القجقجي بارزاني يبتلع قوت شعبه لعرقلة زيارة السوداني إلى واشنطن.. ما قصة اللوبيات التي استأجرها؟ وكم خصص لها من رواتب؟
انفوبلس/ تقارير
بعد كل علامات حُسن النية التي قدمتها بغداد لأربيل، إلا أن الحزب الحاكم في الإقليم برئاسة القچقچي مسعود بارزاني بدأ بحملة دولية وإقليمية للتأثير على نجاحات الحكومة التي يرأسها محمد شياع السوداني، وانتهاز أي فرصة للهجوم عليها حتى وصل الحال بالقچقچي إلى تفعيل لوبي كردي في واشنطن لتحريض المشرعين في الكونغرس على تعطيل زيارة السوداني المرتقبة إلى عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية. انفوبلس سلّطت الضوء على هذه القضية وتوصلت إلى أن حكومة الإقليم استأجرت اللوبي بالفعل وخصصت له راتبا بنحو 30 ألف دولار "شهريا" من أجل ممارسة ضغطه وعرقلة نجاحات الحكومة. فما هي باقي التفاصيل؟ ولماذا حذّر الجمهوريون بايدن من لقاء السوداني عقب الكشف عن لوبي القچقچي؟
*تحريض داخلي وخارجي
منذ نشوء العملية السياسية في العراق، أثارت العلاقة بين الحكومة الاتحاديةوحكومة إقليم كردستان، علامات استفهام كثيرة حول سر استمرار أربيل وحكامها بمخالفة بغداد، والتحريض عليها داخلياً ودولياً، رغم مساعي الأخيرة طوال السنوات لإنهاء الخلافات وتقريب الإقليم من المركز.
وبعد مخاضٍ عسير دخلته العلاقة بعد تشكيل الحكومة الجديدة، سعى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، بنفسه لإنهاء الجمود وبدء مرحلة جديدة من التقارب، عندما زار مدينتي أربيل والسليمانية، والتقى قادة الإقليم، وبحث معهم الملفات المتنازع عليها، ولا سيما قانون النفط والغاز المُعطل منذ سنوات.
وفي وقت زيارته، وصف السوداني لقاءاته مع قادة كردستان بـ”المثمرةوالبنّاءة”، قائلاً: “وجدنا تفاعلا إيجابيا مع خطواتنا في تنفيذ برنامجنا الحكومي، كما لمسنا رغبة جادّة في العمل معا لتحقيق تطلعات أبناء شعبنا العزيز في كل مكان".
وأضاف، أن الحكومة تمتلك الإرادة والرغبة الجادة في إنهاء الملفات العالقة وبشكل جذري، والانتقال إلى أفق واسع من العمل المشترك والفرص الاقتصادية.
وكانت زيارة السوداني للإقليم، عنصراً مهماً لنزع التوتر وفض سلسلة الأزمات السياسية والاقتصادية والمالية والقانونية في الإقليم، التي كان أبرزها قرار المحكمة الاتحادية، المُتضمن إلغاء كافة القرارات الخاصة بتحويل الأموال الشهرية إلى الإقليم، وبطلان قانون النفط والغاز الذي شرّعته حكومة كردستان عام 2007، وتسليم نفطها لبغداد.
*لوبي كردي للتحريض على زيارة السوداني لواشنطن
وبعد كل خطوات السوداني أعلاه ونواياه الحسنة لحلحلة الخلافات بين المركز والإقليم، إلا أن حزب القچقچي مسعود استمر بعدائه للمركز وبدأ بحملة دولية وإقليمية للتأثير على نجاحاته.
ووصل الحال بالقچقچي مسعود بارزاني، إلى تفعيل لوبي كردي في واشنطن لتحريض المشرّعين في الكونغرس على تعطيل زيارة السوداني المرتقبة إلى عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية.
كما كشف تقرير لموقع “اراك بيزنز نيوز”، أن حكومة إقليم كردستان استأجرت لوبي ضغط في واشنطن تحت مسمى الاستشارة براتب شهري يُقدر بـ 26 ألف و500 دولار شهريا .
