إما أن تبقى مغلقة الفم أو تقضي بقية حياتها في السجن. تكتيكات الذراع القوية أثمرت، والحادث لم يرَ ضوء النهار.
*تجارة السلاح والداخل السعودي
في وقت مبكر من العام 1990 كان مصدر الإمداد الرئيسي لأسامة بن لادن فيكتور بوت، وهو ضابط سابق في الجيش الروسي كان قد خدم في أنغولا، حيث تورط في تهريب الأسلحة والنفط. مثل "يوري" (تاجر السلاح الروسي الذي التقاه الكاتب في إسرائيل)، كان صيت بوت يسبقه في أي مكان، لقدرته على تأمين كل الأشياء السيئة. من خلال شركة تدعى “إير سيس”، كانت تمتلك واحدا من أكبر أساطيل الطائرات المملوكة للقطاع الخاص في مجال النقل في العالم، ويعمل بوت في أصعب الأسواق – إيران، ليبيريا وأنغولا وسيراليون والعراق وصربيا – ويستفيد من تسهيلات في المطارات مثل الشارقة، في الإمارات العربية المتحدة، وبورغاس، بلغاريا. وبالتكلفة المناسبة، يمكن أن يجد أي شيء، ربما حتى قنبلة نووية يسلمها وسط مدينة الرياض.
على الرغم من أن اتصالات "بوت" مع "ابن لادن" التي نُشِر عنها الكثير في الصحافة، استمر في العمل خارج دبي، وكانت المملكة العربية السعودية هي المستودع الرئيسي للمعاملات المالية المهرَّبة والمشبوهة. "دبي" هو المكان الذي جُمِع في بنوكه معظم الأموال المخصصة لهجمات 11 ايلول/ سبتمبر.
"بوت" يتمتع بحماية كبيرة لأن الاستخبارات الخارجية الروسية SVR تملك جزءا من شركة "إير سيس". أكثر من ذلك، فالاتجار بالأسلحة الروسية أصبح عملا مشروعا: حاول وزير الدفاع السعودي سلطان بن عبد العزيز الدخول في هذه العملية. حتى استضاف سلطان في المملكة العربية السعودية، رئيسَ شركة Rosvoorouzhenie لتسويق الأسلحة الروسية.
أنا أيضا لم أكن بحاجة ليقول لي يوري أن الحدود البرية (4،431 كيلومترا) للمملكة السعودية ليست مؤمنة جيدا. فالبدو والمهرِّبون يتجولون بحرية ذهابا وإيابا عبر شبه الجزيرة العربية، دون رادع. مهرِّبو الذهب من الهند لا زالوا يبحرون في الخليج لتفريغ شحناتهم سراً كل ليلة. ونحن نعرف جنون يوري من "الوهابيين" الذين وضعوا أيديهم على الأسلحة، فهم سلَّحوا أنفسهم في العام 1979، لاقتحام المسجد الحرام في مكة المكرمة.
سهولة الحصول على السلاح وحرية التنقل عبر الحدود علامة مهمة، لكنها لا تعني بالضرورة أن البلد على وشك أن ينزلق إلى حرب أهلية أو ما الى ذلك.
ما تحتاج اليه لإسقاط نظام مثل نظام آل سعود هو استعداد مواطنيه لحمل السلاح واستخدامه، للقتال والموت من أجل معتقداتهم، ضد المدججين بالسلاح، أي حراس القصر. حتى 11 سبتمبر، اعتقد الكثير من المراقبين في الشرق الأوسط وأنا منهم أن هذا الوصف ليس مناسبا للوسط السعودي. تمثل في عقولنا جميعا الصورة النمطية للشباب الصعاليك الأغنياء، الذين يصرخون في الفلبينية الخاصة بهم لإزالة غلاف الحلوى، وبالتالي أن يقاتلوا ويموتوا من أجل أي شيء هو مجرد اعتقاد يبدو مداه أبعد من التطورات المحتملة. هجمات 11 سبتمبر أجهزت على الصورة النمطية للشاب السعودي بالنسبة لي، فضلوع خمسة عشر شخصا سعوديا في عملية الخطف برهان قوي على أن المملكة لديها خزان من الشباب الذي لا يتوانى عن مواجهة الموت، سواء كان ذلك يستتبع حلقات خطف طائرات، أو نسف آل سعود أو استهداف البنية التحتية لنفط المملكة العربية السعودية بالأسلحة الثقيلة. فالإسلام المتشدد حرَّكَ الشباب السعودي كما لم نتوقع.
