إقليم كردستان يخرق اتفاق العراق وإيران وطهران تحتج.. ماذا حدث داخل حفل افتتاح نصب بارزاني؟
انفوبلس/ تقارير
يكتسب الاتفاق الأمني الذي أُبرِم مؤخراً بين العراق وإيران أهمية كبيرة؛ لدوره في دعم الاستقرار في البلدين وعموم المنطقة، حيث ترتكز الاتفاقية على تأمين حدود العراق الشمالية مع إيران. لكن، ولأن تأريخها لم يسجل وفاءها بأي وعود، فقد خرقت حكومة إقليم كردستان هذه الاتفاقية الأسبوع الماضي واستدعت معارضين للنظام الإيراني لمراسيم رسمية، الأمر الذي فجّر غضب الجانب الإيراني وأجبره على اتخاذ العديد من الإجراءات، فما هي؟ وكيف علّقت الخارجية الإيرانية على هذا الخرق؟.
*بداية الخرق
الأسبوع الماضي، احتضنت أربيل مراسيم افتتاح متحف بارزاني بحفل شهد حضور شخصيات سياسية بارزة منها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ورئيس الجمهورية عبداللطيف جمال رشيد فضلا عن قادة وسياسيين كرد، لكن اللافت بالأمر أن مراسيم الافتتاح شهدت دعوة معارضين للنظام الإيراني رغم الاتفاقية التي أُبرِمت مؤخرا بين العراق وإيران والتي تنص بعدم دعم الإقليم لهؤلاء المعارضين.
*مَن هم الانفصاليون الحاضرون؟
شهد حفل افتتاح متحف بارزاني حضور العديد من الشخصيات السياسية الرفيعة، وكان ضمنهم الرئيس المشترك للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني مصطفى هجري، أحد أبرز المدعومين من قبل البارزاني، حيث كان جالساً في الصف الأول. تواجُد الهجري سرعان ما دفع الوفد الإيراني الحاضر في الحفل إلى الانسحاب والاحتجاج على تواجده مع بقية أعضاء الحزب الانفصالي، كون تاريخ الهجري ليس ناصع البياض وسبق أن حذّر الجانب الإيراني من خطورة دعمه، نظرا لنشاطاته المشبوهة وتغذيته الصراعات في إيران إبّان فترة الاحتجاجات.
*احتجاج إيراني
بعد هذا الخرق، أعلن المتحدث الرسمي باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، عن استدعاء السفير العراقي في طهران لمقر وزارة الخارجية، بسبب حضور أعضاء من أحزاب المعارضة الإيرانية في احتفال رسمي بإقليم كردستان العراق.
وقال ناصر كنعاني: "تم استدعاء سفير جمهورية العراق إلى وزارة الخارجية وأبلغه رئيس دائرة الخليج الأولى في وزارة الخارجية باعتراض إيران الشديد على دعوة أعضاء من الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني في حفل رسمي أُقيم بإقليم كردستان العراق".
*مخالفة الاتفاق الأمني
وأضاف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية: أن "رئيس دائرة الخليج الأولى بوزارة الخارجية وصف أيضا استمرار بعض التحركات لهذه الجماعات في إقليم كردستان العراق بأنها مخالفة للاتفاق الأمني الأخير بين جمهورية إيران الإسلامية والعراق".
ويُشير ناصر كنعاني إلى الاتفاقية التي تم توقيعها خلال زيارة علي شمخاني، أمين مجلس الأمن القومي الإيراني إلى بغداد في 20 مارس (آذار) الماضي لإنهاء أنشطة معارضي إيران في إقليم كردستان العراق.
وأعربت طهران في بيان لوزارة الخارجية عن "احتجاجها الشديد" على دعوة أعضاء "جماعات انفصالية"، وهو مصطلح تستخدمه إيران لوصف المجموعات الكردية. معتبرةً أنها "تتعارض مع الاتفاقية الأمنية الأخيرة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والعراق".
*طهران تغلي
إلى ذلك، شهدت العاصمة الإيرانية طهران، غضبا كبيرا جرّاء خرق الاتفاقية الأمنية من قبل حكومة إقليم كردستان، وعبّر الإيرانيون عن سخطهم من تكرار الإقليم العبث بأمن بلادهم عبر دعمه وتمويله الانفصاليين وتزويدهم بالأسلحة والمعدات، مؤكدين أن أربيل كان لها دور بارز في دعم الجماعات المسلحة التي حاولت زعزعة الأمن خلال فترة الاحتجاجات الأخيرة.
*العراق يجدد التزامه
في الوقت نفسه، قال مسؤول عراقي بخصوص هذه الاتفاقية الأمنية، إن العراق التزم بعدم السماح للجماعات المسلحة باستخدام أراضي إقليم كردستان العراق لشنّ أي هجوم على معابر إيران الحدودية.
*الاتفاقية الأمنية
إيران كانت تأمل من خلال توقيع الاتفاقية الأمنية الجديدة مع العراق في خفض التوترات الحدودية بسبب عمليات التسلل بين الجانبين.
وكشفت وكالة "فارس" للأنباء، في 12 مارس 2023، عن أن هذه الاتفاقية التي استغرق التحضير لها عدة شهور، من المتوقع أن يكون لها أثر بالغ في خفض واحتواء التحديات الأمنية غير المتعمدة بين البلدين.
وتتهم إيران من تسميهم بـ"عملاء الكيان الصهيوني" بتنفيذ هجمات مسلحة داخل إيران بالتنسيق والتعاون مع جماعات مناهضة للنظام موجودة في إقليم كردستان.
وشددت الوكالة الإيرانية على أن الاتفاقية الأمنية ستعزز المسؤولية والالتزام المتبادل لحماية أمن الحدود المشتركة، وصولاً إلى إنهاء الوجود غير الشرعي للعناصر المسلحة المناهضة لإيران داخل الأراضي العراقية.
*هدف الاتفاقية
من جانبه، صرّح مسؤول أمني عراقي كبير حضر التوقيع لوكالة "رويترز" بأنه "بموجب الاتفاق الأمني الموقّع، يتعهد العراق بعدم السماح للجماعات المسلحة باستخدام أراضيه في إقليم كردستان لشنّ أي هجمات عبر الحدود على جارته إيران".
وكانت وزارة الاستخبارات الإيرانية أعلنت، العام الماضي، اعتقال خلية من النشطاء الأكراد العاملين لصالح "إسرائيل"، وخططوا لتفجير مركز "حسّاس" للصناعات الدفاعية في مدينة أصفهان.
*طمأنة الحلفاء
وإلى جانب أهدافها المُعلنة تضمنت زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني إلى العراق أجندات عديدة؛ أبرزها طمأنة حلفائها في بغداد بشأن اتفاقها الأخير مع الرياض.
وكشف مسؤول أمني إيراني رفيع المستوى كان ضمن الوفد المصاحب لشمخاني في زيارته لبغداد، عن أن الاتفاق الأمني مع العراق جاء بعد الاتفاق الإيراني السعودي، بهدف تهدئة حلفاء طهران العراقيين، وترضية حكومة السوداني التي شعرت بالقلق من الاتفاق.
وقال المصدر الأمني الإيراني، الذي رفض الكشف عن هويته: "لمسنا بعض القلق من قِبل الحلفاء العراقيين بعد الاتفاق مع السعودية، وقد وصل لنا أن البعض قلِق من تراجع إيران عن دورها في قيادة محور المقاومة، لذلك كان من الضروري إيضاح بعض الأمور".