انفوبلس تُعيد نشر تقرير سقوط الموصل بنسخته الكاملة.. تفاصيل الاستجواب الأهم في تاريخ العراق بعد 2003
انفوبلس/..
تصادف اليوم الذكرى السنوية العاشرة لسقوط الموصل، ثاني كبرى مدن العراق، بقبضة عصابات داعش الإرهابية في 10 حزيران 2014، وهو الحدث الذي ترك خلفه آثاراً جسيمة على المستويات الاجتماعية والأمنية والسياسية، وآثار الحرب التي لا تزال شاخصة في مدينة الموصل.
وبقي الغموض يحيط بالأحداث التي تمكن خلالها عصابات داعش الإرهابية من السيطرة على المدينة، بمواجهة أربع فرق عسكرية وقطعات أمنية متعددة دون خوض أي معركة مع الارهابيين.
وبدوره شكّل مجلس النواب العراقي، في تشرين الثاني 2014، لجنة لكشف أسباب سقوط مدينة الموصل بيد تنظيم داعش الإرهابي في حزيران 2014، وبعد ثمانية أشهر من التحقيقات، خرج التقرير المتعلق بـ"الكشف عن ملابسات سقوط مدينة الموصل بيد عصابات داعش الإرهابية" خرج للوجود، ليصوت مجلس النواب في 16 آب 2015 لصالح رفعه إلى القضاء، وهيئة النزاهة لاتخاذ القرار المناسب.
في هذا التقرير، تستعرض شبكة "انفوبلس" ما رَوَته لجنة سقوط الموصل في تحقيقها عن الانسحاب وتفاصيله الدقيقة.
وجاء في تقرير لجنة سقوط الموصل، إنه "في ليلة 8 / 9 حزيران سقط خط الصَّد، وبدأت الأخبار ترد عن ظهور بؤر للإرهاب في مناطق مختلفة، في حي الفاروق ودورة السواس، وحتى في وادي حجر القريبة على مقر قيادة العمليات".
بدأت الأحداث تسير بشكل متسارع، وصلت معلومات إلى نائب قائد عمليات نينوى اللواء الركن عبدالرحمن أبو رغيف بأن المجاميع الإرهابية ستقوم بالسيطرة على الساحل الأيمن، فأخبر أبو رغيف كُلّاً من الفريق عبود قنبر والفريق علي غيدان بذلك، فغضبوا منه و أنَّبوه، فقام أبو رغيف بإحضار مدير استخبارات عمليات نينوى العميد إسماعيل الجبوري وطلب منه أن يُدلي أمامهم بما لديه من معلومات، فقال الجبوري، "إن معلومة استخبارية وصلته تُفيد بنيَّة الإرهاب إسقاط الساحل الأيمن حتماً".
على الضفة الاخرى وفي مقرّ الفرقة الثانية، صباح يوم 9 حزيران حضر آمر اللواء الخامس عقيد ركن حماد إلى مقر الفرقة المذكورة حيث التقى بقائدها الجديد العميد الركن فاضل جواد علي، وقد طلب منه الأخير تأمين 8 عجلات من موارد المشاة الخامسة، فوعده آمر اللواء بأنها ستكون لديه قبل الساعة الرابعة من عصر ذلك اليوم، اطلع كذلك قائد فق2 الجديد على موقف تكامل الفرقة فوجد أن نسبة تكاملها تبلغ 65%.
وفي يوم 9 حزيران، وصل إيعاز إلى العميد فارس الراشدي مدير شرطة أم الربيعين بأن يجمع ما تبقّى لديه من عناصر شرطة ويقوم بفتح المديرية في مركز شرطة المستشفى لأن مقر المديرية تم احتلاله من قبل داعش، فتحرّك إلى هناك في الساعة 11 صباحاً.