ماذا عن حراس العائلة المالكة السعودية، ودباباتهم وطائراتهم؟ بالتأكيد هم قادرون على السيطرة على المتعصبين، هذه أسطورة أخرى من شأنها أن تصبح حدثا تاريخيا كما 11 ايلول/ سبتمبر، ولكن دعونا ننظر إلى الأدلة المتاحة: وزير الداخلية في المملكة الأمير نايف يهتم فقط بحماية قبضة آل سعود على السلطة، على حساب أي شيء وأي شخص آخر. (نص محذوف) ولتوضيح ذلك تجنب الأمير نايف لقاء مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي لويس فرييه، عندما حضر "فرييه" الى المملكة العربية السعودية للتحقيق في تفجير الثكنة الاميركية في "الخبر"، وبقي "الأمير نايف" على يخته قبالة الساحل في البحر الأحمر، بالقرب من جدة. والتقى "فرييه" باثنين من مسؤولي جهاز الأمن الداخلي، واحد منهم لم يكن يعرف شيئا عن الخبر. والتدبير المنطقي في هذه الحالة أنه عند قدوم الامير نايف الى المملكة العربية السعودية سيكون سائق "فرييه" في انتظاره.
لم يكن على الامير نايف إظهار كراهيته للأميركيين عبر الصحافة. فبعد 11 سبتمبر، وفي أسوأ وقت ممكن، قال "نايف" إن الولايات المتحدة، "القوة العظمى التي تسيطر على الأرض، الآن هي في صورة عدو للعرب والمسلمين". وفي الواقع، كانت الأمور أسوأ بكثير مما هو متوقع (نص محذوف).
"الراجحي" هو المدير المسؤول عن شركة الراجحي لقطاعَي البنوك والاستثمار، التي تدير ما يقرب من أربعمائة مكتب فرعي في المملكة العربية السعودية وخارجها.
(نستنتج أن النص المحذوف يتعلق بمعلومات أبلغها الزائر الأميركي للأمير نايف عن دور شركة الراجحي في تمويل ابن لادن) تأسست الشركة في العام 1987، وهي واحدة من أغنى البنوك في المملكة، ومساهمة في تمويل الجمعيات الخيرية مثل منظمة الإغاثة الإسلامية الدولية (أو هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية)، وهي ترسل الاموال الى السعوديين المتشددين مثل ابن لادن وغيره.
لا أحد يستطيع أن يفعل شيئا مع "نايف" بما في ذلك الملك فهد. الامير نايف يدير وزارة الداخلية وكأنها احتياطي شخصي. وكما الامير فهد يتمتع بالحصانة، فالأمير نايف “محمي” ولا يمكن أن يُطرد، حتى وهو يصعد "حربه الخاصة" ضد الولايات المتحدة ويرسل المال للوهابيين المتشددين. كثيرا ما كنت أتساءل لماذا يكره "الامير نايف" الولايات المتحدة كثيرا (نص محذوف).
لا أظن أن لويس فرييه كان متفاجئا مما حصل معه حول حادثة الخبر، فهو شهد على أسوأ من ذلك.
*آل سعود والقاعدة
"نايف" لم يكن وحده المشكلة… آل سعود والمملكة يحكمان السيطرة منذ بداية 1990، وفي العام 1996 رفضت الحكومة السعودية ببساطة عرض السودان تسليم أسامة بن لادن. وشرحت الرياض: كان ابن لادن يتمتع بشعبية كبيرة في المملكة العربية السعودية، واعتقاله سوف يحرّض على الثورة. ومنذ 11 سبتمبر، لم تأتِ لائحة اتهام واحدة أو حتى خطة مفيدة من المملكة العربية السعودية لتسلُّم ابن لادن.
وبالتالي فإنه لم يسمح للـFBI بمقابلة أي مشتبه به، بما في ذلك أُسر خمسة عشر شخصا من الخاطفين السعوديين. وبعد فترة طويلة من أحداث 11 سبتمبر، رفضت المملكة العربية السعودية تقديم كشوف "مسبقة" حول الرحلات القادمة الى الولايات المتحدة.
