السعودية تستضيف السوداني .. الانضمام إلى طريق التنمية من بوابة المنتدى الاقتصادي العالمي
انفوبلس/ تقارير
ثمانية أيام على اختتام زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى واشنطن، حتى شد الرحال اليوم إلى السعودية بدعوة من ولي عهدها محمد بن سلمان وذلك للمشاركة في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي تستضيفه المملكة. وبين العودة من واشنطن والذهاب إلى الرياض هناك فترة زمنية قصيرة شهدت توقيع مذكرة تفاهم بين العراق وتركيا وقطر والإمارات بشأن واحد من أضخم المشاريع في العراق والخليج وهو طريق التنمية. مذكرة أظهرت أن لا دور لإيران والسعودية بهذا المشروع العملاق لكن زيارة السوداني قد تضم الثانية للمشروع وتبحث سبل ذلك، فماذا عن الدولة الأولى إذاً؟ وما أبرز الملفات التي حملها السوداني معه إلى الرياض؟
*ثمانية أيام على اختتام زيارة واشنطن
قبل الشروع في تفاصيل زيارة السعودية التي تمت اليوم، لابد من التذكير بأن هذه الزيارة سُبقت بزيارة إلى واشنطن استمرت ستة أيام واختُتمت في العشرين من نيسان الجاري، حيث عاد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني إلى العاصمة بغداد في التاريخ المذكور بعد اختتام زيارته الرسمية إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد تضمنت زيارة السوداني إلى واشنطن، سلسلة من اللقاءات والمباحثات والندوات والجلسات الحوارية وفعاليات أخرى لعل أبرزها لقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن واستقبال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن فضلا عن زيارة مقر البنتاغون ولقاء وزير الدفاع لويد أوستن.
*ستة أيام على زيارة أردوغان
بعد عودة السوداني، زار الرئيس التركي رجب طيب اردوغان العراق في زيارة هي الأولى منذ أكثر من عقد حيث كانت آخر زيارة للرئيس التركي إلى بغداد عام 2011.
وشهدت الزيارة التي استمرت ليوم واحد، توقيع العراق وتركيا اتفاقيتين استراتيجيتين وأكثر من 20 مذكرة تفاهم، أبرزها بشأن ملفات المياه والزراعة والاقتصاد والتبادل التجاري.
كما تمخض عن الزيارة، توقيع مذكرة تفاهم رباعية بين العراق وتركيا وقطر والإمارات تخص طريق التنمية.
وبعد يوم واحد، غادر أردوغان العراق، عائداً إلى بلاده عقب استكمال لقاءاته في بغداد وأربيل.
*زيارة السعودية
بعد اختتام زيارة السوداني إلى واشنطن، واختتام زيارة الرئيس التركي إلى العراق، زار رئيس الوزراء العراقي اليوم السعودية وذلك للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي.
وذكر المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء في بيان ورد لشبكة انفوبلس، أن "رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، وصل صباح اليوم الأحد، إلى العاصمة السعودية الرياض، للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي، بدعوة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز".
وأضاف، أن "السوداني سيجري على هامش المنتدى، الذي تستضيفه المملكة العربية السعودية تحت شعار "التعاون الدولي والنمو والطاقة من أجل التنمية"، سلسلة من اللقاءات مع عدد من زعماء الدول، ومع رؤساء وممثلي شركات عالمية كبرى متخصصة في مجال الطاقة والتكنولوجيا الرقمية".
وأوضح البيان، أن "المنتدى يهدف إلى دعم الحوار العالمي وإيجاد الحلول للتحديات العالمية المشتركة، كما سيشهد حضور عدد من رؤساء الدول، ومشاركة واسعة من الخبراء الدوليين والمفكرين، من القطاعات الحكومية والخاصة والمنظمات الدولية والمؤسسات الأكاديمية من 92 دولة".
*أهداف وملفات الزيارة
بعد وصول السوداني إلى السعودية بساعات، أعلن الناطق باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، اليوم الأحد، عن أبرز الملفات التي سيبحثها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد بالعاصمة السعودية الرياض.
وقال العوادي للوكالة الرسمية، إن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يشارك، اليوم، في الاجتماع الأول للمنتدى الاقتصادي العالمي بالعاصمة الرياض". لافتاً الى، أن "مشاركته سيتصدرها اللقاء بمجموعة من قادة البلدان منهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وأمير الكويت، ورئيس وزراء باكستان، ومجموعة من الشركات العالمية".
