الصراع السني مستمر.. صفقات سياسية تفوح منها رائحة "فساد" السلطة في صلاح الدين
أنفوبلس/..
تركة ثقيلة خلّفها صراع السلطة بين أقطاب تحالف السيادة السني، بعد أشهر من الشد والجذب حاولت دول إقليمية إيقافه لرأب الصدع بين الخصماء، إلا أن "المكاسب" كانت "مغرية" بشكل كبير، وأكبر حتى من طموح رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي "الحالم" بزعامة المكون السني، حسبما يرى مراقبون للشأن السياسي.
وبدأت القصّة عندما خرج مشعان الجبوري، السياسي السني المثير للجدل، عن صمته ليكشف عن تصدعات داخل تحالف السيادة، الذي رممته تركيا والإمارات ودول إقليمية أخرى، حتى وصلت الحال إلى مرحلة "كسر العظم" بين أقطاب التحالف.
وكتب مشعان الجبوري في حينها تغريدة هدد فيها الانسحاب برفقة 8 نواب من التحالف، في حال تحقيق رغبة السياسي أحمد عبد الله الجبوري الشهير بـ"أبو مازن"، المتمثلة بإقالة محافظ صلاح الدين عمار الجبر، بيد أن مشعان الجبوري كان يعوّل كما يبدو على الحلبوسي لتهدئة الخلاف مع "خصمه اللدود" في محافظة صلاح الدين.
وتسبب موقف مشعان الجبوري، وفقًا لمراقبين، بالإطاحة به من عضوية مجلس النواب، من خلال دعوى قضائية أقيمت ضده تتعلّق بتزوير شهادته التي يقول إنه حصل عليها من سوريا.
وبعد قرار المحكمة الاتحادية بسحب عضوية مشعان الجبوري، انهال التحالف السني بالتنسيق مع حلفائه بالتحالف الثلاثي، على عمار الجبر الذي أقيل مؤخرًا بتصويت برلماني، ليحل محله إسماعيل الهلوب محافظًا لصلاح الدين.
وتسببت إقالة "الجبر"، بأزمة سياسية قبل أن تكون أزمة حكم محلي، حيث أصدر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، قرارًا بتعيين "الهلوب" الذي تسلم إدارة المحافظة بدلاً من عمار الجبر. غير أن الأخير أقام دعوى قضائية في المحكمة الإدارية يطعن فيها بإجراءات إقالته.
وأثناء انتظاره قرار المحكمة، حاول الجبر دخول مبنى المحافظة لكي يمنع المحافظ الجديد من تسلم مسؤولياته، الأمر الذي كاد أن يؤدي إلى وقوع مواجهات بين الطرفين.
وفي هذا السياق قال مشعان الجبوري، إن منع عمار الجبر من دخول مبنى المحافظة مخالفة للقانون والدستور. وأوضح في تغريدة له على "تويتر" أن الإجراء يُعَدُّ "مخالفة للقانون الذي ينص على استمرار المحافظ المقال بمهامه لحين إصدار المحكمة الاتحادية قرارها بطعنه"، مضيفًا أن "الضابط الذي يقود القوة المحيطة بمبنى المحافظة يقول إنه تلقى تعليمات من رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بمنع دخول المحافظ عمار الجبر إلى مكتبه".
من جهته استنكر النائب عن محافظة صلاح الدين ومحافظها الأسبق أحمد الجبوري "أبو مازن"، محاولة عمار الجبر العودة إلى منصبه بـ"القوة"، وقال في مقطع مصور أمام مبنى المحافظة حيث وجد دعمًا للمحافظ الجديد، إن "إقالة محافظ صلاح الدين تمت وفق القانون بتوصية من رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى مجلس النواب، ثم صوت البرلمان بالإجماع على إقالته". وأضاف: "لم يحصل إجماع في مجلس النواب إلا على قضيتين، هما التصويت على قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني، وإقالة محافظ صلاح الدين، ما يعني أن هناك إجماعًا وطنيًا على إقالته”، على حد زعمه.
وعن ذلك يقول المحلل السياسي وائل الركابي إن "ما يجري في محافظة صلاح الدين، هو صراع سياسي على منصب المحافظ، الذي طالما كان يخضع لصفقات بين الفرقاء السياسيين داخل المحافظة".
ويضيف الركابي أن "المحكمة الاتحادية لم تصدر حتى الآن قرارًا نهائيًا بشأن الدعوى التي قدمها المحافظ المقال داخل قبّة مجلس النواب"، لافتًا إلى أن "عملية إقالة المحافظ تمت على ما يبدو وفق صفقة سياسية جرت بين أقطاب تحالف السيادة".
ولمحافظة صلاح الدين تأريخ من الصراعات، إذ كان مجلس المحافظة السابق قد حاول، قبل صدور قرار حل مجالس المحافظات في 2019 من قبل المحكمة الاتحادية العليا، إعلان المحافظة إقليماً فيدرالياً عام 2013 طبقاً للدستور العراقي، لكن المحاولة فشلت بسبب رفض حكومة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الموافقة على إقامة استفتاء بهذا الصدد.
وكانت محاولة مجلس المحافظة إعلانها إقليمًا قد تم تفسيرها على أنها مسعى لزعزعة استقرار العراق وتقسيمه إلى دويلات على أسس طائفية. ومنذ ذلك التأريخ بقيت عدة جهات – بعضها من داخل المحافظة لكنها تتبع جهات وأطرافا من خارجها – تتحكم بها حتى عام 2014 حين احتلها تنظيم "داعش" في 12 حزيران من نفس العام، لتعود الآن إلى دائرة الصراع السياسي مجددًا.