لو كانت المملكة العربية السعودية بلدا حرا ومفتوحا، لكانت الصحافة الأميركية قادرة على أن تقول لنا لماذا "نايف" هو في حالة حرب مع أميركا، ولكن بوجود استثناءات قليلة، فالصحفيون الأميركيون لا يحصلون على تأشيرات دخول لزيارة المملكة. القلة الذين يزورونها يجدون أنفسهم تحت سيطرة الشرطة السرية. لا نبحث عن الكثير من مكتب التحقيقات الفدرالي الجديد والمحدث، ولا من مكتب الرياض، الذي يعمل مع اثنين من الوكلاء المسلمين، وليس لأنه لديهم تواصل مع الشارع العربي. كان مكتب التحقيقات الفدرالي أكثر اهتماما في إظهار كيفية التعامل مع "الحساسية السعودية".
بالنسبة لمعظم الأميركيين، شكّلَ 11 سبتمبر رعبا وطنيا وصحوة جيوسياسية كان من المستحيل تقريبا الاستيعاب بأن خمسة عشر شخصا من الخاطفين كانوا سعوديين، وكانوا مواطنين في بلد طالما قيل إنه أفضل حليف لنا في الشرق الأوسط، بعد إسرائيل.
ولكن في خريف العام 2002، عندما بدأت المملكة العربية السعودية بقيادة الحملة العربية ضد الحرب في العراق، كانت قلقة على استقرارها، وبدأ الأميركيون يدركون أنهم يعيشون في كذبة بشأن المملكة العربية السعودية. وقبل عشرة أعوام، أثناء حرب الخليج، فتحت السعودية الباب أمام القوات الأمريكية.
وفي العام 2002 وجدت أميركا نفسها تتوسل قطر لتوفير قاعدة الاتصالات لقوات الغزو لديها. كما لو أن الأميركيين بحاجة إلى مزيد من الأدلة، ربما ثلثا سجناء القاعدة المحتجزون في سجن "كامب دلتا" في قاعدة غوانتانامو البحرية - وفقا لوزير الدفاع دونالد رامسفيلد ـ مواطنون سعوديون. كل يوم كان يكشف أسرارا جديدة عن المملكة العربية السعودية، والعديد منها متصل بالعائلة المالكة: زوجة السفير السعودي في الولايات المتحدة سلمت أموالا إلى اثنين من منفذي عملية 11/9. ومن خلال اقتحام شقة في هامبورغ لأحد المشتبه بتواطؤهم مع الخاطفين وُجِدت بطاقة عمل "بزنيس كارت" لدبلوماسي سعودي. والخاطفان اللذان وصلا إلى لوس أنجلوس التقيا بسعودي يعمل في شركة متعاقدة مع وزارة الدفاع.
غذّى السعوديون أجهزةَ "الصرّاف الآلي" للخاطفين، وعندما داهمت قوات الناتو مكاتب المفوضية العليا السعودية لمساعدة البوسنة، التي أسّسها الأمير سلمان، وجدوا صورا لسفارتي الولايات المتحدة اللتَين دُمِّرتا في كينيا وتنزانيا (قبل - وبعد) ولمركز التجارة العالمي (قبل حادثة سبتمبر)، وللمدمرة الأمريكية كول. وفي نوفمبر 2002 طلبت السفارة السعودية في واشنطن من مسؤولين في القانون الاتحادي، توفير جواز سفر جديد لزوجة أحد عناصر تنظيم القاعدة فخرجت هي وأطفالها الخمسة من الولايات المتحدة بعد أن استُدعيت للإدلاء بشهادتها، أمام هيئة محلّفين كبرى.
لم تحاول السعودية دحض تلك الوقائع التي جاءت ضدها. بدلا من ذلك، خرج عادل الجبير مستشار السياسة الخارجية لولي العهد من مركز السفارة السعودية في واشنطن ليقول: "لقد هوجما باعتبارنا نواة الشر، وأرضا خصبة للإرهاب". "ولم أكن أتوقع ذلك من الأميركيين في أي وقت مضى".
وفي الوقت عينه واصل "نايف" التظاهر بأن المملكة العربية السعودية ليس لديها ما تفعله بما يخص الهجمات. فبعد سنة ونصف لم يتم اعتقال سعودي واحد في محاولة لمساعدتنا على التحقيق في أحداث 11 ايلول/ سبتمبر.
بصراحة، لا شيء من هذا القبيل يشكل مفاجأة لنا. فالنظام القضائي السعودي يبدو كما لو كان مصمماً من قبل "غينيس خان". المملكة العربية السعودية تتصدر العالم بقطع رؤوس. (والمكان الذي تُنفَّذ فيه معظم الأحكام هو ساحة الرياض المعروفة شعبياً باسم "فرم") المدارس الثانوية والجامعات في المملكة اصبحت نقطة الجذب للإرهاب العالمي. قوة الشرطة (والمطاوعة) لا فائدة منها في وقف السعوديين عن التآمر على اغتيال الصالحين في الخارج.
