برهم صالح يهاجم العراق الذي كان رئيساً لجمهوريته.. هذا ما تشدّق به
انفوبلس/..
بعدما كان رئيساً لجمهورية العراق لفترة 4 سنوات، وبعد صمت دام لعدة أشهر عقب خروجه من دفّة الرئاسة، خرج برهم صالح عن صمته، في مقال نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، هاجم فيه العراق، ودعا إلى تعديل الدستور وتحويل نظام الحكم إلى رئاسي، وإجراء إصلاحات في جذور وفروع الدولة العراقية.
وقال صالح في مقاله، إنه قبل عشرين عاماً، انهار حكم الدكتاتور العراقي صدام حسين، مما أدى إلى ظهور حقبة جديدة للعراق والشرق الأوسط والعالم، ورغم أن الحرب ما تزال مثيرة للجدل بين العراقيين والأمريكيين، إلا أنه بالنسبة إلى العديد من العراقيين الذين عانوا من الديكتاتورية الوحشية، فإنها كانت لحظة للخلاص من كابوس الاستبداد، وهي حقيقة جوهرية، يجب ألّا ينساها أي ناقد للحرب.
وبعدما أشار صالح إلى أن العراق لم يرقَ إلى مستوى التطلعات التي رحّبت بتحريره، إلا أنه قطع أيضاً خطوات ملحوظة من خلال الدستور الجديد و6 عمليات انتقال ديمقراطية داخل السلطة، وظهور آفاق اقتصادية أفضل.
لكن صالح الذي لفت إلى أن جروح الديكتاتورية والعنف الطائفي لم تلتئم بعد، قال إن العراق ما يزال يعاني من مشاكل متجذّرة بعمق من عقود بسبب الإخفاق السياسي والحكومي، والمتمثلة بالجمود السياسي والخلافات الدستورية والتوترات العِرقية والدينية، والحكم السيئ والفساد المتفشي.
وتابع الرئيس العراقي السابق، إن العراقيين ينتظرون العدالة والعوائد التي يستحقونها من التحرير، وأنه ليس من المفاجئ أن يزداد "احتقار" العراقيين وعدم ثقتهم بالسياسة.
ووصف صالح النظام الحالي بأنه وُلِد جزئياً من خلال الخوف، حيث كان الشيعة يخشون من هيمنة أقلية عليهم مثلما كان خلال عهد صدام، كما أن الكرد كانوا خائفين من الاستبداد من المركز، بينما كان السُنّة غائبين في الغالب عن العملية السياسية، وأن الأكثر أهمية من ذلك أن العراقيين كانوا يخشون العودة إلى أهوال عراق ما قبل عام 2003 حيث الديكتاتورية الوحشية والتمييز الطائفي والعِرقي والحروب والإبادة الجماعية.
وبالتالي قال صالح، إن دستور ما بعد صدام لعام 2005 كرّس الفيدرالية والنظام البرلماني بما يضمن انتقال السلطة والتمثيل الأكبر. مضيفا، إن هذه المخاوف ونظام الحكم الذي يعكسها، أدى إلى ظهور دولة مقيّدة وضعيفة هيكليّاً تُهيمن عليها أطراف غير حكومية.
لكن صالح اعتبر، أن "هذا النظام قد بلغ مُنتهاه"، قائلاً، إن العراق أصبح بحاجة إلى إصلاحات جذرية ورؤية سياسية جديدة ومصالحة بين مكونات المجتمع، وميثاق تاريخي بين الدولة والمجتمع، والتزاماً بالحكم الجيد.
وأوضح، "قلتُ مراراً وتكراراً خلال فترة رئاستي للعراق، إن البلد يحتاج إلى عقد اجتماعي وسياسي جديد يعزز الحكم الجيد ويعيد تحديد العلاقة بين الحكومة والشعب".
وأكد على أهمية تعديل دستور العام 2005 الذي كان "تاريخياً" عندما تم طرحه، وذلك حتى يعكس الدروس المُستفادة من السنوات الـ20 الماضية والآمال في السنوات الـ20 المقبلة.
وعلى سبيل المثال، قال صالح إن الوقت قد حان للنظر بجدية في تغيير التقاسم الحالي للسلطة من خلال منح سلطة تنفيذية أكبر لرئاسة جديدة منتخبة مباشرة من قبل الشعب، إلى جانب برلمان قوي وفعّال، بما في ذلك المجلس الاتحادي الذي طال انتظاره. موضحاً، إن وجود رئيس يتمتع بصلاحيات وغير مدين بالفضل للتحالفات المتغيرة، سيكون قادراً بشكل أكبر على أن ينجز الأمور، ويتم التدقيق فيها من جانب مجلسين برلمانيين.
