بين الأخطاء وتزييف الحقائق.. مسلسل "ليلة السقوط" يثير جدلاً عراقياً وأحزاناً أيزيدية ويعطي البيشمركة دوراً بطولياً
انفوبلس..
يمرّ شهر رمضان المبارك لهذا العام بأحداث ساخنة، وهذه المرة على المستوى التلفزيوني أكثر من المستوى الواقعي، حيث أثارت العديد من الأعمال التلفزيونية العراقية والعربية موجات كبيرة من التفاعل الشعبي العراقي على مواقع التواصل الاجتماعي والشارع وبعضها وصل صداه إلى أروقة الحكومة ومجلس النواب والقضاء.
فبعد الضجّة التي أحدثها مسلسل "الكاسر" الذي أساء بشدة لشيوخ جنوب العراق، ومسلسل "دُفعة لندن" الكويتي الذي أساء للمرأة العراقية، يظهر مسلسل "ليلة السقوط" العمل العربي المشترك ذي الكتابة المصرية والإخراج السوري، والذي يروي أحداث سقوط مدينة الموصل بيد الإرهاب الداعشي، يظهر كعمل درامي فيه العديد من المغالطات من جهة، ويزيف الحقائق من جهة أخرى، حيث يعطي الكثير من المساحة والوجود لقوات البيشمركة وهي في الحقيقة لم تأخذ هذا الدور وأهالي الموصل يعلمون بذلك جيداً، بالإضافة إلى بعض التقليل من دور الحشد الشعبي بصدّ الإرهاب في المدينة.
مواطنون من الطائفة الأيزيدية، عبّروا عن رفضهم وسخطهم تجاه العمل والتلفيق الذي يحتويه، مسلّطين الضوء على أنه أُنتج في أربيل، وأن سلطة الإقليم تسعى بشكل دائم لتشويه الحقائق وتعظيم دورها ودور قواتها خلال تلك الحقبة.
المواطنة الأيزيدية، شيرين شنكالي، كتبت على صفحتها في فيسبوك منشوراً تناولت فيه أحداث المسلسل، وقالت: حقيقة لم يتفاجأ اي أيزيدي حول محتوى مسلسل (ليلة السقوط) الذي أُنتج في (اربيل) والسبب لأنه أُنتج في (اربيل).
المسلس الذي تدور أحداثه حول هجوم داعش على مناطق الأيزيديين والموصل واختطاف النساء الأيزيديات.. لأننا نحن الأيزيديون نعلم جيدا بأن (اربيل) وبالأخص الحزب الكردي الحاكم يحاولون دائماً تشويه الحقائق عن الأيزيديين، وتتم محاربتهم إعلاميا ودينيا وثقافيا وأخلاقيا. والهدف الأول من المسلسل لقد أعلنّاها قبل تصويره لأننا (قرأناه من العنوان).
الهدف هو الإساءة إلى الأيزيديين، وثانيا ليوحي للآخرين على أنهم -أي الأكراد- هم الذين تصدَّوا لداعش، وهذه كذبة، حيث إن أول من هرب أمام داعش هي قوات البيشمركة الكردية التابعة للحزب الحاكم، والدليل تسليمهم الأيزيديين لداعش في سنجار يوم ٢٠١٤/٨/٣ وانسحابهم بدون أي مقاومة.
وبحسب صنّاع العمل، فإن أحداثه تدور بين عامي ٢٠١٤ – ٢٠١٧، وتتناول أحداث الموصل إبان سنوات احتلالها من قبل عصابات داعش، وتستعرض الظروف المأساوية التي عاشها أهل الموصل خلال تلك الحقبة، وكيف استطاعت القوات المسلحة العراقية بالشراكة مع قوات البيشمركة وقوات الحشد الشعبي من دحر الإرهاب.
وفي ذات السياق، رصد موقع "أيزيدي 24" بعض ردود الأفعال في الأوساط الأيزيدية التي أعربت عن مخاوفها من إعطاء صورة مغلوطة عن الواقع، والابتعاد عن التوثيق الحقيقي للأحداث التي مرّ بها الأيزيديون. وجاء فيها:
"بعد نشر ثلاث حلقات من مسلسل ليلة السقوط الذي يدور حول سقوط مدينة الموصل بيد عصابات داعش، أثار المسلسل قلق الشارع الأيزيدي واعتبر البعض أنه من الممكن أن يكون المسلسل بعيدا كل البعد عن الحقائق و ينقل صورة مسيئة للأيزيدية كونهم أكثر المتضررين من سقوط الموصل و سيطرة عصابات داعش على المنطقة ".
"ويتطرق المسلسل إلى قضايا المختطفات الأيزيديات وكيفية تعامل عصابات داعش معهن و جرائمهم بحق المكون الأيزيدي، وما أقلق الشارع الأيزيدي في هذا المسلسل هو غموض المشاهد المتعلقة بالأيزيدية ومخاوف من الحلقات القادمة للمسلسل".
ونشر الصحفي والناشط الأيزيدي سامان داود على صفحاته في مواقع تواصل الاجتماعي على أنهم ينتظرون بقية الحلقات للتأكد من صحة المشاهد والحقائق التي تم تصويرها في المسلسل.
وقال داود: هناك مخاوف من تكرار سيناريو بعض المسلسلات والافلام التي تم إنتاجها بخصوص هذا الموضوع و التي أساءت الى الأيزيدية وتعاملهم مع الفتيات الأيزيديات اللواتي تم خطفهن من قبل داعش و أُجبِرن على تغيير العقيدة و تم ارتكاب جرائم كثيرة بحقهن.
ويرى الناشط خيري علي الذي علّق على الموضوع هو الآخر، أنه من خلال الحلقات التي نُشرت يبدو أن هناك أمرا ما في المسلسل لاسيما المؤلّف عن الواقع والجرائم التي ارتكبها داعش و كتابة السيناريو بالاعتماد على القصص والسيناريوهات التي تم نشرها.
وسبق وأن تم عرض أفلام أخرى شوّهت الحقائق ونالت غضبا كبير امن الوسط الأيزيدي.
قانونيون انتقدوا العمل من منطلق تخصصهم، ووجهوا رسالة إلى نقيبة المحامين أحلام اللامي وأعضاء النقابة، طلبوا فيها الالتفات إلى العمل واتخاذ اللازم، وجاء في رسالتهم: بعد ملاحظة الأخطاء الواردة في المقطع التمثيلي أدناه من مسلسل ليلة السقوط وهي:
اولاً، صدور الحكم في المشهد التمثيلي من قبل محكمة الاستئناف في حين أن محكمة الجنايات هي المختصة بإصدار تلك الأحكام وذلك وفقاً لأحكام المادة 138/ب أصولية، وهذا يخالف الاختصاص النوعي للمحاكم.
ثانياً، ظهور المتهم في قفص الاتهام وهو مكبّل اليدين وهذا يخالف المادة 156 أصولية.
ثالثاً، ظهور رجل أمن يحمل السلاح داخل قاعة المحاكمة وهذا مخالف للقانون وغيرها من الهفوات.
عليه اقترح إلزام أو التنسيق مع هيئة الإعلام والاتصالات ومع شركات الإنتاج التلفزيوني لتعيين مشاور قانوني من المحامين المسجّلين لتنقيح المسلسلات والبرامج التي تتطرق لعمل المحاكم والمحاماة على أن لا تقل أتعاب المحامي عن 1000 دولار عن كل عمل تلفزيوني.
والنتيجة هي رصانة الأعمال التلفزيونية والارتقاء بها بالإضافة إلى توفير فرص عمل للمحامين.