إنهم يميلون للقيام بمسائل أكثر أهمية، مثل إجبار أصحاب المحلات على الإغلاق أثناء أوقات الصلاة، وضرب النساء على الذراعَين والساقَين عند ارتدائهن لثياب قصيرة. وفي مارس 2002 تمت محاصرة مخارج مدرسة في مكة المكرمة بالنار، لأن الطالبات لم يتسترن بالشكل المطلوب، وقد توفيت أربع عشرة فتاة في ذلك الحادث. العمال الأجانب هم من دون حقوق تقريبا في المملكة العربية السعودية. ولا أحد في المملكة، (مواطن أو زائر)، يُسمح له بممارسة أي شعائر دينية أخرى غير الإسلام. حتى أن أي شخص يضع زينة عيد الميلاد معرَّض للنقد والاعتقال.
حتى وزارة الخارجية الأميركية اعترفت أن أمور المملكة تتعثر عندما يتعلق الأمر بالشؤون الدينية، وهي تعتبر أنه يجب وضع المملكة على القائمة السوداء للأمم التي تحد من الحرية الدينية، بما في ذلك إيران، العراق، الصين، بورما، السودان، وكوريا الشمالية. وقد رصد "تقرير الحرية الدينية الدولية لعام 2002" اعتقال المسيحيين ومضايقتهم من قبل الشرطة الدينية في البلاد، ومصادرة الأناجيل. وفي النهاية، وعلى الرغم من ذلك فإنه لا يمكن فعل أي شيء بالقوة.
السوبر سفير بندر بن سلطان
أخذت الـ CIA زمام المبادرة في رقصة “الفالس” وهذا ليس غريبا على سياسة واشنطن، حيث قررت وكالة الاستخبارات المركزية أن الرهان الأكثر أمانا هو تجاهل المملكة العربية السعودية من خلال التظاهر بذكاء انها مشكلة داخلية في الولايات المتحدة، وبالتالي تقع شؤونها في نطاق النظام الأساسي لا في نطاق ولايتها.
اكتشف مدراء “السي آي إيه” منذ فترة طويلة ان باب المكتب البيضاوي مفتوح دائما أمام السفير السعودي بندر بن سلطان وليس لهم. بينما جواسيس البلاد ينتظرون لعدة أشهر لاجراء مقابلة شخصية مع الرئيس، كل ما كان يقوم به بندر لمقابلة الرئيس هو تقديم طلب سريع. وعلى سبيل المزاح كان مدراء العمليات خلال سنوات كلينتون يقولون إن قدوم بندر مع السيجار الكوبي المفضل للرئيس، يؤكد ضمان دعوته لزيارة المكتب البيضاوي مرة أخرى.
بعد سنوات، ، كان جيم وولسيمدير وكالة الاستخبارات المركزية في عهد كلينتون ، كان واحدا من عدد قليل من مدراء CIA الذين خرجوا لقول الحقيقة حول المملكة.
بندر ليس شخصا يمكن المزاح معه، حتى من قبل مدير الـ CIA، وإذا اشتبه بندر بأن مدير وكالة الاستخبارات المركزية يمس نفوذ المملكة بأي شكل من الأشكال، فإنه يشكوه إلى رئيس الجمهورية، ثم يحظى بمساندة مجموعة مسعورة من اللوبيات المعروفة على الوكالة.
دعنا نقول ان احد الضباط في برلين قرر “اللعب” مع دبلوماسي سعودي، أو محاولة تجنيده للتجسس لصالح وكالة الاستخبارات المركزية. عميل سعودي لوكالة الاستخبارات يعني أن بإمكانه إخباره عن المهمات التي تقوم بها السفارة في برلين، وربما عن تورطها في تمويل الخلايا الارهابية في هامبورغ. واذا افترضنا ان السعودي لم يجند واخبر الرياض. فستسمع هاتف الرئيس يرن وصراخ بندر يضج، ومن ثم تبدأ “اللوبيات” بالضغط من جديد على الرئيس “نحن حقا يجب ان نبقي اعيننا على الـ “cowboys” في لانغلي ( مقر وكالة الاستخبارات الأميركية ).