وأضاف، إن "رئيس الوزراء يحمل في حقيبته مشروع (طريق التنمية)، باعتباره الأصدق تعبيراً عن عنوان الملتقى (التعاون الدولي والنمو والطاقة من أجل التنمية)". موضحاً، إن "طريق التنمية سيكون خارطة طريق للتعاون بين الشرق والغرب، وقفزة تنمية نوعية كبرى في المنطقة، وهو مؤهل ليكون أفضل طرق نقل الطاقة مستقبلا".
وأكد، إن "رئيس الوزراء سيبحث أيضاً تطورات الوضع الإقليمي الراهنة، وحرب غزة، وتطوير العلاقات العراقية العربية والدولية".
*أهمية الزيارة
وعن أهمية الزيارة، أكد الخبير الاستراتيجي مجاشع التميمي، أن زيارة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني الى المملكة العربية السعودية للمشاركة في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي يومي 28 و29 من الشهر الجاري، لها غاية في الأهمية ، وذلك لعرض رؤية العراق وشرح تطور الاوضاع الاقتصادية والامنية وخطط الحكومة العراقية في قضايا مهمة مثل مشروع “طريق التنمية” حيث أبرمت كل من تركيا والعراق وقطر والإمارات مذكرة تفاهم رباعية للتعاون بشأن هذا المشروع “.
ويرى التميمي، أن "العلاقات بين البلدين في تطور مستمر، وبخاصة بعد فتح منفذ جديدة ، “عرعر البري”، ومعاودة النقل الجوي ضمن جداول الرحلات اليومية لأهداف الدفع بالحركة التجارية الجوية، ولها أبعاد اقتصادية لتسهيل تنقل رجال الأعمال والمستثمرين فيما بينهما".
ويعتقد الخبير الاستراتيجي، أن "السوداني يدرك أهمية المملكة الاقتصادية، لذلك دفع الى الاستمرار في عقد اتفاقيات متعددة الأهداف والتي بدأها رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي وأبرزها نقل الطاقة ومبادئ الاتفاق العام للنقل الكهربائي ومشاريع الطاقة المتجددة، فضلا عن تأسيس مجلس التنسيق السعودي العراقي ، فيما اكد التاثير السعودي القوي على الساحة العربية والاقليمية والدولية".
بدوره، أوضح العوادي أهمية مشاركة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في المنتدى الاقتصادي العالمي وفيما أكد عمل الحكومة على تعريف العالم بحقيقة الوضع في العراق لجلب الاستثمارات وتحويل اقتصاد البلد من ريعي إلى اقتصاد السوق بدل الصورة الضبابية التي يتم ترويجها، كشف عن تحقيق قفزة في العلاقات بين العراق والسعودية رفعت حجم التبادل التجاري لمديات غير مسبوقة.
*حجم التبادل التجاري مع السعودية
ولفت المتحدث باسم الحكومة إلى، أن "العراق بحاجة للاستثمارات؛ لاستغلال ثرواته وكذلك تطوير قطاعي الصناعة والزراعة لننتقل من الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد السوق وندعم القطاع الخاص ونوفر المزيد من الوظائف في القطاع الخاص وفي زيارة رئيس الوزراء إلى واشنطن كان هناك وفد من رجال الأعمال دعما لهذا التوجه".
وعن العلاقات بين بغداد والرياض أوضح العوادي، أن "العلاقات العراقية - السعودية في تطور ونمو مستمر وحصلت قفزة في العام الماضي في ظل حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، حيث قفز التبادل التجاري بين البلدين ما بين المليار إلى المليار وخمسمئة مليون دولار في العام الماضي، والسنوات التي سبقته كان يتوقف عند حدود الـ 300 مليون دولار أو نصف مليار دولار".
ولفت إلى، أن "هذه القفزة في العلاقات والتعاون نعتبرها بداية، والحكومة حريصة على توسيع التعاون التجاري وفي باقي القطاعات إلى مديات أوسع".
*هل ستنضم الرياض إلى طريق التنمية؟
يؤكد التميمي، أن "العراق يرغب بدخول الرياض كطرف مهم في مشروع طريق التنمية، فضلا عن قضايا تتعلق بمشاريع الطاقة وبخاصة الكهرباء والغاز والصناعات الاخرى والبناء، حيث يوجد في السعودية اليوم أكثر من 180 من المقار الإقليمية للشركات العالمية التي يمكن ان تدخل في السوق المحلي العراقية وهو ما يرغب به السوداني وفريقه من خلال اجراء اكبر عدد من اللقاءات مع تلك الشركات”.
