السوداني يعتزم والمالكي يؤكد.. أبرز المحافظين المُهدَّدين بالإقالة.. نجم الجبوري لا يستبعد ذلك وصراع مُحتدِم في الأنبار
انفوبلس/ تقرير
يعتزم رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، في خطوة تُعد الأولى منذ تشكيل الحكومات العراقية بعد عام 2003، إجراء تعديل يطال وزراء في حكومته وعدداً من المحافظين. حيث قال الأخير، في لقاء تلفزيوني مؤخراً، إن الحكومة مقبلة على تعديلات في التشكيلة الوزارية، وعلى مستوى المحافظين والمديرين العامين، في وقت أكد فيه زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وجود نيّة لدى رئيس الحكومة بذلك.
وكان السوداني الذي شكّل حكومته (الحكومة العراقية الثامنة منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003)، في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، بعد أزمة سياسية خانقة امتدت لأكثر من عام كامل، تعهد، بعد أيام من تشكيلها، أنه سيعمل على تقييم أداء أصحاب الدرجات الخاصة في الدولة (المديرين العامين ووكلاء الوزارات والمحافظين) في غضون 4 أشهر، وإخضاع الوزراء للتقييم في غضون 6 أشهر.
ورغم كل التغييرات التي يعمل عليها السوداني، فإن ملف تغيير المحافظين يبدو أكثر الملفات حساسية بسبب الأوضاع الأمنية التي شهدتها أغلب المحافظات خلال احتجاجات أكتوبر/ تشرين الأول 2019، ومخاوف أكثر من أن يتم تنصيب محافظين لهم صلة بجهات سياسية وهذا ما قد يؤجّج ويُعيد مشهد الاحتجاج مرة أخرى.
وفي هذا السياق، فإن هناك إشكالية دستورية بخصوص تغييرهم، كونهم منتخبين من قبل مجالس المحافظات. وبما أن مجالس المحافظات جرى تعطيلها قبل نحو 4 سنوات، فإن مسألة تغيير المحافظين في ظل عدم وجود المجالس يمكن أن يفجّر خلافاً بين الكتل السياسية التي ينتمي لها المحافظون المشمولون بالتغيير وبين رئيس الوزراء. وتعهد السوداني خلال اللقاء المتلفز، بإعادة الثقة بين النظام السياسي والمواطن العراقي، مبيناً إن "منسوب الثقة تراجع كثيراً، وبالتالي نحن بحاجة إلى مصداقية للتعاون مع المواطنين".
وقال السوداني أيضا بهذا الصدد، إن "انتخابات مجالس المحافظات لن تجري قبل 20 ديسمبر (كانون الأول) المقبل". لافتاً إلى، أن "هناك إجراءات ومتطلبات لن تستطيع المفوضية إكمالها قبل هذا التاريخ، وأن هناك قوى سياسية مهمة في البرلمان ترى ضرورة تغييرها".
في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قال رئيس الوزراء الأسبق ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي في مقابلة متلفزة، إن السوداني ينوي تغيير المحافظين، سيما بالمحافظات التي "تعثرت قضاياها" على حدّ قوله، في الناصرية وبابل وواسط.
ويضيف المالكي خلال المقابلة، إن السوداني لديه نيّة أيضا بأن يتحصل على قرار من مجلس النواب بتغيير كل المحافظين وإعادة توزيعهم وفق الاستحقاقات الانتخابية، وأنه أعطى لنفسه مهلة من شهرين إلى 3 أشهر لهذا التغيير.
وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، كشفت مصادر بارزة في بغداد، عن عزم رئيس الحكومة في بغداد، استبدال أربعة محافظين (محافظ نينوى نجم الجبوري، ومحافظ الأنبار علي فرحان الدليمي، ومحافظ ذي قار محمد هادي الغزي، ومحافظ بابل وسام أصلان الجبوري) لكن مكتب السوداني نفى ذلك في محاولة لعدم شغل الرأي العام بذلك.
لكن، أعلن مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مؤخراً، عن إرسال استمارة لمجلس النواب تتضمن تقييم النواب للمحافظين في (13) محافظة. وتضمنت الاستمارة "تقييم أعضاء مجلس النواب عن محافظة (بغداد، نينوى، البصرة، كركوك، ديالى، واسط، الأنبار، بابل، كربلاء، النجف، ميسان، ذي قار، المثنى)".
*"صراع محتدم" على منصب محافظ الأنبار
وأكدت مصادر محلية، أن "حزب تقدّم بزعامة محمد الحلبوسي، قدّم (صهيب الراوي) بديلا عن علي فرحان، فيما رشح تحالف الأنبار الموحد القيادي فيه قاسم الفهداوي لمنصب المحافظ". وأشارت المصادر إلى، أن "السوداني لم يختر أي مرشح كبديل عن محافظ الأنبار حتى اللحظة". لافتة إلى، أن "رئيس الوزراء هو الآخر لديه أسماء مرشحة لهذا المنصب بعيدا عن ترشيحات القوى السياسية".
*محافظ نينوى لا يستبعد إقالته
لم يستبعد رئيس الحكومة المحلية في محافظة نينوى نجم الجبوري، أن تخلفه امرأة في حال تركه، أو إقالته من منصبه. وقال الجبوري، إن "الكرسي لا يدوم لأحد وإنني أدّيت عملي ورسالتي بتصوري وتقديري وتقدير كثير من المنصفين".
وأضاف، إن "الكرسي لا يدوم لنجم الجبوري ولا لمن يأتي بعده". مشددا على، أن "المهم هو تأدية الواجب المكلّف به، يكفيني شرفا أن مدينتنا ومحافظتنا اليوم يُشار لها بالبَنان، وهذا يكفيني شرفا". مؤكدا، "لا يهمني أن أُغادر هذا الكرسي ليأتي رجل آخر أو امرأة تجلس على هذا الكرسي وتُدير المحافظة وهو شيء طبيعي".
