المحكمة الاتحادية تُجرّد حكومة كردستان من صلاحياتها.. ورقة حمراء للبرلمان وإنذار للأحزاب المتنازعة
انفوبلس/ تقارير
أثار قرار المحكمة الاتحادية العليا، مساء أمس الثلاثاء، بعدم دستورية تمديد عمل برلمان إقليم كردستان، جدلاً جديداً بين الحزبين الكرديين الرئيسيين في الإقليم (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني)، وهي خطوة تضع الإقليم أمام خيار العودة إلى قانون الانتخابات القديم بإجراء انتخاباتهم البرلمانية، وهو ما رفضه "الاتحاد الوطني". انفوبلس سلّطت الضوء على الموضوع وستوضح في هذا التقرير تفاصيل قرار المحكمة الاتحادية كاملة، وتأثير إنهاء برلمان الإقليم وتداعياته على العملية السياسية فيه.
*تفاصيل قرار المحكمة الاتحادية
يوم أمس، قال رئيس المحكمة الاتحادية القاضي جاسم محمد عبود، إن المحكمة قضت بعدم دستورية القرار الصادر في عام 2022 بتمديد عمل برلمان كردستان لمدة عام، وأشارت إلى أنه يقوّض الديمقراطية في البلاد.
وأضاف عبود، إن جميع القرارات الصادرة عن برلمان الإقليم اعتبارا من تاريخ تمديد ولايته في أكتوبر/ تشرين الأول 2022 تعتبر مُلغاة وباطلة.
وفيما يتعلق بحيثيات الحكم، نقلت وكالة الأنباء العراقية، عن رئيس المحكمة قوله، إن "الدستور نصّ على أن يكون عمر البرلمان 4 سنوات ويُعد باطلاً أي نص قانوني آخر يتعارض مع الدستور".
وأضاف القاضي، إن "الدستور صاحب السلطة المجرَّدة والدائمة وهو وثيقة قانونية تفرض قواعدها على جميع السلطات، والدستور نظّم المبادئ الأساسية التي تستند عليها العملية السياسية، ومن ضمنها سيادة القانون وأن الشعب مصدر السلطات".
وتابع، إن "إقليم كردستان اتحادي وفقا لأحكام الدستور، واستمرار الدورة الخامسة لبرلمان كردستان لأكثر من 4 سنوات بعد التمديد يتعارض مع أحكامه، وقررت المحكمة عدم دستورية تمديد عمل برلمان إقليم كردستان واعتبار دورته الخامسة منتهية وما صدر بعد التمديد باطل دستوريا".
*الآثار المترتبة على الإقليم بعد قرار المحكمة الاتحادية
بعد قرار المحكمة الاتحادية، تأثر إقليم كردستان بأربعة آثار وهي أن حكومته أصبحت حكومة تصريف أعمال، فضلا عن إلغاء قرارات برلمانه منذ وقت التمديد، إضافة إلى إشراف مفوضية الانتخابات على الانتخابات المقبلة في كردستان، مع تحديد يوم جديد للانتخابات.
*منعطف سياسي كبير
وبهذا الشأن، حذر الباحث في الشأن السياسي مهند الجنابي، من تداعيات قرار المحكمة الاتحادية على الإقليم، وقال في تغريدة له: "منعطف سياسي كبير في إقليم كردستان بعد قرار المحكمة الاتحادية بعدم دستورية استمرار برلمان الإقليم، إذ ستتحول حكومة الإقليم إلى حكومة تصريف أمور يومية". مؤكداً، إنّ "آثار هذا القرار ستمسّ جوهر النظام الفيدرالي في العراق.. ماذا تبقّى من الفيدرالية؟ وهل لا تزال حاضرة في التطبيق؟".
وأشار إلى، أنّ "الإقليم أمام طريق واحد، وهو خوض الانتخابات وفق القانون الأخير".
*البارتي يعلّق
وعلى إثر قرار المحكمة، دعا الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في الإقليم بزعامة مسعود بارزاني، الأحزاب الكردية، إلى التعاون لإنجاح العملية الانتخابية، وقال المتحدث باسم الحزب محمود محمد، في بيان له، إنّ "الحزب ليس بصدد التحدث عن خطواته ومحاولات لإنجاح العملية الانتخابية، إنما يدعو جميع الأطراف السياسية ومواطني الإقليم إلى أن يكونوا متعاونين لإجراء الانتخابات النزيهة والشفافة".
وأكد أنّه، على حكومة الإقليم والمؤسسات المعنية "اتخاذ الخطوات اللازمة لإنجاح الانتخابات". مضيفاً، إنّ "ما يهم الحزب الديمقراطي الكردستاني، هو إجراء وإنجاح عملية انتخاب برلمان إقليم كردستان".
