أمين عام اتحاد الأدباء عمر السراي ينسب "عبد الرزاق عبد الواحد" إلى "مدرسة التكسّب" ويثير ردود فعل مؤيدة ومعارضة
شاعر الطاغية وأراجيز الحرب
انفوبلس/..
في لقاء متلفز، استضاف الشاعر عمر السراي، الأمين العام للأدباء والكتاب العراقيين، ذكر فيه أن الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد، ليس عظيما أو لا يتكرر، ولكنه شاعر يكتب نصاً جميلاً، وكل كتاباته في منطقة العاطفة، مؤكداً أن عبد الواحد من شعراء التكسُّب، وهي مدرسة قديمة يتكسب شعراؤها المال.
وقال السراي، عبر برنامج "قصتي" الذي يقدمه الإعلامي علي صادق، إن عبد الرزاق عبد الواحد مجرد شاعر، ليس عظيما أو لا يتكرر، ولكنه شاعر يكتب نصا جميلا وكل كتاباته في منطقة العاطفة، فهو يمتلك العاطفة الميسانية العظيمة التي هي قلم يمتلكه شخص، كما أنه شاعر يفوق كثيراً من أقرانه وأبناء جيله.
وعن مقارنة عبد الرزاق عبد الواحد بالجواهري، قال السراي: "إن هناك فرق كبير، فالجواهري في منطقة وعبد الواحد في أخرى"، مبيناً أن "الجواهري ابن منطقة الجزالة والكلاسيك الأصيل والخطابة والتكثيف الشعري، أما عبد الرزاق عبد الواحد فشعره (كثير الماء) أي إنه شبيه بالشعر الشعبي العراقي في إصابة القلب، لكنه فصيح وجميل، أما الجواهري فقلَّما تستطيع أن تجد له مثيلاً".
شاعر التكسب
وعند سؤل السراي حول كتابات الشاعر عبد الواحد، التي يمجّد فيها الطاغية صدام، قال السراي: "إن ما كتبه عبد الواحد في مدح ديكتاتور أو قاتل ليس صحيحاً وهو مخالف للإنسانية، بل إن تسويق الحرب بوصفها قطعة حلوى تُغري الآخرين هي جريمة" مشيرا بالرفض إلى كلمات عبد الواحد (توكع زلم فوك الزلم لمن يشيب الراس) وأنها وغيرها من أراجيز الحرب كانت تنشر في جريدة الثورة يوميا، وأنه إنسانيا يقف ضد كل قصيدة تروّج للحرب والموت أو أن تكون قصيدة تعبوية فقط.
السراي أضاف خلال اللقاء، أن "هناك مجموعة من الشعراء يُسمون بشعراء التكسب، وهي مدرسة قديمة يتكسب شعراؤها المال، وأن عبد الواحد هو ابن هذه المدرسة، إذ يخلع بطولته ويسقطها على الآخر، وبالتالي يحصل على مال أو منصب" مضيفا أن الجوائز الشعرية هي امتداد لمدرسة التكسب ولكنها تطورت مع مرور الزمن.
وتصاعدت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، موجات صراع سياسي بواجهة أدبية، هل عبد الرزاق شاعر عبقري أم مطبّل غجري؟
ردود أفعال مؤيدة
أصوات كثيرة أيدت ما طرحه الشاعر عمر السراي حول الشارع عبد الرزاق عبد الواحد، حيث اعتبر مغردون أن "عبد الواحد كان بوقاً للنظام السابق وعاشقا للدكتاتور ومدافعا عنه بشكل معلن حتى آخر أيامه قبل وفاته".
وعن قصائد عبد الرزاق عبد الواحد بحق الإمام الحسين، اعتبرها البعض "طريقة لتحسين صورته، فالحسين ليس بحاجة الى شعراء الدكتاتور، ولو كان الحسين بحاجة الى هؤلاء لما كانت وقفته العظيمة التي خلدها التاريخ أمام الحكام الظالمين والمتسلطين".
واعتبر مغردون، أن "شاعر التكسب" لقب يستحقه عبد الواحد بجدارة، ولكن ربما لا يصف حقيقة ما قام به هذا الشاعر من دور في دفع الدكتاتور لمزيد من القتل ومزيد من سفك الدماء.
مغردون مؤيدون للسراي ذكروا أنه "لم يقل إلا الصحيح في أخلاقيات الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد، وهو لم يتكلم عن شاعرية عبد الواحد بل قال عنه إن شاعر جميل ويكتب بالعاطفة الميسانية الجنوبية الجميلة، لكنه عنده مأخذ عليه في مواقفه السياسية والتملق للدكتاتور السابق".
وبينما كان العراقيون يتم زجُّهم في جبهات القتال من قبل السلطة الحاكمة، للمشاركة في حرب عبثية عدوانية للنظام الصدامي، كان عبد الرزاق يتلذَّذ بمدح الطاغية المقبور ويسبغ عليه الصفات التي تصل إلى صفات الذات الإلهية، وهو جالس في "فيلا" مطلّة على نهر دجلة، منحها له الطاغية".
