المالكي ينسف قانون العفو ويفرغه من محتواه.. هل يعوّل الخنجر والحلبوسي عليه؟
تعرف على أسرار هذا الملف المتعثر
المالكي ينسف قانون العفو ويفرغه من محتواه.. هل يعوّل الخنجر والحلبوسي عليه؟
انفوبلس/..
في كلمة مصورة، خرج زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، ليتحدث علانيةً عن مشروع قانون تعديل قانون العفو العام، ليفرغه من محتواه تماماً، فقد رفض في كلمته إطلاق سراح الإرهـابيين الذين تلطخت أيديهم بدمـاء الأبرياء، كما أشار الى أن جـرائم الفسـاد المالي والإداري وزنا المحارم والتجسس يجب أن تُستثنى من قانون العفو العام.
*نص الكلمة
وقال المالكي في نص كلمته التي تابعتها شبكة انفوبلس، "نشير اليوم إلى مطالب قد تعهدت بها العملية السياسية، وأن الأمن الاستقرار وتشكيل الحالة الوطنية تقتضي الالتزام بالقوانين العملية والدساتير".
وأضاف، إن "قوام العملية السياسية التي تشكلت هي حكومات اشتركت فيها كل المكونات، ولذا قراراتها تعبّر عن كل المكونات وليست قرارات لطرف خاص"، مردفاً: "حكومتنا الحالية لا شك أنها وضعت برنامجها السياسي، وعرض على مجلس النواب وصادق عليه، وأصبح ملزماً لجميع القوى السياسية التي صوتت عليه".
وتابع: "إذا انطلقنا من قاعدة أن الذي حصل هو ملزم للطرفين، الحكومة والقوى التي وافقت، يعني أننا أمام التزام لا ينبغي أن نقفز عليه أمام رغبات أو مصالح خاصة أو حزبية، ولكن الذي حصل مع الأسف الشديد، في بعض هذه المطالب التي ذكرت، والتي منها، قانون العفو العام، بين التزام الحكومة به وبين رغبة بعض الشركاء الذي يريدون أخذ منه ما يُحسب إنجازات أمام جمهورهم".
واستدرك المالكي، بالقول: "كلنا نريد كسب الجمهور، ولكن يجب أن يكون الكسب ضمن أساسيات القانون والعملية السياسية، والكل يريد أن يُحسب له إنجازات، وكلنا نشدّ على يد من يريد أن يحقق إنجازا، ولكن الموقف الحقيقي هو الالتزام أمام ما تم التعهد به وما صادق عليه مجلس النواب".
وأكمل: "الآن مطلوب من الحكومة الالتزام، ومن القوى السياسية عدم التعسف بمطالبها، حتى تسير العملية سيرا طبيعيا ويتحقق قانون العفو العام ويخرج من نالوا عقابهم، فالكثير ممن في السجون موزعون على مجموعة متفرقة من الاتهامات، ولكن المصلحة الوطنية تقتضي أن لا نفرّط بالموقف من الذين مارسوا القتل والإرهاب والتفجيرات ومنعوا الإعمار والخدمات، ولا يمكن أن يكون هناك تنازل عن هؤلاء الذين كانوا أشرارا بما قاموا به".
كما قال المالكي: "نرجو أن يكون هناك توجه للعفو عن مرتكبي الجنايات والجنح والتهم العادية وجرائم النشر، ولكن ما نعتبره تعسفا من الطرف الآخر هو إثارة موضوع المخبر السري، والحقيقة لا يوجد شيء اسمه المخبر السري، إلا بقدر أولئك الذين أخبروا القضاء بمعلومة معينة وأرادوا إخفاء هوياتهم خشية القتل".
واستطرد، قائلاً: "هناك من يثير أن الاعتقالات كانت سياسية وكيدية وإلى آخره من الاتهامات، وينبغي أن نعرف أن من عطل المسير نحو قانون العفو هو من يثير مثل هذه الاتهامات، فهناك ضوابط من قبل القضاء يجب أن نحترمها، فهو الجهة التي يمكن أن تقول من هو مشمول بالعفو ومن هو غير مشمول، وهنا تكمن المشكلة".
وأشار الى أن "الحكومة أعلنت وتعهدت بتنفيذ قانون العفو العام، ولكن يجب أن تلتزم بهذه الخصوصية وهذه الضوابط التي يحددها القضاء، ونحن أيضا حين نقول نعم للعفو العام، سنقول كلا لمن تلطخت أيديهم بالدم، فهؤلاء من الممكن أن يعودوا إلى ما كانوا عليه، وهؤلاء ممن لا يمكن ضمانهم".
وأتم زعيم ائتلاف دولة القانون، كلمته بالقول: "نريد للحكومة والمجتمع الاستقرار، ويجب أن لا نطعن بهؤلاء الذين قدموا دماءهم وجهودهم وتعطلوا عن البناء والإعمار نتيجة الممارسات الإرهابية التي قام بها هؤلاء، نحن مع قانون العفو وفقا للضوابط التي يسمح بها مجلس القضاء، ولسنا مع ما يرفضه مجلس القضاء، وبهذه الروحية يجب أن تمضي الأمور".
