السفيرة الأميركية تُخصع قيادات الإقليم.. لماذا تراجع "القچقچي" عن الانسحاب من الانتخابات؟
انفوبلس/ تقارير
تناقضات كبيرة في مواقف الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، فبعد إعلان المكتب السياسي للحزب مقاطعته لانتخابات برلمان الإقليم في الثامن عشر من آذار الجاري، تراجع اليوم زعيمه وقال إنهم لم يقرروا ذلك لكن اللافت أن تراجع "القچقچي" جاء بعد لقائه السفيرة الأميركية وتأكيد مصادر بأن هناك 27 سفارة وقنصلية ضغطت عليه للإقدام على تلك الخطوة، ما يعني أن عدوله عن الانسحاب تم بطريقة مجبرة وليست مخيّرة. فما الهدف من كل ذلك؟ ولماذا يخضع مسعود وحاشيته إلى الضغوط الأميركية؟ وما علاقة "ثورة الموظفين" بما جرى؟
*مقاطعة الحزب الديمقراطي للانتخابات
في الثامن عشر من آذار الجاري، أعلن الحزب الديمقراطي الكوردستاني، عدم مشاركته في انتخابات برلمان كردستان "لمخالفتها القانون"، معتبراً أن قرارات المحكمة الاتحادية الأخيرة "غير دستورية".
وأصدر المكتب السياسي للحزب بياناً قال فيه، إن قرار المحكمة الاتحادية العليا بإلغاء الكوتا في "حيثياته" حول قانون انتخاب برلمان كوردستان قد "تضمن تفاصيل الخروقات الدستورية بحق إقليم كوردستان"، مشيراً إلى أنه "امتداد لسلسلة من قراراتها غير الدستورية ضد الإقليم وذلك خلال السنوات الأربع الماضية".
وذكر، إن القرار "خرق فاضح وخطير للدستور وإجهاض للنظام الديمقراطي في إقليم كوردستان، ومحاولة للعودة بالعراق إلى نظام الحكم المركزي".
وأشار الديمقراطي الكردستاني إلى، أن "التشكيلة الحالية للمحكمة الاتحادية العليا غير دستورية وتريد بقرارات سياسية وغير دستورية أن تسلب مكاسب" شعب كوردستان.
وحذر الحزب بالانسحاب من العملية السياسية في العراق، بالقول: "نضع أطراف تحالف إدارة الدولة أمام مسؤولياتهم الوطنية في تطبيق الدستور وجميع بنود الاتفاق السياسي والإداري الخاصة بتشكيل الحكومة الحالية برئاسة السيد محمد شياع السوداني، وبعکسە لا یمکننا الاستمرار في العملیة السیاسیة".
ورأى الحزب، إن "من مصلحة شعبنا ووطننا عدم امتثال حزبنا لقرار غير دستوري ونظام مفروض من خارج إرادة شعب كوردستان ومؤسساته الدستورية"، معلناً مقاطعته لـ "انتخاب يجري خلافاً للقانون والدستور وتحت مظلة نظام انتخابي مفروض".
*ورقة ضغط على المركز
وعقب الانسحاب، قال القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني غياث السورجي، إن الحزب الديمقراطي الكردستاني لا يمكنه البقاء خارج العملية السياسية في هذه المرحلة، معتبرًا التهديدات بالانسحاب مجرد ورقة ضغط لحل الخلافات بين حكومتي المركز والإقليم.
وقال السورجي في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن “تهديدات الحزب بالانسحاب من الحكومة الاتحادية لا تعدو كونها ورقة ضغط لدفع تحالف إدارة الدولة أو الإطار التنسيقي لاتخاذ موقف جاد ولمعالجة المشاكل المتفاقمة بين حكومتي المركز والإقليم، وبالأخص مع الحزب الديمقراطي الكردستاني".
وأكد، إن “الاتحاد الوطني الكردستاني يرى أن قرارات المحكمة الاتحادية وقوانين المفوضية تخدم مصلحة شعب إقليم كردستان".
وأضاف، إن “قرارات المحكمة نهائية وملزمة ولا يمكن تغييرها إلا في حالات استثنائية، مشددًا على أن لا الولايات المتحدة ولا أي دولة إقليمية ولا حتى البرلمان العراقي يمكنها الضغط على المحكمة لتغيير قراراتها”.
*ضغط على الإطار التنسيقي
من جانبه، كشف السياسي الكردي حكيم عبد الكريم، أسباب انسحاب الحزب الديمقراطي من المشاركة في انتخابات برلمان كردستان.
وقال عبد الكريم في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "القرار جاء بسبب خسارة الحزب الديمقراطي 11 مقعدا من مقاعد الكوتا وأيضا خسارته لـ 400 ألف صوت انتخابي كان يستخدمهم للتزوير والحصول على أصواتهم بطريقة غير قانونية".
وأضاف، إن "الانسحاب وعدم المشاركة هدفه الضغط السياسي على الإطار التنسيقي والحكومة العراقية، للتخفيف من القرارات المتخذة ضد الإقليم، وخاصة بقضية الرواتب والموازنة، لأن الديمقراطي لا يريد خسارة توزيعه الرواتب، لأنها تفقده الكثير وتعني له خسارة كبيرة جدا".
*لقاء بالسفيرة الأميركية يُغيّر رأي "القچقچي"
"قچقچي" كردستان لم يلتزم كثيرا بكلامه أو قراره بل احتاج لأقل من يومين للتراجع عن الانسحاب بعد لقائه السفيرة الأميركية في العراق.