واستمر في نهجه حتى بعد أن سقطت ورقة صدام ونظامه، وانتفض العراق ضده ومارس أبشع أساليب القتل والقمع والتجويع ليقمع المنتفضين ثم دفنهم في مقابر جماعية ملأت أرض العراق من أقصاه إلى أقصاه، فلم يتوقف عبد الرزاق عبد الواحد عن مدحه وتبرير كل جرائمه، ولم يصحُ ضميره ولو لمرة واحدة وهو يرى ممدوحه وقد تخضبت يداه بدم الأبرياء.
آراء معارضة
تصريحات السراي أثارت حفيظة المؤيدين للشعراء المقربين من السلطة الحاكمة في عهد البعث الصدامي، حيث عبروا عن امتعاضهم بموجة ردود واعتراضات في مواقع التواصل الاجتماعي.
ورأى البعض، أن "أشعار عبد الرزاق عبد الواحد، كانت في زمن الحرب فكانت جزءاً من التعبئة التي عاشها الشعب العراقي جميعا في ذلك الوقت بالفرض والقوة".
وذكر أحد المعلقين، أن "عمر السراي أصغر من أن يقيم شاعرا بحجم عبد الرزاق فالرزاق يأتي بعد الجواهري كشاعر للعرب".
وأشار أحد المعلقين، إلى أن "العراق أنجب نهرين من الشعر، الاول محمد مهدي الجواهري، والثاني عبد الرزاق عبد الواحد، وإذا جلدنا كل شاعر مدح السلطان، فلن يبقى شعراء"، مشيراً الى امتداح المتنبي لـ سيف الدولة الحمداني.
ونوه البعض الى أن "السلطة في العهد الذي حكم فيه حزب البعث، كانت تُجبر الشعراء بل الفن بصورة عامة على أن يكتب ويمجد للسلطة الحاكمة".
سيرته وعلاقته بصدام
بعد سقوط النظام السابق وإعدام صدام حسين، تحدث الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد عن علاقته السابقة مع صدام، فأضفى عليه لقب (سيف الدولة).
وصرح عبد الواحد، أنه "كانت تربطني علاقة قوية بصدام حسين، كنت أعشقه، كان صديقا، وكان سيفا مسلّطا يقطع نفسه نصفين إذا واجه سيفه، فهو كان حاكما عادلا جدا، ومستقيما جدا، والعراق يحتاج إلى حاكم مثله حاليا، ولم أندم على علاقتي به".
ويروي في مقابلة تلفزيونية عام 2012، حادثة معه قائلا: "عندما التقيت صدام لأول مرة في السنة التي أصبح فيها رئيسا للعراق عام 1979، استأذنته لأدخن سيجارة فسمح لي، وعندما أخرجتها، أخذ عود الثقاب وأشعلها بنفسه، ورفض إبعاد يده، وانحنى علي وأنا جالس على الكرسي".
وأضاف: "من هذه اللحظة احتواني صدام حسين، وكنت أناديه بأبي عدي وهو يناديني باسمي عبد الرزاق منذ لقائنا الأول وحتى افتراقنا"، مؤكدا أن علاقته بصدام كانت شخصية جدا".
ووُلد عبد الرزاق عبد الواحد ببغداد عام 1930 ثم انتقل مع عائلته وعمره ثلاث سنوات إلى محافظة ميسان جنوب العراق، وفيها قضى طفولته وصباه المبكر، وتخرج من دار المعلمين عام 1952، وعمل مدرسا للغة العربية في المدارس الثانوية، وشارك في معظم جلسات المربد الشعري العراقي.
في عام 1970 نُقلت خدمات عبد الواحد من وزارة التربية والتعليم إلى وزارة الثقافة والإعلام، فعمل فيها سكرتيرا لتحرير مجلة الأقلام، وبعدها رئيسا للتحرير في المجلة.
وعمل معاونا للعميد في معهد الفنون الجميلة في بغداد، ومديرا للمركز الفولكلوري العراقي، ثم شغل منصب مدير معهد الدراسات النغمية، فعميدا لمعهد الوثائقيين العرب، ثم مدير عام المكتبة الوطنية العراقية، ثم صار المدير العام لدار ثقافة الأطفال، ثم مستشارا لوزير الثقافة والإعلام.
يعتنق الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد الديانة الصابئية، حيث عمل مع لجنة في أواخر ثمانينيات القرن العشرين على ترجمة كتاب الديانة المقدس "كنزا ربا" من المندائية إلى العربية، حتى أنه صاغه على شكل آيات قرآنية، الأمر الذي أثار جدلا كبيرا.
توفي عبد الرزاق عبد الواحد، في تشرين الثاني 2015، بالعاصمة الفرنسية باريس، بعد تدهور حالته الصحية، عن عمر ناهز الـ85 عاما، قضى آخرها مقيماً في العاصمة الأردنية عمان.