جدل عربي حول وفاة حيدر حيدر.. ما قصة روايته المثيرة "وليمة لأعشاب البحر" التي تم إعلان الجهاد ضدها!
انفوبلس/ تقارير
ذاع صيته عربياً بعد روايته المثيرة للجدل "وليمة لأعشاب البحر"، التي حُظِرت في عدة دول عربية، ويُعد أحد مؤسّسي وعضواً باتحاد الكُتّاب العرب، لكنه دأب على مهاجمة الإسلام بمساعدة الشيوعيين العراقيين الذين ساهموا كثيرا في تسويقه. فمَن هو "حيدر حيدر" الروائي السوري الذي أثار موته يوم أمس جدلا عربيا كبيرا؟.
*وفاته
يوم أمس، كتب نجل حيدر حيدر على فيسبوك: "الفهد غادرنا إلى ملكوته"، في إشارة لبطل روايته "الفهد" الصادرة عام 1968، والتي تحولت إلى فيلم سينمائي بالاسم نفسه للمخرج السوري الراحل نبيل المالح.
*مَن هو؟
ونعت وزارة الثقافة واتحاد الكُتّاب العرب الأديب السوري حيدر حيدر. والراحل من مواليد سنة 1936 في قرية حصين البحر بمحافظة طرطوس، تلقى تعليمه الابتدائي فيها، ثم انتسب إلى معهد المعلمين التربوي في مدينة حلب، حيث واصل دراسته وتخرّج في عام 1954 وانتقل بعدها إلى مدينة دمشق، وبدأ كتابته في الدوريات اليومية والشهرية، نشر مجموعة "الومض" عام 1970 بين مجموعة من الكتب كانت أولى إصدارات الاتحاد، وفي العام ذاته ذهب إلى الجزائر ليعمل مدرّساً في مدينة عناية.
*مؤلفاته
من مؤلفاته حكايا النورس المهاجر (قصص)، والفهد والومض والزمن الموحش (رواية)، والفيضان (قصص)، وكبوتشي (سيرة حياة ونضال كبوتشي)، والوعول (قصص)، والتموجات (قصتان)، ووليمة لأعشاب البحر: نشيد الموت (رواية) ومرايا النار، فصل الختام (رواية)، وأوراق المنفى شهادات عن أحوال زماننا (وثائق)، وغسق الآلهة (قصص)، وشموس الغجر (رواية)، بحسب الوكالة العربية السورية للأنباء.
*مهاجمته للإسلام وتطاوله على الذات الإلهية
مَن يقرأ رواية "وليمة لأعشاب البحر"، ، يلاحظ التطاول الصريح على الذات الإلهية، من مثل قوله فيها: "الله قال انكحوا ما طاب لكم رسولنا المعظّم كان مثالنا جميعا ونحن على سنّته لقد تزوج أكثر من عشرين امرأة بين شرعيّة وخليلة ومتعة.. وكان صلوات الله عليه وسلم يقول: تناسلوا تناسلوا فإني مفاخر بكم الأمم استبدّ الغضب بالحاج: الرسول تزوّج حسب الشريعة، أما أنتم فتريدونها شيوعية".
كذلك ادعى على القرآن ما ليس فيه حين قال ساخرًا من القرآن: "والله تعالى قال في كتابه العزيز، فإذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا وصرخ مهدي ضاحكًا: يا عمي الحاج رغّبنا في الاستتار فإذا بمخابرات ربي تقرع علينا الأبواب الموصدة".
ومنها قوله: "داخل هذه الأهواز التي خلقها الرب في الأزمنة الموغلة في القِدم ثم نسيها فيما بعد لتراكم مشاغله التي لا تحد في بلاد العرب وحدها حيث الزمن يدور على عقبيه منذ ألفي عام".
وقال في موضع آخر: "أقام الله مملكته الوهمية في فراغ السموات".. "الله الله يا ولد يا داوود.. لقد غفرت لك.. انكح كل صبيان بونة وأنا شفيعك يوم القيامة" … "وخلع الجلد المتخلف والبالي الذي خاطه الإسلام فوق جلودنا القديمة".
ومن الترّهات أيضاً قوله: "إن ربّ هذه الأرض كان يزحف وهو يتسلل من عصور الرمل والشمس ببطء السلحفاة"، بالإضافة إلى قول أحد أبطال روايته: "هو من صُنع ربي"، ليردّ عليه آخر: "لابد أن ربك فنان فاشل إذاً". كما تضمنت أوصافا بذيئة بحق القرآن الكريم ليس من الحِكمة إدراجها هنا.
