إعادة هيكلة الرشيد والرافدين.. تطوير المصارف الحكومية العراقية بين الإصلاح الاقتصادي ومخاوف الهيمنة الغربية
انفوبلس/..
بهدف تعزيز النظام المصرفي في العراق، ناقشت الحكومة العراقية، تطوير عمل المصارف الحكومية، وتم التركيز على مشروع إعادة هيكلة مصرفي الرشيد والرافدين بمشاركة شركة "آرنست ويونغ" والتقدم الملحوظ في تنفيذ المشروع الذي يهدف إلى تقديم خدمات مصرفية متكاملة، غير أن مراقبين أعربوا عن مخاوفهم من أن تكون هذه الخطوات بداية لهيمنة غربية على الاقتصاد العراقي، مشيرين إلى أن التعاون مع شركات استشارية عالمية قد يحمل في طياته نفوذاً اقتصادياً أوسع قد يؤثر على السيادة الاقتصادية للبلاد.
وترأس رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، اليوم الخميس، (9 كانون الثاني 2025)، اجتماعاً خاصاً لمناقشة تطوير عمل المصارف الحكومية، بحضور ممثلي شركة آرنست ويونغ للتدقيق والاستشارات المالية". مؤكداً "تقدم العمل "في مشروع إعادة هيكلة مصرفي الرشيد والرافدين ودخوله حيز التنفيذ قريباً".
وذكر بيان للمكتب الاعلامي لرئيس مجلس الوزراء، أن السوداني "اطلع على خطة مشروع إعادة هيكلة مصرفي الرشيد والرافدين، والإجراءات الفنية والإدارية المتعلقة بالمشروع، التي تشمل مراجعة شاملة وإجراء إصلاحات إدارية هيكلية بهدف تقديم خدمات مصرفية متكاملة للمواطنين والشركات".
وأوضح رئيس مجلس الوزراء، أنّ "نسبة إنجاز المشروع الخاص بهيكلة مصرف الرافدين وصل إلى مراحله النهائية،" مؤكداً "دخوله حيز التنفيذ خلال الفترة القليلة القادمة، في إطار خطة تمت دراستها وتنفيذها وفق المعايير والمحددات المرسومة".
وأضاف السوداني، أنّ "المصارف الحكومية بهياكلها الحالية غير قادرة على الانفتاح ومعالجة الإشكالات، ولهذا تمت إعادة هيكلتها بطريقة تضمن توفر جميع الإمكانيات والانفتاح بمواصفات فنية عالمية حديثة".
وكان مجلس الوزراء، قد وافق بجلسته في الثاني من كانون الثاني 2024، على التعاقد المباشر مع شركة (آرنست ويونغ)؛ لدراسة موضوع إعادة هيكلة مصرفي الرافدين والرشيد، وتقديم توصياتها بشأنهما، واقتراح خارطة طريق بهذا الشأن، خلال 6 أشهر.
دمج مصارف وشركات تأمين
كما وافق المجلس على "التعاقد المباشر من المصرف الصناعي مع شركة (آرنست و يونغ)؛ لدراسة موضوع دمج المصارف (الصناعي، العقاري، الزراعي) في مصرف واحد من خبراء مختصين لديها، وتقديم التوصية المناسبة بشأنه، وتحديد المدة الزمنية المطلوبة للدمج وآلية نقل الأرصدة إلى المصرف الجديد".
ووافق أيضاً على "التعاقد المباشر من شركة التأمين الوطنية مع شركة (آرنست ويونغ)؛ لدراسة موضوع دمج شركة التأمين الوطنية مع شركة التأمين العراقية، في شركة واحدة من خبراء ومختصين لديها، وتقديم التوصية المناسبة بشأنه، وتحديد المدة الزمنية المطلوبة للدمج وآلية نقل أموالها إلى شركة جديدة، استثناءً من تعليمات تنفيذ العقود الحكومية (2 لسنة 2014)، والضوابط الصادرة بموجبها".