أما بخصوص محافظة ذي قار، فقد أعلنت هيئة النزاهة الاتحاديَّة، اليوم الخميس، عن صدور أمر استقدامٍ بحقّ محافظ ذي قار الحالي، على خلفيَّـة تهمة استغلاله المنصب الوظيفي.
وقالت دائرة التحقيقات بالهيئة في بيان، إن "محكمة تحقيق الكرخ الثانية المُختصَّة بالنظر في قضايا النزاهة أصدرت أمر استقدام بحقِّ محافظ ذي قار الحالي، على خلفيَّة استغلاله منصبه الوظيفي". مشيرة إلى، أن "المُتَّهم امتلك إحدى شركات المقاولات والاستشارات العامة المحدودة، ويشغل منصب مديرها المُفوَّض". مُؤكِّدةً، "حصول شركته على عقود من جهاتٍ حكوميَّةٍ، لتنفيذ مشاريع من ضمنها مشاريع في محافظة ذي قار".
وتنص أحكام المادة الـ 340 من قانون العقوبات، على أن "يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 7 سنوات كل موظف أو مكلف بخدمة عامة أحدث عمداً ضرراً بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل فيها أو يتصل بها بحكم وظيفته أو بأموال الأشخاص المعهودة بها إليه".
*10 محافظين تحت مجهر السوداني
القيادي في الإطار التنسيقي تركي العتبي بيّن سابقاً أن "السوداني أمهل 10 محافظين مهلة 100 يوم لتصحيح مسار العمل في محافظاتهم خاصة مع وجود ضعف في الأداء وكثرة الشكاوى، وهناك ملفات لدى النزاهة على البعض منهم".
*ملاحظات كثيرة على عمل المحافظين
إلى ذلك، بيّن النائب عن تحالف الفتح زهرة البجاري، أن “أغلب المحافظين الحاليين قضوا في مناصبهم مُددا زمنية طويلة، وهناك ملاحظات كثيرة وكبيرة على عمل بعضهم من خلال الشبهات التي تحوم حول أعمالهم أو التقصير في الأداء، خصوصاً المتعلق بالجانب الخدمي، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني يتابع ملف الحكومات المحلية من أجل تحسين واقع الخدمات، وأولى خطوات تحسين هذا الملف هو تغيير رؤساء الحكومات المحلية، ممن عليهم مؤشرات مختلفة”.
وتكشف البجاري، أن “التغييرات التي سيقوم بها السوداني بشأن بعض المحافظين، سوف تجري عقب تقييم من قبل لجنة حكومية مختصة، إضافة إلى تقييم نواب المحافظة لعمل كل محافظ، وليس وفق الأجندة والأهواء السياسية، كما يحاول البعض الترويج لذلك، والأيام المقبلة سوف تشهد إصلاحات حقيقية في الحكومات المحلية خلال تغيير بعض المحافظين المقصرين".
وتضيف، أن "رئيس الوزراء هو المسؤول المباشر عن اختيار المحافظين الجدد بعد أن يُعفي السابقين، والاختيار سيكون بالتنسيق والتشاور مع أعضاء مجلس النواب الممثلين عن أي محافظة يتم فيها تغيير المحافظ، وهناك الآن تنسيق فعلي بين السوداني والنواب لحسم هذا الملف، ويبقى القرار الأول والأخير بيد رئيس الوزراء". لافتة إلى، أن “القوى السياسية لن يكون لها ضغط لتسمية أي شخصية بمنصب المحافظ".
يشار إلى أن رئيس الوزراء أصدر أمراً بسحب يد محافظ الديوانية زهير علي الشعلان، وذلك لوجود ملفات تحقيقية بحقه عن شبهات فساد إداري ومالي، يجري النظر فيها من قبل المحاكم المختصة.
وتعتبر عقوبة سحب اليد في القانون العراقي بمثابة تجريد من الصلاحيات وتجميده عن العمل لحين انتهاء التحقيق بحق المسؤول.
في السياق، أوضح الخبير القانوني علي التميمي، في بيان، أنّ "أسباب إقالة المحافظ وفق القانون 21 لسنة 2008، حسب المادة الـ7 بفقراتها يكون لأحد الأسباب، وهو هدر المال العام وعدم النزاهة واستغلال المنصب أو فقدان شروط العضوية بالاستجواب بناءً على طلب من ثلث أعضاء مجلس المحافظة وفق حالة عدم القناعة بأجوبة المحافظ، يصوت مجلس المحافظة بالأغلبية المطلقة على تحديد جلسة جديدة للتصويت على الإقالة بالأغلبية المطلقة في أحد أسباب الإقالة أعلاه، وهو ما نصّت عليه المادة الـ7 من القانون أعلاه رقم 21، وهو يسري على نواب المحافظ أيضاً، وهذه الطريقة معطلة بعد حلّ مجالس المحافظات".
وبيّن التميمي، أنه "أيضاً لرئيس مجلس الوزراء الطلب للبرلمان أن يُقيل المحافظ لأحد أسباب الإقالة أعلاه بطلب من رئيس مجلس الوزراء، فإذا صوّت البرلمان بالأغلبية البسيطة تتم إقالة المحافظ ووفق هذه المادة الـ7 من قانون مجالس المحافظات 21 لسنة 2008، يستمر المحافظ في عمله بتصريف الأعمال لحين مصادقة المحكمة الإدارية على ذلك".
وأضاف، أنّ "لرئيس مجلس الوزراء سحب يد المحافظ أو تجميد عمله وفق قانون انضباط موظفي الدولة".