بعد 49 عاماً على حادثة عين الرمانة التي فجرت الحرب الأهلية اللبنانية.. تصعيد بنفس العوامل ضد اللاجئين السوريين في لبنان
انفوبلس/..
مجزرة عين الرمانة، الشرارة الأولى لبداية الحرب الأهلية في لبنان، وقعت المجزرة في 13 نيسان 1975 حين قامت قوة من "حزب الكتائب" اللبناني بقتل 26 فلسطينيا، معظمهم من الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، لدى عودتهم من احتفال أقامته الجبهة، في حافلة كـانت تمر من منطقة عيــن الرمانة بضواحي بيروت، وأدت المجزرة الى اندلاع القتال في عدة مناطق في لبنان بين تحالف القوى الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية من جهة، وبين جماعات لبنانية بقيادة حزبي "الكتائب" بقيادة بيير الجميل و"الأحرار" بزعامة كميل شمعون من جهة أخرى، وشكلت تلك المذبحة البداية الحقيقية للحرب الأهلية في لبنان والتي امتدت حتى نهاية عقد التسعينيات من القرن العشرين.
وكان حزب الكتائب اللبنانية، قد ادعى بأن مجهولين أطلقوا رصاصاً أودى بحياة عنصرين من الحزب في عين الرمانة، ومن هنا كانت الشرارة لاندلاع الحرب الأهليّة، التي زُجّ بالعنصر الفلسطيني فيها، حيث أقدمت مجموعة من عناصر "الكتائب اللبنانية" بإطلاق النار على حافلة كانت تقل فلسطينيين أثناء عودتهم إلى مخيم تل الزعتر، من مهرجان في مخيم شاتيلا، ما أدى إلى استشهاد 26 فلسطينياً من ركاب الحافلة.
ومع انتشار هذا الخبر الذي عُرف بـ"حادثة البوسطة"، اندلعت الاشتباكات بين الفلسطينيين والكتائب في أنحاء المدينة، وبدأت الجماعات المسيحية اللبنانية بقتل المئات من الفلسطينيين واللبنانيين المسلمين، بناءً على بطاقات الهوية، وارتكاب المجازر بحقهم.
حملات تعبئة وتحريض
وكان المنفذون لحملات التصفية والقتل، مدفوعين بحملات التعبئة والتحريض التي شنها ومارسها حزب الكتائب اللبناني ضد الوجود الفلسطيني في لبنان، على امتداد الأعوام التي تلت عقد "اتفاق القاهرة" بين السلطة اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية في عام 1969 برعاية مصر في ظل رئاسة جمال عبد الناصر.
وعلى خلفية تغذية قيادة "حزب الكتائب اللبناني" لكوادره وأعضائه بتعاليم الكراهية وزرع سموم تلك التعاليم في نفوسهم، قامت مجموعة حاقدة منهم يوم الأحد الموافق 13 نيسان من عام 1975 بارتكاب مذبحة بشعة في منطقة عين الرمانة البيروتية لم تقل دموية وبشاعة عن المذابح والمجازر وحروب الإبادة الجماعية التي ارتكبها الصهاينة بحق الفلسطينيين.
قتل بدم بارد
صبيحة ذلك اليوم الأسود كانت منطقة عين الرمانة تشهد عمليات تصفية حسابات بين "فتوات" من حزب الكتائب وبعض سكان المنطقة، سقط بنتيجتها مسؤول الحزب فيها بيد أحد السكان، وعلى الفور تداعى عدد كبير من الكتائبيين إلى التجمع في المنطقة في وقت صودف فيه مرور حافلة، كانت تقل قرابة 50 مواطناً فلسطينياً ولبنانياً كانوا عائدين للتو من احتفال أُقيم في ذكرى "معركة الخالصة" البطولية في طريقهم إلى منازلهم في مخيم تل الزعتر وجواره.
ومع لحظة وصول الحافلة إلى المنطقة، انهمر الرصاص عليها من ثلاثة كمائن كتائبية كانت على ما بدا قد أُعِدَّت مسبقاً لهذه الغاية الإجرامية، مما أدى إلى سقوط 26 شهيداً وعدد من الجرحى والمصابين.
ولم يكتفِ المجرمون الذين ارتكبوا تلك المذبحة الرهيبة بدم بارد بكل ذلك، فقاموا بالإجهاز على الجرحى والمصابين بحراب البنادق وبأسلوب همجي على نسق ما فعله الصهاينة في مذبحة دير ياسين وغيرها من المذابح والمجازر البربرية التي ارتكبوها بحق الفلسطينيين. وأكثر من ذلك حالوا دون وصول سيارات الإسعاف إلى المكان للحيلولة دون نقل المصابين إلى المستشفيات وإنقاذ حياتهم.