حيث استقبل مسعود بارزاني، أمس الاربعاء، السفيرة الامريكية لدى العراق إلينا رومانسكي. وقال مقره في بيان، ورد لشبكة انفوبلس، إن السفيرة الأمريكية أعربت عن قلقها إزاء الوضع السياسي في العراق وإقليم كردستان، ودعت الحزب الديمقراطي الكوردستاني إلى القيام بدوره مع الأطراف الأخرى لحل القضايا والمخاوف بالانتخابات.
وأشار بارزاني في اللقاء إلى أسباب بيان الحزب الديمقراطي الكوردستاني، وأوضح للوفد الأمريكي أن حزبه بادر إلى إجراء الانتخابات منذ بداية التسعينيات، ولطالما دعم إجراء الانتخابات، وهو لا يخشى الانتخابات، لكن لديه تعليقات على آلية إجرائها وخطورة تقويض مبادئ العيش المشترك والقضاء على مشاركة الطوائف في الحياة السياسية، وفق قوله.
وزعم بارزاني بأن "الانتخابات أُجِّلت لمدة عامين لأسباب مختلفة، وتدخلت أيادٍ خارجية في الأمر وقللت من قيمة ومكانة الإقليم. كما قاموا بتغيير قرارات وقوانين إقليم كردستان بشكل غير دستوري وغير قانوني وظلموا الطوائف والشعب الكوردستاني بأكمله".
*بارزاني: لم نقاطع الانتخابات
وفي تراجع مخجل وصريح، أكد بارزاني للسفيرة الأميركية أن الحزب الديمقراطي لم يقاطع الانتخابات، ولكنه مع إجراء انتخابات نزيهة وشفافة وآمنة وخالية من التدخلات الخارجية وبرامج مسبقة وأن لا يتم حرمان الناخبين من التصويت وأن لا يقلل من قيمة العملية الديمقراطية، وفق وصفه.
وأشار بارزاني في كلمته خلال اللقاء إلى العلاقات بين أربيل وبغداد، وقال إن هناك اتفاقا واضحا وشاملا مع الإطار التنسيقي تحت اسم ائتلاف ادارة الدولة، فيما زعم أن ذلك الاتفاق لم يتم تنفيذ أي من نقاطه المهمة.
*27 سفارة وقنصلية تهافتت على "القچقچي"
إلى ذلك، كشف مصدر سياسي مطلع، اليوم الخميس، عن محاولات حثيثة قادتها سفارات وقنصليات الدول الأجنبية بهدف ثني الحزب الديمقراطي للتراجع عن قرار مقاطعة انتخابات برلمان كردستان.
وقال المصدر، إن "ممثلي 27 سفارة وقنصلية زاروا المكتب السياسي للديمقراطي الكردستاني والتقوا كذلك برئيس الحزب مسعود بارزاني ورئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني".
وأضاف، إن "السفراء والقناصل ضغطوا على الديمقراطي للعدول عن قراره بالانسحاب من انتخابات الإقليم".
وأشار إلى، أن "كلام بارزاني اليوم خلال لقائه مع السفيرة الأميركية هو بمثابة عدول أولي عن قرار المقاطعة، وسيتبعه بيان للمكتب السياسي خلال الأيام المقبلة يقرر المشاركة بالانتخابات، وذلك بعد تلقيهم إشعارات بعدم التدخل أكثر والضغط على الإقليم".
*البارتي يعيش أصعب أيامه وثورة الموظفين قادمة
وتحت ضغط أزمة الرواتب، والإضرابات المستمرة للموظفين، وقرارات المحكمة الاتحادية العليا التي وضعت حدا لسلطات الإقليم بالعبث بالدستور، واشتداد المعارضين له والمؤيدين للمركز، بات الحزب الديمقراطي يعيش في أصعاب أيامه، ولعل التخبط الأخير في قراراته يثبت ذلك، فبغضون يومين فقط خرج الحزب ودخل من العملية السياسية في أحداث أثبتت تطوراتها أن مركز القرار بات خارج كردستان وما الحكّام هناك إلى "بيادق" بيد واشنطن وغيرها.
وفيما يخص أزمة الرواتب، وإضرابات الموظفين، فقد كان آخر تطوراتهم، هو تهديدهم بتظاهرات غاضبة قد تمتد لثورة في حال عدم توطين الرواتب بمصارف الحكومة المركزية.
وحذرت لجنة المعلمين المحتجين في إقليم كردستان، اليوم الخميس، من تنظيم تظاهرات شعبية الاثنين المقبل، في حال عدم إلغاء نظام (حسابي)، مطالبة بتوطين الرواتب على مصارف الحكومة الاتحادية.
وقالت اللجنة في بيان ورد لشبكة انفوبلس، إنه “في مثل هذا اليوم (نوروز)، تم القضاء على الظلم وتحققت الحرية، ومن هنا نعلن رفضنا لنظام (حسابي) لأنه يخدم مصلحة السلطة الحاكمة في الإقليم “، مطالبة الأحزاب أن “لا يتلوّنون مرةً مع توطين الرواتب ومرة مع نظام حسابي".
وتابع البيان، “يجب تطبيق قرار المحكمة الاتحادية، المتضمن توطين الرواتب في مصارف بغداد وإلغاء مقاعد الكوتا”، مؤكدا أنه “في حال عدم مقاطعة حساب الإقليم، فإننا سنعمل على تنظيم احتجاجات شعبية يوم الاثنين المقبل تنطلق من حديقة الملك محمود في السليمانية نحو دباشان مقر إقامة رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني".
ودعت اللجنة في بيانها، سلطة الإقليم، الى “توطين الرواتب على مصارف الحكومة الاتحادية”.