سلسلة أغنى 20 عراقيا خلال عام 2024.. المركز التاسع عشر (نزار حنا نصري) إمبراطور السجائر وشريك عدي وبارزاني
انفوبلس/..
تنشر شبكة "انفوبلس" سلسلة لأغنى 20 عراقياً خلال العام 2024، بشكل متسلسل من المركز العشرين إلى المركز الأول، وفي التاسع عشر من هذه السلسلة (نزار حنا نصري).
ويتربع رجل الأعمال العراقي نزار حنا نصري على عرش إمبراطورية تشمل الأدوية وواردات الخمور وبعض المنشآت العقارية الأكثر إثارة في أربيل، لكن نجاحه هذا كان مبنيًا على أساس مبهم وأقل وضوحاً، وهو تجارة عالمية في سجائر السوق السوداء.
ويحظى نزار حنا بمنزلة كبير في الإقليم، ويتمتع بعلاقات جيدة مع الساسة، بل صار من المقربين من النخب المتنفذة، ويمتلك في الوقت الحاضر، أكبر المجمعات السكنية في أربيل وأرقى المولات والفنادق بالشراكة مع ساسة أكراد.
احتيال بقيمة 185 مليون دولار
في أواخر شهر تموز الماضي، كشف مصدر مسؤول عن القبض على المطلوبين الهاربين (نمير ورامز) أولاد حنا عبدو وشقيقَي نزار، وهما متهمين بقضية احتيال بقيمة 185 مليون دولار أثناء دخولهما مطار بغداد الدولي.
نزار حنا نصري وشقيقاه (نمير ورامز) يواجهون حكماً بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وفق المادة 456، على خلفية الاستحواذ على مبلغ 185 مليون دولار أمريكي من المصرف العراقي للتجارة TPI، بحسب ما ورد عن مصدر مطلع نقلاً عن محكمة جنح الكرخ في بغداد.
وكشفت مصادر خاصة، أن مسؤولا رفيعا ضمن إحدى الرئاسات الأربع، دخل (بالتنسيق مع رغد صدام حسين) على خط ملف أولاد حنا المحكومين بتهمة سرقة 188 مليون دولار من المال العام، مقابل مبلغ 20 مليون دولار.
وهذه الشخصية الرفيعة قطعت وعداً لأولاد حنا، في حسم قضيتهم بأقصر وقت، على أن يتم تقسيط (الرشوة) بصورة دورية، وفق النتائج، فيما أكدت معلومات أن هذا المبلغ الكبير، منهوب من المال العام، وأن دفعه هو لأجل تخليص أولاد حنا، حيث إن إطلاق سراحهم يعني الاستفادة من عشرات العقارات والأرصدة التي ستجلب لهم أضعافا مضاعفة من مبلغ الرشوة.
مصادر مطلعة أفادت بأن أولاد حنا المتهمين بالاستحواذ على مبلغ 185 مليون دولار من المصارف العراقية، يمتلكون العشرات من العقارات، والمجمعات السكنية، والفنادق فضلاً عن الأرصدة المليارية في بنوك إقليم كردستان.
وأكدت المصادر على أن نزار حنا، يمتلك عقارات مليارية في أربيل، وأرصدة، جمعها منذ العام ١٩٩٤، حين عمل عراباً لصفقة تهريب النفط بين عدم صدام حسين، ورجال أعمال محسوبين على السياسيين الاكراد، إبّان فترة الحصار الدولي على العراق، والذي منع تصدير النفط العراقي إلى خارج البلاد.
تهريب السجائر
بالنسبة الى معظم العراقيين، فإن العقوبات الاقتصادية التي فُرضت على بلادهم في التسعينيات من القرن الماضي كانت بمثابة كابوس، لكنها شكلت فرصة اقتنصها نزار حنا نصري.
مكّن حظر استيراد معظم السلع الأساسية، المهربين من تحقيق ثروات طائلة، من خلال التحايل على العقوبات ونقل المنتجات إلى العراق، وواحدة من أكثر أنواع التجارة غير المشروعة ربحيةً كانت في السجائر، وكان نزار حنا نصري واحداً من أنجح الفاعلين (المشغلين).
في العلن يعتبر نصري قطب عقارات ويمول مراكز تسوق، ومجمعات سكنية، ومكاتب شاهقة في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، لكن خلف الكواليس بنى عملية لا تزال تنتج سجائر للأسواق السوداء في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
لذلك أصبح نصري، القادم من الأقلية الآشورية المسيحية في العراق، معروفاً باسم "أبو" السجائر العراقية المقلدة، ابتداءً من أواخر الثمانينيات من القرن الماضي. بنى تحالفات مع شخصيات سياسية قوية واحتكر تهريب التبغ من السوق السوداء إلى العراق قبل بناء شبكة من المرافق لإنتاج علاماته التجارية المزورة.
