حين يتداخل الترفيه بغسيل الأموال.. الألعاب الإلكترونية في العراق.. إنفاق "ملياري" يُسقط عنها صفة التسلية.. "فخفخة" أم "تجارة وتبييض"؟
انفوبلس/ تقارير
من دون مَلل ولا تعب، يقضي الفتية وحتى الفتيات ساعات أمام شاشات الألعاب الإلكترونية ليُصَنفوا تحت مصطلح “الگيمرية”، ألعاب تنوعت بين الحروب والرعب والرياضة وتجاوزت مستوى التسلية إلى الإدمان ثم وصلت إلى مرحلة "غسيل الأموال" بعد الكشف عن تسببها بخروج قرابة المليار دولار من العراق إلى الخارج، لحق ذلك تقرير لوكالة بلومبيرغ بأن العراق يحتل المركز الثالث كأكبر دولة إنفاقاً على الألعاب الإلكترونية. فهل فعلاً بات الإنفاق على تلك الألعاب "غسيل أموال" وتبييضاً أم أنه مجرد ترف و"فخفخة" ولا يتعدى ذلك؟
*إنفاق بقرابة المليار دولار
للوهلة الأولى لا أحد يصدق الرقم الذي أنفقه العراقيون على الألعاب الإلكترونية خلال العام الماضي فقط، لكن لجنة حصر السلاح بيد الدولة في وزارة الداخلية أكدت جميع تلك الأرقام بعد أن أعلنت اليوم أن الألعاب الإلكترونية تسببت بخروج قرابة مليار دولار من العراق الى الخارج بإنفاقها على تلك الألعاب، مشيرة الى أنها تعتزم إصدار ضوابط لحظر هذه الألعاب بينها الـ "بوبجي".
وقال سكرتير ومقرر اللجنة العميد منصور علي سلطان، إنَّ "من ضمن المهام التي تقوم بها اللجنة، التوجه نحو إعداد ضوابط للحد أو التقليل من الألعاب الإلكترونية لاسيما المحرّضة على العنف منها لعبة (مريم) و(الفيل الأزرق) و(بوبجي)، فضلاً عن وجود عدد آخر من تلك الألعاب التي أُعِدَّت إليها قائمة كاملة وسيتم تنفيذ الإجراءات المتفق عليها مع الأطراف المعنية منها هيئة الإعلام والاتصالات".
*وسيلة لتهريب الأموال!
وأوضح العميد سلطان، إنَّ "بعض الألعاب الإلكترونية تُعد وسيلة لتهريب الأموال إلى الخارج، حيث أشّرت وزارة الداخلية أنَّ قيمة الأموال التي تم تهريبها خلال العام الماضي وصلت إلى مليار دولار والتي تُصرف على شحن كارت تلك الألعاب، وبالتالي فإن هذا يُعد خطراً كبيراً يهدد اقتصاد الفرد بشكل خاص والدولة بشكل عام، وعليه لابد من أن تكون هناك ضوابط لتلك الألعاب التي وجد الكثير منها أنها تحرض على العنف وكيفية استخدام الأسلحة"، بحسب صحيفة الصباح الحكومية.
وأشار سلطان إلى، أن "فئة الشباب والمراهقين هم الأكثر استخداماً لتلك الألعاب، وبالتالي سيكون هناك تأثير كبير في تغير سلوكهم".
*غسيل أموال أم "فخفخة"؟
وعن أسباب حجم الإنفاق الكبير والأرقام المهولة التي تُصرف على الألعاب الإلكترونية، يؤكد مختصون أن عمليات غسيل الأموال تلعب دورا كبيرا في ألعاب الفيديو حيث يتم اتخاذ الأرباح الناجمة عنها غطاء قانونيا لغسل وتبييض الأموال وبالتالي تجاوز المساءلة القانونية بحَيل ومكر شديدَين.
ويرى هؤلاء، أن قسماً من هُواة هذه الألعاب ينفقون أموالهم نتيجة ترفهم أو محاولة منهم للاستعراض فقط وهؤلاء هم قلة مقارنةً مع من يملكون شركاء ومكاتب في الخارج لاستثمار تلك الأموال عن طريق تبييضها وتهريبها.
*جرائم إلكترونية!
وأضاف، أنَّ الوزارة تعمل على حفظ الأمن المجتمعي وعدم السماح لوسائل التواصل الاجتماعي بزعزعة أمن واستقرار الأفراد، مشيراً إلى استحصال موافقة مجلس القضاء الأعلى بالإيعاز إلى الوزارة باتخاذ الإجراءات القانونية بحق مرتكبي الجرائم الإلكترونية، منوهاً بأن اللجنة تعمل على التنسيق مع النقابات لتفعيل هذا الجانب، منها نقابة المحامين والصحفيين".
*العراق الثالث عربياً
من جانبها، أعلنت وكالة بلومبيرغ، بأن العراق احتل المركز الثالث كأكبر دولة عربية إنفاقاً على الألعاب الإلكترونية للعام الماضي 2023.