*مَن يرأس لوبي القچقچي؟
وذكر التقرير، أنه “ووفقا لقانون تسجيل الوكلاء الأجانب في الولايات المتحدة فإن لوبي الضغط أو المجلس الاستشاري يترأسه شخص يدعى "عبد المجيد عبد المجيد" زاعما أنه سيشارك برفع مستوى الوعي بالمنطقة الكردية، كما سيعمل مستشارا لرئيس وزراء حكومة إقليم كردستان”.
وأضاف، أن “أنشطة رئيس اللوبي ستشمل تثقيف الجمهور ووسائل الإعلام لصالح بارزاني؛ والضغط على الكونغرس من أجل إصدار تشريع لمساعدة الشعب الكردي؛ والتواصل مع صناع السياسات، الذين قد يشمل مسؤولين حكوميين أمريكيين، لتعزيز العلاقة بين الولايات المتحدة والشعب الكردي”.
وأشار التقرير إلى، أن “المستشار سيحصل على مبلغ 16 ألف و500 دولار شهريا مقابل خدماته، بالإضافة إلى 10 آلاف دولار إضافية شهريًا لتغطية النفقات”.
*كيف حرّض اللوبي 8 أعضاء من الكونغرس على زيارة السوداني لواشنطن؟
وبحسب تقرير نشرته "سي أن أن"، فإن “السيناتور توم كوتون وسبعة مشرّعين كتبوا رسالة إلى بايدن معبّرين فيها عن قلقهم العميق إزاء دعوته لاستضافة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في البيت الأبيض في الشهر المقبل”.
واستغرب المشرّعون من دعوة رئيس الوزراء العراقي لزيارة واشنطن، رغم رفض بايدن الاجتماع مع رئيس وزراء كردستان مسرور بارزاني، معتبرين أنه ”شريك مهم ومضيّف لأكبر عدد من القوات الأمريكية في المنطقة”.
وأضافوا، أن “الحكومة العراقية تعمل بنشاط ضد حلفائنا الأكراد، بما في ذلك قطع الأموال الحكومية وإغلاق خط الأنابيب بين العراق وتركيا، الذي يمثل معظم اقتصاد كردستان”.
وطالب المشرعون بعد تحريض من اللوبي الكردي بـ”حشد الدعم لشركائهم في كردستان، كشرط مسبق لأي زيارة يقوم بها رئيس الوزراء السوداني، وإعادة فتح خط الأنابيب بين العراق وتركيا على الفور حتى يتمكن إقليم كردستان من تصدير النفط”.
كما أنهم طالبوا بايدن بأن يطلب من الحكومة العراقية استئناف تمويل إقليم كردستان، والبيع الفوري لخام كردستان الموجود بالفعل في ميناء جيهان، ودورة كاملة من مبيعات النفط والمدفوعات إلى كردستان ومستثمريها في مجال النفط.
*هجوم حزب القچقچي على الحكومة المركزية
وعن هجوم الحزب الديمقراطي المستمر، على الحكومة المركزية، يقول القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني غياث السورجي، إن ”انتقادات البارتي لا تمثل كل كردستان، فنحن في الاتحاد الوطني لا نعتبر هذه التصريحات باسم حكومة الإقليم، ولنا وجهة نظر تختلف عن عنهم، وجميع الأحزاب تشترك معنا في رؤيتنا”.
ويؤكد: “على الرغم من تأشيرنا بعض الملاحظات البسيطة على قرارات المحكمة الاتحادية لكننا مع جميع قراراتها لأنها تصب في مصلحة الشعب الكردي”.
إلى ذلك، يؤكد الباحث والأكاديمي حيدر البرزنجي، أن “إقليم كردستان وضع لنفسه ممثليات مخالفة للدستور العراقي في بعض دول العالم”، مبيناً أن “حكومة كردستان تحاول القاء مشاكلها الداخلية على عاتق المركز”.
*لوبيات أميركية بتمويل كردي لمهاجمة بغداد
ويضيف البرزنجي، أن “كردستان تصرف الأموال على اللوبيات الأميركية لكسب تأييدها في هجومها على الحكومة بغداد."
ويرى، أن “صرف أموال موظفي وأهالي كردستان على اللوبيات الأمريكية شيء مؤسف”، مؤكداً أن “الواهمين فقط من يعتقدون أن صناعة اللوبياتستكون وسيلة ضغط على الحكومة العراقية”.