ومنذ ذلك الحين، نأت شركة نصري بنفسها عن تجارة التبغ، لكن البنية التحتية التي طورها في تسعينيات القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين لا تزال تعمل، وتقدر مصادر في قطاع إنتاج السجائر والدخان أن هناك ستة مصانع لإنتاج السجائر المقلدة في العراق اليوم، ويتضمن العدد ثلاثة مصانع بناها نصري وما زالت تعمل لليوم بحسب ما يكشف التحقيق الاستقصائي الذي أنجزه مشروع تتبع الجريمة المنظمة والفساد العابر للحدود OCCRP.
يقول تقرير ركز على التهريب في دول عديدة بما فيها العراق وسوريا أجرته شركة -ايديت – وهي شركة فرنسية خاصة توفر معلومات استخبارية للشركات: “قد تبدو مسألة تجارة السجائر مسألة ثانوية، لكنها ليست كذلك. لأن هذه التجارة تستخدم من قبل جميع الجماعات المسلحة في المنطقة، وليس فقط الإرهابيين، لتمويل حروبهم".
وركزت تقارير لمؤسسات إعلامية غربية ومنظمة الصحة العالمية في التسعينيات من القرن الماضي وفي مطلع الألفية على تهريب سجائر السوق السوداء في العراق والمنطقة الأشمل، لكن نصري لم يُربط علنيةً بهذه التجارة على الرغم من شراكاته المبرمة مع بعض أقوى السياسيين في البلاد.
ومثل العديد من مهرّبي السجائر، اعتمد على إبرام عقود مع أكبر شركات التبغ في العالم، والتي وظفته في الأسواق الدولية من بيلاروسيا إلى أذربيجان، بعض أعماله مشروعة، شركته “يوروبيان توباكو “European Tobacco” التي تتخذ من لبنان مقرا لها، تنتج وتوزع علاماتها التجارية الخاصة بالسجائر في ثلاث قارات على الأقل، بما في ذلك الأسواق المسموح لها قانونًا بتزويدها.
لكن السجلات العامة، وتقارير سرية وداخلية عن الصناعة والمقابلات التي أُجريت مع شركاء نصري التجاريين السابقين والحاليين تظهر أن هذا ليس سوى جانب واحد من أعماله، سلاسل التوريد نفسها تُستخدم أيضا لإدارة تجارة مزدهرة في سجائر السوق السوداء في بلدان بعيدة مثل الكاميرون ومولدوفا، تُباع علاماته التجارية غير الرئيسية مثل Business Club وVigor وPresident في أسواق السجائر غير المشروعة في أوروبا وساحات الحروب في أفريقيا.
التسعينيات حقبة ذهبية لمهرّبي السجائر
على مر السنين، دخل نصري في شراكة مع شخصيات قوية، بما في ذلك العائلة الحاكمة في كردستان، والرئيس الأذربيجاني السابق حيدر علييف، والمهرب من بوركينا فاسو وممثل فيليب موريس أبولينير كومباوري، وحتى عدي نجل صدام حسين، واليوم، لا يزال حليفا وثيقا لـعائلة بارزاني الحاكمة في كردستان العراق، التي لديه معها العديد من المصالح المالية المتشابكة.
مستشار اقتصادي سابق لموزع سجائر إقليمي قال إنه “لا يمكنك إدارة هذا النوع من الأعمال إلا إذا كان لديك علاقات وثيقة على المستوى الأعلى". وأضاف، "لا توجد طريقة أخرى".
وكانت التسعينيات حقبة ذهبية لمهربي السجائر العراقيين، فقد أدت عقوبات الأمم المتحدة الشديدة، التي فُرضت على حكومة صدام حسين، إلى انتشار طرق التهريب لجلب السلع الأساسية وبيع النفط الخاضع للعقوبات إلى الخارج.
وكان نصري يوزع مليارات السجائر سنوياً في مزيج من الأسواق المشروعة وغير المشروعة، وفقا لمصادر الصناعة. وقدر تقرير موجز لشركة Japan Tobacco عام 2009 أن رقم التوزيع يصل إلى نحو 10 مليارات شهرياً.
وبحلول عام 1994، كانت صحيفة نيويورك تايمز تصف كردستان العراق بأنها أكبر مركز تبادل للسجائر في السوق السوداء في الشرق الأوسط، فقد أصبحت المنطقة مليئة بمنتجات التبغ لدرجة أنه في عام 2002، قال متحدث باسم الحزب الديمقراطي الكردستاني لعائلة بارزاني أنه لتبرير الكميات الكبيرة "عليك أن تجد أطفالًا يدخنون في مهدهم".
وتُظهر سجلات الشركات، أن نصري وشركاءه استخدموا شركة كاني كوميرشيال في سعيه لاحتكار سلسلة توريد السجائر في كردستان العراق، وشمل شركاؤه في كاني رجل الأعمال سعيد بارزاني الذي كان بمثابة "الوصي" المالي لنجيرفان بارزاني، الذي خلف عمه مسعود كرئيس لكردستان عام 2019 بحسب أندرياس كوتروكيدس، الذي أصبح المدير التنفيذي لمجموعة إيجل.