في ذكرى رحيل الرسول الأكرم (ص).. انتشار اسم "محمد" عالمياً يتحدى التشويه التاريخي من قبل الغرب
انتشار عالمي غير مسبوق
انفوبلس/..
تحلُّ علينا اليوم الـ 28 من شهر صفر، ذكرى وفاة النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، الذي مثَّل أعظم شخصية في تاريخ البشرية، ومصدر إلهام ملايين المسلمين حول العالم، ومع مرور الزمن، لم يقتصر تأثيره على قلوب المؤمنين فقط، بل تجسد هذا التأثير في انتشار اسمه بشكل واسع بين المسلمين وغيرهم في مختلف أنحاء العالم.
ويُعد اسم "محمد" في الوقت الحاضر، من أكثر الأسماء شيوعًا في العالم، خاصة في الدول العربية والإسلامية بضمنها دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكن ما يلفت الانتباه هو انتشار الاسم أيضًا في الدول غير الإسلامية، مثل الدول الأوروبية والأمريكية بشكل واسع.
وفقًا للإحصاءات الأخيرة، يُعد اسم "محمد" واحدًا من أكثر الأسماء انتشارًا بين المواليد الجدد في بريطانيا، وبلجيكا، وفرنسا، وألمانيا. في بريطانيا على سبيل المثال، تصدَّر اسم "محمد" قائمة أكثر الأسماء شيوعًا بين المواليد الجدد في عدة سنوات.
هذا الانتشار للاسم في الدول العربية والإسلامية يأتي من كونه جزءًا لا يتجزأ من الهوية الإسلامية والثقافة العالمية للمسلمين، والاعتزاز بالهوية الإسلامية تعبيرًا عن فخرهم بدينهم وتمسكهم بتعاليمه، وفي الأوروبية والأمريكية، يأتي هذا الانتشار عبر عدة عوامل مؤثرة، منها الهجرة الكبيرة إلى هذه الدول، بالإضافة إلى التأثير الثقافي في تلك الدول، وإسلام الملايين من مواطني دول أوروبا وأمريكا.
ضمن الأسماء الأكثر شيوعاً
وكان مكتب الإحصاء الوطني في بريطانيا، قد أعلن في وقت سابق، أن اسم "محمد" كان الأكثر تفضيلاً من قِبل الأُسر بالعاصمة لندن ومنطقة "ميدلاندز" الغربية بإنجلترا لمواليدهم الجدد العام الماضي، وأنه حلّ في العشرة الأولى ضمن قائمة الأسماء الأكثر شيوعاً بالبلاد.
وفي بيان عن الإحصائية السنوية لـ"أسماء الأطفال في إنجلترا وويلز"، نشره مكتب الإحصاء الوطني، قال إن اسم "محمد" مع اختلاف كتابته، كان الأكثر تفضيلاً من قِبل الأُسر في تسمية أطفالهم خلال العام الماضي بالعاصمة لندن ومنطقة "ميدلاندز" الغربية، وحل ضمن العشرة أسماء الأكثر شيوع في البلاد.
جدير بالذكر، أن المسلمين يشكِّلون 12% من عدد سكان لندن البالغ 8.6 ملايين نسمة، ويعيش في عموم المملكة المتحدة نحو 3 ملايين مسلم.
وتشهد أوروبا تحولا في الأسماء الأكثر شعبية نظرا لازدياد نسبة الذين هم من أصول مهاجرة ممن يعيشون فيها، ومع تزايد عدد المهاجرين في أوروبا وتدفق عدد كبير من اللاجئين إليها مؤخرا؛ أصبحت بعض الأسماء أكثر تداولا من أي وقت سابق.
ويشق اسم "محمد" طريقه ليكون ضمن الأسماء الذكور الأكثر شعبية للأطفال حديثي الولادة في ألمانيا، إذ حقق المرتبة الأولى في برلين عام 2022، والمرتبة العشرين ضمن كامل ألمانيا.
وحسب صحيفة "دي تسايت" الألمانية فإن اسم محمد احتل المرتبة 20 على الصعيد الوطني، حيث تم منح اسم محمد 2758 مرة لمواليد العام الماضي 2022، وبحسب الصحيفة، فإن اسم محمد لم يكن الاسم الأكثر شيوعًا في برلين عام 2018؛ بيد أنه كان ضمن المراكز المتقدمة، وهو ما أثار جدلا في برلين حينها. وفي عام 2021 احتل اسم محمد المرتبة الثالثة في برلين، ليحقق الصدارة عام 2022.
