الحكومات المحلية تهاجم قرار تعيين مديري الصحة في المحافظات مركزيا.. مَن تضرر منه؟ ومَن يطبخ الاحتجاجات على نار هادئة؟
انفوبلس/ تقارير
أثار قرار مجلس الوزراء بحصر تعيين مديري الصحة في المحافظات بالمركز، استفزازا كبيرا للحكومات المحلية وفي مقدمتها البصرة الذي سارع محافظها أسعد العيداني لرفض القرار عبر گروبات الواتساب، مُبدياً رغبته بتعيين مدير دائرة الصحة بالمحافظة بواسطة الحكومة المحلية، وليس بموافقة وزير الصحة الاتحادي. ليشتدَّ الجدل بعدها ويلتحق بالعيداني مسؤولون آخرون متضررون من القرار. فمَا تفاصيل القرار؟ ولماذا استفز الحكومات المحلية بسرعة؟ إليك تداعيات ما حدث والجهات التي بدأت بطبخ الاحتجاجات على نار هادئة.
*القرار
اليوم الخميس، قرر مجلس الوزراء أن يكون تعيين مديري الصحة في المحافظات عن طريق اقتراح من وزير الصحة وموافقة مجلس الوزراء.
وجاء في وثيقة صادرة من الأمين العام لمجلس النواب ومعنونة إلى وزارة الصحة جاء فيها، " إشارة الى كتابكم المرقم بالعدد (د.أ.م /٣٢٤٢/٢/٧) المؤرخ في ٢٠٢٤/٣/١٣ ، وبشأن الموضوع نود بيان الآتي :- أعاد القانون رقم (۱۰) لسنة ۲۰۱۸ قانون التعديل الثالث لقانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم (۲۱) لسنة ۲۰۰۸ ارتباط دوائر وزارة الصحة في المحافظات بالوزارة المذكورة ، ونشير بهذا الشأن الى أحكام المادة (۱۲) منه وأكد المعنى المذكور مجلس الدولة بقراره رقم (۲۰۱۸/۷۹) المؤرخ في ۲۰۱۸/۷/۲۱ المرافق ربطاً صورة عنه وقرار مجلس الوزراء رقم (١٥٩) لسنة ٢٠٢١ . . أكدت المادة (۳۸) من قانون الضمان الصحي رقم (۲۲) لسنة ۲۰۲۲ المعنى المذكور عندما ألغت ارتباط دوائر الصحة كافة من المحافظات وإعادتها بصورة مركزية الى الوزارة ، وإلغاء جميع النصوص القانونية التي تتيح ارتباط دوائر الصحة في المحافظات ".
وتابعت، "رسمت المادة (تاسعاً (۱) من القانون المذكور آلية تعيين أصحاب المناصب العليا ، وحيث أن مديري دوائر الصحة في المحافظات لا يسري عليهم وصف المناصب العليا وفقاً لأحكام المادة (١) سابعاً) من القانون لعدم تقاضيهم رواتبهم في موازنة المحافظة بعد إعادة ارتباط دوائر وزارة الصحة بها فإن تعيينهم يكون على وفق أحكام المادة (۸) من قانون الخدمة المدنية رقم (٢٤) لسنة ١٩٦٠ باقتراح من وزير الصحة وموافقة مجلس الوزراء".
*العيداني يرفض القرار
وعقب ساعات من القرار، سرعان ما انتفضت الحكومات المحلية معتبرة إياه، أنه تقويضا لعملها وتجاوزا على صلاحياته وكان في مقدمة تلك الحكومة، حكومة البصرة المحلية برئاسة أسعد العيداني.
وتقول مصادر في محافظة البصرة، إن "العيداني وخلال نقاش بشأن وضع دائرة الصحة بالمحافظة في إحدى مجموعات الواتساب، رفض هذا الاقتراح".