*جدل رغم إكمال القراءة الأولى
يشار الى أنه ورغم استكمال القراءة الأولى لمسودة القانون داخل قبة البرلمان، في الرابع من آب 2024، إلا أنها لم تخلُ من سجالات ومساومات انتقلت إلى الشارع ما بين دموع أمهات تناشد عودة الأبناء وتحذيرات من تكرار سياسة "تبييض السجون التي اتبعها النظام السابق".
يحدث هذا بينما، يؤكد نواب في البرلمان أن النسخة التي خضعت لقراءة أولى لم تعالج إلا الانتماء للتنظيمات الإرهابية.
ويؤكد نواب أن مشروع قانون العفو العام ستتم إعادة صياغته من جديد داخل اللجنة القانونية البرلمانية، حسب ما يتفق عليه حول الجرائم المشمولة والمستثناة، في إشارة الى أن مشروع القانون الحالي اقتصر فقط على الجرائم الإرهابية.
ومنذ تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، يواجه قانون العفو العام مصيرا غامضا على الرغم من وجود اتفاق سياسي على تشريعه، اذ يحوم الجدال على المشمولين بهذا القانون.
ورغم تشريع أكثر من قانون للعفو العام في العراق خلال السنوات الماضية، ومنها قانون العفو العام لسنة 2016 فإن الاعتراضات عليه بقيت قائمة، لاسيما من قبل القوى السنية. فبعد اجتياح داعش المحافظات الغربية ذات الغالبية السنية في 2014، اختلطت الأوراق على صعيد من انتمى إلى التنظيم الإرهابي، وصدور قانون ما يسمى 4/ إرهاب الذي يصل الحكم على من يثبت انتماؤه للجماعات الإرهابية إلى الإعدام.
ويُعد قانون العفو العام أحد أبرز مطالب الكتل السنية التي اشترطت إقراره أثناء مفاوضات تشكيل الحكومة التي ضمت الإطار التنسيقي والكتل السنية والكردية.
*موقف الحلبوسي
وفي خضم هذه الجدلية حول البريء والمدان، تتباين مواقف القوى السياسية، فلا اتفاق واضحاً حتى الآن على هذه الجزئية.
رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي الذي أُقيل من مجلس النواب العراقي بتهمة تزوير (مخلّة بالشرف)، يقول: "قانون العفو العام أحد المطالب الأساسية لنا لإنصاف الأبرياء والمغرر بهم، ونحن نفرِّق بين البريء وبين المدان".
وأضاف الحلبوسي: "إذا أصبح قانون العفو شعاراً انتخابياً سيوأد، فيجب أن يُشرع بعيداً عن المزايدات والشعارات الانتخابية في توقيت سليم"، مشيراً الى أن "قانون العفو العام سيُشرع، وهو مثبت في ورقة الاتفاق السياسي والبرنامج الحكومي".
ويتصاعد الجدل في العراق بين فترة واخرى، بشأن تشريع قانون للعفو العام يتمّ بموجبه إطلاق سراح الآلاف من المساجين الذين تحوم حول محاكمتهم وسجنهم شبهات تسييس في قضايا خطرة من ضمنها قضايا الإرهاب، وبينهم من كانوا أحداثا غير بالغين السن القانونية أثناء محاكمتهم، ويدور أغلب الجدل في خانة التكسب السياسي.
*ماذا يقول الخنجر؟
ودعا رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، في 25 آذار مارس الماضي، الحكومة والبرلمان لإقرار قانون العفو العام قبل نهاية رمضان، وذلك وفقا للاتفاق السياسي الذي تشكلت على أساسه حكومة محمد شياع السوداني.
وفي 7 شباط فبراير الماضي، دعا رئيس تحالف العزم في محافظة ديالى النائب رعد الدهلكي، رئاسة مجلس النواب والقوى السياسية الى موقف واضح وحازم للمضي بإقرار قانون العفو العام.
وتحذر قوى سياسية أخرى من شمول “الإرهابيين والمتهمين بجرائم خطيرة” ضمن المسودة الجديدة لقانون العفو العام.
وكان زعيم تحالف نبني هادي العامري قال في تموز يوليو 2023 نعلن رفضنا لأي تعديل غير دستوري على قانون العفو العام؛ ما يتيح للتنظيمات الإرهابية فرص الالتفاف على دستور الدولة والإفلات من قبضة العدالة”، مضيفاً: “كما سالت دماؤنا من أجل الدولة ومن أجل زج المجرمين في السجون فإنها ستعود تسيل لأجل منع إخراجهم منها”.
وتابع: “لا مجال لعودة الإرهاب في عراقنا الذي مثلما نبنيه سنحميه، وهذا شعارنا ونحن باقون عليه، ولن نخضع للاتفاقات السياسية على حساب شعبنا”.