في الذكرى السنوية التاسعة لاستشهاده.. مسيرة الشهيد "بلال علي الوحيلي" أحد قادة تحرير جرف النصر.. معلومات عن حياته يُكشف عنها لأول مرة
انفوبلس/..
يُنقل عن المقاتلين الذين كانوا حوله، أنه كان عند كل معركة، يؤكد كثيراً على أهمية رفع اللواء ونصبه عالياً في أول دخول المدينة المحرَّرة، وهو أول من نصب ورفع راية الحسين "ع" في مدينة جرف النصر بعد تحريرها من دنس الإرهاب، الشهيد القائد بلال الوحيلي، الذي تصادف اليوم الذكرى السنوية التاسعة لاستشهاده.
بلال علي بهار الوحيلي، اسمه الجهادي (يوسف)، أحد مقاتلي كتائب حزب الله البارزين، ثابتي العقيدة ونافذي البصيرة المتسلحين بصلابة الإيمان، استُشهد في جرف النصر خلال عمليات عاشوراء في 27 كانون الأول 2014.
رحل وهو لا يزال شاباً أعزب، وكان الأخ الأكبر في شجرة عائلته التي كان مُعيلها، واعتاد في حياته ولغاية اللحظة الأخيرة قبل ارتقائه على الموازنة بين رعاية عائلته وإتمام مسؤولياته، وبين أداء واجبه الجهادي في مقارعة الإرهاب، والاستمرار بخط المقاومة الذي نشأ عليه وبقي ثابتاً في مساره.
وظهر الوحيلي، في مقاطع مسجلة قرب سواتر القتال في جرف النصر، يشدّ عزيمة رفاقه المقاتلين، مؤكداً لهم: "نحن بحاجة الى ساعة فقط لتحقيق النصر على الإرهاب وبلوغ مركز الناحية، اصبروا ساعة، اضحكوا ساعة، اتعبوا ساعة، لا يمكن استقبال محرم الحسين "ع" دون هذا النصر". مشددا على "أهمية رفع الراية فور وصول القوات الى مركز جرف النصر، وتحدي الرهان الذي يشير الى استحالة تحريرها".
بين حقبتَي البعث والتكفير
عاصر نظام البعث الصدامي منذ صباه، واعتقلته السلطات الصدامية وهو في ربيعه الـ 14، وقد تم اعتقاله عدة مرات بسبب اهتمامه بالشؤون الدينية والسياسية، وحضوره المجالس الدينية، في الوقت الذي كان النظام يحظر ممارسة الطقوس الدينية الخاصة في أوساط المجتمع الشيعي العراقي، وتم الحكم عليه بالإعدام قبل شهر واحد من سقوط النظام الصدامي في 2003.
انتقل بعدها الى الدراسة الحوزوية، وأكمل فيها دراسته، وأقام سلسلة من المحاضرات والمجالس الدينية، وعقد حلقات الحوار السياسي، ثم واصل نشاطه العسكري في مقاومة الاحتلال في العراق، وتمت ملاحقته من قبل قوات الاحتلال الأمريكي بشكل مستمر.
شارك بأدوار فاعلة مع رفاقه في محاربة التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها عصابات تنظيم القاعدة، وسطّر البطولات في التصدي للإرهاب التكفيري والعصابات المدعومة من قبل التيارات التكفيرية التي مارست دوراً تخريبياً في العراق بدعم وتمويل من دول عربية وخليجية.
واصل دوره الجهادي بعد أحداث سوريا عام 2011، وبروز التنظيمات المتطرفة والإرهابية، حيث شارك مع فصائل المقاومة الإسلامية في الدفاع عن المقدسات والأعراض والكرامات، وبعد ظهور تهديد داعش الإرهابي، وتأسيس الحشد الشعبي، التحق مع كتائب حزب الله في جميع العمليات العسكرية التي تصدَّت لها، حتى ارتقى شهيداً في "عملية عاشوراء" لتحرير جرف النصر.
جرف النصر.. ملحمة الانتصار
في نهاية عام 2014، ومع اقتراب شهر محرم والبدء بإحياء شعائر ذكرى واقعة الطف، وأربعينية الإمام الحسين وتهديدات الجماعات الإرهابية باستهداف هذه الشعائر، أعلن مسؤولون عراقيون أن جرف النصر تمثل تهديداً على كربلاء المقدسة وبغداد وبابل، وأن استعادة المنطقة تُعد أولوية قصوى قبل شهر محرم، وأدى انفجار خمس سيارات مفخخة في كربلاء قبل أسبوع من انطلاق العملية إلى تسريعها.
وانطلقت عملية عاشوراء، التي استمرت ليومين، وتم تنفيذها من قِبل القوات العراقية وفي طليعتهم ألوية الحشد الشعبي، وبدأت العمليات العسكرية للتحرير، يوم 24 تشرين الأول 2014 بهدف استعادة السيطرة على ناحية جرف النصر الاستراتيجية، ومنع إرهابيي داعش من بلوغ المدن القريبة، وإيقاف دعم الأنشطة الإرهابية فيها، حيث هددت العصابات الداعشية بتنفيذ هجمات، ضد ملايين الزوار الذين يحيون يوم عاشوراء.
انطلقت العمليات بمشاركة القوات الأمنية، وجميع فصائل الحشد الشعبي، عبر ثلاثة محاور رئيسية: أولها منطقة الفاضلية، وثانيها منطقة عبد ويس، وثالثها نحو مركز مدينة جرف النصر بصورة مباشرة، الأمر الذي أصاب فلول “داعش” بالانهيار وأدى إلى التغيير في موازين المعركة بصورة كبيرة ومؤثرة، وأحدث حالة انكسار لديهم.
وقدّم الحشد الشعبي، عددا كبيرا من الشهداء، نتيجة الاستعدادات الدفاعية الكبيرة التي قامت بها العناصر الإرهابية كتلغيم الشوارع والأرصفة وتفخيخ المباني وكل ما يمكن تفخيخه، وبعد تحرير الناحية بالكامل وإيقاع أبرز قادتهم وهو عماد السبع قائد الجناح العسكري لتنظيم داعش الإجرامي، وأَسْر العديد منهم، تم إغلاق الناحية لمدة ثمانية أشهر لرفع العبوات عن الناحية بعد أن فخّخ داعش المباني الحكومية والدور السكنية وأعمدة الكهرباء.
وانتهت العمليات في 27/10/2014 تحرير ناحية جرف النصر وصولاً إلى جسر الفاضلية مع تحرير قرى (الفارسية، الحجير، البهبهان، السعيدان، العويسات)، بمساحة 193 كم2.
وعقب انتهاء المعارك التي قُتل فيها أكثر من 120 داعشيا، أقرّ "زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي" في خطبته، بالهزيمة أمام القوات العراقية وأبطال الحشد الشعبي في جرف النصر، جعل الجميع يطلق عليها خطبة الانكسار، لأنها عكست حالة واضحة من الخيبة والخوف.
ومثّلت منطقة جرف النصر التي سطَّر فيها أبطال المقاومة التي تصدرت قوات الحشد الشعبي، أروع البطولات، أول نقطة انكسار حقيقي لداعش في العراق، والمعركة التي خسر الإرهاب فيها الرهان في السيطرة على العراق، بعد آمرلي وسليمان بيك والعظيم وشهدت انتصار الحق على الباطل، وهزيمة "داعش"، وسُميت المعركة بـ"عاشوراء" تيمّناً بمعركة الطف التي خاضها الإمام الحسين "عليه السلام".