القضاء يحاكم رائد جوحي غيابياً.. بسبب تهريبه متهمين بسرقة القرن.. مدير مكتب الكاظمي ملاحق قضائياً فهل تسلّمه واشنطن؟
انفوبلس..
كشف مصدر قضائي عن صدور حكم بالحبس لمدير مكتب رئيس الوزراء السابق رائد جوحي على خلفية دوره في قضية سرقة الأمانات الضريبية المعروفة إعلامياً بـ"سرقة القرن" على خلفية تهريبه ضياء الموسوي، والاثنان ضالعان في السرقة الكبرى.
ويقيم جوحي حالياً في الولايات المتحدة الأمريكية ويحمل جنسيتها ما أثار تساؤلات سياسية وشعبية عن إمكانية تعاون واشنطن من عدمها بتسليمه إلى القضاء.
وذكر المصدر، أن القضاء أصدر حكماً غيابياً بالحبس لمدة سنة بحق مدير مكتب رئيس الوزراء السابق رائد جوحي مع حجز أمواله المنقولة وغير المنقولة.
ولفت إلى، أن الحكم صدر على خلفية تهريب جوحي للمتهم ضياء الموسوي المتهم بصفقة الفساد المعروفة بسرقة القرن في الحكومة السابقة وعدم تنفيذه أمر القبض.
وكان ضياء الموسوي مديرا عاما في جهاز المخابرات العراقي، سلَّم نفسه للقضاء بعد اتهامه بـ "سرقة القرن"، وذلك بعد أن أعلنت دائرة الاسترداد في هيئة النزاهة الاتحادية، في 17 تشرين الثاني 2022، عن إجراءات ملاحقة خاصة بحق الموسوي.
كما سبق أن صدرت مذكرة قبض قضائية بحق المتهم جراء تهم منسوبة إليه تتعلق بجرائم فساد تتمثل بتهريب النفط واستغلال منصبه الوظيفي، وجاءت مذكرة توقيف الموسوي، في تشرين الثاني 2022، بسبب تورطه في تسهيل تهريب الأموال المسروقة إلى خارج العراق.
الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي كشفت في شهر تشرين الاول 2022، عن عملية اختلاس ضخمة لأموال الأمانات في الهيئة العامة للضريبة لمبلغ 3.7 تريليون دينار.
فيما كشفت سجلات هيئة الطيران المدني، التي استخدمتها لجنة تقصي الحقائق، أن علاء خلف مران، وهو السكرتير الخاص لرائد جوحي، (المشتبه به الثاني) كان يرافق بانتظام رجل الأعمال نور زهير جاسم، (المشتبه به الرئيسي) بسرقة القرن، خلال سفراته الخارجية على متن "طائرة زهير الخاصة" طوال العامين الماضيين، وكان يرافقهما اللواء ضياء الموسوي.
جدير بالذكر أن رائد جوحي كان رئيساً لقضاة التحقيق في محكمة الجنايات العليا، ثم مفتشاً عاماً سابقاً لوزارتي الدفاع والخارجية، وكان أول محقق يقابله رئيس النظام البائد صدام حسين.
وفي في آب من العام الماضي أعلنت هيئة النزاهة عن تنظيمها "نشرات حمراء" بحق المتهمين وهي عبارة عن أوامر قبض دولية، حيث تم إكمال الإجراءات من قبل الشرطة العربية والدولية"، حيث يتواجد جوحي في الولايات المتحدة الامريكية، وحاصل على جنسيتها.
كما اصدر القضاء، في وقت سابق، أوامر قبض بحق وزير المالية السابق عبدالأمير علاوي ومشرق عباس المستشار السياسي الخاص لرئيس مجلس الوزراء السابق بالإضافة إلى أحمد نجاد سكرتير الكاظمي الشخصي.
وبالحكم الصادر بحق جوحي يبدو الكاظمي في ورطة في حال ثبتت الاتهامات الموجهة لعدد من كبار فريق عمله حين كان رئيسا للوزراء، فعمليات النهب تمت في عهده وعلى مراحل وبمساعدة (حسب الاتهامات) من مسؤولي مكتبه حيث يعتقد أنهم استفادوا من تلك العمليات وتربحوا بشكل غير قانوني.
ويؤكد خبراء ومتابعون لملفات الفساد في العراق إنه لو كان المشتبه بهم في فضيحة سرقة القرن من المسؤولين من الدرجات الوظيفية الدنيا والبعيدة عن دوائر الحكم أو في الهيئات الفرعية والمحلية للدولة، كان يمكن أن يتجنب الكاظمي الإحراج واللوم أو حتى المحاسبة في انتظار أن يتم اعتقال المطلوبين وجلبهم من الخارج وما ستكشف عنه التحقيقات لاحقا.
