إنهاء مهمة التحالف الدولي يتأرجح بين نفي الأمريكان وتأكيد فريق السوداني.. ما الذي بحثه الأخير في واشنطن حتى الآن؟
انفوبلس/ تقارير
لا زال الجدل محتدماً حول زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى واشنطن وهل بحثت بشكل فعلي إنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق أم مرَّت عليها مرور الكرام وركزت على ملفات وُصفت بـ"الثانوية"، ففريق رئيس الوزراء أكد أن الموضوع شبه محسوم وأنه تم الاتفاق على جدول زمني لإخراج تلك القوات، بينما ينفي الأمريكان ذلك بحسبما ذكر "معهد الشرق الأوسط" الأمريكي الذي قال إن بايدن والسوداني لن يتمكنا من تحديد موعد واضح لانسحاب القوات الامريكية من العراق. انفوبلس سلّطت الضوء على هذا الجدل وتناولت أبرز مستجداته وما قالته الصحافة المستقلة البعيدة عن الطرفين.
*انقسام المواقف حول الزيارة
مع قرب انتهاء زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى واشنطن، التي لم تكن مُخرجاتها حاسمة بشأن ملف إنهاء وجود التحالف الدولي في العراق، تنقسم مواقف القوى العراقية، فبينما أبدت القوى الكردية تفاؤلاً واضحاً بشأن الزيارة، أبدت قوى أخرى امتعاضها من مواقف السوداني وأكدت أنه لم يتطرق إلى هذه المسألة كما هو مطلوب.
وكانت قوى تحالف الإطار التنسيقي قد أكّدت على السوداني قبيل الزيارة أن يحسم ملفّ وجود التحالف الدولي، الذي يُعد مطلباً رئيسياً لها. ويقول عضو الإطار عائد الهلالي، إن "قوى الإطار، أكّدت للسوداني ضرورة حسم ملف التواجد الأميركي وإنهاء التحالف الدولي خلال زيارته إلى واشنطن، لكن هذا الملفّ لم يتطرق إليه بشكل مباشر، ولم يُحسم اتفاق على جدول زمني للانسحاب من العراق، وهذا مؤسف".
وبيّن الهلالي، إنّ "هذا الأمر سيولّد خلافات سياسية ما بين السوداني وبعض الأطراف السياسية التي أوقفت عملياتها ضد الأميركيين في العراق، لإعطاء الحكومة فرصة للحوار والتفاوض لإخراج القوات الأميركية بالطرق الدبلوماسية، والإخفاق في ذلك قد يعيد العمليات مجدداً خلال المرحلة المقبلة".
فريق السوداني: موضوع إخراج التحالف الدولي حُسِم
وفي أحدث توضيح لفريق السوداني بشأن الموضوع، أكد المستشار السياسي لرئيس مجلس الوزراء، سبهان الملا جياد، اليوم الاربعاء، أن اللجنة العسكرية المشتركة بين العراق وأميركا حددت جدولة انسحاب التحالف الدولي من العراق.
وقال جياد في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "زيارة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، تجري وفق ما مخطط لها، وهناك لقاءات كبيرة ومهمة قد تحققت".
وأضاف، إن "اللجنة التنسيقية العليا بين العراق والولايات المتحدة، اتفقت على ان تعقد اجتماعها اللاحق في تموز المقبل"، مشيرا إلى أن "زيارة السوداني للبنتاغون يوم أمس، جرى فيها تأكيد موقف العراق من انهاء مهام التحالف الدولي في البلاد، فيما اتفق الطرفان على ترك القرار في هذا الجانب إلى اللجنة العسكرية العليا المشكلة بين البلدين".
ولفت جياد الى، أن "الطرفين اتفقا على قرار اللجنة العسكرية المشكلة بين البلدين والتي ستحدد ما يحتاجه الجيش العراقي في هذا الجانب من تسليح وتدريب وتطوير ومستشارين وغيره من الاحتياجات"، مضيفا أن "اللجنة العسكرية حددت أيضاً جدولة انسحاب التحالف الدولي من العراق".
وبين، أنه "حدثت لقاءات مهمة مع الخزانة الامريكية وتم تداول القضايا المالية الذي كان عليها بعض الملاحظات عليها وبعض الخلاف اضافة الى اللقاء بمجموعة من اعضاء الكونغرس الامريكي من الحزبين الديمقراطي والجمهوري".
وأكد مستشار السوداني، أن "الزيارة حققت نجاحاً واضحاً في تنفيذ جدول اعمالها"، مردفا بالقول، "ما لمسناه من متابعتنا للزيارة هي أن هناك تفهما امريكيا ايجابيا جدا باتجاه طلبات العراق".