إلى ذلك، قال عضو لجنة الاقتصاد والصناعة والتجارة البرلمانية علي المكصوصي، إن "العراق منفتح على كل دول المنطقة لضمان ان تكون جزءا من طريق التنمية وغير مستبعد انضمام السعودية الى هذا المشروع بعد دخول قطر والامارات ضمن المشروع، فهذا قد يكون احد اجندة حوار السوداني مع المسؤولين في الرياض".
ورأى المكصوصي أن "العراق يريد دخول الشركات السعودية المختلفة في فرص الاستثمار خاصة بمجال الطاقة والغاز، ولهذا زيارة السوداني الى الرياض ستحمل ملفات اقتصادية كبيرة وجميعها مهمة بالنسبة للعراق، وربما تكون لها نتائج مثمرة على الملف الاقتصادي العراقي خلال المرحلة المقبلة".
*ماذا عن إيران وإقصائها من طريق التنمية؟
لقد أوضحت إيران مرارا وتكرارا، أن مطالبتها بالربط السككي مع العراق هو لغرض نقل الزائرين فقط لا البضائع، حتى أن وزير نقلها أفندي زاده عبّر عن دعمه للمشروع وقال إن بلاده لها دور في مجال الترانزيت ونقل البضائع إلى روسيا ودول آسيا الوسطى وتتطلع للعمل المشترك في المجالات الجديدة للتعاون خاصة في نقل البضائع الى أوروبا عبر إيران أو العراق، وهي تمثل فرصة ممتازة لجميع دول المنطقة لتنتفع من مشروع طريق التنمية في نقل البضائع بشكل عام.
ورغم ذلك، تنظر دول الخليج وبعض القائمين على هذا المشروع بعين واحدة بحسب مراقبين، حيث يؤكد هؤلاء أن "فوبيا" إيران باتت متلازمة لدول الخليج ولهذا تم إقصاؤها من طريق التنمية بل تغاضوا حتى على الربط السككي زاعمين أنه لنقل البضائع رغم تأكيد إيران على أنه للزائرين فقط.
وبهذا الصدد، يؤكد خبراء استراتيجيون، أن السعودية لن تفوت عليها فرصة الانضمام إلى طريق التنمية، وستسعى جاهدة لإقناع السوداني بذلك خلال تواجده في الرياض.
ورأى هؤلاء، أن طريق التنمية سيسهل على السعودية نقل البضائع الى اوروبا، وبذلك فإن الرياض ستستثمر زيارة السوداني لإقناعه على ضمها إلى الدول المنضوية تحته أي العراق وتركيا وقطر والامارات.
*لمَ الاستياء الكويتي من المذكرة الرباعية؟
في الرابع والعشرين من نيسان الجاري، أعرب نواب كويتيون عن استيائهم من "استبعاد" الكويت من مشروع طريق التنمية الذي تم توقيعه في إطار مذكرة تفاهم رباعية بين العراق وتركيا والإمارات وقطر وذلك خلال الزيارة التي قام بها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى العاصمة بغداد يوم الاثنين الماضي.
وأعرب عدد من النواب في الكويت عن استيائهم من الاتفاق الرباعي هذا، لاعتبارهم أن عدم الاستقرار السياسي في الكويت والفراغ في بعض المناصب القيادية أدى إلى تعطيل المشاريع التنموية في البلاد، الأمر الذي يكبّد بلادهم خسائر كبيرة على مختلف المستويات ولاسيما الاقتصادية منها.
وعن سبب الاستياء يجب الذكر، "يقع ميناء مبارك الكويتي مقابل ميناء الفاو العراقي في منطقة البصرة والذي من المنتظر بموجب مشروع "طريق التنمية" أن يربط الأسواق الآسيوية بالأوروبية".
واعتبر بعض النواب الكويتيين بأن عدم تطوير ميناء مبارك كان سببا في استبعاد الكويت عن المشروع، وفي هذا الإطار، أعرب عدد منهم عن استيائهم مما وصفوه بـ "التقاعس" في إنجاز مشروع تطوير مدينة الحرير (الصبية وجزيرة بوبيان) ومن مشاريعها ميناء مبارك الذي بدأ العمل به في سبتمبر/ أيلول عام 2007، وهو ما يعتبرونه مشروعا حيويا ومهما للكويت، كونه عمودا أساسيا في إطار رؤية الكويت 2035 المبنية أصلا على تطوير المنطقة الشمالية من الكويت، لتكون بيئة استثمارية جاذبة بعيداً عن العائدات النفطية.