"المعايير الوظيفية" لرئيس الوزراء.. بعيداً عن لعبة الأسماء وسباق المرشحين
كتب / سلام عادل
لا أود الخوض كثيراً في قائمة إسماء المرشحين لرئاسة الحكومة، والتي يبرز على رأسها (المهندس محمد شياع السوداني) إضافة لشخصيات أخرى، بحسب ما يتم تداوله بين الاوساط النخبوية، باعتبار أن (السوداني) اكثر الأسماء حظاً بتولي مسؤولية المهمة القادمة، لكونه يمتلك (المعايير الوظيفية) التي تؤهله لإدارة (حكومة خدمية) تعمل على إيقاف المزيد من التردي الحاصل في البلد، في مقابل العمل على إحياء برامج التنمية الشاملة والمستدامة.
ولذلك أقول إن الخوض في عملية المفاضلة بالاسماء ليس هو المهم بقدر أهمية أن تكون (المعايير الوظيفية) هي الفيصل في اختيار المرشحين، وهو توجه محمود على أي حال، فيما لو بقيت القوى السياسية مصرة عليه، وهو قد يكون مؤشراً إيجابياً مهماً على التحول في تفكير زعماء الكتل هذه المرة، لكونه ينطوي على شيء من الشعور بالمسؤولية حيال ما يجري من تدهور في جميع قطاعات ومفاصل الدول.
وربما يجمع العقلاء جميعاً على أن تحديات المرحلة الحالية ليست في الجانب الأمني او السياسة الخارجية، بحسب ما كان يمر به العراق سابقاً من تحديات رئيسية، وإنما الحاجة للنهضة الاقتصادية وإعادة إحياء مؤسسات الدولة الخدمية والصناعية والصحية والتربوية والزراعية، فضلاً عن ملف الطاقة الذي يعتبر (أبو الأزمات المزمنة).
ومن هنا باتت الحاجة لتكليف رئيس (حكومة خدمية) على أن يمتلك المؤهلات التي تسمح له بمعرفة الطريق نحو توفير الخدمات، وليس مجرد تخدير للشعب بشعارات وخطابات إعلامية لا جدوى منها غير (الطشه)، وهذه المؤهلات هي عبارة عن (شهادة علمية) الى جانب (خبرة عملية) يضاف لهما (النزاهة والشجاعة)، والتي تعني بالمحصلة (سيرة ذاتية) محترمة ومعتبرة.
وبناءً على ذلك صعد الى السطح أسم (المهندس محمد شياع السوداني) ضمن قائمة المرشحين الذين يجري تفضيلهم بين أوساط النخبة السياسية، تحديداً من (نخبة الإطار التنسيقي)، واللافت للاهتمام أن (نخبة التيار الصدري) لا يعارضون أو يمانعون تكليف (السوداني) بناءً على (المعايير الوظيفية)، وهي كما يبدو قاعدة اتفاق لا يختلف عليها أحد.
وتفيد بعض التسريبات من داخل الأوساط السياسية المعنية باختيار المرشحين أن (النائب محمد شياع السوداني) قدم سيرة ذاتية تبدأ من تعيينه كموظف في وزارة الزراعة والري أواسط التسعينات، ومروراً بانتخابه محافظاً لميسان، ووصولاً لعمله كوزير بالاصالة في وزارة حقوق الانسان ومن ثم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، بما فيها العمل كوزير وكالة لوزارتي الصناعة والتجارة، وهذه الخبرات الوظيفية كلها الى جانب عمله كنائب في البرلمان لدورتين متتاليتين، مع ملاحظة انه مر بكل هذه التجارب الوظيفية دون ان تسجل ضده فضائح فساد مالي أو إداري.
وأمام قاعدة (المعايير الوظيفية) يبقى باب الترشيح والتنافس مفتوحاً لمن يتفوق وفق هذه القاعدة، لان المحصلة في النهاية تحقيق النتائج المطلوبة من الحكومة ورئيسها، وهو تسخير جهود وموارد الدولة للنهوض بالتنمية وتوفير الخدمات وإعادة الاعتبار للعمل كقيمة عليا، ويأتي ذلك بعد أن أضعنا الكثير من الوقت والدماء والأموال على مدار 20 سنة من عمر العراق الجديد.
وكما هو معتاد في الدول التي تحترم نفسها وشعبها تقوم الاحزاب والقوى السياسية باختيار رئيس وزراء مع كابينة وزارية وفق الظروف والحاجة التي تمر بها البلاد، وتختلف التقديرات ما بين ظروف الحرب عن ظروف السلم، وهو ما يجعل العراق بحاجة حالياً لشخصية (وظيفية) يعرف تماماً كيف يتم تفعيل أدوار ما يقرب من أربعة ملايين موظف على ملاك الدولة، ويستطيع في نفس الوقت تشغيل ما يزيد على خمسة ملايين شاب عاطل عن العمل، ولديه تصورات حول استثمار الأموال الواردة من مبيعات النفط في بناء اقتصاد وطني فعال.
إن المرحلة الحالية التي يمر بها العراق بحاجة الى (مسؤول وظيفي) وليس الى (زعيم سياسي) أو (قائد عسكري)، لان جدول اعمال الدولة الذي على طاولة رئيس الحكومة في كل صباح هو جدول اعمال مليء بجداول الضرب والتقديرات والحسابات التي تتطلب من يجيد العمل على حلها وليس التلاعب بها أو التآمر بواسطتها، فالعراق من أكثر بلدان العالم خراباً في هذه اللحظة، لذا هو يحتاج الى بنآئين.