*موقع أميركي ينفي: بايدن والسوداني لن يتمكنا من تحديد موعد لإخراج التحالف الدولي
قبيل ساعات من عقد اللقاء الأول بين السوداني وبايدن، قال "معهد الشرق الاوسط" الامريكي أن الرجلين لن يتمكنا من تحديد موعد واضح لانسحاب القوات الامريكية من العراق.
وأوضح المعهد الأمريكي في تقرير له، إن المطلب الرئيسي للقوى في العراق هو أن يحصل السوداني على موعد واضح من بايدن لانسحاب القوات الأمريكية من البلاد، إلا أنه من غير المرجح أن يتمكن السوداني من تلبية هذه التوقعات حول مثل هذا الانسحاب.
واعتبر التقرير؛ أن بايدن لن يمنح السوداني تعهدا واضحا يتعلق بموعد الانسحاب، حيث إنه من المرجح أن خصومه من الجمهوريين، سيعتبرون ذلك بمثابة تنازل أمام إيران.
إلا أن "معهد الشرق الاوسط" رأى أن بايدن قد يكون قادرا على تقديم تعهد بتخفيض عديد الجنود الأمريكيين بعد إعادة انتخابه رئيسا للبيت الأبيض.
*اللقاء خلا من الحديث عن إنهاء مهمة التحالف الدولي
وفق بيان رسمي للحكومة العراقية، فإن لقاء السوداني مع بايدن شهد وناقش ما وصفها بـ"نجاحات التحالف الدولي في كل من العراق وسوريا بعد ما يقرب من عشر سنوات على تشكيله".
وناقش الرئيسان أيضا وفق البيان، "التطور الطبيعي للتحالف الدولي ضد داعش، وأعربا عن التزامهما بعمل اللجنة العسكرية العليا المستمر ونتائجها، ومجموعات العمل الثلاث التي ستقوم بتقييم التهديد المستمر من داعش، والمتطلبات العملياتية والبيئية، وتعزيز قدرات قوات الأمن العراقية، وأكد الرئيسان أنهما سيراجعان هذه العوامل لتحديد متى وكيف ستنتهي مهمة التحالف الدولي في العراق، والانتقال بطريقة منظمة إلى شراكات أمنية ثنائية دائمة، وفقاً للدستور العراقي واتفاقية الإطار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة".
كما أكد الرئيسان، عزمهما عقد اجتماع حوار التعاون الأمني المشترك في وقت لاحق من هذا العام؛ لبحث مستقبل الشراكة الأمنية الثنائية، وفق ما جاء في البيان الرسمي.
وبذلك يكون اللقاء قد خلا من الحديث عن تحديد أي موعد لإنهاء وجود القوات الأجنبية وعلى رأسها الأمريكية من العراق، رغم أن هذا المطلب كان أهم ما يعول عليه العراقيون.
*إيفاد سياحي الى أمريكا
إلى ذلك، علق المحلل السياسي قاسم بلشان، على لقاء رئيس الوزراء محمد شياع السوادني مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، فيما اكد ان عدم طرح السوداني لملف اخراج القوات الامريكية امر في غاية الغرابة.
وقال بلشان في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "واشنطن ما تزال تسيطر على الأجواء العراقية، والعديد من الملفات العسكرية لغاية الان"، متسائلا "عن اسباب عدم تواجد القيادات الامنية والمرافقين العسكريين مع الوفد العراقي خلال الزيارة".
وتابع، إن "مشكلة العراق الرئيسية مع أمريكا في التواجد العسكري داخل الأراضي العراقية، بغض النظر عن الملفات الاقتصادية التجارية"، لافتا الى ان "السوداني مطالب بالتعامل الحازم مع الإدارة الامريكية التي أظهرت وبشكل واضح عدم نيتها في اخراج قواتها القتالية من البلد".
وختم بلشان حديثه: إن "زيارة الحكومة لغاية الآن لم تحقق أي من الأهداف المأمولة، وهي عبارة عن ايفاد سياحي الى أمريكا"، مبينا ان "عدم طرح السوداني لملف اخراج القوات الامريكية امر في غاية الغرابة".
*تبرير حكومي: الزيارة ليست عسكرية
بدوره، برر المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي، عدم تطرق رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، إلى نتائج محددة تخص إنهاء وجود القوات الأمريكية في العراق، خلال حديثه مع بايدن، بأن "الزيارة ليست عسكرية".