وبالإضافة إلى ذلك، أشار إلى أن هناك حاجة إلى إيجاد حل دائم للقضية الشائكة المتمثلة بالفيدرالية، من بينها الخلاف المستمر بين إقليم كوردستان وبغداد الذي ما زال قائماً منذ تأسيس الدولة العراقية.
وبيّن، إن الطرفين خسرا خلال الأعوام الـ20 الماضية العديد من الفرص من أجل التوصل إلى تسوية دائمة تحترم وحدة أراضي العراق مع الحفاظ على الحكم الذاتي الكردي، حيث تسبب الغموض الدستوري والتناقضات القانونية وسوء الإدارة المالية، في تعزيز انعدام الثقة المتبادل، وصارت هناك حاجة أكثر إلحاحاً اليوم من أجل إيجاد طريق للمُضي قدماً، بما يحترم حقوق ومصالح كلا الطرفين ويعزز التعايش من خلال المواطنة الكاملة.
ودعا إلى اعتماد رؤية تتضمن ترتيباً لكونفدرالية جديدة تحل القضايا الاقتصادية والسياسية والأمنية العالقة، وتضمن المصالح المشتركة لكردستان وبغداد، وهي فوائد قد يكون مردودها أبعد من الكرد، حيث إنه يتيح تطبيق اللامركزية على السلطة في المحافظات الوسطى والجنوبية من خلال انتخاب محافظي المحافظات مباشرة من قبل المواطنين، وبالتالي تمكين الحكومات المحلية وجعل مساءلتها ممكنة أكثر.
لكن صالح رأى أن سيادة القانون وكبح الفساد، شرطان أساسيان لتحقيق هذه الأهداف، محذراً من أن العراق أصبح دولة كليبتوقراطية حيث تقوم الأوليغارشية السياسية ووكلاؤها بتعرية الدولة.
وبعدما أكد على أهمية تطبيق القانون على الجميع، واستعادة ثروات البلد المنهوبة وإصلاح الاقتصاد المعتمِد على النفط وتنويع الاقتصاد، دعا إلى "سياسة خارجية سلمية تبتعد عن الصراعات، وتتجنب التدخل في شؤون جيرانها، وتجعل البلد مركزاً للصناعة والتجارة". مضيفا، إن العراق يطمح لكي يكون لاعباً رئيسياً في تعزيز ثروات الشرق الأوسط بأكمله.
ودعا صالح إلى دعم البرنامج الحكومي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني حول الإصلاحات الاقتصادية والدستورية، وذلك من أجل تأكيد سيادة مؤسسات الدولة على أساس القانون.
وختم صالح مقاله في "فورين بوليسي" بالقول، إن العراقيين تعلّموا الكثير من السنوات الـ20 الماضية، لكن السنوات الـ20 المقبلة، هي الأكثر أهمية، معتبراً أن "هدفنا يجب أن يكون عراقاً مستقراً ويتمتع بسيادة كاملة ويعيش بسلام مع نفسه ومع جيرانه، ومركزاً للازدهار الاقتصادي إقليمياً، وقوة استقرار".
وخلص إلى القول، إن "العراقيين بحاجة إلى مناقشة هذه الرؤية في بغداد، وليس في أنقرة أو طهران أو واشنطن، وبإمكان العراق أن ينجز التجديد ويحقق الأمل إذا كانت لدينا الجرأة على اغتنام الفرصة".
يذكر أن برهم صالح تولى المناصب الآتية في العراق الجديد الذي هاجمه: (رئيس جمهورية العراق من 2018 - 2022، رئيس وزراء إقليم كردستان العراق مرتين، ونائب رئيس مجلس الوزراء العراقي، وزير التخطيط، مسؤول اللوبي الكردي في الولايات المتحدة الأمريكية - مدير مكتب الاتحاد الوطني الكردستاني في أمريكا، ممثل لأول حكومة في إقليم كردستان لدى الولايات المتحدة، عضو في تنظيمات أوروبا ومسؤول عن مكتب العلاقات الخارجية لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني في العاصمة البريطانية – لندن)