وفي صباح يوم 9 حزيران، زار قائد فق2 الجديد، مستشفى الموصل حيث التقى هناك بآمر لمش12 العقيد الركن حسين علي نصيف وأمر أحد الأفواج أن يروي قائد فق2 عميد ركن فاضل، مشاهداته عن تلك الزيارة فيقول "صعدنا إلى الطابق السادس من بناية المستشفى، فقلتُ لهم أروني خط الصَّد، قالوا هذا الشارع هو خط الصَّد، لاحظتُ وجود عجلتي همر محترقتين، فسألتهم عن هاتين العجلتين، قالوا هذه همراتنا التي اشتركت يوم أمس في الواجب، وقد كانت الجثث لا تزال مُلقاة في الشارع".
بينما كان قائد فق2 عميد ركن فاضل مع آمر لمش12 عقيد ركن حسين التميمي، اتصل (مصدر) بآمر اللواء و أبلغه بأن هناك صهريجاً مفخخاً سيستهدفهم، سأله قائد فق2 عن درجة ثقته بـ(المصدر) فأجاب بأنها عالية، طلب قائد فق2 على إثر ذلك من آمر لمش12 بأن يتخذ بعض التدابير الاحترازية، وأن يدفع أربعة جنود من حملة القاذفات إلى الأمام قليلا و أن يعتلي بعض الجنود برشاشات BKC المتوسطة بعض الأماكن العالية، طلب آمر لمش12 العقيد الركن حسين علي نصيف تأمين أكياس رمل، فاتصل قائد فق2 العميد الركن فاضل بمقر الفرقة وأمرهم بإرسال 200 كيس رمل، بقي قائد فق2 هناك بحدود ساعتين ثم عاد بعدها إلى مقر فق2.
في يوم 9 حزيران وبحدود الساعة 1 بعد الظهر حضر محافظ نينوى أثيل النجيفي، لزيارة المستشفى الجمهوري، وقد أنهى الجولة بعد أن زار الجرحى وانصرف بحدود الساعة 1.30 بعد الظهر.
وفي الساعة 2 الثانية بعد ظهر يوم 9 حزيران عاد قائد فق2 من زيارته للمستشفى وأثناء طريق عودته إلى مقر فق2، اتصلوا به من قيادة عمليات نينوى، وأبلغوه أن هناك مؤتمرا سيُعقد في مقر قيادة العمليات وأن عليه الحضور.
وصل قائد فق2 عميد ركن فاضل إلى مقر الفرقة فوجد عدداً من الضباط بانتظاره، كان الحضور هم كل من مدير أركان الفرقة عميد ركن سليم ورئيس أركان الفرقة عميد ركن شاكر محمود عباوي وضابط العمليات عقيد ركن عدنان، سألهم قائد فق2عميد ركن فاضل كيف يمكن تأمين قوة بمستوى فوج كانت قيادة عمليات نينوى قد طلبتها، فأجابوه بأن عليه الاستعانة بعجلات آمري الأفواج، قال لهم بأن المواقف التي رفعتموها إليَّ تشير إلى أن 90% من الآليات صالحة، كيف تقولون الآن بأنه لا توجد آليات؟ فأجابه ضابط الهندسة الآلية العسكرية بأن بإمكانه إصلاح تلك الآليات العاطلة لأن لديه ثمانية وعشرين مليون دينار وهذا المبلغ مخصّص للتصليح. فوجّه بالاتصال فوراً بمتعهّدي التصليح لغرض إصلاح تلك الآليات وأمره أن يحرّر رسالة فورية إلى تشكيلات الفرقة كافة وقد حدّد لهم فترة 72 ساعة ليُكملوا فيها جاهزية عجلاتهم.
لم يكن قائد فق2 الجديد يفكر في إرسال القوة المفترض تشكيلها بمستوى فوج، إلى قيادة العمليات لإدخالها في المعركة، لأنه لا يريد تكرار نفس الخطأ، لكنه كان يخطط لإرسال تلك القوة المفترض تشكيلها لتمسك قاطع أحد أفواج فق2 في الساحل الأيسر، ثم يقوم بسحب ذلك الفوج، لأن الوحدات النظامية التي يعرف منتسبوها بعضهم البعض وأجهزة اتصالهم (مشبكة) وعناصرهم معتادون على ضباطهم كانت أقدر على القتال من الوحدات القتالية التي تُشكل بالتجميع.
