المصارف المعاقبة تتحرك قبيل زيارة السوداني إلى واشنطن.. لماذا تأخر الإعلان عن التوصيات المرفوعة من لجنة "الهيمص"؟
انفوبلس/ تقرير
من المقرر أن يُجري رئيس الوزراء محمد شياع السوداني زيارة إلى العاصمة الامريكية واشنطن، في الـ15 من أبريل (نيسان) الجاري، وسط ترقب الأوساط السياسية والاقتصادية العراقية، الى النتائج التي يمكن أن تُسفر عنها هذه الزيارة المرتقبة، ومن بينها المصارف المعاقبة التي كثفت من تحركاتها من الآونة الأخيرة.
ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على تحركات المصارف المعاقبة قبيل زيارة السوداني إلى واشنطن
*رفع توصيات للمجلس الوزاري الاقتصادي بشأن المصارف المعاقبة
أكد رئيس هيئة الأوراق المالية رئيس اللجنة المكلفة بشأن المصارف المعاقبة فيصل الهيمص مؤخراً، رفع توصيات للمجلس الوزاري الاقتصادي بشأن تلك المصارف. وقال الهيمص إن "رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني كلفه برئاسة لجنة للنظر بالمصارف المعاقبة"، لافتاً الى أنه "تم رفع التوصيات الى المجلس الوزاري الاقتصادي منذ أكثر من ثلاثة أسابيع".
* أسباب التأخير في إعلان التوصيات
وأضاف أن "اللجنة بانتظار إقرار التوصيات من قبل المجلس الاقتصادي الوزاري"، مبيناً أن "اللجنة شددت على ضرورة إطلاق المبادرات التنموية من خلال المصارف الحكومية والأهلية الخاصة لتعزيز الاقتصاد العراقي. وأشار الى أن "أسباب التأخير في إعلان التوصيات من قبل مجلس الوزراء لوجود إجراءات ومناقشات ما بين المجلس الاقتصادي الوزاري والبنك المركزي وغيرها من الإجراءات".
وكان من المفترض أن يزور السوداني الولايات المتحدة منذ توليه رئاسة الحكومة عام 2022، إلا أن اعتراض واشنطن على مشاركة بعض الأطراف السياسية في حكومته حال دون الزيارة.
وفرضت وزارة الخزانة الامريكية، العام الماضي، عقوبات على 14 مصرفاً عراقيا بتهمة عمليات غسيل أموال ومعاملات احتيالية. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين أميركيين القول إن "الخطوة جاءت بعد الكشف عن معلومات تفيد بأن البنوك المستهدفة متورطة في عمليات غسيل أموال ومعاملات احتيالية".
وأضافت الصحيفة أن "بعض هذه العمليات ربما تتعلق بأفراد خاضعين للعقوبات، مما يزيد المخاوف من إيران ستكون مستفيدة منها. كما قال مسؤول أميركي كبير للصحيفة: "لدينا سبب قوي للشك في أن بعض عمليات غسيل الأموال هذه قد تعود بالفائدة، إما لأفراد مشمولين بالعقوبات الأميركية، أو لأشخاص يمكن أن تشملهم العقوبات".
وعلمت "انفوبلس"، ان العقوبات طالت "مصارف (المستشار الإسلامي للاستثمار والتمويل والقرطاس الاسلامي للاستثمار والتمويل وكذلك الطيف الاسلامي ومصرف إيلاف ومصرف اربيل للاستثمار والتمويل والبنك الاسلامي الدولي ومصرف عبر العراق ومصرف الموصل للتنمية والاستثمار ومصرف الراجح ومصرف سومر التجاري ومصرف الثقة الدولي الاسلامي ومصرف أور الإسلامي ومصرف العالم الإسلامي للاستثمار والتمويل ومصرف زين العراق الاسلامي للاستثمار والتمويل".
