غوغل يحتفي بـ"عبدالرحمن منيف".. تعرّف على العراقي جزئياً وصاحب رائعة أرض السواد
انفوبلس/..
يحتفي محرّك البحث العالمي Google بأثر الروائي العربي الكبير، الراحل "عبدالرحمن منيف"، تزامناً مع ذكرى ميلاده قبل 90 عاماً، برسم شعارGoogle Doodle.
وعلّق محرّك البحث "غوغل" قائلا، إن "رسومات الشعار المبتكرة" تحتفي اليوم بالروائي والصحافي والناقد الثقافي عبدالرحمن منيف، الذي وُلِد في مثل هذا اليوم من عام 1933 في العاصمة الأردنية عمّان.
ويظهر رسم المنيف على "غوغل" تحديداً في دول العراق والإمارات والسعودية والأردن ومصر وليبيا والجزائر والمغرب، وتعبيراً عن تقدير "غوغل" لمسيرة الراحل، وكتب رسالة قصيرة: "عيد ميلاد سعيد عبدالرحمن منيف.. شكراً لك على مساهماتك في الأدب العربي وتحليلك للقضايا الاجتماعية والسياسية".
*من هوَ؟
قدّم "غوغل" لمحة عن حياة المؤثر الراحل الذي جاب العديد من الدول سعياً وراء العلم والدراسة والتطوير الفكري والثقافي، ما أهّله ليصل إلى المكانة التي بلغها.
وُلِد عبدالرحمن منيف لأب سعودي وأم عراقية في العاصمة الأردنية عمّان في عام 1933، وفيها درس ونال شهادات مراحل التعليم الأولى حتى وصل للمرحلة الجامعية، لتكون بداية رحلته العلمية خارج المملكة.
*البداية من العراق
البداية كانت من العراق، ففي عام 1952 انتقل منيف لدراسة القانون في جامعة بغداد، ثم اتجه إلى مصر ليتخرج في جامعة القاهرة قبل أن يحصل على الدكتوراه.
وبعد أقل من 10 سنوات حصل الشاب الطموح على درجة الدكتوراه في اقتصادات البترول من جامعة بلغراد في عام 1961.
عمل منيف في صناعة النفط وأحبَّ هذا المجال حتى بات خبيراً فيه عندما كان مُقيماً في بغداد، ثم اتجه للعمل في وزارة النفط بدولة سوريا ثم منظمة أوبك، وخلال فترة وجوده في العراق ترجم حبّه لهذا المجال بالكتابة عنه فعمل محرراً في دورية "النفط والتنمية" الشهرية.
*النفط والكتابة
منيف لم يكن يحب مجال النفط فقط بل الكتابة أيضاً، وكان يعتقد أن "مهمة الأدب هي زيادة الوعي"؛ لذا حرص أن يكون له أثر يُسهم في هذه المهمة.
وبالفعل، أسهم في هذا المجال وكانت بدايته الحقيقية في الكتابة خلال فترة السبعينيات من القرن الماضي، بعد أن ترك وظيفته في الحكومة العراقية وانتقل إلى دمشق، وخلال تلك المرحلة كتب عدة قصص قصيرة قبل نشر كتابه الأول.
ونشر منيف روايته الأولى "الأشجار واغتيال مرزوق" عام 1973، وأقنع هذا العمل الناس بالتفكير في مجتمع أكثر حرية وعدالة.
وخلال فترة إنتاجه الأدبي قدّم الراحل للعالم نحو 15 رواية، بما في ذلك "خماسية مدن الملح" (1984-1989)، التي تُعد أشهر أعماله وفيها يصف كيف تغير العالم العربي خلال عصر النفط.
كما جعلته روايته "مدن الملح" معارضاً للسعودية، وأحدثت روايته "شرق المتوسط" ضجّة في العالم العربي، باعتبارها أول رواية عربية تصف بجرأة التعذيب الذي تمارسه الأنظمة الشمولية العربية.
ومن أبرز أعمال منيف: النهايات (1978)، شرق المتوسط، والرواية التاريخية المكونة من ثلاثة مجلدات أرض السواد (أرض الظلام 1999).
تمت ترجمة بعض روايات منيف و9 كتب واقعية أنتجها إلى أكثر من 10 لغات، وحصل على جائزتين متميزتين عن كتاباته، منها جائزة العويس الثقافية عام 1989، وجائزة ملتقى القاهرة للإبداع العربي في كتابة الروايات عام 1998.
