بين الشجاعة وتجاوز الصلاحيات.. أهان مدير بلدية أمام الكاميرا فانقسم الرأي العام.. تعرّف على قصة عضو مجلس محافظة بابل
انفوبلس..
أثار مقطع فيديو لعضو مجلس محافظة بابل محمد حمزة المنصوري وهو يرفع صوته ويوبّخ مدير بلدية القاسم، أثار الجدل في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسم الرأي العام تجاه فعل المنصوري، فاعتبره البعض "شجاعا ونزيها"، فيما وصفه البعض الآخر بـ"المهرج أمام الكاميرا"، حيث اختلف أهل بابل بين شجاعته وتجاوزه لصلاحيات عمله.
سياقات قانونية
المتواجدون في البلدية قالوا إن المنصوري تهجم بالكلام على مديرها محمد المرشدي بسبب ما وصفه بهدر المال العام وتردي الواقع الخدمي للمدينة.
ونظمت بلديات بابل، الثلاثاء، وقفات احتجاجية رداً على ما وصفوه بتجاوز عضو مجلس محافظة بابل محمد المنصوري على مدير بلدية القاسم محمد جليل المرشدي، وانضمت للمحتجين بلديات القاسم والشوملي والإمام والطليعة والحلة، وفيما قالت مديرية البلديات إنها تحتفظ بحقها القانوني بالرد على هذا “الفعل المشين”، كما أعرب المحافظ عدنان فيحان عن استغرابه واستهجانه للأسلوب “غير المسؤول وغير اللائق الذي صدر من محمد المنصوري بحق مدير بلدية القاسم”.
مديرية البلديات قالت في بيان لها: تستنكر مديرية بلديات بابل بمؤسساتها البلدية كافة في عموم المحافظة الفعل المشين الذي استخدمه عضو مجلس محافظة بابل محمد المنصوري خلال زيارته إلى مديرية بلدية القاسم واستخدام أساليب ومفردات غير لائقة وغير حضارية مع مدير البلدية المهندس محمد جليل المرشدي.
وتابعت: لذا نستنكر وندين بشدة هذه التصرفات غير المسؤولة وإن دلت على شيء فهي تدل على تصرف فردي لا يمثل مجلس المحافظة، وستحتفظ مديرية بلديات بابل وبلدية القاسم بحقها القانوني.
وأضافت: كما نطالب من مجلس المحافظة اتخاذ موقف حقيقي وفعال بحق عضو مجلس المحافظة المذكور ليكون رادعآ له ولغيره بعدم تكرار مثل هكذا تصرفات والحفاظ على هيبة مؤسساتنا الحكومية.
وأضرب موظفو وعمال البلديات في بابل احتجاجا على قيام عضو مجلس بابل محمد المنصوري بطرد وشتم مدير بلدية القاسم في مقر عمله.
وقال مدير بلدية الحلة أحمد الحربي، إن "عمال البلدية وموظفي فروع البلديات أعلنوا الإضراب احتجاجا على قيام عضو مجلس بابل محمد المنصوري بشتم وطرد مدير بلدية القاسم داخل مقر البلدية".
وأضاف، إن "الموظفين هددوا باستمرار الاعتصام في حالة لم تتم محاسبة عضو المجلس".
كما أصدر محافظ بابل عدنان فيحان بياناً جاء فيه: تعبّر حكومة بابل التنفيذية عن استغرابها واستهجانها للأسلوب غير المسؤول وغير اللائق الذي صدر عن عضو مجلس محافظة بابل “محمد المنصوري” بحق مدير بلدية القاسم.
وأضاف: تؤكد الحكومة أن التهجم بهذا الشكل مع التصوير والنشر على مواقع التواصل الاجتماعي وأمام الرأي العام دليل على عدم فهم الدور الرقابي والتشريعي الذي يجب أن يقوم به عضو مجلس المحافظة تجاه مؤسسات الدولة وموظفيها.
وتابع: نؤكد أيضاً أن الحكومة التنفيذية حريصة كل الحرص على دعم مؤسسات الدولة الرقابية والتشريعية لأداء مهامها وفق الأُطر القانونية والدستورية بما يضمن تكامل السلطات كما أنها حريصة أيضاً على عدم السماح لأي طرف بالتجاوز على موظفيها ومؤسساتها.
وختم المحافظ بيانه بالقول: لذا فإن الحكومة التنفيذية ستقوم بدورها القانوني الذي كفله القانون والدستور وتلجأ إلى القضاء للحفاظ على هيبة الدولة وإيقاف مثل هكذا تجاوزات وضمان عدم تكرارها مستقبلاً .