العوامل تتكرر مع اللاجئين السوريين
ومع حادثة مقتل منسق حزب القوات اللبنانية في مدينة جبيل في جبل لبنان، باسكال سليمان، تتكرر المعطيات والعوامل الى تكرار ما بدأت به أحداث عين الرمانة التي فجرت الحرب الأهلية اللبنانية، حيث يتعرض اللاجئون السوريون الى اعتداءات في الأيام الأخيرة، بعد وقوع حادثة مقتل باسكال سليمان.
وإلى جانب إحداثها حالةً من الفتنة الشعبية، وإن صح القول "التفرقة الأهليّة"، تمكنت حادثة مقتل منسق حزب القوات اللبنانية في مدينة جبيل في جبل لبنان، باسكال سليمان، من اجتذاب اهتمام القوى السياسية والقضائية والأمنية، وهذا الاهتمام الذي تحول لاحقًا في السّاعات الأخيرة إلى أولويّة أمنيّة وسياسيّة، حثّت القضاء اللبناني على تكثيف محاولاته للكشف عن أسباب هذه الجريمة، واحتواء تداعياتها الأمنية والسياسية.
لكن العامل الأبرز في هذه الجريمة السياسية كان في عمليات الاعتداء الممنهجة على اللاجئين السوريين في مناطق لبنانية مختلفة من قبل مناصري الأحزاب المسيحية اللبنانية والتي يقوم مناصروها بضرب اللاجئين في مناطق ذات أغلبية مسيحية، إضافة إلى فرض قيود على اللاجئين في تحركهم خلال اليوم في قرى ومدن لبنانية، ما يعزز حالة الاستقطاب المذهبي اللبناني وتجديد الدعوات لطرد اللاجئين أو إنشاء كيانات لبنانية طائفية.
بيان السفارة السورية
وأصدرت السفارة السورية لدى لبنان، الجمعة، بيانا بشأن الاعتداءات على اللاجئين على خلفية مقتل مسؤول في "القوات"، تم خطفه من قبل عصابة، وإعادة جثته لاحقا.
وفي بيانها، قالت السفارة السورية: "تؤكد سفارة الجمهورية العربية السورية في لبنان حرصها على العلاقة الأخوية بين البلدين، وتعرب عن أسفها وإدانتها للجريمة التي ارتُكبت بحق أحد المواطنين اللبنانيين وبعض ردود الأفعال عليها التي أدت إلى اعتداءات مستنكرة طالت بعض المواطنين السوريين بما يخالف العلاقة الأخوية بين البلدين، ويُسيء إلى كرامة المواطن اللبناني والسوري".
وأضاف البيان: "تتابع السفارة السورية في لبنان أمور المواطنين السوريين الموجودين في لبنان بالتنسيق مع الجهات اللبنانية، وأن سوريا كانت ولا تزال مع عودة أبنائها إلى بلادهم، وهي لا تدخر جهدا لتسهيل هذه العودة، والحكومة اللبنانية على معرفة ودراية بهذا الأمر".
وشددت السفارة السورية على أن "ما يُعيق عودة السوريين إلى بلادهم هو تسييس ملف النزوح من قبل الدول المانحة وبعض المنظمات الدولية المعنية بملف النازحين واللاجئين، وكذلك الإجراءات القسرية الأحادية المفروضة على الشعب السوري، والتي تشمل آثارها السلبية المواطن السوري واللبناني".
القوات اللبنانية يطالب بعودة اللاجئين
أصدر حزب "القوات اللبنانية" بيانا بشأن التعديات الهمجية التي يتعرض بعض السوريين لها عقب مقتل مسؤول في "القوات"، إثر عملية سرقة على يد عصابة سورية نقلت جثته لسوريا.
وقالت الدائرة الاعلامية في حزب "القوات اللبنانية" في بيان لها: "القوات نادت وما زالت منذ اللحظة الأولى بوجوب عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، خصوصا أن الأمن في سوريا استتب، وبإمكان جماعة النظام ومعارضيهم العودة إلى المناطق العائدة للنظام والمعارضة، وبالتالي لا حجة إطلاقا لاستمرارهم في لبنان".
وأضاف البيان: "المطالبة بعودة اللاجئين السوريين أصبحت أكثر إلحاحاً، بعدما أصبح واضحا حجم عدد الأعمال الإجرامية والمخلّة بالأمن التي يقوم بها البعض منهم"، مشددة "في الوقت نفسه على أن المطالبة بعودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم شيء، والتصرف بحقد وهمجية شيء آخر مختلف تماما".