رشيد الخيون يتعرض لنقد كثيف بعد تجاوزه على مقام الشهيد الصدر الأول عبر قناة "العربية"خدمةً للمشروع السعودي
انفوبلس/..
عبر برنامج متلفز، عرضته قناة "العربية" التي تبث من المملكة السعودية، ظهر الكاتب رشيد الخيون، مع مقدم البرنامج (مشاري الذايدي) في حلقة ناقش خلالها الخيون، فكر الشهيد المفكر آية الله السيد محمد باقر الصدر (قدس سره)، أساء خلالها الى الشهيد الصدر وفكره عبر وضع تقييمات لكتبه لا تلائم تركته الفكرية وأثرها وقيمتها العلمية في مجال الاقتصاد والفلسفة.
وتناول الكاتب رشيد الخيون، الانتاجات الفكرية التي كتبها الشهيد محمد باقر الصدر، مع الإشارة الى أن المتخصصين في المجالات الفلسفية والاقتصادية التي كتب فيها الشهيد الصدر، وحدهم من يستطيع تقييم كتب "اقتصادنا" و"فلسفتنا" و "البنك اللاربوي" في الوقت الذين أطلق الخيون نفسه تقييمات الى تلك الكتب بطريقة تناقض ما ذكره في حديث بصفته غير متخصص بتلك الاختصاصات.
وعُرف عن الخيون، أنه كاتب متتبع للتاريخ ويدون ما يعجبه من محطاته بشكل يلائم توجهات الأنظمة الخليجية التي كتب اغلب اصداراته المطبوعة مؤخرا تحت رعايتها، ومنحته المملكة السعودية جوائز في هذا المجال.
وعبّر مغردون عن رفضهم لما صدر على لسان الخيون، في البرنامج الذي بثته قناة العربية، واساءته الى فكر الشهيد الصدر الذي عدّه كتاب وأكاديميون بأنه ركيزة كبيرة من ركائز فلاسفة القرن العشرين، وفخر العالم الإسلامي كما وصفه المفكر د. عدنان إبراهيم، او الفيلسوف والكاتب وأستاذ الفلسفة المصري زكي نجيب، الذي قال إنه "على فلاسفة الغرب ان يطلعوا على فضائحهم من كتب باقر الصدر".
تخادم مع المشروع السعودي
وتساءل مراقبون، عن الاهتمام السعودي المبالغ فيه بالفكر الشيعي مؤخرا والذي ظهر بأشكال متعددة، والذي قد يعكس حاجة صناع القرار في العائلة المالكة السعودية لما يملأ الفراغ الفكري بعد فك الارتباط مع الوهابية والسلفية.
واستغرب المراقبون، نفي الخيون اهتمام الشهيد محمد باقر الصدر بالإسلام السياسي المبكر قبل عام 1958، ليؤكد لأكثر من مرة بأن الصدر كان منشغلا بإعداد نفسه كمرجع أعلى، بالرغم من ان عمر الشهيد في عام 1958 هو 23 عاما أو أقل، ولا يمكن ان يكون لديه السعي للمنافسة على موقع تتزاحم عليه قامات ذات باع طويل في الاجتهاد.
وظهر الخيون بصفة المطلع متنوع المصادر، لكنه في نفس الوقت كان مشتتاً ويفتقد المنهج، فهو يتخادم ويوظف الأفكار التي يطرحها لخدمة المشروع السعودي الجديد وفرسانه مجموعة من بينهم مقدم البرنام (مشاري الذايدي) نفسه، وقد جربوا الليبرالية قبل عقدين وأقل لكن حاجة المنطقة لتوليفة أخرى أقوى وأشد.
ويتقرب الخيون في السنوات الأخيرة، إلى المحفل الخليجي، من حرام الحج حتى أناقة صالات معرض الكتاب في (أبو ظبي والرياض)، فالساحة خالية إلا من أصحاب المصالح مثل الليبراليين الذين سرعان ما انضموا لنادي الأغنياء، ما يفسح للإجندات الهجينة الامتداد والنمو.
تجنّي على اقتصادنا وفلسفتنا
كلام الخيون، عن بساطة كتب السيد الشهيد الأول، وأنّ المختص في الاقتصاد والفلسفة لا يجد فيها شيئاً فهذا تجنٍّ واضح، وقد شهد مختصون عرب بعمق اقتصادنا كاللبناني شبلي ملاط، وكتب عن فكر السيد الشهيد كتابا مهماً، والدكتور محمد الفنجري الاقتصادي المصري الذي زار الشهيد في النجف الاشرف، اعجابا وإكباراً بعبقريته، وخلاصة "اقتصادنا"، أنّ السيّد الشهيد اكتشف المذهب الاقتصادي في الاسلام لأوّل مرّة في تاريخ الفكر الاسلامي، وبرهن بالأدلة على أرجحية المذهب الاقتصادي الاسلامي على المذهبين الماركسي والرأسمالي، بعد أن كشف عيوبهما ولم يستطع الماركسيون العرب الردّ عليه لعجزهم، بل خفّف لدى بعضهم تلك المبالغة التي كانوا يبالغون بها في فكر ماركس وانجلز.
واما "فلسفتنا" فقد فنّد الصدر الأول فيه الاتجاهات الفلسفية الغربية، ببيانات علمية محكمة، لا يستطيع الخيون ردّ سطر واحدٍ منها، أما "الاسس المنطقية للاستقراء" فقد قرأه زكي نجيب محمود الفيلسوف المصري المعروف وعلّق عليه بما مضمونه: "ينبغي أن يطلع فلاسفة الغرب على هذا الكتاب ليعلموا من هم فلاسفة العرب".
وكان هناك مشروع لترجمة "فلسفتنا" من قبل الفيلسوف المصري عبد الرحمن بدوي، بتكليف من زكي نجيب، ولكن حالت ظروف دون ذلك من بينها صعوبة استيعاب البدوي لفكر الصدر كاملاً ليستطيع ترجمته.
وقد ألقى د صلاح الجابري عميد كلية الآداب في جامعة بغداد، وأستاذ الفلسفة فيها، بحثاً في مؤتمر فلسفي في ألمانيا دُعي له قبل سنوات، ومدار بحثه هو نظرية الصدر في الاستقراء، ونقل أنّ الفلاسفة الألمان أعجبوا كثيراً وتساءلوا عن شخصية الصدر وكيفية الحصول على كتابه مترجما، وطالبوا الجابري بتظهير أكثر لفكر الصدر الاستقرائي.
وفي جوهر "الاسس المنطقية للاستقراء"، فأنّ الصدر استطاع أن يبرهن رياضياً وفلسفياً القيمة العلمية للاستقراء، بعد أن استبعد عن القيمة العلمية على مدى ثلاثة آلاف سنة، منذ أرسطو وحتى العصر الحديث.
ومع كل هذا الجهد الجبار يأتي الخيون الذي لا يفهم شيئاً مما تناوله الصدر في تراثه الفكري، ليقول هذا الكلام المجحف بحقه، من منابر السعودية الإعلامية التي يرتمي في احضانها بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة.