"بحر الازمات".. أولويات مُؤجّلة وقوانين مُعطّلة بعد 16 عاماً على التجربة البرلمانية
انفوبلس/..
البرلمان العراقي وعلى مدى خمس دورات نيابية، لا يزال في دائرة التخبّط وضياع الأولويات والتشرّذم والتخاصم السياسي وكواليس الصفقات وتعقيب المعاملات والدخول في المقاولات والمشاريع، بعيداً عن دوره الرئيسي الذي يكمن في التشريع والرقابة.
النظام العراقي جمهوري اتحادي (فدرالي)، ديمقراطي تعددي، والسلطة التشريعية ركيزة أساسية في انتاج السلطة، وفشلها يعد فشلاً لكل مؤسسات الدولة.
الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني تسير بخطى واثقة، وتعمل على وفق أولويات مهمة وبحسب المؤشرات، فان الوفرة المالية والخبرة الإدارية والقيادية، يمكن ان يكتب لها النجاح وحسم الملفات، لكن هل من الممكن ان تنجح الحكومة من دون برلمان ينطلق مع السلطة التنفيذية بأولويات مشتركة موحدة تنقذ البلاد من مأزق الفشل ؟.
في الجلسة الثامنة من عمر البرلمان المنعقدة أمس الاحد، أنهى البرلمان القراءة الأولى لمشروع قانون الخدمة المدنية الاتحادي الذي يهدف الى تحديث النظام الاداري للدولة، فيما ارجأ القراءة الأولى لمشروع قانون خدمة العلم والمقدم من لجنة الأمن والدفاع الى الجلسة المقبلة لدراسته وإنضاج المشروع بشكل دقيق، فيما أنجز القراءة الأولى لمشروع قانون حماية الطفل.
مراقبون للشأن السياسي رأوا، ان البرلمان العراقي يعمل على وفق التوافق بين الأقطاب السياسية وتوجهات الأحزاب المشكلة للكتل النيابية، بعيداً عن العمل المهني والمسؤولية الوطنية، مما يؤدي الى ضياع الأولوية، وتأجيل القوانين المهمة والضرورية التي تمس حياة المواطن، ويذهب باتجاه قوانين جدلية تلهي الشارع العراقي، وتخلق أزمة رأي عام ولا ينظر الى حجم التحدي الحكومي والخدمي.
من جانبه، قال المحلل السياسي نسيم عبد الله، ان مشكلة تشريع القوانين وتخبط أداء البرلمان هو نتيجة صراع الكتل السياسية المشكلة لمجلس النواب، وكذلك لعدم قدرة هيأة الرئاسة على الدفع باتجاه وضع القوانين المهمة في جدول أعمال الجلسات في الدورات النيابية السابقة.
وأشار الى ان أهواء وأمزجة القوى السياسية تؤدي الى عرقلة الكثير من القوانين، كما ان الخلافات المتجذرة يجب حلّها في البرلمان من قبل النواب وإبعادها عن التجاذبات ووضع المصلحة العليا في مقدمة الأولويات.
وبيّن، ان الوضع السياسي الحالي لا يتحمّل المزيد من التقلبات خصوصا ان الفجوة ما بين الطبقة السياسية والشعب، مازالت واسعة ولا يمكن ردمها من دون أداء مقنع وعمل مكوكي من قبل جميع القوى السياسية.
وأوضح، ان الكتل النيابية الحالية داعمة لحكومة السوداني، كونها من صوتت على كابينته الوزارية، لذا اعتقد ان القوانين المقترحة من الحكومة ستُمرر في البرلمان من أجل المضي نحو الإصلاح وتقديم الخدمات.
وسبق أن تعرّض البرلمان العراقي خلال الدورة السابقة لانتقادات بسبب التأخير في تشريع القوانين، وتعطيل الجلسات البرلمانية كلما اختلفت آراء القوى السياسية حول ملف معين، ورافقت ذلك مطالبات بتحرير البرلمان من سلطة القوى المتنفذة، والتي جعلت عمل هذه المؤسسة مرتهناً لإرادتها.
وينظر العراقيون بعين المترقّب لأداء الحكومة والبرلمان الحالي على أمل تحقيق تغيير ملموس على مستوى توفير فرص العمل، وحل مشكلة البطالة، وتوفير الخدمات الأساسية، وانهاء الفساد خصوصا مع وجود وفرة مالية هائلة واستقرار نسبي للدولة.