العصائب ترد على فيديوهات المنشقين: أصلنا ثابت وفرعنا في السماء .. ما القصة؟ ومَن هؤلاء؟ إليك أصل الموضوع بالتفصيل
انفوبلس/ تقارير
يعود الخلاف بينهما إلى نحو عقدين من الزمان، ولم يلبث أن يهدأ حتى يتأزم مجددا، فمِن الانشقاق عام 2005 – 2006 إلى الخلافات السياسية وصولا للتصادمات المسلحة، لم تتسم العلاقة بين التيار الصدري وعصائب أهل الحق بالكثير من الود بل إنها لا تعرف هذا المسمى حتى، ومع التحركات الصدرية الأخيرة التي لوّحت بقرب عودة الصدر إلى العملية السياسية بمسمى "التيار الوطني الشيعي"، اكتسحت مواقع التواصل الاجتماعي العديد من الفيديوهات لأشخاص يعلنون "البراءة" من العصائب و"يدّعون" العودة إلى كنف آل الصدر وما إن ردّت العصائب عليهم ببيان تفصيلي، انبرى آخرون بالقول إن ما حدث هو "تمثيلية" ولا يعدو من كونه هجمة إعلامية على الحركة، ووسط كل هذا سلّطت انفوبلس الضوء على الموضوع وتناولته من كلا الجانبين الأول هو البيان الذي أصدرته العصائب بلهجة شديدة أما الجانب الثاني فهو أصل الموضوع ولِمَن يعود هؤلاء المنشقون ومَن هم؟ كل ذلك وتفاصيل دقيقة في سياق التقرير.
*أصل الموضوع
بالحديث عن أصل الموضوع، فإن جذوره لم تنبت حديثاً، بل إنه يعود إلى تلك الأيام التي اشتد الصراع أو الخلاف بين التيار الصدري وحركة عصائب أهل الحق وما نتج عنه من تداعيات خطيرة لعلّ مواجهات البصرة تلخص جزءا منها، لتبدأ بعدها حرب ولكنها معلنة هذه المرة وعلى مختلف الصعد لكن الصعيد الإعلامي كأن الأبرز مؤخرا لاسيما بعد ظهور مجاميع بمقاطع مصورة تدّعي انشقاقها عن العصائب وعودتها للتيار الصدري، في خطوة وُصفت بالحرب الإعلامية.
ويتزامن كل ذلك، مع الترقب السياسي والشعبي لعودة التيار الصدري إلى العملية السياسية بعد طرحه اسما جديدا له بعنوان "التيار الوطني الشيعي" وهذا يعني بحسب مراقبين قرب عودة التيار إلى الساحة وضرورة دبّ الخلافات في الخصوم السياسية والتي تُعد العصائب أبرزهم.
*انشقاق
في الأيام الماضية، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقطعا مصورا لستة أشخاص وهم يذيعون بيانا يعلنون فيه "براءتهم" من العصائب والعودة إلى أكناف آل الصدر.
وقال أحد المنشقين الذي ذاع البيان، "نحن مجموعة من العصائب في بغداد – الكرخ / أبو غريب، نعلن براءتنا من العصائب وعودتنا إلى كنف آل الصدر لأنه طريق الحق والإصلاح ونعاهد الله ورسوله وأهل البيت وآل الصدر بأن نبقى تحت راية الزعيم مقتدى الصدر .. والله على ما نقوله شهيد"، ثم يختم المنشق بيانه بكشف هوياتهم وهذا ما ستفصله انفوبلس في قادم الأسطر.
*مَن المنشقون؟
يكثر الحديث عن المنشقين باعتبار أن الحادثة ليست الأولى، هذا من جانب، ومن جانب آخر فقد تضاربت الأنباء بين من ينفي صلتهم بالعصائب ومن يؤكد ذلك، لكن ما جاء على لسان المنشقين يكشف أنهم قيادات في العصائب وليسوا منتسبين عاديين، ويشغل أحدهم منصب مسؤول قاطع الزيتون، والآخر مسؤول قاطع النصر والسلام والحصوة، مع مسؤولَين اثنين آخرَين معهم، وهذا جاء على لسان الذي ذاع البيان المصور وأعلن الانشقاق.