*تورط الإقليم بدفع الأموال إلى اللوبيات
قبل يوم، نشر البرزنجي وثائق لمجموعة من أعضاء الكونغرس يطلبون عدم لقاء السوداني وعلّق عليها بالقول، "شر البلية ما يضحك، شكد قابضين الجماعة حتى يصدرون هیچ بیان".
وأضاف، "أربعة من أعضاء الكونغرس الأمريكي يرفعون طلبا إلى الرئيس الأمريكي بعدم استقبال رئيس الوزراء.. أموال السلطة الاتحادية يفترض انها مخصص لرواتب موظفي إقليم كردستان لكنها تصرف على بعض أعضاء الكونغرس الفاسدين من اجل صناعة لوبي معادي للحكومة الاتحادية".
ورغم ذلك، لا يتوقع أن تؤدي رسالة الجمهوريين إلى إحداث أي تغيير في برنامج زيارة السوداني إلى واشنطن، بعدما وزع البيت الأبيض في الأيام الماضية نصاً رسمياً تضمن أبرز القضايا التي ستتم مناقشتها مع الرئيس بايدن.
وأجرى وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين زيارة عدها ناجحة في التمهيد للقضايا المشتركة التي تهم البلدين، بعد لقاءات مع المسؤولين الأميركيين.
وقال مراقبون إن رسالة الجمهوريين ليست جديدةً أو غريبةً، في ظل موقفهم المتشدد من العلاقة مع إيران، وتأتي في سياق الضغوط السياسية التي يمارسها الجمهوريون على إدارة بايدن، في عام انتخابي محموم.
*ملفات زيارة السوداني المرتقبة لواشنطن
أما عن ملفات زيارة السوداني المرتقبة لواشنطن، قال مسؤول عراقي في وزارة الخارجية، إن إنهاء دور التحالف الدولي ووضع القوات الأميركية وتحديد جدول زمني لانسحابها من العراق والعلاقة بين بغداد وأربيل ووضع حقوق الإنسان، ستكون على رأس الملفات التي ستُبحث، مضيفاً أن بغداد ستطرح ملف العقوبات الأميركية على شخصيات وبنوك عراقية أيضاً.
من جهته، قال المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، إن "زيارة السوداني إلى واشنطن مهمة جداً، خاصة أن هذه الزيارة يتم الترتيب لها منذ نهاية سنة 2023، والسوداني يريد خلال هذه الزيارة حسم ملفات عالقة مختلفة مع الجانب الأميركي، وليس مجرد زيارة اعتيادية فقط".
وبيّن العوادي أن "الملفات التي ستتصدّر مباحثات السوداني في البيت الأبيض، هي الملف الأمني والعسكري والملف الاقتصادي والمالي، وكذلك التطورات التي تشهدها المنطقة بسبب حرب غزة، والتأكيد على الموقف العراقي الداعم للقضية الفلسطينية، والتشديد على ضرورة إيقاف الحرب على غزة، لما لها من تداعيات وخطورة اتساع دائرة الحرب".
بدوره، أكد النائب عن الإطار التنسيقي عارف الحمامي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "السوداني سيسعى إلى التفاوض بشكل مباشر مع المسؤولين الأميركيين على سحب قواتهم من العراق وإنهاء مهام التحالف الدولي، مع التأكيد على الشراكة الأمنية ودعم القوات العراقية في مجال التدريب والتسليح، والعمل على رفع الفيتو الأميركي على تعاقد العراق على شراء منظومات دفاع جوي متطورة"، مشيراً إلى وجود "فيتو أميركي غير معلن حتى تبقى السماء العراقية تحت السيطرة الأميركية وتخترقها متى تشاء دون أي رادع".
وأضاف الحمامي أن "مباحثات السوداني في البيت الأبيض سوف تركز على الملف المالي والاقتصادي، خصوصاً المتعلق بالعقوبات الأميركية على بعض المصارف العراقية، وتأثير ذلك على العراق والسعي لرفع تلك العقوبات والعمل على إيجاد آلية لتسديد ديون العراق الخارجية".