العباسي يخرج للعلن ويدافع عن الاتفاقية التي أبرمها مع تركيا.. فماذا قال عن الانسحاب الأمريكي؟
انفوبلس/ تقرير
قال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي، اليوم الأحد، إن نظيره الأمريكي لويد أوستن اعترض على تحديد سنتين للانسحاب وقال إنها غير كافية وطالب بسنة ثالثة، لكن بغداد رفضت التمديد، في وقت يرون خبراء أمنيون ومحللون سياسيون عراقيون، أن التقارير الإعلامية التي تتحدث عن وجود خطط ومواعيد لانسحاب القوات الأمريكية من العراق هي عبارة عن مسكنات لكسب الوقت، فماذا قال عن الاتفاقية التي أبرمها مع تركيا؟
نتيجةً للتصعيد بين الفصائل المقاومة والقوات الأمريكية، جرى الإعلان قبل أشهر عن بدء المفاوضات بين اللجان العراقية والأمريكية، لبحث انسحاب القوات الأمريكية، ولا تزال هذه اللجان تعمل دون تحقيق نتائج على أرض الواقع.
*حديث العباسي عن الانسحاب الأمريكي
ذكر وزير الدفاع ثابت العباسي، اليوم الأحد، أن اللجان العسكرية العليا بين الجانب العراقي والأميركي توصلت إلى اتفاق حول انسحاب قوات التحالف على مدى سنتين، وتحويل العلاقة إلى شراكة أمنية مستدامة. وقال "تم الاتفاق على إنهاء مهمة التحالف على مرحلتين، المرحلة تبدأ هذا العام وتستمر حتى 2025، في حين تنتهي المرحلة الثانية في 2026.
كما أشار في مقابلة متلفز إلى، أن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أعرب عن اعتقاده بأن مدة السنتين غير كافية للانسحاب، طالباً إضافة سنة أخرى، لكن بغداد رفضت التمديد، لافتا الى أنه "تم تأجيل الإعلان عن الانسحاب بسبب الظروف التي تمر بها المنطقة والانتخابات الأميركية".
إلى ذلك، شدد على أن الحكومة العراقية ماضية بخطتها في إنهاء مهمة التحالف الدولي ووضعت تفاهمات لذلك، مضيفا أن الأيام المقبلة ستشهد التوقيع على التفاهم الذي جرى في العاصمة الامريكية واشنطن.
إلا أنه شدد على أن "العراق لا يسعى إلى قطع العلاقات مع واشنطن لكنه وضع الأسس البديلة لهذه العلاقة". وقال: "نسعى إلى تطوير العلاقة مع الولايات المتحدة وفق وجهة نظر الحكومة".
كما زعم وزير الدفاع العراقي أنه "من صالح العراق الابتعاد عن أي محور "، في إشارة إلى التحرر من العباءة الأميركية أو التركية.
وتعليقاً على ذلك، يقول الباحث في الشأن السياسي، سيف السعدي، إنه "بين فترة وأخرى تظهر تصريحات تعتبر استهلاكاً محلياً داخل العراق تنسجم مع رغبة وتطلعات الحكومة العراقية التي لا تريد مصارحة شعبها بأن بقاء القوات الأمريكية مستمر لفترة أطول خاصة في ظل وجود قوات أمريكية في قاعدة عين الأسد وفكتوريا وحرير، لذلك لا وجود للانسحاب".
ويرى السعدي أن "هذه التسريبات هي مسكنات ألم وليست معالجة للمرض، حيث إن القوات الأمريكية مستمرة في التواجد وتنظم علاقتها من خلال اتفاقية الإطار الاستراتيجي المكونة من 31 مادة تشير إلى بقاء القوات الأمريكية لفترة طويلة، كما أن هناك بند حماية النظام الديمقراطي، وهذا معناه أن أي خلل أو مشكلات داخلية تراها أميركا أنها قد تقوض عملية النظام الديمقراطي أو تفشل التجربة الديمقراطية في العراق فإنها ستتدخل".
ويضيف، "كما لدى الولايات المتحدة مبررات أخرى عدا حماية النظام الديمقراطي، وهي تواجد تنظيم داعش الإرهابي، وقبل أيام كانت هناك عملية مشتركة بين جهاز المخابرات العراقي والقوات الأمريكية في وادي الغدف غربي الأنبار، وبالتالي القوات الأمريكية تشرعن تواجدها من خلال هذه العمليات وتواجد داعش الإرهابي، كما هناك ارتباط وثيق بين التواجد الأمريكي في سوريا والعراق في ظل عمليات العزم الصلب في العراق وسوريا".