تطوير القطاع المصرفي
وكان اجتماع حكومي قد انعقد في 14 تشرين الثاني 2023، تمت خلاله مناقشة تطبيق النظام المصرفي الشامل باستخدام التكنولوجيا الحديثة، وفقاً لبيان حكومي، وناقش الاجتماع خطة تطوير مصرف الرافدين المقدمة من شركة "إرنست آند يونغ"، بهدف تحسين خدمات المصرف وجعله منافساً على المستوى الدولي. وفي هذا السياق، وجّه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إدارات المصارف للاستعانة بخبراء دوليين لتقديم المشورة في المجال المصرفي والمالي.
كما أصدر رئيس الوزراء توجيهات لمديري المصارف الحكومية بإعداد خطة خلال شهر واحد لتطوير الأداء المصرفي، تشمل التحول من العمل الورقي إلى الرقمي، وتعزيز خدمات الدفع الإلكتروني، ووضع رؤية شاملة لمنح التسهيلات الائتمانية. من جانبها، كانت إدارة مصرف الرشيد قد عقدت اجتماعاً مع "إرنست آند يونغ" في 2016 لبحث متطلبات النظام المصرفي الشامل، مع الاتفاق على تنفيذ تجربة مبدئية للنظام في عشرة فروع لمدة سنة قبل تعميمه.
وفي تشرين الثاني الماضي، أكد رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، خلال اجتماع خاص لتطوير قطاع المصارف الحكومية، بحضور ممثلي شركة "أرنست ويونغ" للتدقيق والاستشارات المالية، أن "هيكلة مصرف الرافدين تمثل أولى خطوات الإصلاحات المصرفية للحكومة".
ووفقاً لبيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء، قدمت الشركة توصيات تتعلق بالوضع القانوني لمصرف الرافدين ورأسماله واستراتيجيته، مع التأكيد على الاستعانة باستشاري جديد لضمان الامتثال للمعايير المصرفية العالمية، ومن المتوقع أن تُرفع هذه التوصيات إلى المجلس الوزاري للاقتصاد ومن ثم إلى مجلس الوزراء لإقرارها، وشدد السوداني على أن إصلاح القطاع المصرفي، الذي يبدأ بمصرف الرافدين، يهدف إلى تعزيز ثقة المواطنين وتحسين التعاون مع المستثمرين المحليين والأجانب.
تطوير أم هيمنة غربية
ويشير مراقبون للشأن السياسي، أن "سلطة الاحتلال بعد الغز الأمريكي للعراق عام 2003، سعَت إلى تشكيل نظام عراقي يحافظ على نفوذها فيه على المستوى البنيوي، ومن هذه الأمور النظام الاقتصادي التي تم تأسيسه عبر إنفاذ دور البنك الفيدرالي الأمريكي في التحكم بعائدات مبيعات النفط الخاص بالعراق، وسعر صرف الدينار العراقي وغيرها من الأمور التي تمكّن الولايات المتحدة الأمريكية من المحافظة على سيطرتها في العراق".
وأكد المراقبون، أن "هذا يظهر النفوذ الاقتصادي، يظهر بقابلية الضغط على الحكومة من خلال موردها المالي الأساسي في تشكيل موازنتها، والمحدَّد لسعر صرف الدينار العراقي، بالإضافة الى التحكم بحجم وتوقيت الأموال التي تخرج من البنك الفيدرالي الأمريكي إلى العراق".
كما يظهر هذا النفوذ والسيطرة - بحسب المراقبين - من خلال الاستفادة التي تراكمها البنوك الأمريكية عبر الاقتراض من الأموال العراقية بفائدة قليلة جدًا، واستفادة الشركات الناقلة لهذه الأموال من الولايات المتحدة الأمريكية إلى العراق وأجور التأمين والحماية، بالإضافة الى الحفاظ على مركزية الدولار في عملية شراء النفط العراقي، خصوصًا بعد الاتفاقيات التي تقوم بها الصين وغيرها من الدول للتبادل بالعملات المحلية.