14 عاما على رحيل السيد عبد العزيز الحكيم نجل المرجع الأعلى وشقيق قائد المعارضة.. تعرف على أبرز محطات حياته
انفوبلس/..
من أُسرة استُشهد ٦٣ شخصاً منها، وسُجن واعتُقل أكثر من مئتي شخص من الرجال والنساء في زمن النظام الصدامي، برز اسم السيد عبد العزيز الحكيم قائدا ومجتهدا فذَّاً بالعمل الاجتماعي والسياسي والديني.
وُلد عبد العزيز الحكيم عام 1950م في مدينة النجف الأشرف، وهو أصغر أبناء المرجع الديني الاعلى للطائفة الشيعية، الراحل الامام السيد محسن الحكيم العشرة، والوحيد الذي بقى منهم على قيد الحياة بعد ان سارع إخوته جميعاً الى الشهادة، وكان آخر من استُشهد منهم، آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم.
نشأ و ترعرع في احضان والده مرجع الطائفة الامام الحكيم وحظى برعاية اخوته الذين منحوه الكثير من علومهم وشمائلهم، كما حظي باهتمام ورعاية الامام السيد محمد باقر الصدر والعديد من الاساتذة البارزين، في النجف الأشرف.
توجه في وقت مبكر من حياته نحو الدراسة في الحوزة العلمية المشرفة في النجف ، فدرس المقدمات في (مدرسة العلوم الاسلامية) التي اسسها الامام الحكيم في السنوات الاخيرة من مرجعيته، وكان المشرف على المدرسة شهيد المحراب آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم ، وفي مرحلة السطوح، تتلمذ على يد مجموعة من الاساتذة في الفقه والاصول، كآية الله العظمى الشهيد السيد محمد باقر الحكيم ، وآية الله الشهيد السيد عبد الصاحب الحكيم ، الذي كان مشروعاً واعداً لمرجعية مستقبلية بعد ان حاز على الاجتهاد في وقت مبكر، وكذلك آية الله السيد محمود الهاشمي.
وبعد أن أتمَّ مرحلة السطوح تحول الى البحث الخارج، فحضر دروس البحث الخارج في الفقه والاصول لدى الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر عندما شرع بالقاء دروسه في البحث الخارج في مسجد الطوسي. كما حضر لفترة وجيزة درس البحث الخارج لدى المرجع الكبير الامام الخوئي ، وفي هذه الفترة كتب تقرير درس البحث الخارج للسيد الشهيد الصدر سنة ١٩٧٧.
ومع انشغاله بالعمل الاجتماعي العام وتلقي العلوم الحوزوية فقد بادر الى تأليف كتاب (معجم اصطلاحات الفقه) وأمضى في هذا المشروع سنة كاملة، وشجعه على ذلك استاذه الامام الشهيد الصدر ولكنه توقف عنه بعد ذلك بسبب الظروف التي مر بها الشهيد الصدر والعمل الاسلامي بشكل عام، وما صاحب ذلك من حدوث انتفاضة رجب عام ١٩٧٩ وبهذا يكون السيد عبد العزيز الحكيم قد دخل مرحلة جديدة من العمل الاجتماعي والسياسي لمواجهة الظروف المستجدة.
وعند شروع الشهيد الصدر في تنظيم الحوزة العلمية لبناء مشروع المرجعية الموضوعية اختاره ليكون عضواً في اللجنة الخاصة بذلك الى جانب كل من آية الله العظمى الشهيد السيد محمد باقر الحكيم وآية الله العظمى السيد كاظم الحائري، وآية الله السيد محمود الهاشمي، وكان هؤلاء جميعاً يشكلون ما كان يعرف بـ (لجنة المشورة) الخاصة بذلك المشروع.
مسيرة الجهاد والسياسة
وبعد ان قام النظام البائد باحتجاز الشهيد الصدر تفرغ سماحة السيد عبدالعزيز الحكيم تماماً لترتيب علاقة السيد الشهيد بالخارج، وكان حلقة الوصل بينه وبين تلاميذه، والجمهور العراقي داخل وخارج العراق، وقد تحمل في ذلك اخطاراً كبيرة هددت حياته، واستمر في تأمين الاتصال بوسائل صعبة وخطرة في ظل ارهاب السلطة وقسوتها، فكان يبعث بالرسائل الى الشهيد الصدر المحتجز تحت المراقبة الشديدة، وتلقى التوجيهات منه، ولم يكن ذلك بالطرق المتعارفة في كتابة الرسائل وانما باستخدام الاشارات والعلامات والرموز.
وكان الشهيد الصدر يولي السيد الحكيم رعايته واهتمامه الخاص، لما يتميز به من فكر ثاقب وذهنية وقادة وكفاءة عالية في ادارة وتدبير العمل، وشجاعة واقدام متميزين، وكتب للسيد عبد العزيز الحكيم وكالة عامة مطلقة قليلة النظير.