وفي الموقع الإلكتروني المختص بالأسماء الأكثر انتشارا في ألمانيا، ظهرت أسماء عربية أخرى ضمن الأسماء الأكثر شعبية لعام 2022، مثل (مالك، علي) للذكور، وللفتيات جاءت (عليا) و(زينب).
محاولات تشويه اسم "محمد"
على الرغم من المكانة العظيمة التي يحظى بها اسم "محمد" بين المسلمين، إلا أنه لم يسلم من محاولات التشويه من الجانب الغربي، وفي العصور الوسطى، خلال الحروب الصليبية، كان هناك جهود متعمدة لتشويه صورة النبي الاكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بين الأوروبيين، حيث أطلق بعض المؤرخين الغربيين عليه ألقابًا مثل "ماهوميت" و"بافوميت" في إشارة إلى الشيطان، وظهرت كتابات تُسيء الى النبي محمد (ص) وتنال من عظمته ونبوّته ورسالته.
وخلال عصور الاستعمار الغربي، استخدم المستعمرون وسائل إعلامية وثقافية لتشويه صورة النبي محمد (ص) والدين الإسلامي، بهدف تعزيز سيطرتهم على الشعوب المسلمة، وكانت الرسومات والكتابات التي تقلل من شأنه شائعة في ذلك الوقت.
أما في الفترة الحديثة، وخلال في العقود الأخيرة، خصوصًا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، ارتفعت وتيرة الإسلاموفوبيا في الغرب، ما أدى إلى تصاعد الهجمات على الإسلام ونبيه الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وشهدنا خلال هذه الفترة محاولات لتشويه اسم "محمد" من خلال الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة التي ظهرت في صحف أوروبية، إلى جانب الهجمات اللفظية في وسائل الإعلام.
تلك المحاولات للتشويه، لم تؤثر فقط على المسلمين بشكل عام، بل ساهمت أيضًا في زيادة مشاعر العداء والتمييز ضدهم في العديد من الدول الغربية، لكن رغم ذلك، ظل المسلمون متمسكين باسم "محمد" وفخورين به، ما جعل الاسم يستمر في الانتشار بوتيرة متزايدة.
وبقي اسم "محمد" رمزاً لهوية دينية وثقافية وإنسانية عالمية، تحمل في طياتها قيمًا من التسامح، والعدالة، والشكر، ورغم محاولات التشويه عبر التاريخ، وبقى هذا الاسم منتشرًا ومحترمًا في جميع أنحاء العالم، وهذا الانتشار الواسع للاسم يُظهر أن محاولات التشويه لم تنجح في تقويض مكانة النبي الأكرم، أو منعه من أن يكون رمزًا للأمل والقيم النبيلة لدى المسلمين وغيرهم.
ذكرى وفاته
ويُحيي المسلمون في الـ 28 من شهر صفر، ذكرى وفاة النبي الاكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، رسول الإسلام وخاتم النبيين، والذي يُعدّ من أعظم الشخصيات التاريخية التي غيرت مجرى التاريخ.
النبي محمد (ص)، بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، يعود نسبه الكريم إلى النبي إبراهيم الخليل (ع)، مما يجعله من سلالة الأنبياء، عُرف بكنية "أبو القاسم" و"أبو إبراهيم"، ويُلقب بـ"المصطفى"، كما تُشير إليه العديد من الألقاب التي ذُكرت.
وُلد النبي محمد (ص) في السابع عشر من شهر ربيع الأول في عام الفيل، عام 571 ميلادي، بمكة المكرمة، وقد سُميّ هذا العام بعام الفيل، نسبةً للحدث العظيم الذي تعرضت فيه مكة لهجوم أبرهة الحبشي، صاحب جيش الفيل، ولكن الله أحبط محاولته كما ورد في سورة الفيل.
عاش النبي محمد (ص) 63 عاماً، قضى منها 23 عاماً في الدعوة إلى الإسلام ونشر رسالته السماوية، ليصبح بحق خاتم الأنبياء والمرسلين، وفي هذه الذكرى، يتأمل المسلمون في حياة النبي محمد (ص) ورسالته التي حملت للبشرية معاني الرحمة والعدل والسلام.