وخلص السعدي إلى القول: "لذلك لا أجد أي انسحاب للقوات الأمريكية، وهذه التصريحات عبارة عن شعارات للاستهلاك المحلي ومسكنات تحاول من خلالها الاستفادة من الهدنة وبالتالي هي نوع من الإقناع وكسب المزيد من الوقت لنهاية هذه الدورة الحكومية أو البرلمانية التي لم يبقَ لها سوى عام ونصف العام وبعدها سوف تجرى الانتخابات التشريعية في 25 تشرين الثاني 2025".
وبدأت الجولة الأولى من المحادثات بين بغداد وواشنطن في يناير/كانون الثاني الماضي، فيما أفضت الجولة الأولى للحوار الثنائي الذي عُقد في بغداد إلى اتفاق على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لمراجعة مهمة التحالف وإنهائها والانتقال إلى علاقات أمنية ثنائية، من دون الإعلان حتى الآن أي نتائج رسمية لعمل اللجنة.
واستؤنفت مفاوضات بغداد وواشنطن في فبراير/شباط الماضي، مع اعتماد "خفض مدروس وتدريجي"، وصولاً إلى إنهاء مهمة قوات التحالف الدولي لمكافحة "داعش"، وفق البيانات الرسمية العراقية، لتتبعها جولتان أخريان في مارس/ آذار وإبريل/ نيسان الماضيين.
ورغم التصريحات الإيجابية للمسؤولين العراقيين، وأبرزهم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بشأن مفاوضات بغداد وواشنطن ووضع جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية وإنهاء دور التحالف الدولي في البلاد، إلا أن مسؤولين في التحالف تحدثوا عن ملفات تعاون ثنائية بين البلدين في المجال العسكري، من دون التطرق إلى موضوع الانسحاب من العراق.
ماذا قال ثابت العباسي عن الاتفاق مع تركيا؟
وبالعودة الى المقابلة المتلفزة مع وزير الدفاع ثابت العباسي، ورغم وجود تأكيدات رسمية رفيعة بوجود تنسيق واتفاق أمني بين بغداد وأنقرة، فقد أكد العباسي أنه "لم نعط الأتراك الحق بالتوغل في الأراضي العراقية".
ويواصل الجيش التركي بقواته البرية والجوية عمليات عسكرية واسعة في أراضي إقليم كوردستان خاصة المحاذية للحدود التركية، في إطار عملية "المخلب - القفل" التي أعلن عنها الجيش التركي قبل سنوات قال إنها تستهدف عناصر حزب العمال الكردستاني الفارين إلى أراضي الإقليم. وكشف وزير الدفاع العراقي عن معلومات تفيد بـ "التحاق أشخاص من محافظات الجنوب بحزب العمال الكردستاني".
وفي منتصف آب الماضي، وقّع وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي، مع نظيره التركي "يشار غولر"، مذكرةَ تفاهمٍ في أنقرة، قالا إنها تخصُّ التعاون العسكري والأمني، فيما رأى مراقبون ومحللون، أنها شرعنةٌ للوجود التركي، لاقتطاع المزيد من الأراضي العراقية، تحت ذرائعَ أمنيةٍ واهية.
وكشفت لجنة الامن والدفاع النيابية مؤخراً، عن تفاصيل مذكرة تفاهم عراقية - تركية تتعلق بتوغل القوات التركية داخل العراق. وقال عضو اللجنة النائب أحمد الموسوي "اللجنة النيابية وصلتها مسودة لمذكرة تفاهم بين الحكومة العراقية والجانب التركي، كان يفترض لها أن تكون رادعا لهذه الاعتداءات مقابل خروج القوات التركية من الاراضي العراقية".
وأضاف: "هناك اختلاف بين نصوص المذكرة التي كان يفترض توقيعها، والمذكرة الجديدة التي وقعها رسميا وزير الدفاع الحالي"، لافتا الى أن "المذكرة الجديدة لم تتطرق الى إخراج القوات التركية من الاراضي العراقية، وهذا يُعد خرقا واضحا للسيادة الوطنية وشرعنة للوجود التركي".
وعلى الرغم من حديث تركيا عن أن غايتها ملاحقة حزب العمال الكردستاني، فإن خبراء وسياسيين يرون أن الغاية الأساسية تبتعد عن ذلك، وتمثل محاولة لإنشاء وجود دائم لأنقرة في العراق.
كما أن تركيا تتعرض لانتقادات "واسعة" من داخل العراق وخارجه بسبب التدخلات العسكرية واستهداف قرى في جبال دهوك والسليمانية، فضلا عن الانتهاكات الجسيمة. ويعتقد مراقبون أن رد فعل العراق لا يرتقي إلى المستوى الذي تجري فيه انتهاكات السيادة العراقية من قبل تركيا، ويقول الباحث في الشؤون الاستراتيجية أحمد الشريفي، إن رد الفعل الرسمي العراقي "لا يرتقي إلى حجم التدخلات التركية ولا يؤثر في مسار الأحداث".