روبلوكس تتلاعب بأطفال العراق بحجة الترفيه: 13 ألف بلاغ حول محادثات جنسية وهذا سر انتشارها
انفوبلس/ تقارير
رغم طرحها على أنها واجهة ترفيهية، إلا إنها تُخفي جانباً مظلماً يستغله بعض المجرمين للتربح من وراء أطفال بريئين، فباستخدام العملة الرقمية داخلها وانتشارها عبر مختلف المنصات المختلفة، تمكن هؤلاء الأفراد من بناء شبكات للتواصل مع الأطفال وتغريرهم، مستغلين بيئة اللعب المفتوحة وقلة الوعي لدى الكثيرين بخطورة هذه الجرائم الإلكترونية. فما هي الـ روبلوكس؟ وهل هي آمنة فكريا وأخلاقيا؟ إليك أبرز النقد الموجه إلى المنصة لاسيما بعد الإقبال الكبير لأطفال العراق والعالم عليها.
ما هي الـ روبلوكس ؟
"روبلوكس" عبارة عن منصة تجمع ملايين الألعاب معًا، وتحتوي على تطبيقات متنوعة يُنشئها المستخدمون. ويمكن للراغبين في المشاركة تصفح كتالوغ الألعاب قبل تشغيلها، وبعد إنشاء حساباتهم الخاصة يمكنهم التمتع بالمزايا الاجتماعية المختلفة التي توفرها لهم. وتكمن خطورة ألعاب "روبلوكس" على الأطفال في أن تلك الألعاب هي من صنع وابتكار من يشاء من المستخدمين، وهم قد لا يكونون على دراية ومعرفة بعالم الطفولة.
تعتبر روبلكس واحدة من أكثر الألعاب والتطبيقات شعبية حول العالم. في الحقيقة، إنها ليست لعبة واحدة، بل أكثر من 520 مليون لعبة، تم إنشاء كثير منها بواسطة مجتمع اللاعبين. ولتقريب فكرة إنشاء الألعاب هذه، فهي منصة تشبه يوتيوب، لكن محتوى هذه المنصة هو الألعاب وليس مقاطع الفيديو.
روبلكس ليست جديدة، إذ تم إطلاقها عام 2006، وبدأت أعداد مستخدميها في الازدياد مع الوقت حتى وصلت إلى 13 مليونا عام 2018، وكانت واحدة من أكثر التطبيقات استفادةً من زيادة عدد الزوار خلال جائحة كورونا، إذ تجاوز عدد مستخدميها خلال عامي الجائحة 54 مليون مستخدم نشط حتى الربع الأول من 2022.
هل اللعبة آمنة للأطفال؟
تصدّرت ألعاب روبلكس عناوين الصحف عام 2017 و2018، بعد تقارير عن دخول بالغين إلى المنصة والقيام باعتداءات جنسية افتراضية، وأيضا تصدّرت الأخبار عن هجوم بشخصيات افتراضية، واختراق بعض حسابات اللاعبين، لكن شركة روبلكس كانت ترد من طرفها بالتأكيد على عملها على إصلاح ومعالجة المشكلات والثغرات التقنية في النظام الأساسي.
وبحسب المعلومات المتوفرة، فلا تعد اللعبة آمنة على الأطفال لا فكريا ولا أخلاقيا، إذ ظهرت في الآونة الاخيرة عدة انتهاكات مضرّة في هذه المنصة تتضمن مشاهد لاغتصاب فتاة على يد عصابة اجرامية، ومحتويات جنسية خطيرة. كما تعرضت عدّة حسابات للسرقة وتم تهديد أصحابها الصغار مما سبب لهم الكثير من الخوف والقلق.
بالمقابل، كشف المستشار في أمن المعلومات جان ماري باشا لـ"لبنان 24" أن "هناك أمورًا مخفية ومرعبة تتمحور حول هذه المنصة، ولمصمّمي الألعاب والمقرصنين القدرة على سحب البيانات من الناس بشكل هائل، وبالتالي فهم سيعرفون أكثر عن اهتماماتهم الشرائية والحياتية لغايات تهدف الى تسويق ألعابهم، وما السكوت العالمي عن هذه المنصة إلا لأجل معرفة المدى الذي قد يصل إليه العالم الافتراضي إذا أطلقوا له العنان".