وتضيف المصادر لشبكة انفوبلس، إن "العيداني، عبَّر عن رغبته بتعيين مدير دائرة الصحة بالمحافظة بواسطة الحكومة المحلية، وليس بموافقة وزير الصحة الاتحادي".
*مسؤولون محليون يلتحقون بالعيداني
توالت ردود الفعل على القرار، وعبَّرت العديد من الحكومات المحلية عن رفضها له، واعتبرته تجاوزاً لصلاحياتها وتقويضاً لعملها. فيما طالب بعض المسؤولين المحليين بمراجعة القرار وإلغائه فضلا عن إعادة النظر في آلية تعيين مديري الصحة.
كما دعا بعض الخبراء إلى فتح حوار بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية لتدارس القرار والوصول إلى حلول توافقية. لكن هؤلاء انحازوا في اتجاه المعترضين والرافضين للقرار ولكن بطريقة مبطنة.
وعبَّر مسؤولون محليون، عن رفضهم للقرار بشكل قاطع، فيما عزا مراقبون ذلك إلى أن القرار سيمنع هؤلاء من التحكم بالدرجات الوظيفية نظرا لحصره تعيين المديرين مركزيا.
*مَن يطبخ الاحتجاجات على نار هادئة؟
منذ سنوات، تعاني عدد من المحافظات، لا سيما الجنوبية منها، تردياً كبيراً في المؤسسات الصحية، إلى جانب غياب الرقابة والمتابعة من قبل الحكومات المتعاقبة.
وشهدت بعض المحافظات، احتجاجات شعبية، بعضها طالب برحيل مديري دوائر الصحة، وأخرى تدعو إلى محاسبتهم، بسبب تقاعسهم عن أداء واجباتهم بصورة صحيحة، على الرغم من المخصصات الكبيرة التي وصلت لتلك المؤسسات.
وبسبب توجه الحكومة لاعتماد مديرين لدوائر الصحة بموافقة وزيرها حصراً، هناك من يحاول تأليب الرأي العام في المحافظات، خصوصاً مع استمرار بعضهم لسنوات عدة.
تقول مصادر مطلعة، إن "بعض المحافظات قد تشهد احتجاجات على خلفية تغيير مديري دوائر الصحة، واستبدالهم بآخرين مقرَّبين من بعض الجهات المتنفذة".
وتضيف تلك المصادر، إن "تلك الاحتجاجات تُطبخ على نار هادئة، تذكيراً بما حصل خلال السنوات السابقة، بشأن الاحتجاجات التي شهدتها المحافظات الجنوبية، لا سيما ذي قار احتجاجاً على مديري دائرة الصحة".
وتؤكد، إن "مَن يقف وراء التحضير لتلك الاحتجاجات هم جماعات تابعة لشخصيات متنفذة لم يرُق لها قرار حصر تعيين المديرين بالمركز نظراً لاستفادتها الكبيرة من تدوير الدرجات الوظيفية".
وأشارت المصادر إلى، أن "الاحتجاجات قد تبدأ من محافظة البصرة كون محافظها أول مَن اعترض على القرار، بل وهاجمه".
*تحذيرات كبيرة
من الطبيعي أن تكون الحكومات المحلية في مقدمة المحتجين على القرار، كونها المتضرر المباشر من هذا القرار، لكن مراقبين حذروا من استغلال بعض السياسيين هذا القرار لمصلحتهم الشخصية، من خلال تحريض الحكومات المحلية والرأي العام ضد الحكومة المركزية.
كما حذر هؤلاء، من انضمام بعض منظمات المجتمع المدني إلى الاحتجاجات، إيمانًا منها بأهمية مشاركة الحكومات المحلية في اتخاذ القرارات التي تُمسّ شؤون المحافظات.
جرى التحذير أيضا من وسائل الإعلام ودورها في تأجيج الاحتجاجات من خلال نشر اخبار وتقارير مظللة توهم الرأي العام بالقرار المتخذ موضوع الحديث.