*أرض السواد
أرض السواد، هي ثلاثية روائية لعبد الرحمن منيف، صدرت في عام 1999، تطرّقت لتاريخ العراق الاجتماعي والسياسي خلال القرن التاسع عشر، ركّزت بالأساس على تفاعلات الشخصية العراقية مع الأحداث العالمية الكبرى آنذاك كهزيمة نابليون في مصر وبقايا فكر الثورة الفرنسية في العالم والأطماع الإنجليزية في الشرق الأوسط، وظلال السلطة في عاصمة الخلافة.
تناول الجزء الأول تفاصيل وصول داود باشا إلى كرسي الولاية مُبرزاً أساليب الحكم في أرض الرافدين، وكانت كل الشخصيات تدور في فلك السراي، عكس الجزء الثاني الذي تحرّر منها وخرج إلى شوارع بغداد ثم متّبعاً رحلة القنصل البريطاني ريتش الذي كان المحرّك الثاني للأحداث إلى الشمال، وكانت شخصية بدري أهم شخصية في هذا الجزء وهي التي حولت أكثر الأحداث من بغداد إلى كركوك.
في الجزء الثالث بعد أن اطمأن داود باشا على حكمه عبر حملات على المتمردين في الشمال والجنوب دخل في صراع مباشر مع القنصل البريطاني الذي لم يجد سبيلاً أمام صعود الباشا إلا التهديد بأوراق التدخل العسكري البريطاني. وتنتهي الرواية على نغمي الفيضان السنوي لدجلة والصراع غير المحسوم بين داود باشا والقنصل البريطاني.
وأبرز ما يميز هذه الرواية أنها آخر ما كتب عبدالرحمن منيف (1997-1999) واعتبرها البعض محاولة للرجوع إلى منابع الطفولة، خاصة أنه أهدى هذا العمل إلى أمّه "نورة العراقية" التي أرضعته حبّ العراق كما قال، وقد استعمل في الحوار اللهجة البغدادية بكل تفاصيلها اليومية وبثّ في أرجاء الرواية النظرة العراقية للأشياء سواء على مستوى الحاكم أو على مستوى العامة، وقد حاول منيف أن يقول إن تاريخ العراق تنطبق عليه قاعدة "التاريخ يُعيد نفسه". قال أحد النُقّاد إن الحدث في رواية أرض السواد هو العراق وحده.
*نشاطه السياسي
خاض في العراق غمار النشاط السياسي خلال مرحلة مهمة من تاريخ العراق، ولكنه ما لبث أن أُبعِد من العراق بعد توقيع حلف بغداد عام 1955م مع عدد كبير من الطلاب العرب.
مارس العمل السياسي الحزبي خلال فترة انضمامه لحزب البعث وأصبح عضواً في القيادة القومية زمناً ثم أنهى علاقته السياسية التنظيمية (الحزبية) بعد مؤتمر حمص عام 1962م.
وقد ظلّ مُنيف مناوئاً للأنظمة العربية "بشقَّيها الملكي والجمهوري" بعد هزيمة 1967م التي كان لها آثر بالغ في نفسه ليبدأ ممارسة السياسة ولكن هذه المرّة عبر العمل الأدبي.
عاد مرة أخرى إلى العراق عام 1975م ثمّ غادر مرة أخرى إلى فرنسا عام 1981م "متفرغاً للكتابة" خلال بدايات الحرب العراقية الإيرانية، وقد صرّح في وقت لاحق أنه لم يكن مقتنعاً بقضية هذه الحرب، لأنها كانت حرباً مجانية، وليس لها ما يبررها، وبالتالي ليس لأحد أن يتفق معها.
بقي إلى آخر أيامه معارضاً للإمبريالية العالمية وظل رافضاً للغزو الأميركي للعراق سنة 2003 ولكل ما ترتب عليه، رغم معارضته الشديدة لنظام صدام حسين.
*النهاية
كان منيف صحافياً وناقداً ثقافياً مُلهماً، ويمكن اعتبار الراحل واحداً من أهم المؤلفين العرب المعاصرين في القرن العشرين، توفي في دمشق عام 2004 عن عمر ناهز الـ 71 عاماً.
وقد هُدِّم أجزاء من قبر الروائي عبدالرحمن منيف الواقع في مقبرة الدحداح في العاصمة السورية دمشق، حدث ذلك في أواخر شهر مايو/ أيار من عام 2007م، دون التعرّض لرفاته. ولقد أدت هذه الحادثة إلى نشوء العديد من التكهنات عن أهداف وغايات الفعلة وما هي طبيعتهم.