بلومبرغ: اللعبة تحول الأطفال إلى ضحية للمتحرشين
في الخامس والعشرين من تموز الماضي، أفاد تقرير مطول نشرته وكالة بلومبرغ، بأن القائمين على شركة الألعاب الشهيرة "روبلوكس"، يكافحون من أجل الكشف عن المتحرشين بالأطفال وملاحقتهم، لكن مساعيها لا تحقق النجاح دائماً.
وبحسب تقرير بلومبرغ، الذي تضمن مقابلات مع مسؤولين حاليين وسابقين في الشركة، فإن لعبة "روبلوكس" أُطلقت في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وتُعد حاليا أكبر منطقة ترفيهية للأطفال على الإنترنت حيث يمكنهم تصميم مناطق متعددة للاعبين باستخدام مجموعة من وحدات البناء ولغة ترميز بسيطة.
ومع وجود نحو 78 مليون مستخدم نشط يوميا، أصبحت روبلوكس وسيلة تواصل اجتماعية للجيل الأصغر سنا.
تقول الشركة إنها تعالج في كل ثانية أكثر من 50 ألف رسالة دردشة من خلال بروتوكولات إشراف خاصة بها، عبارة عن مزيج من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ونحو 3 آلاف مراقب تقول الشركة إنهم يقومون بمسح كل محتوى المستخدم، بما في ذلك الصوت والنص.
أبرز النقد الموجه إلى روبلوكس
تنقل وكالة بلومبرغ عن أكثر من 20 موظفا حاليا وسابقا، بما في ذلك مراقبون ومهندسون ومديرو سلامة، وجميعهم طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، القول إنه على الرغم من أن سلامة الأطفال قد تكون شعار الشركة، إلا أن العملية أصبحت بلا جدوى.
وتقول إحدى المراقبات إن فريقها يتلقى يوميا مئات التقارير التي تتعلق بسلامة الأطفال، وهو عدد كبير للغاية يتعذر على فريقها مسحه.
ووفقا لثمانية من العاملين الحاليين والسابقين في مجال الثقة والسلامة فإن نمو المستخدمين في روبلوكس له الأولوية على حساب سلامة الأطفال.
ويقول هؤلاء، إن بعض المديرين اضطروا للاستقالة نتيجة عدم استجابة الشركة لطلباتهم المتعلقة بتوفير المزيد من الموارد وتعيين موظفين جدد في مجال السلامة.
ويؤكد آخرون أن الميزات التي أوصوا بها لحماية الأطفال بشكل أفضل، مثل إشعارات الأمان المنبثقة، تم رفضها، وأن إعدادات الأمان، على سبيل المثال لضمان عدم تحدث المستخدمين مع الغرباء، تم إيقاف تشغيلها افتراضيا.
وبينما تقول الشركة إنها تعتمد بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي لضمان السلامة وأن هذه الأنظمة تتحسن طوال الوقت، يقول بعض الموظفين إن التكنولوجيا ليست قادرة بعد على اكتشاف كل الأساليب التي يستخدمها المتحرشون للوصول لضحاياهم من الأطفال.
وتتضمن هذه الأساليب استمالة الأطفال من أجل إرسال صور عارية أو الحديث معهم عبر رموز تحمل إيحاءات جنسية وغيرها، لتنتهي بمحاولة إقامة علاقة جنسية معهم على أرض الواقع.
ساحة للاعتداء على الأطفال دون رقيب
"أي شيء نظير روبوكس"، هكذا قالت طفلة تبلغ من العمر 8 أعوام لأحد اللاعبين الذين حوّلوا آلاف الدولارات إليها نظير مجموعة من 20 صورة مخلة تظهر فيها الطفلة، ورغم أن الطفلة لم تدرك خطورة ما تفعله، إذ كانت تبحث فقط عن "روبكس"، فإن الطرف الآخر في هذه العملية، وهو كلينتون ماكلروي البالغ من العمر 48 عامًا ومسجل على قائمة المعتدين على الأطفال في ولاية كانساس، كان يدرك ما يفعله جيدًا، وهو الأمر الذي أظهره تقرير الشرطة عندما تم القبض عليه.
