اتفاق سياسي قد يعيد البعث.. إلغاء لجنة حجز أملاك أركان النظام السابق وسحب قانونه من البرلمان
انفوبلس..
نهاية شهر آذار/ مارس الماضي، أوصى مجلس الوزراء، مجلس النواب، بسحب مشروع قانون التعديل الأول لقانون حجز ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة إلى أركان النظام السابق (رقم 72 لسنة 2017).
وبحسب بيان لمجلس الوزراء فإنه قام بإلغاء اللجنة الحكومية المشكلة بهذا الصدد، في البند (ثالثا) من المادة (1)، والبند (ثانياً) من المادة (3)، المبينة في قانون حجز ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة إلى أركان النظام السابق، كما أرسل توصية إلى مجلس النواب بسحب مشروع قانون التعديل الأول لقانون حجز ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة إلى أركان النظام السابق (رقم 72 لسنة 2017).
وأضاف البيان، أن المتضرر يتولى رفع دعاوى بشأن قرار الحجز أو المصادرة أمام المحاكم المختصة، مشيرا إلى ضرورة الأخذ بعين الاهتمام ملاحظات المستشار القانوني لرئيس مجلس الوزراء.
خطوة المجلس أثارت العديد من المخاوف والتساؤلات، أبرزها: هل هي خطوات تدريجية لإعادة البعث؟، أم إنها رضوخ لاتفاقات سياسية خرقت الحكومة من خلالها الدستور والقانون؟
الخبير القانوني علي التميمي أوضح طبيعة قرارات مجلس الوزراء بشأن قانون حجز ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة إلى أركان النظام السابق.
وقال التميمي، إن القانون رقم 72 لسنة 2017 المتعلق بحجز ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة إلى أركان النظام السابق، شمل أعضاء القائمة 55، ثم أُضيف إليهم شخصيات أخرى منهم المحافظون في زمن النظام السابق، ومن كان بدرجة عضو فرع في حزب البعث المنحل فما فوق، ومن كان برتبة عميد فما فوق، ومن كان بمنصب مدير أمن محافظة وأقسامها التحقيقية فما فوق في الأجهزة الأمنية للنظام السابق، فيما أشار القانون إلى أنه كان يمكن للمشمول بهذا القانون الاعتراض على دار السكن المتواجد فيه فقط عبر لجنة خاصة مشكلة بهذا الشأن، وقرار مجلس الوزراء ألغى تلك اللجنة .
ولفت إلى أن اللجنة المُلغاة كان فيها أعضاء من أمانة مجلس الوزراء ووزارتي العدل والمالية، والآن يمكن للمتضرر الذهاب إلى القضاء مباشرة.
وأشار التميمي إلى، أن مجلس الوزراء أرسل سابقا إلى البرلمان تعديلا بقانون رقم 72 لسنة 2017 المتعلق بحجز ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة إلى أركان النظام السابق، وقرار المجلس قام بسحب التعديل من مجلس النواب حسب الدستور والقانون، والنظام الداخلي لمجلس النواب الذي أعطى الحرية لمقدم القانون بإعادة سحبه من جديد.
وكانت الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة قد أصدرت في مارس/ آذار 2018 قرارا تضمّن مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة لصدام حسين وأولاده وأحفاده وأقاربه حتى الدرجة الثانية، كما شمل القرار الآلاف من مسؤولي النظام السابق، بينهم 52 قياديا، أبرزهم سكرتير صدام الشخصي عبد حمود، وابن عمه علي حسن المجيد، ونائبه طه ياسين رمضان، ووزير خارجيته طارق عزيز.
كما تضمّن القرار حجز الأموال المنقولة وغير المنقولة لـ4257 من المحافظين وأعضاء حزب البعث، ممن هم بدرجة "عضو فرع" في الحزب ومن هم أعلى رتبة، ومن كان يشغل رتبة عميد فما فوق في الأجهزة الأمنية للأمن الخاص والمخابرات والأمن العسكري والأمن العام وفدائيي صدام.
وعلى إثر ذلك، تباينت آراء المراقبين حول خفايا وأسباب توقيت صدور قرار مجلس الوزراء الأخير، بين من يقرّ بأنه جاء ضمن مخرجات الصفقات السياسية التي أدت لتشكيل الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني، ولاسيما أنه أتى عقب قرار مماثل تضمّن منح منتسبي جهاز فدائيي صدام السابق حقوقهم، عبر شمولهم بالرواتب التقاعدية ومستحقات الشهداء، وذلك بعد مرور نحو 20 عامًا على اجتثاثهم.
ويذهب في هذا المنحى عضو لجنة النزاهة بالبرلمان العراقي النائب هادي السلامي، ليؤكد أن مثل هذه القرارات لا تصدر إلا ضمن صفقات سياسية، من ضمنها صفقة تشكيل الحكومة الحالية، حيث تم الإعداد لهذه الصفقة مُسبقا على أساس توافقات سياسية بين الأحزاب، وفق تعبيره.
ويقول السلامي، إن مديريات التسجيل العقاري في العراق شهدت عمليات فساد كبيرة خلال السنوات السابقة، جرى خلالها الاستيلاء على عشرات الأملاك والعقارات والأراضي، سواء كانت تابعة لأعضاء حزب البعث أو المواطنين العاديين.
في مقابل ذلك، هناك مَن يُرجّح أن القرار الأخير يمثل صفقة تجارية لأجل شراء تلك العقارات والأملاك بعد رفع الحجز عنها بأسعار زهيدة، ولاسيما أن أغلب مالكيها باتوا إما في عداد الأموات أو أنهم خارج العراق ولا يستطيعون العودة لبلادهم.
الخبير الاقتصادي قصي صفوان يؤكد على ضرورة تفويض ديوان الرقابة المالية -أعلى هيئة رقابة مالية تتولى مراقبة المال العام وحمايته- لأجل متابعة عملية وضع اليد على مثل هذه العقارات والممتلكات، والإشراف على آليات إعادتها لأصحابها الأصليين.
كما يرى صفوان ضرورة التكفل بالإشراف على نقل ملكية هذه العقارات أو بيعها، من أجل منع استغلال وابتزاز أصحابها من قبل جهات متنفذة قد تعمل على الضغط عليهم لأجل التخلي عنها بأقل من أسعارها الحقيقية أو التقديرية، مقترحا أن تقوم الدولة بشرائها مع عدم السماح لجهات أخرى بذلك، بغية منع جميع عمليات الابتزاز والاستغلال، وفق تعبيره.
ويُقدر الخبير الاقتصادي عدد أملاك وعقارات الرئيس البائد صدام حسين فقط بنحو 600 قصر وعقار، تبلغ قيمتها الحقيقية مليارات الدولارات، فضلا عن آلاف العقارات الأخرى لمسؤولي النظام السابق وقيادات حزب البعث في مختلف المحافظات العراقية.