مدراء وكالة الاستخبارات المركزية يتجنبون كتابة التقديرات الاستخباراتية الوطنية الخاصة بالمملكة العربية السعودية. لأنهم يعرفون ان التقييم مأخوذ من مجتمع الاستخبارات ككل، بما في ذلك وكالة المخابرات المركزية، وكالة الاستخبارات الدفاعية، وغيرها – وغالبا ما تجد تلك التقييمات طريقها إلى الصفحات الأولى من صحف الولايات المتحدة ومن هناك إلى صينية الفطور الخاصة ببندر، بجانب الكرواسون الطازج، وكوب الشاي الـ “ايرل غراي”. ويعرف المدراء أيضا ان الرئيس يكره قراءة أخبار سيئة عن المملكة، على الرغم من انه ليس صديقا جيدا لـ “آل سعود”. لذلك تعامل وكالة المخابرات المركزية المملكة العربية السعودية على انها مشكلة داخلية.
اذن ماذا لدى السعوديين على الرئيس ووزارة الخارجية؟ سأبدأ بالقول أنا لا أؤمن بالمؤامرات، وأنا لا أعتقد ان واشنطن قادرة على الحفاظ على السرية. انه شيء أكثر مكرا وغدرا. هذا ما أسميه “القبول بالصمت” أو “آداب الصمت” كما يفضل القول “الدبلوماسيون المتواجدون في الرياض” الذين اختاروا غض الطرف عن انحلال المملكة وهنا يبدأ كل شيء مع المال. “جزيره العرب” لديها الكثير من المال والكثير من النفط. وأثبتت هذه البلاد أيضا مرارا وتكرارا بأنها على استعداد لصرفه، وكذلك فتح حنفيات النفط في أي وقت. لا أحد يريد أن يسمع، ولا أن يفعل شيئا حيال ذلك. الناس فقط على استعداد لقول الحقيقة على هامش السياسة.
المال السعودي يشتري المواقف
عدنان الخاشقجي هو أشبه بالجوكر السعودي الماكر: ففي بعض الأحيان يظهر كرأسمالي مغامر أو وسيط في بيع الأسلحة، غني يبعث على السخرية. في احد الأيام اتهم خاشقجي في الصحف بحصوله على 64 مليون دولار في شكل قروض غير قانونية من بنك بانكوك للتجارة المنهار.
في اليوم التالي أصبح من أعمدة المجتمع في نيويورك، وكان يحضر التجمعات الخيرية في هامبتونز للتبرع بالملايين لمساعدة المزارعين الأميركيين. نجل الطبيب الشخصي لابن سعود، الذي أسس المملكة العربية السعودية في العام 1932، اعتبر بحلول منتصف السبعينيات وسيطا في 80% من صفقات الأسلحة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. من شركة لوكهيد وحدها، حصل على 106 ملايين دولار بين 1970-1975.
قال مسؤولون في لجنة فرعية لمجلس الشيوخ تبحث في المدفوعات الخارجية للشركات الأميركية أن نورثروب منحت الخاشقجي 450.000 $ لرشوة جنرالات سعوديين لشراء منتجات الشركة – هذا الادعاء لم يمنع إدارة الرئيس ريغان من استخدام الخاشقجي كوسيط خاص بها خلال الفشل الذريع في صفقة “إيران كونترا“.
قام الخاشقجي في السبعينيات بدفع الكثير من المال وذلك ما يعادل 600.000 دولار إلى ثلاثة أشخاص مهمين في (فيلادلفيا) في حرم الجامعة (سواثمور وهارفورد وبرين ماور) – لتأسيس مركز دراسات شرق أوسطية يمكن أن يساعد على ترويج التفهم والتعاطف مع وجهة النظر العربية، لكن تلك الخطة انهارت بعد فضيحة رشاوى شركة (نورثروب، إن ميل) وليظهر الخاشقجي نفسه بأنه متحضر وذو تعليم عالٍ، في عام 1984 دفع منحه مالية مقدارها خمسة ملايين دولار كهدية للجامعة الأمريكية في واشنطن على منتصف الطريق إلى البيت الأبيض والجامعة قررت أن تمنح الخاشقجي مرتبة الشرف لتقديمه المال، بإطلاق اسمه على المراكز الرياضية الجديدة وكذلك المجمع الكنسي بعده، ولكن الذين كلفوا بتصفية ممتلكاته غيروا آراءهم في أعقاب السماع بفضيحة إيران غيت.
بحلول كانون الثاني من العام 1978 عندما نشرت صحيفة التايمز صورة الخاشقجي على غلافها كنموذج لداهية عالمي جديد، كان حينها في (ماربيا) – المنتجع الدافيء في (ريفيرا) الإسبانية، حيث يملك أراض تقدر مساحتها بخمسة آلاف دونم.