بعد ان أصدر الشهيد الصدر فتواه الشهيرة بالتصدي للنظام البعثي وازالة الكابوس عن صدر العراق، وذلك باعتماد الكفاح المسلح كوسيلة لمواجهة النظام بعد ان اغلقت كل السبل، تبنى السيد عبد العزيز الحكيم الكفاح المسلح ضد نظام صدام، وبعد هجرته من العراق اسس مع مجموعة من المتصديين "حركة المجاهدين العراقيين" وذلك في الثمانينات
كما شارك في العمل السياسي والتصدي العلني لنظام صدام، فكان من المؤسسين لحركة "جماعة العلماء المجاهدين في العراق"، وعضوا في الهيئة الرئاسية للمجلس الاعلى في اول دورة، له ثم مسؤولاً للمكتب التنفيذي للمجلس الاعلى في دورته الثالثة، ثم أصبح عضواً في الشورى المركزية للمجلس الاعلى منذ العام ١٩٨٦ م وحتى انتخابه رئيساً للمجلس الاعلى بعد استشهاد شهيد المحراب في الاول من رجب عام 1424 هـ/ ايلول ٢٠٠٣.
أنشطة حقوق الإنسان.
وفي اواسط الثمانينيات تبنى ـ الى جانب مهماته ومسؤولياته، العمل في مجال حقوق الانسان في العراق، بعد ان لاحظ وجود فراغ كبير في هذا المجال فأسس "المركز الوثائقي لحقوق الانسان في العراق" وهو مركز يعني بتوثيق انتهاكات حقوق الانسان في العراق من قبل نظام صدام آنذاك، وقد تطور هذا المركز وتوسع حتى اصبح مصدراً رئيسياً لمعلومات لجنة حقوق الانسان في الامم المتحدة والمقررّ الخاص لحقوق الانسان في العراق والمنظمات الوطنية والدولية الحكومية وغير الحكومية، وقد حضر هذا المركز العديد من المؤتمرات الدولية، ووثق عشرات الآلاف من حالات اختفاء العراقيين داخل العراق، وطالب بالافراج عن المعتقلين السياسيين وسجناء العقيدة والرأي والمحجوزين من ابناء المهجرين العراقيين.
كما عمل في مجال الاغاثة الانسانية وتقديم الدعم والعون للعراقيين في مخيمات اللاجئين العراقيين في إيران، وعوائل الشهداء العراقيين في داخل العراق، وكانت هذه المساعدات تصل الى داخل العراق ايام النظام الارهابي البائد.
كان من أكثر المقربين لشهيد المحراب آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم وكان يثق برأيه واستشارته في الامور السياسية والجهادية والاجتماعية، وكان يتعامل مع أخيه الشهيد تعاملاً يخضع للضوابط الشرعية فهو يعتبره قائداً له وان طاعته واجب شرعي، قبل ان يتعامل معه كأخ تربطه به روابط الاخوة والاسرة والدم.
ترأس العديد من اللجان السياسية والجهادية في حركة المجلس الاعلى، وكان شهيد المحراب ينيبه عنه عند غيابه في رئاسة المجلس وفي قيادة بدر ثقة منه في كفائته وادارته وورعه وتقواه.
المشاركة في العمل السياسي
ومنذ ان بدأت البوادر الاولى للعمل العسكري الدولي بقيادة امريكا ضد النظام البائد، كلفه شهيد المحراب بمسؤولية ادارة الملف السياسي لحركة المجلس الاعلى فترأس وفد المجلس الاعلى الى واشنطن، وادارة العملية السياسية للمجلس الاعلى في اللجنة التحضيرية لمؤتمر لندن ٢٠٠٢ ثم مؤتمر صلاح الدين.
ثم دخل في العمل السياسي بعد سقوط نظام صدام، حيث بادر بالدخول الى العراق في الايام الاولى بعد سقوط بغداد، أصبح عضواً في مجلس الحكم، ثم عضواً في الهيئة القيادية لمجلس الحكم العراقي وترأس المجلس في دورته لشهر ديسمبر/كانون الاول عام ٢٠٠٣، انتخب بالأجماع من قبل اعضاء الشورى المركزية للمجلس الاعلى الاسلامي العراقي رئيساً للمجلس الاعلى بعد استشهاد آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم وكان انتخابه في أيلول عام 2003ـ.
متزوج من كريمة حجة الإسلام والمسلمين السيد محمد هادي الصدر وله أربعة أولاد.
وتوفي السيد الحكيم، في إحدى مستشفيات طهران، عام 2009، عن عمر ناهز 59 عاماً، وذلك في إثر تدهور صحته بعد صراع مع المرض.