من جانب آخر، تنفي مصادر مقربة من عصائب أهل الحق صلة المنشقين في مقطع الفيديو بالأخيرة، وقال مدونون بطريقة ساخرة، "صار اتصال بأحد مسؤول تنظيمات الكرخ والرصافة عصائب أهل الحق ،كاللولهم عليكم العباس ابو فاضل ،هذولة الجاي يطلعون بمكاتب التيار يعلنون انفصالهم عن العصائب تعرفوهم ؟ ابو الرصافة كال: وحق العباس وحق علي بن ابي طالب لا نعرفهم ولا شايفهم لا بالمدني ولا بالعسكري. وأبو الكرخ كال: وحق الحسين هذوله (يضحكون) ع التيار لا همه بالعصائب ولا هم يحزنون، هذول ناس ادور صور يعلكونها بمحلاتهم ومطاعمهم وكوفياتهم حتى السرايا ما تاخذ خاوة منهم !هاي القصة ومابيها".
*العصائب ترد: أصلنا ثابت وفرعنا في السماء
عقب ذلك، أصدرت عصائب أهل الحق بيانا، ردّت فيه على مَن "يدعون" الانشقاق مؤكدة أن الأعم الأغلب من هؤلاء لا ينتمون للحركة.
وجاء في بيان الحركة الذي تابعته شبكة انفوبلس، "قصدت حركة عصائب أهل الحق ومنذ تأسيسها، إلى تحقيق الأهداف العليا التي خطَّها سماحة الشيخ الأمين قيس الخزعلي دام نصره وتوفيقه، وفي مراحل متعددة أهمها: إنهاء الاحتلال الأمريكي، والدفاع عن مرقد العقيلة الطاهرة زينب (عليها السلام)، وتحرير العراق من دنس الدواعش ومن ثم في المرحلة الحالية، الانطلاق بخطى ثابتة نحو بناء الدولة ودعم مؤسساتها".
وتابع البيان، "لذلك اعتمدت الحركة مبدأ المتابعة الدقيقة والمراجعة المستمرة لعمل مؤسساتها وكوادرها وأفرادها كافة خصوصاً بعد نجاح الحركة في المشاركة بتشكيل الحكومة الحالية، والنجاحات التي تحققها ويلمس أثرها جميع أبناء شعبنا، وبالتالي التصاعد الملحوظ في جماهيرية الحركة على وجه العموم، حتى صارت العصائب شجرة مثمرة أزهرت وأثمرت أصلها ثابت وفرعها في السماء كما قال سماحة الشيخ الأمين وهو الأمر الذي أغاظ الكثيرين للأسف الشديد، وجعلهم يحاولون النيل منها وعرقلة مشروعها. ولهذا السبب انتشرت في الآونة الأخيرة مقاطع فيديوية لاستقالة أفراد يدَّعون انتسابهم إلى حركة عصائب أهل الحق
والتحاقهم بجهات أخرى، وفي هذا الصدد نود توضيح الآتي:
أولاً: إن الأعم الأغلب ممن يظهرون في هذه المقاطع لا ينتمون لحركتنا المجاهدة أصلاً ولا معرفة لنا بهم.
ثانياً: البعض الآخر، وهم العدد الأقل، هم فعلاً كانوا منتسبين إلى الحركة، ولكن تم فصلهم منها لأسباب مختلفة، منها أسباب سلوكية تتعلق باستغلال اسم الحركة في التعدي على مؤسسات الدولة أو المواطنين أو أمنية أو أخلاقية. لذلك، ومن أجل بيان الحقائق وفضح هذه الأكاذيب والألاعيب ومحاولات التسقيط والحذر من أمثال هؤلاء الأشخاص، تم إصدار هذا البيان.
وجاء في ختام بيان العصائب، "نعاهد مولانا الإمام المهدي (عليه السلام) وشعبنا الكريم بالاستمرار على المنهج الذي خطه لنا علماؤنا ومراجعنا، واستُشهد من أجله قادتنا، حتى ظهور مولانا صاحب الزمان (صلوات الله عليه)".