*لماذا تحوّل اسم حيدر إلى إشكالية في مصر؟
في عام 1983 صدرت رواية حيدر حيدر "وليمة لأعشاب البحر"، والتي أثارت الجدل وقتها بطبعتها الأولى في قبرص، حيث حُظِر نشرها في عدة دول عربية، واستغرق حيدر حوالي 9 سنوات في تدوين هذا النص، حيث بدأ في كتابته عام 1974، ويدور جزء كبير منها في الجزائر حول مناضل شيوعي عراقي فرّ إلى الجزائر، وفي وصف الرواية كتب في مجلة المدى (العدد الصادر 1 يناير 1993) "الموقع مدينة بونة الجزائرية حيث يلجأ هاربان سياسيان عراقيان ويقيمان علاقات متوترة وعاطفية مع نساء من المدينة ويُفجعان للثورة الوطنية المهزومة في الجزائر التي تحولت إلى مقاولين أثرياء وموظفين مُرتشين وفقر مُدقَع".
*إثارته للجدل
ولكن الرواية أصبحت مصدر للجدل والإثارة داخل مصر عام 2000 عندما صدرت عن إحدى سلاسل هيئة قصور الثقافة المصرية، حيث يقول الكاتب رجاء النقّاش عمّا حدث، في مقال بمجلة الهلال في 1 فبراير 2001، "في النصف الأول من سنة 2000 أُثيرت ضجّة كبيرة في مصر والعالم العربي كله حول رواية وليمة لأعشاب البحر للكاتب السوري حيدر حيدر، وكانت هذه الضجة دينية وسياسية أكثر منها أدبية، وأوشكت هذه المعركة إلى أن تتحول إلى قتال من شارع إلى شارع ومن بيت إلى بيت.
وأضاف النقّاش: "في هذه الأجواء العنيفة يصعب الحديث في هدوء وموضوعية عن أي قضية فقد تجاوز الأمر حدود المعقول وذلك حين أصبح الصراع حول الرواية قائماً بناءً على آراء تعتبر الرواية إلحاداً وكفراً وبذاءة".
وذكر النقّاش أن الكاتب الذي أثار المشكلة هو الدكتور محمد عباس نادي حيث دعا إلى الجهاد ضد الرواية في مقال له وقال: "من يُبايعني على الموت" ما خلق تيار قوي يدافع عن الرواية بشكل مستميت واتهام كل من يرى فيها خطأً فكرياً أو أدبياً أنه متطرّف، وتولّد صراع بين قطبين متناقضين تماماً.
وهاجم النقّاش هذه النبرة والأسلوب في مقاله وحالة الصراع التي وُلِدت في الأجواء، وقال: "إذا مدحنا الرواية قيل إننا من المُلحدين وإن وجّهنا لها نقداً قيل إننا من المتطرّفين والإرهابيين، ولذلك قلنا لأنفسنا باللغة العامية الفصيحة "وعلى إيه اسكت وخلاص"".
*إعلان الجهاد ضد الرواية
وبدأ الخلاف عندما نشرت إحدى الصحف مقالا لحسن نور في 28 فبراير 2000 يعترض فيه على نشر الرواية، وردّ الكاتب خيرى شلبي رافضا آراء نور، ثم دخلت جريدة أخرى محرّضة على العنف بنشرها مقالات للكاتب الدكتور محمد عباس حول الراوية في جريدة الشعب مطالباً بمحاكمة كل المسؤولين عن نشرها.
ووصل الأمر بأطراف الصراع حول الرواية إلى تقديم بلاغات إلى النائب العام، ومطالبة البعض باستقالة أو إقالة وزير الثقافة الأسبق الفنان فاروق حسني، الذى قام بدوره بتشكيل لجنة ضمت الدكتور أحمد هيكل، والناقد فاروق عبد القادر، والكاتب الصحفي كامل زهيري، والدكتور صلاح فضل، رفضت الاتهامات الموجّهة للرواية.
*ثقافة عنف
وانتقد الدكتور جابر عصفور في مقال بعنوان "ثقافة عنف"، في 31 مايو 2000 بصحيفة الحياة، ما جرى على خلفية صدور رواية حيدر حيدر في مصر.
وقال إن ما حدث يدل على وجود ثقافة عنف لها سطوتها في مصر ثقافة مرجعيّتها دينية تبنّاها مجموعة من الأفراد أو التنظيمات أو الجماعات أو المؤسّسة الدينية نفسها، والسند الديني المباشر لهذه الثقافة ليس نصوص كتاب الله وأحاديث الرسول وسُنّته، وإنما تأويل هذه النصوص بما يشدّها إلى هدف بشري بالضرورة ويضعها في سياق العقلنة والتفسيرية الموظفة لخدمة غاية دنيوية بعينها، والعقلية الغالبة على هذه الثقافة هي التبعية والنقل.