وبعد انتشار مقطع الفيديو المثير للجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، انقسمت تعليقات رواده إلى مؤيد ومعارض، وأصبح فعل عضو مجلس المحافظة قضية رأي عام.
تعليقات مؤيدة واتهامات للعصائب
كتب أحد أبناء بابل تعليقاً على القضية، وقال: محمد المنصوري عضو مجلس محافظة بابل رجل شجاع وشريف ولا يقبل بالخطأ وهو ابن ثورة تشرين، كان قد طلب من مدير بلديه القاسم أرضا فارغة لتحويلها إلى مستوصف من أجل خدمة الصالح العام، فرفض إعطاء الأرض للصالح العام والسبب عدم موافقة المحافظ التابع لحزب سياسي، ما أثار غضب دكتور محمد المنصوري على المدير.
وكتب آخر: مدير البلدية مرضي لدى العصائب والمحافظ ومدير بلديات بابل تابعون للعصائب، مدير البلدية ارسل كتاب مفاده ان القضية المنظورة في محكمة الفساد المركزية والمتهم بها اسعد المسلماوي رئيس المجلس ليس فيها هدر للمال العام رغم ان فيها هدر ستة مليار وتسعين مليون وبسببها صدرت احكام قضائية سابقة بهدر المال العام شملت الاحكام بالسجن ضد مدير البلدية الاسبق ومدير البلديات الاسبق وبقي اسعد المسلماوي وصادق مدلول المحافظ الأسبق فأرسل مدير بلدية القاسم الحالي كتابا مفاده عدم وجود هدر بالمال العام رغم وجود تحقيق سابق اكد وجود هدر بالمال العام وبسبب كتاب مدير البلدية الحالي تمت تبرأة المحافظ الأسبق صادق مدلول واسعد المسلماوي رئيس مجلس المحافظة الحالي وبسبب ذلك تكلم المنصوري بكلام حاد مع مدير البلدية حول هذا الموضوع ومواضيع اخرى تخص فشل المدير في تحسين وضع المدينة المنكوبة وتسويفه لمطلب تخصيص قطعة ارض لانشاء مستوصف بيطري ومشاريع آخرى، وردا على ذلك اصدر محافظ العصايب بيانا شديدا ضد المنصوري كما وأصدر مدير البلديات التابع للعصائب ايضا بيانا دعا فيه دوائر البلدية في الاقضية والنواحي للاضراب عن العمل لهذا اليوم الثلاثاء مما تسبب بإيقاف العمل لموظفي دوائر البلدية في خرق واضح وصارخ للقانون.
وأضاف: كلامي هذا ليس فيه اي افتراء واتحمل مسؤوليته القانونية وانا اعرف المنصوري جيدا لأننا ولسنين طويلة نخرج سوية برفقة جميع الاحرار للتظاهر ضد العصائب وبقية الاحزاب التي عاثت في العراق خرابا وفسادا وتدميرا فتحولت بابل بظل حكمهم من عاصمة التراث والحضارة والتاريخ الى اسوء مدينة في العالم تعلو شوارعها الاتربة والاوحال كقرائن دامغة على حجم الفساد والفشل فالاثر يدل على المؤثر والبعرةُ تدل على البعير....علماً ان المنصوري عضو مستقل بمجلس محافظة يسيطر عليه الاطار.
وعلق ثالث: الناس انتخبت المنصوري لأن وصلت لحالة اليأس من الفاسدين والفاشلين والناس ما عادت تتحمل فشل مدراء الدوائر وتريد من المنصوري يتغير الحال والجميع يقف حجر عثرة في طريقه لافشال مشروعه لتغيير حال المدينة، وللامانة لم تبقَ طريقة إلا وتعامل بها محمد المنصوري مع مدير بلدية القاسم، بالطرق القانونية والمهنية والإدارية لكن للاسف الشديد هذا الرجل يماطل ويماطل ويماطل في كل شيء يخدم المدينة حتى أوصل المنصوري للتعامل معه بهذه الطريقة.
تعليقات رافضة لتجاوز الصلاحيات
قال أحد المعلقين الرافضين لفعل عضو مجلس المحافظة: بغض النظر عما حدث وعن انتماء كل طرف، لكن الذي فعله المنصوري خطأ كبير، حيث إنه تجاوز صلاحياته واختصاصه وحدود مسؤولياته، فحتى لو كان "حر وغيور" فإن ذلك لا يعطيه الحق بمخالفة القانون، وعليه أن يسلك الطرق القانونية إن كان جاداً بسعيه لمحاربة الفساد.