وكان وزارة الخزانة الأميركية منعت أربعة بنوك عراقية أخرى من الوصول إلى الدولار في نوفمبر الماضي، وكذلك فرضت بالتعاون مع البنك المركزي العراقي ضوابط على التحويلات المالية في البلاد بشكل عام.
كما ان البنك المركزي العراقي كان قد استبعد 4 مصارف عراقية أهلية من مزاد بيع العملة (وهي: الأنصاري، والشرق الأوسط، والقابض، وآسيا) إثر توجيهات وتحذيرات من وزارة الخزانة الأميركية من هذه المصارف المتهمة بتهريب العملة.
وتحظى زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني المرتقبة إلى واشنطن، في الشهر الجاري، باهتمام الوسط السياسي العراقي، إذ من المرتقب مناقشة ملف الانسحاب الأميركي من العراق والتعاون العسكري بين البلدين، إلى جانب بحث ملفات اقتصادية وسياسية تتعلق بالأزمات المتكررة مع إقليم كردستان وواقع حقوق الإنسان، وفقاً لما يؤكده مسؤولون عراقيون.
وكان البيت الأبيض قد أعلن، يوم الجمعة الماضي، أنّ زيارة السوداني إلى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي جو بايدن حُددت في 15 إبريل/ نيسان المقبل، مؤكداً التزام واشنطن باتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقّعة بين البلدين، والعمل على تعميق الرؤية المشتركة لعراق آمنٍ وذي سيادة ومزدهر ومندمج بالكامل في المنطقة الأوسع.
*بغداد ستطرح ملف العقوبات الأميركية على شخصيات وبنوك عراقية
وقال مسؤول عراقي في وزارة الخارجية إن إنهاء دور التحالف الدولي ووضع القوات الأميركية وتحديد جدول زمني لانسحابها من العراق والعلاقة بين بغداد وأربيل ووضع حقوق الإنسان، ستكون على رأس الملفات التي ستُبحث، مضيفاً أن بغداد ستطرح ملف العقوبات الأميركية على شخصيات وبنوك عراقية أيضاً.
من جهته، قال المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، إن "زيارة السوداني إلى واشنطن مهمة جداً، خاصة أن هذه الزيارة يتم الترتيب لها منذ نهاية سنة 2023، والسوداني يريد خلال هذه الزيارة حسم ملفات عالقة مختلفة مع الجانب الأميركي، وليس مجرد زيارة اعتيادية فقط".
وبيّن العوادي أن "الملفات التي ستتصدّر مباحثات السوداني في البيت الأبيض، هي الملف الأمني والعسكري والملف الاقتصادي والمالي، وكذلك التطورات التي تشهدها المنطقة بسبب حرب غزة، والتأكيد على الموقف العراقي الداعم للقضية الفلسطينية، والتشديد على ضرورة إيقاف الحرب على غزة، لما لها من تداعيات وخطورة اتساع دائرة الحرب".
وأكد النائب عارف الحمامي أن "السوداني سيسعى إلى التفاوض بشكل مباشر مع المسؤولين الأميركيين على سحب قواتهم من العراق وإنهاء مهام التحالف الدولي، مع التأكيد على الشراكة الأمنية ودعم القوات العراقية في مجال التدريب والتسليح، والعمل على رفع الفيتو الأميركي على تعاقد العراق على شراء منظومات دفاع جوي متطورة"، مشيراً إلى وجود "فيتو أميركي غير معلن حتى تبقى السماء العراقية تحت السيطرة الأميركية وتخترقها متى تشاء دون أي رادع".
وأضاف الحمامي أن "مباحثات السوداني في البيت الأبيض سوف تركز على الملف المالي والاقتصادي، خصوصاً المتعلق بالعقوبات الأميركية على بعض المصارف العراقية، وتأثير ذلك على العراق والسعي لرفع تلك العقوبات والعمل على إيجاد آلية لتسديد ديون العراق الخارجية".