وعبر آلية مماثلة، قام شين باتريك بينزاك البالغ من العمر 45 عامًا والمقيم في فلوريدا، بإقناع طفل يبلغ من العمر 13 ربيعًا بإرسال مئات الصور المخلة نظير آلاف الدولارات على شكل عملة روبكس، ولكن بدلًا من تحويل العملات إليه أو إرسالها عبر بطاقات الهدايا، حصل بينزاك على كلمة المرور لحساب الطفل ليقوم بالإيداع بنفسه بشكل دوري، بالطبع استغل بينزاك هذا الحساب للوصول إلى المزيد من الأطفال والإطلاع على رسائل الطفل إلى أصدقائه.
13 ألف بلاغ حول محادثات جنسية
تجبر قوانين حماية الأطفال روبلوكس على ألا تجمع أي بيانات حقيقية عن الأطفال المشاركين فيها، لذا لا يمكن التأكد من أي معلومات حقيقية حول المشاركين داخل اللعبة، ولأن اللعبة تركز على الأطفال بشكل أساسي، فإنها لا تملك نظام تأكد من الهوية أو توثيقا ثنائي الخطوات مثل بقية الألعاب ومنصات التواصل الاجتماعي، فضلًا عن كونها تضم العديد من العوالم الموجهة للأطفال بشكل أساسي.
ولا تعد أزمة المعتدين على الأطفال في روبلوكس أمرًا جديدا، إذ كانت ملازمة للعبة منذ بدأت في تحقيق نجاحها عام 2019 وحتى اليوم، لذا تشير التقارير إلى تلقي الشركة 13 ألف بلاغ حول اشتباه في محادثات جنسية ضمن خوادمها.
وبعد قضية كاستيلو الشهيرة، تنبهت الشركة لهذا الخطر، وبدأت في تطبيق سياسات أكثر صرامة وتعزيز فرق حماية الأطفال والاستجابة السريعة ضمنها، وذلك بعكس ما كان يحدث في الماضي، ووفق تقرير بلومبيرغ وحديث أحد موظفي الشركة معه، إذ قال إن الشركة لا تملك إلا 3 آلاف مراقب لمراجعة الرسائل والبلاغات مقارنةً بـ40 ألف مراقب في "تيك توك".
تحدثت بلومبيرغ في تقريرها مع أكثر من 20 موظفا بالشركة، أجمعوا على أن الشركة لا تبذل الجهود الكافية لحماية الأطفال، وتعزز استقالة أحد مديري المراقبة في الشركة هذا الموقف، إذ وضح أن سبب الاستقالة كان رفض الشركة توظيف المزيد من المراقبين بعد تلقيهم آلاف البلاغات بشكل لا يمكنهم من فحصها جميعًا.
هل يمكن ملاحقة المتحرشين بالأطفال خلال اللعبة؟
تؤكد بلومبرغ أن معظم العاملين في مجال السلامة الذين أجرت مقابلات معهم يقولون إن من الصعب ملاحقة المتحرشين بالأطفال في روبلوكس مقارنة بالمنصات الأخرى عبر الإنترنت، لأن كل مستخدم عبارة عن مجموعة مجهولة، لا تمتلك أسماء حقيقية أو عناوين بريد إلكتروني أو أرقام هواتف عند التسجيل.
ويشير هؤلاء إلى أن هذا الأمر يحمي خصوصية الأطفال، ولكنه يحمي أيضا خصوصية المتحرشين.
تقول كيرا بيندرغاست مديرة شركة تقدم المشورة للمدارس والشركات بشأن السلامة عبر الإنترنت: "إذا كان بإمكاني مسح تطبيق واحد من على وجه الأرض الآن، فسيكون ذلك روبلوكس".
وتضيف بيندرغاست: "يسمح الآباء لأطفالهم باستخدام لعبة روبلوكس معتقدين أنها لعبة أطفال صغيرة لطيفة، دون أي فكرة عما يحدث بالفعل في داخلها".