*اليكتي يعلّق
في مقابل ذلك، رفض حزب الاتحاد الوطني الكردستاني العودة إلى قانون الانتخابات القديم. وقال القيادي في الحزب برهان شيخ رؤوف: "نحترم القرارات الصادرة كافة عن المحكمة الاتحادية العليا، وهي مُلزِمة لنا، لكن المحكمة الاتحادية مطالَبة بتوضيح ما هي الإجراءات القانونية والدستورية لإجراء الانتخابات في الإقليم بعد هذا القرار، وكيف يمكن تعديل قانون الانتخابات، ومن سيُدير الملف الانتخابي".
وشدد رؤوف، في تصريح صحافي، على أنّ "العودة لقانون الانتخابات السابق غير ممكنة، فهذا القانون عليه اعتراضات من جميع القوى الكردية في الإقليم عدا الحزب الديمقراطي الكردستاني، ولهذا نعتقد أنّ قرار المحكمة الاتحادية صبَّ في صالح الديمقراطي سياسياً".
*المعارضة تُرحِّب
وفي أول تعليق من المعارضة في إقليم كردستان، أكد المتحدث باسم حراك الجيل الجديد (بزعامة شاسوار عبد الواحد)، ريبوار عبد الرحمن، أنّ هذا القرار يُعد "انتصاراً لروح الديمقراطية".
وقال عبد الرحمن، إنه "منذ البداية كان قرار تمديد عمل البرلمان مخالفا للقانون والدستور، والغرض منه فرض الهيمنة من قبل أحزاب السلطة الحاكمة، ومنع المعارضة من ممارسة دورها". مضيفاً، إنّ "هناك خشية من الحزبين الحاكمين؛ الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، من صعود أسهم المعارضة وحظوظها الكبيرة بالفوز بمقاعد عديدة تقلِّل من نفوذهم داخل إقليم كردستان".
*الجيل الجديد: مفوضية كردستان غير مستقلة
وأشار متحدث الجيل الجديد إلى، أنّه "الآن ينبغي أن تُمنح مفوضية الانتخابات العراقية حق الإشراف التام على إجراء الانتخابات في كردستان، لأن مفوضية الإقليم منتهٍ عمرها بالقانون، ولا يجوز التمديد لها، وأيضاً المفوضية العراقية تتمتع بجانب كبير من الاستقلالية، عكس ما هو موجود في كردستان، من جهة خاصة للنفوذ السياسي".
*مؤنس: حكومة أربيل فاقدة للشرعية
بدوره قال عضو اللجنة المالية البارز ورئيس حركة حقوق النيابية حسين مؤنس، إن حكومة الإقليم فاقدة للشرعية ومن غير القانوني إرسال المخصصات إلى حكومة تصريف أعمال.
— حسين مؤنس (@HussainMouanes) May 31, 2023
وأضاف مؤنس، إنه "بعد قرار المحكمة الاتحادية بعدم شرعية برلمان كردستان، وفي ظل حكومة أربيل الفاقدة للشرعية، سيكون من غير القانوني إرسال أي مخصصات مالية مُدرَجة في الموازنة العامة الاتحادية إلى حكومة الإقليم الحالية، لأنها تعتبر (حكومة تصرف أعمال) ليس لها حق القيام بأي تعاقدات سيادية ولا تعيينات ولا صرف أموال، إلا في حدود دفع رواتب الموظفين وتسيير الأمور اليومية.
*معارض كردي: قرار الاتحادية يصبّ بمصلحة الشعب الكردي
من جانبه، أكد المعارض الكردي أوميد محمد، أن قرار المحكمة الاتحادية دستوري ملزم وجاء بمصلحة الشعب الكردي.
وقال محمد، قرار المحكمة الاتحادية خلَّص كردستان من التسلُّط وألغى رئاسة الإقليم وحكومته. مبيناً، إن أربيل منذ التسعينيات اعتادت تمديد عمر البرلمان خلافا للقانون.
*المعارض: سلطة الإقليم "قمعية ومتغطرسة"
ويؤكد المعارض الكردي، أن سلطة كردستان قمعية وعميلة لدول الجوار، فضلا عن أنها متغطرسة وتخدم مصالح العوائل والخارج، مطالبا المحكمة الاتحادية بتحديد موعد الانتخابات في كردستان وتحديث سجل ناخبي كردستان لاحتوائه أسماء أشخاص موتى.
*خلافات سابقة على قانون الانتخابات
وشهد إقليم كردستان خلافات واسعة بين مختلف الأطراف الكردية، نتيجة عدم الاتفاق على توزيع مقاعد المكونات الدينية "الكوتا" من المسيحيين والتركمان والإيزيديين.
وفي وقت سابق، اتفقت الأحزاب الكردية على تقسيم الإقليم إلى 4 دوائر انتخابية، واعتماد سجل الناخبين في مفوضية الانتخابات العراقية، وأيضاً تم الاعتماد على بيانات وزارة التجارة في تحديد الناخبين.