النزاهة تتخذ خطوات جادة حول "سرقة القرن".. الكاظمي خارج قائمة المطلوبين وقلق من تدخل لندن لصالحه
انفوبلس/..
قال رئيس هيئة النزاهة العراقية، حيدر حنون، الأحد 6 أغسطس/ آب 2023، إن السلطات أصدرت نشرات حمراء بحق مسؤولين سابقين كبار متورطين في سرقة ما لا يقل عن 100 مليار دينار عراقي، (حوالي 77 مليون دولار أمريكي) لكل واحد منهم، فيما يُعرف في العراق بـ"سرقة القرن"، مشيراً إلى أنه سيتم استرداد المطلوبين من دول غربية وعربية.
رئيس أعلى سلطة قضائية في البلاد معنية بشؤون تتبع قضايا الفساد، أوضح أن "النشرة الحمراء تشمل وزير المالية السابق علي علاوي، ورئيس جهاز المخابرات رائد جوحي والسكرتير الخاص للكاظمي أحمد نجاتي ومستشاره السياسي الخاص مشرق عباس باعتبارهم مطلوبين بقضية سرقة القرن، وطلب من أمريكا وبريطانيا تسليمهم.
رئيس هيئة النزاهة العراقية، قال إن الأمر يخص أيضاً المستشار السابق لرئيس الحكومة السابق، وقال إن كل فرد من المطلوبين "متورط بسرقة ما لا يقل عن 100 مليار دينار عراقي"، وأضاف أن بقاء المتورطين بسرقة الأمانات الضريبية خارج القضبان "لن يستمر".
جريمة فساد وخيانة
هيئة النزاهة" قضية سرقة الأمانات الضريبية لن تموت، ونقول لمرتكبي هذه الجريمة: لا تراهنوا على الزمن
وذكر القاضي حنون، في مؤتمر صحفي في العاصمة بغداد، أن قضية الأمانات الضريبية هي قضية الفساد الأكبر المكتشفة لهذا اليوم، ولها خصوصية كونها جريمة فساد امتزجت بالخيانة، لأن ما يُستشفّ من أحداثها أن الهدف منها ليس سرقة المال العام فقط، وإنما كان من أهدافها إضعاف الثقة بالدولة ومؤسساتها والقائمين عليها.
كما أضاف رئيس هيئة النزاهة العراقية، أن "قضية سرقة الأمانات الضريبية لن تموت، ونقول لمرتكبي هذه الجريمة: لا تراهنوا على الزمن، فإن مضي الأيام لم ينسِنا الجريمة، وستبقى في ذاكرة الشعب اليومية".
المسؤول العراقي قال: "بقاؤكم خارج القضبان تتمتعون بأموال العراق المسروقة لن يستمر طويلاً، وسنسلك السبل كافة حتى نتمكن من تنفيذ مذكرات القبض الصادرة بحقكم، ونؤمّن مثولكم أمام القضاء العادل، ونستردّ منكم الأموال المسروقة".
مراحل متقدمة باسترداد المطلوبين
ابرز المطلوبين هم مدير مكتب رئيس مجلس الوزراء، ورئيس جهاز المخابرات في الحكومة السابقة التي كانت برئاسة مصطفى الكاظمي، وكذلك السكرتير الخاص في الحكومة السابقة
وأكد حنون، "تواصل الهيئة إلى مراحل متقدمة باسترداد المطلوبين وهم كل من: مديرة المصرف التجاري العراقي سابقاً حمدية الجاف، ومدير عام أسبق في وزارة الصحة، نورس عبد الرزاق، ومدير بلدية الحلة سابقاً محمد هادي".
كما أشار القاضي العراقي إلى تنظيم النشرات الحمراء للمطلوبين كل من: مدير مكتب رئيس مجلس الوزراء، ورئيس جهاز المخابرات في الحكومة السابقة التي كانت برئاسة مصطفى الكاظمي، وكذلك السكرتير الخاص في الحكومة السابقة، وهم يحملون الجنسية الامريكية.
ونوه أيضا إلى تنظيم النشرة الحمراء للمطلوب وزير المالية في الحكومة السابقة التي كان يرأسها الكاظمي، وهو يحمل الجنسية البريطانية، مؤكدا أن هؤلاء من كبار المتهمين بالقضية.
وطالب رئيس هيئة النزاهة الجهات ذات العلاقة في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي المملكة المتحدة في تنفيذ مذكرات القبض الصادرة بحقهم وفقا لأحكام المادة 316 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل.
الكاظمي خارج قائمة المطلوبين
دولاً أوروبية من بينها بريطانيا تدعم الكاظمي وقد تتدخل للضغط نحو تخليصه من اتهامات تتعلق بسرقة القرن
وعبّر مراقبون للشأن السياسي عن استغرابهم لعدم ورود اسم رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، خاصة أنه مشمول باتهامات سرقة القرن، وكان على رأس هرم السلطة التنفيذية.