وقال العوادي، إن "العنوان الأساسي للزيارة هو تفعيل اتفاقية الإطار الاستراتيجي، ولعل رئيس الوزراء في كلمته المقتضبة مع بايدن أشار إلى أننا نريد الانتقال من الطبيعة الأمنية العسكرية للعلاقات، إلى طبيعة العلاقات الثنائية المستدامة في الاستثمار القطاع الخاص، الشركات، الصناعة، التجارة، الثقافة، البيئة، المناخ، والوفد ضم ممثلين لهذه المجالات".
وأضاف، إن "الزيارة ليست عسكرية، وهي زيارة أوسع وأشمل من ذلك كثيراً، وتتعلق بعموم طبيعة العلاقات بين العراق وامريكا، لاسيما وأننا اتفقنا على تشكيل اللجنة العسكرية العليا، وأبرز مهامها بحث الدور المستقبلي لقوات التحالف الدولي في العراق، وهذا يعني اننا سننتقل من تعاون أمني عسكري، إلى تفعيل بنود الاتفاق الاستراتيجي في كل الميادين".
*ردود فعل
كتب الباحث السياسي، احمد الخضر، في منصة "أكس" جاء في نصه: "هل تعلم لم تذكر جملة انسحاب القوات الامريكية من العراق ولا مرة خلال لقاء السوداني وبايدن في البيت الأبيض".
بدوره، أكد عضو تحالف نبي علي الزبيدي، ان زيارة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني لن تكون مثالية، ولن تحل جميع المشاكل العالقة مع واشنطن.
وقال الزبيدي، إن "الاحداث الجارية في المنطقة، والتصعيد العسكري من الكيان الصهيوني يعقد الامور"، مشيرا الى ان "قرب الانتخابات الرئاسية الامريكية تجعل بايدن قريب من جميع الاطراف".
وأضاف، إن "هنالك مشاكل عالقة منذ عقدين من الزمن نتيجة، الهيمنة الامريكية على العراق"، لافتا الى ان "الادارة الامريكية لن تعمل على حل جميع القضايا، من اجل استخدامها كأوراق ضغط خلال الفترة المقبلة".
وأتم الزبيدي حديثه: إن "السياسة الخارجية الامريكية اثبتت فشلها من خلال القرارات التي تصدر بالتزامن مع الاحداث التي تطرأ على الساحة العالمية"، مردفاً ان "ضعف وزارة الخارجية الحالية انعكس بشكل سلبي على حراك التخلص من القيود الامريكية المفروضة".
*بعد الجدل.. ماذا تقول الصحافة المستقلة؟
لقد كشف لقاء رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، بالرئيس الأمريكي جو بايدن في العاصمة واشنطن، عن أمور عدة تخص الانسحاب الأمريكي، أهمها عدم التطرق للملف وغياب القادة الأمنيين عن وفد السوداني “الكبير”، بل أبدى السوداني موافقة العراق على مخرجات اللجان المشكلة لهذا الغرض “مهما كانت".
انتقادات عدة وجهت من مراقبين مستقلين، لهذا الأمر، حتى رجحوا أن غياب هذا الملف عن المباحثات والبيان الرسمي، ربما هو جاء بشرط أمريكي، لكن عزي الأمر من جهة أخرى، إلى أن عدم مناقشة الانسحاب يعود لوجود لجان مشكلة لهذا الغرض ولا يوجد مبرر لطرح الملف مجددا مع بايدن.
ويقول المحلل السياسي محمد علي الحكيم، إن “وفد السوداني إلى واشنطن، والذي تجاوز الـ134 شخصا، لكنه رغم هذا لم يضم القيادات العسكرية والأمنية من وزير الدفاع ووزير الداخلية ومستشار الأمن القومي ورئيس أركان الجيش، يؤشر أن السوداني لا نية له للتحاور حول بعض الملفات وعلى رأسها ملف اخراج القوات الأمريكية”.
من جانبه، يؤكد الخبير الامني مخلد حازم الدرب، أن “ملف خروج القوات الأمريكية، وضعت له أطر واستراتيجيات واوقات وهنالك لجان مشتركة ولجان فرعية مشكلة لهذا الموضوع، وكانت هناك تصريحات واضحة من الامريكيان بأنهم سيتحولون الى علاقات ثنائية امنية مستدامة ضمن اتفاقية الاطار الاستراتيجي الموقعة عام 2008".
ويتابع أن “السوداني من خلال زيارته لم يصطحب معه الى واشنطن اي وفد امني لمناقشة ملف انسحاب قوات التحالف، فهو اعطى اولوية للملفات الاخرى ضمن بنود هذه الاتفاقية وهو ملف الاستثمار وملف الطاقة وملف الاقتصاد، لذلك اصطحب معه شخصيات من ضمنها وزراء ضمن هذا المجال”.