وبلغ إجمالي إنفاق المستهلكين بحسب الوكالة 1.89 مليار دولار خلال العام السابق، بارتفاع بنسبة 13% عن العام 2022، فيما جاءت مصر ثانياً بحجم إنفاق بلغ 1.71 مليار دولار العام الماضي، وبارتفاع نسبته 17% عن عام 2022".
وأشارت إلى، أن "العراق احتل المركز الثالث للعام الماضي 2023، إذ بلغ إجمالي الإنفاق 90 مليون دولار، بارتفاع 11.1% عن سنة 2022، وجاءت الجزائر في المركز الرابع، إذ بلغ إجمالي النفقات للعام الماضي 72 مليون دولار، فيما احتلت الإمارات المركز الخامس حيث بلغ إجمالي النفقات 66 مليون دولار".
وبحسب "بلومبيرغ"، فإن "المغرب جاءت بالمركز السادس بإجمالي النفقات 47 مليون دولار، وجاءت السودان سابعاً بـ 29 مليون دولار، فيما جاءت الكويت ثامنا بـ 26 مليون دولار، في حين حلّت قطر بالمركز التاسع بـ 26 مليون دولار، فيما جاءت لبنان عاشراً بـ25 مليون دولار".
*إدمان كالمخدرات
أستاذ علم النفس في جامعة الموصل صدام محمد يقول، “سجلنا الكثير من الملاحظات عن هذه الظاهرة، وأضرارها، من خلال البحوث وإرشاد الطلبة في الدراسات العليا للماجستير والدكتوراه، أن يقفوا عندها، والبحث في كل حيثياتها بشكل علمي، لنُسهم كأكاديميين في الحد من هذه الظواهر وسلبياتها على المجتمع ككل".
فضلا عن التأثيرات النفسية والاجتماعية فإن أولياء الأمور اشتكَوا من تسبب إدمان الألعاب الإلكترونية بتفاقم ظاهرة التسرب من المدارس وغياب الرقابة الحكومية على صالات الألعاب وتحديد الأعمار لدخولها.
أما الصحفي عماد زكي فيرى أن “المخدرات ليست هي الوحيدة التي يُدمن عليها الشباب، فالألعاب الإلكترونية يقبل عليها الكثير من الأطفال وحتى الكبار في ظاهرة أصبحت كالإدمان".
ويطالب زكي الحكومة بمراقبة هذه الصالات التي يكون أغلب روادها طلاب مدارس وأطفال.
ورغم تعليق صالات الألعاب الإلكترونية لافتات تمنع دخول الطلاب المتسربين من المدارس فإن القوانين لا تضع محددات لمرتادي هذه الصالات التي يرفض أصحابها التعليق لوسائل الإعلام.
*توقعات بارتفاع حجم الإنفاق
بدوره توقع المهندس منار العبيدي، الخبير الاقتصادي ورئيس مؤسسة عراق المستقبل، أن تشهد عائدات الإلعاب نموا سنويا يبلغ أكثر من 8%، مع تشغيل تقنيات الـ 4G، وتحسن خدمات الإنترنت المقدمة".
وأضاف العبيدي، إنه بحسب الدراسة، فإن 1 من كل 7 أشخاص يقومون بشراء محتويات إلكترونية خاصة بالألعاب وإن العدد الكلي للذين يقومون بشراء محتويات الألعاب يبلغ 5.7 مليون شخص وبمعدل استهلاك شهري يبلغ 5.8 دولار.
ولفت إلى، أنه مع تطور الألعاب الإلكترونية وانتشارها فإن حجم عائدات الألعاب الإلكترونية من المتوقع أن يفوق المليار دولار سنويا من العراق فقط.
*5 شبان يحققون أكثر من نصف مليون دولار
وبالحديث عن الأرباح الناتجة عن هذه الألعاب، فقد حقق خمسة شباب عراقيين أكثر من نصف مليون دولار، من مسابقات الألعاب الرياضية الإلكترونية، فيما جاء أحدهم بالمرتبة الأولى محققًا أكثر من: (176) ألف دولار أميركي؛ (أكثر من: 250 مليون دينار)، خلال عامٍ واحد فقط.
ورصدت إحصائية لموقع (ستاتيستا)، المختص بالبيانات الإحصائية، أعلى: خمسة لاعبين عراقيين في الرياضات الإلكترونية، بحسّب الأرباح التي حققوها، حيث جاء بالمركز الأول اسمه “حمودي” وحقق حوالي (176.4) ألف دولار أميركي، وجاء “اللورد” في المركز الثاني ضمن قائمة أفضل لاعبي الرياضات الإلكترونية في “العراق” حيث حقق حوالي (169) ألف دولار في نفس الفترة، وبالمرتبة الثالثة جاء شخص يُدعى : “hixye” وحقق أكثر من (167) ألف دولار أميركي.