ويؤكد المراقبون، أن "الكاظمي يعرف كلّ مجريات سرقة القرن، وأغلب التحقيقات توصلت الى إثباتات وأدلة تثبت تورط الكاظمي وعدد من أبرز مساعديه بالصفقة".
وفي وقتٍ يتنقل فيه رئيس الحكومة السابق بين العاصمتين العراقية بغداد والبريطانية لندن، أطلق خَلَفه محمد شياع السوداني، حملة إقالات ونقل للمحسوبين عليه داخل الأمانة العامة لمجلس الوزراء ومؤسسات أخرى مرتبطة برئيس الحكومة، أبرزها جهازا المخابرات والأمن الوطني.
وتؤكد مصادر سياسية عراقية، أن "دولاً أوروبية، من بينها بريطانيا، واصلت ضغطها حتى آخر لحظة من أجل تجديد الولاية الثانية للكاظمي، كما كان هناك دعم له من لندن وباريس وواشنطن. ومن المرجح جداً أن هذه الأطراف ستكون نفسها داعمة للكاظمي وموقفه السياسي الحالي والضغط نحو تخليصه من اتهامات تتعلق بسرقة القرن".
سرقة القرن
وتتمثل "سرقة القرن" باختفاء مبلغ 3.7 تريليون دينار عراقي (نحو مليارين ونصف المليار دولار) من أموال الأمانات الضريبية، وتم الكشف عنها من قبل عدة جهات معنية قبل نحو شهرين من انتهاء فترة حكم الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي.
وعلى إثر كشف السرقة، تحركت هيئة النزاهة والسلطة القضائية لتتولى التحقيق بالقضية وصدرت عدة أوامر قبض قضائية وكان أول المعتقلين رجل الأعمال نور زهير وتم إيداعه السجن، بالإضافة إلى آخرين، إلى جانب قرارات قضائية بمصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة للمتورطين بالسرقة وكذلك أُسَرهم.
وبداية شهر نيسان الماضي، أعلنت هيئة النزاهة أن القضاء أمر باعتقال 4 مسؤولين سابقين في حكومة مصطفى الكاظمي بتهمة "تسهيل الاستيلاء" على 2.5 مليار دولار من أموال الأمانات الضريبية، في إطار ما أُطلق عليه "سرقة القرن".
وقالت لجنة التحقيقات بالهيئة في بيان لها، إن "محكمة الكرخ الثانية المختصة بقضايا النزاهة أصدرت أوامر الاعتقال بحق المسؤولين السابقين إثر ظهور أدلة جديدة". وأضافت اللجنة، إن "الأربعة المشمولين بالقرارات القضائية هم: وزير المالية، ومدير مكتب رئيس مجلس الوزراء، والسكرتير الشخصي لرئيس مجلس الوزراء، والمستشار السياسي لرئيس مجلس الوزراء في الحكومة السابقة".
وفي حين لم يذكر بيان لجنة النزاهة أسماء المشتبه بهم، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول بالهيئة، أن "هؤلاء هم: الوزير السابق علي علاوي، ورائد جوحي مدير مكتب رئيس الوزراء السابق، والسكرتير الخاص أحمد نجاتي، والمستشار مشرق عباس". وأكد المسؤول العراقي، أن "المسؤولين السابقين الذين صدرت الأوامر القضائية باعتقالهم وحجز أموالهم موجودون خارج العراق".
وفي تشرين الأول الماضي، تم الكشف لأول مرة عن هذه القضية التي تورط فيها مسؤولون سابقون كبار ورجال أعمال، وأثارت سخطا شديدا في العراق الذي شهد في السنوات الماضية احتجاجات واسعة تطالب بوضع حد للفساد.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، أعلنت الحكومة العراقية أنها استعادت على دفعات ملايين الدولارات من الأموال المسروقة.
ووفقا للهيئة العامة للضرائب، فقد تم الاستيلاء على مبلغ 3.7 تريليونات دينار عراقي (2.5 مليار دولار) من مصرف الرافدين الحكومي من قبل 5 شركات أهلية عراقية، بين سبتمبر/ أيلول 2021 وأغسطس/ آب 2022.
وورد في وثيقة لهيئة الضرائب أنه تم دفع المبلغ عن طريق 247 صكّاً صرفتها الشركات الخمسة، ثم سُحبت الأموال نقدا من حسابات هذه الشركات التي يخضع أصحابها لأوامر توقيف.
استعادة 400 مليار دينار
وكشف رئيس هيئة النزاهة حيدر حنون سابقاً، استعادة 400 مليار دينار عراقي من الأموال المسروقة بقضية الأمانات الضريبية، والتي تُعرف باسم "سرقة القرن". وأكد حنون، أن "الهيئة تعمل على تتبّع بقية الأموال". مشيرا إلى، أن قائمة المتهمين "سوف تطول".
وما زال ملف القضية مفتوحاً لدى القضاء العراقي للتوصل إلى جميع خيوطه، وكذلك سبل استعادة الأموال التي تم تهريبها خارج العراق، بحسب ما صرّح به عدد من النواب والسياسيين.