ورأى آخر، أن فعل المنصوري غرضه الظهور و"الطشة" الإعلامية، مؤكدا إنه حتى مع وجود هدر بالمال العام فإنه من الخطأ اتباع أسلوب كالذي اتبعه عضو مجلس المحافظة، وكان الأولى به سلوك الطرق القانونية للمحاسبة وتجنب هذا الطرق "السخيفة".
وأضاف: للعلم فإن تحركات المنصوري للإعلام فقط، والدليل إن جميع أفعاله أمام الكاميرا بينما كان بإمكانه الذهاب إلى المحافظ بوصفه رأس الهرم، ما فعل هو تمثيل في تمثيل.
وكتب ثالث: "صورني واني ماادري"، أيسمح القانون لك بهذا الاعتداء؟، أيحق لك هذا التصرف؟، أتسمح لك انسانيتك إهانة انسان أمام العالم؟، لديك قانون وتعامل معهم بالقانون، غير مسموح لك غير ذلك أيها الدكتور، هذا تهريج أمام الكاميرا.
وقال آخر: لديك قانون واكتب ضد مدير البلدية يوميا للنزاهة والوزارة وللرقابة المالية وأعمل على إقالته بالطرق القانونية، لماذا تضيع حقك وحق المنطقة بالصراخ والتهديد وتصبح أنت تحت طائلة القانون؟
رد المنصوري
وبعد اللغط، أصدر عضو مجلس محافظة بابل بياناً بدأه ببيت شعر، قال فيه:
اذا بُليتَ بظالم فكن ظالما
واذا لقيتَ ذوي الجهالة فأجهلِ
وأضاف: حسبما يُقال إن توضيح الواضحات من أعقد المُشكلات، فحينما نسلك السلوكيات القانونية والحوارية الشفافة في مناقشة الدوائر منها دوائر البلديات ولا نرى استجابة تنفع الشعب المُثخن بالجراح بسبب الفاشلين إداريا، ولما يرد دائرة البلدية كتاب صريح منذ شهر تقريبا بتخصيص قطع لمرافق الدولة ولا يُنفذ ولما نناقش الذوات ولا تستمع وعدم التنفيذ تعني الاستهانة بالشعب وتعني انفلاتا اداريا، ولما كانت البلدية تغض الطرف عن هدر مليارات بحجة (لا يوجد ضرر) والضرر واضح للعَيان والمدينة أشبه بقرية مهجورة منذ العصور الحجرية ومما يؤسف حقا أن دائرة البلديات وديوان المحافظة يستهجنان تصرفا نابعا من حرص شديد ضد شخص فاشل اداريا ولا يستهجنان سوء الخدمات وصفقات البلديات وشفط المليارات، يُذكر أن هذه البلدية وغيرها من البلديات كانت مغنمًا للمحافظين السابقين الذين سرقوا قطعا مميزة من محاضر باسم الشهداء. هنا يكون الحل الاضطراري هو الأمثل لردع الذين لا يشعرون بالإدارة الحقيقية ولا خير في مسؤول يُجامل ويزيد الطين بلّة فواقعنا مُتخم وما عُدنا نرتضي السكوت أبداً فمدينة القاسم المقدسة محرومة ايام الطغمة الصدامية الحاقدة ومنكوبة بظل احزاب إسلاموية فاشلة أحرقت الحرث والنسل.
تحليل الحادثة
حادثة المنصوري في بابل، دفعت العديد من المراقبين إلى طرح رؤاهم بخصوصها، حيث قال أحدهم إن شخصية المنصوري قائمة على إحداث الضجة لتحقيق الأهداف، وهو ما كان متوقعاً منه من قبل الذين انتخبوه عضواً لمجلس المحافظة، خصوصاً وأنه كان أحد المتظاهرين غير البارزين بتظاهرات تشرين التي انطلقت في عام 2019، وهو ما استثمره عند ترشحه في الانتخابات المحلية الأخيرة والتي فاز فيها بأصوات الجمهور المحتج في محافظة بابل.
مراقب آخر قال إن المنصوري سياسي "شعبوي" يعزف على وتر عاطفة الناس، فهو حافظ جيد للشعر العربي وتراه يردده في جميع المقاطع المصورة التي يظهر فيها، واستعان بأحد أبياته في بيانه الأخير، ما يجعله محتجاً أكثر من كونه سياسياً يمثل ناخبيه في مجلس المحافظة.
وأضاف إن تردي الواقع الخدمي في العديد من أقضية بابل ونواحيها (وعموم مناطق البلاد) هي بيئة خصبة لظهور وبروز وشهرة الشخصيات الشعبوية، حيث يصل الناس لمرحلة من اليأس تجعلهم يتمسكون بأصحاب الصوت العالي ولا يلتفتون لغيرهم حتى وإن كانوا أكثر نضجاً منهم على المستوى الفكري والسياسي.