أصغر الائمة عند استشهاده.. الامام الجواد ع عاصر المأمون العباسي ودفن إلى جوار جده
انفوبلس/..
أثبت الإمام محمد الجواد "عليه السلام" للامة، تخطي القوانين الطبيعية في قيادته للامة من خلال تجسيد ظاهرة الامامة في سن مبكرة، حيث اتبع اسلوب الحوارات العلمية التي دارت بينه وبين علماء المسلمين في المجالس العامة لحكام عصره، وكان بارعا في رده على الأسئلة الموجّهة إليه، بحيث كان يتم الحجة عليهم متحديا اولئك الذين كانوا يعتبرون الرصيد العلمي والخلفية الثقافية والشرعي لأولئك الحكام.
وباستقراء الوثائق السياسية التي صدرت عن الإمام الجواد عليه السلام (الرسائل والأحاديث) والمواقف التي صدرت عن السلطة العباسية تجاه الإمام ودراستها وتحليلها، نستطيع ان ندرك أن الإمام الجواد عليه السلام، كان يمارس نشاطه السياسي في خفاء.
كانت السلطة العباسية تلاحق مثل هذا النشاط، وتسعى بشتى الوسائل لإيقافه، إلا أنه في المقابل كان الإمام عليه السلام وأتباعه يواصلون العمل في الأمة بمختلف الوسائل بغية تعريفها بدينها ومعالم رسالتها وعدم انحرافها وانسياقها
وكان عليه السلام له مقام قيادي عميق الأثر في وجدان الأمة ووعيها. وحفظت لنا كتب التأريخ والحديث والرواية والسيرة بعضا من الرسائل الوجّهة من الإمام محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، إلى اصحابه وأتباعه ووكلائه، والتي تكشف بوضوح النشاط السياسي الخفي للإمام الجواد ولأصحابه الذين أحاطوه.
فقد كانت السلطة العباسية تلاحق مثل هذا النشاط، وتسعى بشتى الوسائل لإيقافه، إلا أنه في المقابل كان الإمام عليه السلام وأتباعه يواصلون العمل في الأمة بمختلف الوسائل بغية تعريفها بدينها ومعالم رسالتها وعدم انحرافها وانسياقها مع مخططات السلطة في القمع والفساد والتضليل.
سلطة المأمون والمعتصم
اما عن موقف السلطة من الإمام عليه السلام، فان دراسة وتحليل الخليفتين العباسيين المأمون والمعتصم، من الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام، يشير بوضوح إلى أهمية شخصية الإمام (ع) القيادية وموقعه الرفيع في النفوس وميل الأمة إليه باعتباره الرمز المثّل لإمامة أهل البيت في تلك المرحلة.
لذلك نجد المأمون العباسي يستقدم الإمام الجواد عليه السلام من المدينة المنورة سنة 211 هـ ويقوم بتزويجه من ابنته أمّ الفضل، ويدخل في نزاع مع أعمامه بني العبّاس بسبب ذلك التزويج، في محاولة منه لاستيعاب موقف الإمام الجواد عليه السلام وضمّه إلى حاشيته واحتواء حركته الجماهيرية في المجالين الفكري والسياسي.
لكن الإمام عليه السلام كان على العكس من ذلك، كان يرفض البقاء في بغداد، ليكون بعيدا عن حصار السلطة ومراقبتها، ويعود إلى المدينة المنورة، ليسقط الخطة، ويحقق الاهداف المرتبطة به كإمام للأمة ورائد من رواد الشريعة.
عزله عن الدور السياسي واستشهاده
المعتصم استدعى الإمام الجواد عليه السلام من المدينة المنورة الى بغداد خوفا من تألق نجمه واتساع تأثيره
بعد موت المأمون جاء المعتصم للسلطة، فكان كأسلافه العباسيين على خوفه من إمامة أهل البيت عليهم السلام ومكانتهم العلمية والسياسية، فاستدعى الإمام الجواد عليه السلام من المدينة المنورة الى بغداد عام 219هـ خوفا من تألق نجمه واتساع تأثيره أكثر وليكون على مقربة من مركز السلطة والرقابة ولعزله من ممارسة دوره العلمي والسياسي والشعبي.
وفعلا تم استقدام الإمام الجواد عليه السلام من المدينة المنورة إلى بغداد، ولم يبق في بغداد إلا مدة قصيرة حتى استشهد سنة 220هـ بطريقة حاقدة خبيثة، فقد استغل المعتصم ام الفضل لتنفيذ هذه الجريمة النكراء.
اما بالنسبة الى عمر الإمام الجواد عليه السلام، فقد قضى نحبه مسوما فكان خمسا وعشرين سنة على ما هو المعروف، وهو أصغر الائمة الاثني عشر عليهم السلام سنا، وقد أمضي حياته الشريفة في سبيل عزة الإسلام والمسلمين ودعوة الناس إلى رحاب التوحيد والايمان والتقوى ومقارعة الظالمين والطغاة.
ويصادف آخر ذي القعدة الحرام، ذكرى استشهاد الإمام محمد الجواد(ع) بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، وهو تاسع أئمة أهل البيت الاثني عشر، الذين أوص اليهم رسول الله (صلی الله عليه واله) بأمر من الله سبحانه لتولي مهام الإمامة والقيادة من بعده بعد ان نص القرآن الکريم على عصمتهم وتواترت السنة الشريفة بذلك.
بعد أن استُشهد عليه السّلام ببغداد دُفن في مقابر قريش مع جدّه الإمام موسى الكاظم عليه السّلام، وقد ضمّهما ضريح واحد عليه قبّتان ذهبيّتان في المدينة التي كانت حياتها بهما، وهي اليوم تُدعى بـ "الكاظميّة" وتقع في جانب الكرخ من مدينة بغداد.