كانت للخاشقجي عناوين أخرى في (باريس، كان، مدريد، جزر الكناري، روما، بيروت، الرياض، جدة، مونتي كارلو) ومزرعة لتربية المواشي مساحتها (180.000) دونم في (كينيا) ، وبيت مساحته (30.000) قدم مربع في الجادة الخامسة في (نيويورك) مع بركة سباحة ترى من قمة كاتدرائية القديس (باتريك)، كان الخاشقجي يفضل العيش على يخته نبيلة والبالغ مساحته 282 قدماً، وهو نفس اليخت الذي استخدم في أحد أفلام (جيمس بوند) حيث يستطيع أن يستريح على سرير يبلغ عرضه عشرة أقدام تحت غطاء من جلد السمور الروسي ثمنه (200.000) دولار وكذلك تجد على متنه طائرتين للنقل واثنتي عشرة سيارة مرسيدس ، وقدرت صحيفة التايمز تكلفة حياة الخاشقجي بحوالي 250.000 دولار يومياً في بداية عام 1987 بما في ذلك الخدم أو أكثر بقليل من 91 مليون في السنة، وهي ربع الميزانية السنوية (لهاييتي) ذلك البلد الذي يضم سبعة ملايين شخص.
في ماربيا مخزن صغير مخصص لبيع الملابس السعودية ويعرض أكثر من ألف بدلة صنع يدوي، أنيقة لمساء ومكوية محفوظة ببلاستيك، وهي جاهزة لنقلها لأي شاطئ ذهبي، حيث أصحابها يمكن أن يستجموا لعدة ليال أو أكثر.
لا يوجد شخص عاقل يمكن أن يتجاهل هذا الاختلاف بالنسبة لنا نحن الأمريكيين: نحن جميعاً ننمو مع قصص تتحدث عن شيوخ عرب أثرياء بشكل خرافي وعن وزرائهم وقد بدأ فهم الاختلاف عندما بدأ ينهال المال على (واشنطن) أو على الأصح سان كليمنت في أواخر عام 1986.
بعد أن وصل (ريتشارد نكسون) إلى البيت الأبيض، طار الخاشقجي إلى واشنطن ليكون من أول المهنئين بانتخاب الرئيس، لم ينس أن يقدم تحيات وزير الداخلية الأمير فهد الذي أرسله إلى (سان كليمنت) وهو الملك المصاب بالشلل الدماغي، (وقت طباعة الكتاب) والجدير ذكره عندما هم الخاشقجي بالذهاب فقد “نسي” حقيبته التي كانت تحتوي على مليون دولار من فئة المئة، ولكن لم يهتم بذلك، وعاد الخاشقجي إلى الفندق الذي كان ينزل فيه ينتظر مكالمة هاتفية إلا أن الهاتف لم يرن، وبعد يومين عرف الخاشقجي بالخدعة: إن من يظن أن واشنطن للبيع يكون مخطئاً، كالخطيئة الأولى التي غيرت كل شيء في الحياة، قدم الخاشقجي الكثير من الرشاوى في حياته، وهو نفسه أي الخاشقجي لم يعد يتذكرها، وقد علمت بالقصة من مصدر كان متورطاً معه بشكل مباشر وعرف التورط على أنه أنباء سارة في قصور الرياض وجدة، وبسبب تلك القصة والكثير من أمثالها يعتقد السعوديون بأن واشنطن لا تختلف عن الرباط، باريس، لندن أو أي عاصمة لها بصمتها ودورها وإذا كان أي شخص عنده شكوك في ذلك فإن أول زائر إلى البيت الأبيض كان فهد الذي أنزله نيكسون في بيت (بلير) مع العلم بأن الزوار الرسميين للبيت الأبيض قد يحجز لهم كرؤوساء دول ما عدا فهد الذي نزل في بيت بلير، كل ذلك كان من أجل المال.
بعد خمس سنوات عندما أرسل وزير الخزانة في عهد نكسون، وليم سايمون إلى الرياض آملاً أن يبيع الأسلحة والعتاد إلى المملكة بطريقة جديدة لغسيل أموال البترول، أعطي توجيهاً عن النقاط التي يجب بحثها في المحادثات مثل الباعة الذين يصنعون أشياء صغيرة: (إن الاستثمار مع وزارة الخزانة الأمريكية يمكن أن يعطي فرصة مناسبة) وحماية من تحركات معاكسة وذلك لمواجهة من يستثمر بمال كثير،إن الفكرة كانت تهدف لدفع السعوديين إلى تقديم العون لسد عجز الميزانية الأمريكية ولتشجيعهم ليصبحوا مقرضين للخزينة الأميركية.