إلى ذلك قال المحلل السياسي المقيم في واشنطن نزار حيدر ، إن "اللقاء المرتقب بين السوداني وبادين لا يعني أن الملفات العراقية سوف تُحسم خلال هذه الزيارة، خاصة ملف الوجود الأميركي واستمرار عمل التحالف الدولي في العراق".
ويرى حيدر أن "هذا الملف حساس جداً لدى الجانب الأميركي، ومن المؤكّد أنه لن يُحسم خلال هذه الزيارة. ربما سيُناقش الأمر وتداعياته بالإضافة إلى مخاطره الأمنية والعسكرية على العراق"، مضيفاً أنه يعتقد أن "هذا الملف سيبقى مؤجلاً إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، فإدارة بادين لا تريد اتخاذ أي قرار بهذا الملف حالياً".
*رفع العقوبات الأميركية صعب جداً
وأوضح حيدر أن "سعي السوداني لرفع العقوبات الأميركية عن بعض المصارف العراقية سيواجه مصاعب كبيرة، لأنّ الخزانة الأميركية لديها معلومات عن عمل تلك المصارف على غسيل الأموال وتهريبها إلى دول اخرى، ولهذا لا يمكن حسم الملف في هذه الزيارة التي ستكون زيارة بروتوكولية أكثر منها زيارة حسم لبعض الملفات العراقية".
وكان السوداني قد تلقى، منتصف فبراير/ شباط الماضي، دعوةً رسمية من بايدن لزيارة واشنطن، وهي الدعوة الثانية، إذ كان قد تلقى دعوة مماثلة في سبتمبر/ أيلول 2023، إلا أنها لم تحصل وقتها.
وتعتبر زيارة واشنطن إجراء بروتوكولياً اعتاده رؤساء الحكومات العراقية المتعاقبة بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وتحصل عادةً في الأشهر الأولى من تسلمهم المنصب. ولكن زيارة السوداني، بصفته رئيساً لحكومة منبثقة عن تحالف سياسي هو (الإطار التنسيقي) الذي أعلن في أكثر من مناسبة مناهضته للولايات المتحدة والعمل على إزاحة وجودها العسكري من البلاد، قد تُخرجها من سياقها المعتاد هذه المرة، خصوصاً أن الملفات التي يحملها السوداني إلى واشنطن لن تكون مقبولة أميركياً.
وتأتي الزيارة في وقت تجري فيه بغداد وواشنطن محادثات مشتركة لإخراج قوات التحالف الدولي من العراق، وقد أفضت الجولة الأولى للحوار الثنائي التي عُقدت في بغداد في 27 يناير/ كانون الثاني الماضي إلى اتفاق على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لمراجعة مهمة التحالف وإنهائها والانتقال إلى علاقات أمنية ثنائية، وقد بدأت اللجنة أعمالها في 11 فبراير/ شباط الماضي.
وجاءت المحادثات بسبب ضغوط تعرضت لها حكومة السوداني من قبل فصائل المقاومة العراقية وجهات سياسية اخرى، إذ طالبت بإخراج قوات التحالف الدولي من العراق إثر تنفيذ واشنطن ضربات عدوانية في العراق أسفرت عن اغتيال قيادات بارزة في تلك الفصائل.
بدوره، كشف مصدر رفيع المستوى داخل الإطار التنسيقي، عن بعض ما دار في اجتماعات الإطار حول زيارة السوداني لواشنطن.
وقال المصدر لـ"انفوبلس"، إن "أطرافاً داخل الإطار التنسيقي كانت حادة اللهجة مع رئيس الوزراء حول وجوب التزام السوداني بوعوده بإخراج القوات الأمريكية من العراق وإنهاء وجود التحالف الدولي، وإلا ستتحلل الفصائل المسلحة من هدنة وقف الاستهداف للقواعد الأمريكية وتعود للعمليات المسلحة".