وكان السوداني قد تعهد منذ توليه رئاسة الحكومة خلفا لمصطفى الكاظمي بجعل مكافحة الفساد على رأس أولوياته، لكن تقارير أميركية شككت في قدرته على الوفاء بالتزاماته، مشيرة إلى أنه رغم "نظافة يد السوداني إلا أنه لن يكون بمقدوره محاربة بارونات الفساد.
وفي وقت سابق من العام الماضي، قال المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء في الحكومة الحالية هشام الركابي إن حكومته جادة في تفعيل ملف المطلوبين للقضاء العراقي ممن تورطوا في سرقة وهدر أموال الدولة، من خلال ما أعلنت عنه ضمن برنامجها الحكومي.
وأشار الركابي إلى قيام مسؤولين عراقيين بسلسلة إجراءات وجولات واتصالات واتفاقيات مع الدول التي لديها بعض المطلوبين ممن صدرت بحقهم أحكام قضائية أو من المتورطين بقضايا فساد، لافتا إلى أن هذه المباحثات لاقت تعاونا من الدول المعنية ومن الإنتربول.
ويقول الركابي إن الحكومة قدمت ملفا كاملا للإنتربول بهدف استعادة جميع المتورطين بالفساد ممن يقيمون خارج البلاد، ونتج عن ذلك استعادة عدد من المطلوبين للقضاء، خاصة من الأردن وسلطنة عُمان والإمارات. مع توقعات بتسلم مطلوبين آخرين قريبا بالتنسيق مع الإنتربول.
وقال المستشار الإعلامي إن "هذا الملف متابع بشكل شخصي من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني"، وإن الحكومة "مصممة على الاقتصاص من كل من تورط بسرقة وهدر المال العام".
وأثارت قضية "سرقة الأمانات الضريبية"، التي كُشف عنها أكتوبر/تشرين الأول من عام 2022، سخطا شعبيا في العراق، لا سيما بعد إعلان تورط مسؤولين سابقين ورجال أعمال بارزين فيها.
ودافع رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، في وقت سابق، عن سجله في مكافحة الفساد. وقال إن حكومته هي التي كشفت الستار عن هذه القضية وفتحت تحقيقا بها.
وتم الاستيلاء على ما لا يقل عن ملياري ونصف المليار دولار، بين سبتمبر/أيلول 2021 وآب/أغسطس 2022 من خلال 247 صكا تم صرفها من قبل 5 شركات، ثم سحبت أموالها نقدا من حسابات هذه الشركات التي فر معظم مالكيها إلى خارج البلاد.
وعن العقوبات التي تنتظر المطلوبين في حال تسلمهم من الدول التي فروا إليها، يقول الخبير القانوني حيدر الصوفي إن المتهمين ستتم محاكمتهم وفق المادة (444) من قانون العقوبات العراقي والمتعلقة بسرقة أموال الدولة في حال ثبتت إدانتهم.
وبيّن الصوفي أنه في حال عدم حضورهم ستصدر بحقهم أحكام غيابية بالسجن، وفقا لقانون أصول المحاكمات الجزائية، كما سيتم حجز أموالهم المنقولة وغير المنقولة، والإشارة إليهم في المنافذ الحدودية البرية والجوية مع أوامر بالقبض ومنع السفر، وعدم جواز شمولهم بقانون العفو وفقا للقانون الذي يمنع ذلك على المتورطين بالفساد المالي والإداري.
من جهته، يرى رئيس مؤسسة "النهرين لدعم الشفافية والنزاهة" محمد رحيم أن استعادة المتهمين بسرقة الأمانات الضريبية واستغلال النفوذ الوظيفي ممكن بالتعاون مع الإنتربول وسيتم تسليمهم، لأنهم موجودون في دول أعضاء في "اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد" كما العراق.
فضلا عن ذلك، يقول رحيم إن تلك الدول لديها اتفاقيات تعاون مع العراق، وهي ملزمة بتسليمهم في وقت قريب، لا سيما أنهم مطلوبون في قضايا جنائية، وليست مجرد مخالفات.
واستبعد رحيم شمول المدانين بقانون العفو العام المرتقب، خاصة أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مُصرّ على ذلك، "إلا في حال وجود إرادة سياسية خفية لشمولهم، وبذلك ستحل كارثة في ما يتعلق بالتقييم الدولي للعراق".