قام قائد فق٢ الجديد بتكليف رئيس أركان الفرقة عميد ركن شاكر، بتنفيذ هذه المهمة حيث سيقوم الأخير بتشكيل تلك القوة المفترضة بعد أن تم تحديد موارد تشكيلها من آليات وأفراد فيقوم باصطحابها إلى لمش12 على أن يبقى معهم 3 - 4 ساعات حتى يعتادوا على القاطع، ثم يقوم بسحب الفوج الذي اقترحت هيئة الأركان سحبه من لمش12، على أن ينجزوا هذه المهمة خلال فترة ذهاب قائد فق2 إلى المؤتمر الذي دُعِي إليه في قيادة العمليات.
في عصر يوم 9 انسحب الفوج الثالث لواء الصولة الذي مقره في الزنجلي، وانسحب خلفه فوج طوارئ شرطة دون أن تُطلق طلقة واحدة.
ذهب قائد فق2 الجديد إلى مقر قيادة العمليات لحضور المؤتمر بعد أن قسّم الواجبات بين هيئة ركنه لغرض تهيئة الفوج الذي طُلِب إليه إفرازه، قبل بداية المؤتمر حضر اللواء عبد الرحمن أبو رغيف وقال بأن لواء الصولة غير موجود في موضعه الدفاعي، وأكد أنه عاين ذلك بنفسه، بدأ المؤتمر وشرعوا ببسط الخريطة على الطاولة، فسمعوا صوت انفجار قوي.
في الساعة 3.45 من يوم 9 حزيران انفجر صهريج مفخخ بعد أن اصطدم بإحدى عجلات سريّة سوات التي تقف أمام فندق الموصل، كان الصهريج المفخخ من موارد ف3 ل6 فق2، التي استولى عليها الإرهابيون وقد وصل إلى الفندق عبر الطريق العام، الذي يمثل خط الصَّد، حيث كانت الضفة اليمنى للطريق من مسؤولية الشرطة المحلية التي كانت قد هرب منتسبوها و لم يبقَ أحد منهم.
والشارع الرئيسي كان هو خط الصَّد الذي انسحبت منه القوة التي جاءت من فق2، والضفة اليسرى كانت مسؤولية الفوج الثاني شرطة اتحادية الذي انسحب هو الآخر، فأصبح الطريق سالكاً للصهريج المفخخ الذي جاء من تقاطع الزنجيلي باتجاه الفندق حتى اصطدم بعجلات سريّة سوات وانفجر فيها. وقد كان فيها ثلاثة من منتسبي سريّة سوات استُشهِدوا جميعاً، وأُصيب عدد من المراتب والضباط كان من بينهم آمر فق ٤ ش العقيد ذياب.
في الساعة الرابعة من عصر يوم 9 حزيران جاء اللواء كريم التميمي وأخبر الفريق عبود بأن القطعات العسكرية بدأت بالانسحاب، فقام الفريق عبود قنبر بتكليف نائب قائد العمليات اللواء عبد الرحمن أبو رغيف بالذهاب واستطلاع تلك القطعات للتأكد من خبر انسحابها.
ذهب نائب قائد عمليات نينوى اللواء عبد الرحمن أبو رغيف مباشرةً مع حمايته وبمعيّته مدير استخبارات عمليات نينوى عميد ركن إسماعيل حتى وصلوا إلى دورة اليرموك، كان هناك مقر الفوج الثاني لواء صولة الفرسان، فطلب من حمايته البقاء. يقول أبو رغيف في شهادته "لم أُلاحظ أي تواجد للإرهابيين، و لكنني لاحظتُ أن نقاط التفتيش والمراباة فارغة وقد تركتها القطعات الأمنية".
للاطلاع على النص الكامل للتقرير من هنا