شاعرة الثورة ضد الاعتياد.. العالم العربي والعراق يحتفي بنازك الملائكة بذكرى مئوية ولادتها
انفوبلس..
بعد اختيارها رمزاً للثقافة العربية، عاد اسم الشاعرة العراقية الكبيرة نازك الملائكة للتردد على ألسن العراقيين من جديد، واستذكروا معلَماً مهماً من معالم التاريخ العراقي الأدبي المعاصر كونها رائدة في مجالها وأحد أبرز الأسماء التي يرد ذكرها عند الحديث عن الشعر العربي وخصوصاً الشعر الحر.
المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) أعلنت اختيار الشاعرة العراقية نازك الملائكة رمزا للثقافة العربية لعام 2023.
ويأتي اختيار الملائكة خلاصة لجهود وخطط وُضِعت لاستكمال عنصر الترشيح منذ النصف الثاني للعام 2022 حيث قدّم ممثل جمهورية العراق عضو اللجنة الدائمة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم فلاح حسن شاكر طلبًا يبدي فيه رغبة العراق في ترشيح الشاعرة العراقية نازك الملائكة رمزًا للثقافة العربية 2023 والتي تتزامن ومئوية ولادتها.
وبهذه المناسبة، وجّه رئيس مجلس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، مديريات التربية كافة، بأن تكون كلمة الاحتفال، اليوم الخميس، مخصصة لمئوية الشاعرة نازك الملائكة، والتعريف بدورها في الثقافة العربية والعراقية، فضلا عن كونها نموذجا لأهمية المرأة وأدوارها في المجتمع.
وزير الثقافة والسياحة والآثار أحمد فكاك البدراني قدم شكره وتقديره إلى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) بعد الإعلان عن اختيار الشاعرة نازك الملائكة رمزاً للثقافة العربية 2023 من قبل المنظمة.
وأكد البدراني على الدور الكبير الذي اضطلعت به الشاعرة الراحلة في إرساء مفهوم الحداثة الشعرية، يوم تبنّت هي وزميلها الشاعر الكبير الراحل بدر شاكر السياب، تقديم قصيدة مختلفة عن القصيدة العمودية (الكلاسيكية) والتي سُمّيت فيما بعد بقصيدة (التفعيلة).
وقدم البدراني التهنئة للأوساط الثقافية بهذا الحدث الكبير، مباركاً للجميع هذا الاختيار الذي يؤكد سموّ ورفعة الثقافة العراقية بين مثيلاتها في الوطن العربي.
ونازك الملائكة هي واحدة من أهم الشعراء العراقيين والعرب في العصر الحديث، اشتهرت بأنها رائدة الشعر الحر أو (شعر التفعيلة)، حيث حققت انتقالا كبيرا في شكل القصائد الشعرية وتركيبتها من الشكل والنمط الكلاسيكي الذي ساد في الأدب العربي لقرون عدة إلى الشكل المعروف بالشعر الحر.
هذا الانتقال في شكل القصائد الشعرية، أدى إلى جدل ومعارضة كبيرين من الشعراء، في حين رأى البعض أنها كانت جريئة "حين واجهت جدارا صلبا من قيم السلوك الشعري والاجتماعي والثقافي، واستطاعت ومعها زميلها الشاعر الكبير بدر شاكر السياب هزّ شجرة الشعر العربي هزا عنيفا بعث فيها الحياة وروح الدهشة من جديد".
وقال عنها الناقد فيصل دراج، "إنها من أبرز الوجوه في إطلاق ما يُعد الآن بالشعر العربي الحديث وسواء كانت الريادة تعود لها في قصيدتها الشهيرة "الكوليرا" أم إلى الشاعر بدر شاكر السياب، فإنها بالتأكيد شكلت مع السياب ونزار قباني وعبد الوهاب البياتي الصوت الأكبر الذي استهلّت به الحداثة الشعرية".
ونازك الملائكة مولودة عام في 23 آب 1923 وقد سُمّيت بهذا الاسم تيمناً بالثائرة السورية نازك العابد.
ونشأت الراحلة في وسط شعري، إذ كان والدها شاعرا ومدرسا للغة العربية، وكذلك والدتها التي نشرت أعمالها تحت اسم مستعار وهو أم نزار الملائكة حيث كان ذلك الأسلوب المتّبع والسائد بالنسبة للكُتّاب من النساء في تلك الفترة، الأمر الذي تغيّر فيما بعد على يد ابنتها.
وكان والدها من أشد المعارضين للانتقال الذي أحدثته على شكل القصائد، إلا أنها وكما كتبت في سيرتها الذاتية التي كتبتها بنفسها كانت ترد بقولها: "قل ما شئت أن تقول إنني واثقة من أن شعري سوف يغير خارطة الشعر العربي".
وكتبت نازلك أول أشعارها في سنّ العاشرة، بعدها كتبت شعرًا بمساعدة أمها وعمّها تحت عنوان "بين روحي والعالم". نشرت المجموعة الشعرية الأولى "عشاق الليل" عام 1947، حيث كتبت تلك المجموعة بالأسلوب الشعري الكلاسيكي (الشعر العمودي)، وقد تأثرت بحبها للموسيقى التقليدية وجمال منزلها.
وفي نفس العام نشرت الملائكة "الكوليرا" وقد استلهمت ذلك من الأخبار التي كانت تُذاع عبر الراديو عن ارتفاع عدد الوفيات بسبب انتشار الوباء في مصر.
وهذه القصيدة جعلت والداها يعارضا أسلوبها إذ قالت والدتها: "ما هي القافية في هذا الشعر، إنه يفتقر إلى الموسيقى الشعرية"؟، وكذلك الأمر بالنسبة لوالدها الذي انتقد وسخر من جهدها المبذول كما توقّع لها الفشل.
وفي هذا السياق، قال الصحفي والشاعر العراقي عبد القادر الجنابي: "لقد واجهت الملائكة سيفًا ذا حدين بالرغم من أن البيئة الفكرية فتحت الأبواب إلى الابتكار إلا أن الطابع المحافظ للمجتمع قمع النزعات نحو الحداثة".
وصدر للراحلة مجموعات شعرية عديدة منها: "عاشقة الليل" عام 1947، شظايا وروماد" عام 1949، قرار الموجة" عام 1957، شجرة القمر" عام 1968، ويغير ألوانه البحر" عام 1977، مأساة الحياة وأغنية للإنسان" عام 1977، الصلاة والثورة" عام 1978.
أما أبرز مؤلفاتها وإنتاجاتها الأدبية فكانت: "الكتاب النَقدي "قضايا الشعر المعاصر" عام 1962، مجموعة مقالات بعنوان "الصومعة والشُّرفة الحمراء" عام 1965، دراسة في علم الاجتماع بعنوان "التجزيئية في العالم العربي" عام 1974، الكتاب النَقدي "سيكولوجية الشعر" عام 1992، المجموعة القصصية "الشمس التي وراء القمة" عام 1997.