*"تمثيلية وهجمة إعلامية"
توالت ردود الفعل على حادثة الانشقاق وانتفض جمهور العصائب ضد "مُدَّعي ذلك" واصفين الفيديوهات بالتمثيلية والهجمة الإعلامية على العصائب وكيانها السياسي والعقائدي وفق وصفقهم، وبهذا الصدد قال أحد المدونين، "لماذا كل هذا الانزعاج من اللشيخ الأمين؟ لماذا كل هذا الحسد والحقد على إخوة زينب؟ لماذا هذه الهجمة الاعلامية وتوزيع التُهم واختلاق الاكاذيب؟ لن تستطيعوا إسقاطنا ولو كان بعضكم لبعض ظهيرا، لاننا صادقون مع الله تعالى ومع شعبنا فنحن الذين من ٢٠٠٤ الى ٢٠١٢ كنا نقاتل المحتل وكنتم تتقاسمون كعكة الحكومات المتعاقبة ، من ٢٠١٢ الى ٢٠١٤ كنا ندافع عن مرقد العقيلة الطاهرة زينب عليها السلام ولا زالت الحكومة بأيديكم ، من ٢٠١٤ الى ٢٠١٨ حمينا العراق ومقدساته وشعبه من الهجمة الداعشية وكانت الوزارات والمناصب حكراً لكم، لم نشارك في كل تلك الحكومات ولم نأخذ أي منصب تنفيذي قبل ٢٠١٨ (حتى شرطي ما عدنا) اقتصرت مشاركتنا على وزارتين في حكومة ٢٠١٨ التي لم تبقَ سنة واحدة وتحملنا مسؤوليتها بكل شجاعة والآن مشتركين في حكومة الشروكية الخدمية بوزارة واحدة ولا نتملص منها ولا (نخلي رجل بالحكومة ورجل بالمعارضة) بل نصرح بآنها حكومة الاطار الشيعي وهو يتحمل نجاحها او فشلها، نجاحنا يرعبكم، وأخلاصنا يزعجكم، وعقيدتنا تؤرّق منامكم، وسنبقى كابوسكم الى أن تُقام على أرض العراق الطاهرة دولة العدل الآلهي بقيادة مولانا الحجة بن الحسن عليه السلام".
في حين قال آخر، "طريق الحق مستمر مهما فعلوا لن يتحقق ما يصبون إليه، يعجزون ويتعبون، جربوا حظهم طيلة العشرين عاما وماذا كانت النتائج؟ إذاً فشلهم يستمر، ونجاح العصائب يستمر".
وأضاف مدون آخر، "بالنسبة (للتيار) خلوكم بعيدين حيل مو بصالحكم ذولة الي جاي يطلعون بمكتابكم ويعلنون انفصالهم عن العصائب الأغلب لا ينتمون للحركة المجاهدة لا شايفتهم ولا تعرفهم وين صايرين كلاوات وبطيخيات خلوهن على ربعكم يمنا ما تمشي عمو ابد ابد".
*جذور الخلاف بين الطرفين
في الفترة ما بين عامي 2005 و2006 تفكّك "جيش المهدي" التابع للصدر وانشقت عنه العديد من الجماعات منها "عصائب أهل الحقّ" بزعامة الشيخ قيس الخزعلي الذي كان قبل هذا الانشقاق متحدثا باسم الصدر.
منذ ذلك الانشقاق، تشهد العلاقة بين العصائب والتيار الصدري توتراً يترجم في أحيان كثيرة إلى اشتباكات بالأسلحة النارية.
آخر هذه المواجهات كان ما شهدته محافظة البصرة، من توتر أمني جراء اشتباكات مسلحة بين جماعة تتبع للخزعلي، وعناصر من "سرايا السلام" (جيش المهدي سابقاً) أسفرت المواجهات عن سقوط قتيلين وعدد من الجرحى.
وقد أعادت الاشتباكات إلى الأذهان المواجهات التي شهدتها المدينة في سبتمبر من العام الماضي (2022) بعد "حرب غير معلنة" طويلة خاضها الطرفان خلال أكثر من عقد من الزمن.
وبحسب أستاذ العلاقات الدولية هيثم الهيتي، فإن "الطرفين على عداء عميق منذ سنوات، وإن كان هذا العداء صامتا، لكنه اليوم بات علنيا".
بعد ذلك، تعزز الخلاف سياسيا أيضا، فبعد انضواء الكتل التابعة للخزعلي بتحالف واحد سمح بحصوله على الأغلبية، شعر الصدر وكتلته (الكتلة الصدرية) بالخطر وهو ما دفعه إلى الانسحاب من العملية السياسية برمتها في 15 حزيران 2022 قبل أن تنشط الآن تحركات جادة لعودته بمسمى جديد تحت عنوان "التيار الوطني الشيعي".