تلقى السعوديون الطعم وابتلعوه بسعادة، وعلى الفور قام وليام سيمون ووزير الخارجية هنري كيسنجر بطبخ خطة أخرى: وهي (اللجنة السعودية الأمريكية المشتركة للتعاون الاقتصادي) التي ستنشئ بنية تحتية للمملكة العربية السعودية الجديدة ووضعت اللجنة أنموذجاً اقتصادياً على نمط الولايات المتحدة، وتخطى السعوديون تلك اللجنة أيضا، وعملت اللجنة بعد نفاذ الخطة وكانت تعتبر السعودية وفق المنظور الأمريكي دولة مستبدة ودينية تسلب حقوق الملكية أو الحقوق الفردية، لكن الشيء الوحيد المهم هو دفع السعوديين لتكاليف كل شيء من أجور أمريكية وأجور سعودية وتكاليف المعيشة بالنسبة لعمال اللجنة الأمريكية المفضلة لدى المملكة المقيمة في ملعب الرمي بكامله، وإيداع أكثر من مليار دولار في الخزانة الأمريكية.
تعرف واشنطن قيمة المال السريع عندما تحصل عليه لكنها لم تر أي شيء من هذا أبدا، كانت النتيجة لا أمل في السعودية ولم يمضِ وقت طويل حتى وزع السعوديون المال في كل مكان مثل مشروع استصلاح الحقول القاحلة.
وضع البيت الأبيض يده على أموال تمويل المشاريع المحلية التي لم يمولها الكونغرس أو لا يستطيع تمويلها سواء من الحرب على أفغانستان أو الحرب في نياكاراغوا، وتم تمويل مركز أبحاث في واشنطن وكان من المفترض أن يكون معهد الشرق الأوسط جزءا منها ومركز البحر الأبيض الأوسط، وقد استحوذ على المال السعودي في دهاليز واشنطن في أروقة اللوبي والشركات الكبرى والمحامين الذين كانوا جزءا من العملية، وذلك ما مكنهم من إنشاء أسواقهم المالية الخيرية وإنشاء بعض المراكز الأخرى مثل مركز جون كنيدي للفنون التشكيلية والمركز الطبي الوطني للأطفال وتمويل كل مكتبة رئاسية في السنوات الثلاثين المنصرمة، وكذلك أنفق السعوديون ربع مليون دولار في عيادة الألعاب الشتوية للمحاربين القدماء الأمريكان ورابطتهم.
*إرهاب تحت الحماية الأميركية
إذا كنتَ قد اتَّبعتَ منطق هذا الشيطان حتى الآن، إذن إنها خطوة صغيرة للاستنتاج بأننا في الغرب وحكام السعودية أنفسهم في ورطة خطيرة. كل مكونات الاضطراب في مكانها الصحيح: الحدود مفتوحة، الأسلحة متوافرة، السياسة في غربة، لا وجود لسيادة القانون، الشرطة فاسدة، واحتقار الطبقة الحاكمة موجود، تراجع نصيب الفرد من الدخل كذلك، التدهور البيئي، غضب الجيران، تزايد عدد الشباب المتطرفين في الداخل.
إلى جانب ذلك تحوي مدارس المملكة ومعاهدها الدينية متعصبين يسارعون في الدخول إلى الحروب القتالية من بورما، إلى فيتنام، وكمبوديا ونيكاراغوا وأنغولا والصومال، وسيراليون.. لماذا يجب على المملكة العربية السعودية الهروب من هذا المصير؟
مع هذا النوع من العفن، يُعتقد أن كل خريطة رسمية في واشنطن سيكون لها راية حمراء مزروعة على نقطة مسماة "الرياض" لدعم البيروقراطيين الذين تساندهم المملكة العربية السعودية. والحقيقة هي عكس ذلك تماما. بينما كنت أكتب هذا النص في وقت مبكر من العام 2003، كانت واشنطن لا تزال مُصِرَّة على أن المملكة العربية السعودية هي بلد مستقر، وحكومتها المركزية تسيطر على حدودها دون منازع، والشرطة والجيش هما على درجة عالية من الكفاءة والإخلاص، وشعبها يلبس ويأكل ويتعلم بشكل جيد.
دعونا نبدأ بوزارة الخارجية، فعليها مسؤولية كبيرة، أكبر من حكومة واشنطن البيروقراطية، وذلك لدورها في نشر الكذبة الكبيرة حول المملكة. لدى الاستماع إلى ما يدور من حولك تعتقد أن المملكة العربية السعودية هي الدانمارك.
فقط ألقِ نظرة على طريقة التعامل مع تأشيرات السعوديين… بموجب القانون، وزارة الخارجية لديها مسؤولية منح التأشيرات في الخارج، فهي تصدرها من سفاراتنا وقنصلياتنا.
في العام 1952 كان قانون الهجرة والجنسية واضحا حول "الأهلية". قسم القانون المتعلق بمنح التأشيرات السياحية، القسم 214 (ب)، جاء كما يلي: "كل أجنبي يبقى مهاجرا إلى أن يثبت العكس للموظفين القنصليين … ليتمتع بوضع "غير المهاجر"، "وبعبارة أخرى، فإن الأجنبي الذي لا يوجد لديه سبب للعودة إلى وطنه – وهو عاطل عن العمل، وغير متزوج، ومكسور – ليس مؤهلا للحصول على تأشيرة- فمن المفترض أن يبقى في الولايات المتحدة.
ومع ارتفاع نسبة البطالة بين الذكور في المملكة إلى حوالي 30 %، وتدهور نصيب الفرد من الدخل إلى مستوى متدن، يعتبر السعوديون مهاجرين في بلادهم (ما لم يكونوا من العائلة المالكة أو خدما خاصين بهم). وهناك خطر كامن في بقاء السعوديين الذي يسعون لكسب لقمة العيش في الولايات المتحدة حيث لا تتوفر فيهم المؤهلات القانونية للعودة إلى المملكة، وهذا ما يجعل الأمور أسوأ بكثير.
خلال هجمات 11 سبتمبر 2001، لم يحتج السعوديون الذين شاركوا في العمليات للظهور في السفارة الأمريكية في الرياض أو القنصلية في جدة لإجراء المقابلة التي تخولهم الحصول على التأشيرة. ففي ظل "نظام فيزا اكسبريس"، كان السعودي فقط يرسل جواز سفره، والرسوم إلى وكيل السفر للحصول على التأشيرة. وكيل السفر السعودي بعبارة أخرى كان يقف مكان الحكومة الأمريكية. وكانت فترة الانتظار للحصول على التأشيرة قصيرة، وأي سعودي لديه المال يصبح في طريقه إلى نيويورك ويتخفى مثل الماس في المحبرة أو يقود الطائرة نحو ناطحات السحاب.
من خلال إصدار تأشيرات دخول للسعوديين الخمسة عشر العاطلين عن العمل، تخطت وزارة الخارجية القانون. وبالتأكيد، محاولاتنا لجعل هذه المسألة بسيطة وسهلة جدا تسمح لغالبية القوى التي تسعى لمهاجمتنا باتخاذ أماكنها. أسامة بن لادن هو سعودي المولد. فجر المواطنين السعوديين في مقر للحرس الوطني في العام 1995 وشن الهجوم على ثكنات "الخبر" في العام 1996. وقام سعوديان اثنان باختطاف طائرة إلى بغداد في العام 2000. والسعوديون بالتأكيد كانوا وراء الهجوم على البارجة "كول"، كما شارك مئات السعوديين بالهجمات الإرهابية الأخرى، من الشيشان إلى كينيا وتنزانيا.
فهل تحتاج وزارة الخارجية إلى أدلة أكثر لمعرفة أن السعوديين هم "إرهابيو العالم الجديد"، وهم بحاجة إلى مساءلتهم ومراقبتهم بإحكام؟ فالطريقة التي تدار فيها مسألة التأشيرات، تسمح لأسامة بن لادن نفسه بالتسلل إلى الولايات المتحدة.
منحت وزارة الخارجية الأميركية الحكام السعوديين فرصة تمرير كل شيء تقريبا، فهي تحمي السعوديين من جماعات حقوق الإنسان. وتدعمهم في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. انها تجاهلت حادثة الحرس الوطني وتفجيرات "الخبر" فعلى سبيل المثال، تقرير وزارة الخارجية في العام 1999: "أنماط الإرهاب العالمي” القسم الخاص بالمملكة العربية السعودية: "واصلت حكومة المملكة العربية السعودية، على جميع المستويات، إعادة تأكيد التزامها مكافحة الإرهاب". ويمضي التقرير: "كما واصلت حكومة المملكة العربية السعودية التحقيق في تفجير حزيران\يونيو العام 1996 حول أبراج "الخبر".