تركيا "تقلب الطاولة" على العراق وتطالب بـ 956 مليون دولار.. ما قصة مبالغ نقل النفط في التسعينيات؟
انفوبلس/ تقرير
أقدمت الحكومة التركية، على رفعت دعوى على الحكومة العراقية أمام محكمة أمريكية، تطالب بموجبها بغداد بدفع تعويضات لها قدرها 956 مليون دولار، رافضة دفع أي تعويضات للعراق، وذلك حسبما ذكر موقع "ميدل ايست اي" ومقره لندن في تقرير أمس الجمعة 8 أيلول/ سبتمبر 2023.
وحول المشاكل بين تركيا والعراق بشأن تصدير نفط إقليم كردستان عبر ميناء جيهان، ذكر التقرير، أن "الحكومة التركية رفعت دعوى أمام محكمة مقاطعة كولومبيا في العاصمة الأمريكية واشنطن، ضد الحكومة العراقية، تطالب بموجبها بعدم دفع أي تعويضات للعراق، بل أن تدفع بغداد تعويضات قدرها 956 مليون دولار لها.
وتقول تركيا، وفق التقرير، إنه مع احتساب نسبة الفائدة التي حددتها هيئة التحكيم الدولية في باريس للتعويضات التي يجب على كل من البلدين دفعها للآخر، يصبح المبلغ الذي على العراق دفعه لها أكبر من الذي عليها أن تدفعه للعراق.
وترى تركيا، وفق الموقع، أن العراق سيحصل على تعويضات قدرها 2.6 مليار دولار بعد احتساب الفوائد، فيما تحصل تركيا على 3.5 مليار دولار.
*تركيا تراهن على ورقة "خاسرة" ضد العراق
إلى ذلك، يؤكد الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، اليوم السبت 9 أيلول/ سبتمبر 2023، أن تركيا تلوح بورقة خاسرة ضد العراق؛ لإرغامه على القبول بشروط أنقرة من أجل إعادة ضخ نفط إقليم كردستان.
ويقول المرسومي في تدوينة تابعتها "انفوبلس"، إنه "استمرار للمساعي التركية الرامية إلى إرغام العراق على القبول بالشروط التركية الخاصة بإعادة ضخ نفط كردستان عبر الخط العراقي -التركي فإن تركيا وبحسب موقع (ميدل ايست أي) رفعت دعوى ضد العراق أمام محكمة أمريكية طالبت فيها بالحصول على 956 مليون دولار عن الفائدة التراكمية على العراق التي حددتها محكمة غرفة التجارة الدولية في باريس مع أنها حددت الفائدة على التعويضات التي يجب أن يدفعها البلدان وليس العراق وحده، إذ قضت المحكمة الدولية بأن تدفع تركيا إلى العراق 1.998 مليار دولار ويدفع العراق الى تركيا 526.6 مليون دولار وبالنتيجة يحصل العراق على تعويض صاف قدره 1.471 مليار دولار وهو ما يعني أن الفوائد التي يجب أن تدفعها تركيا الى العراق أكبر بكثير من الفوائد التي يدفعها العراق إلى تركيا".
*المطالبة بجزء من الديون الناجمة عن أجور نقل النفط مع الفوائد المتراكمة منذ تسعينيات القرن الماضي وهو أمر غريب
ويتابع الخبير الاقتصادي، "غير أن تركيا تقول إن العراق سيحصل على 2.6 مليار دولار فيما ستحصل تركيا على 3.5 مليار دولار أي إن تركيا ستربح 919 مليون دولار مضافا إليها 37 مليون دولار، فيصبح مجموع المبلغ الذي ينبغي أن يدفعه العراق الى تركيا 956 مليون دولار وتقوم تركيا بتضخيم المبلغ بسبب مطالبتها بجزء من الديون الناجمة عن أجور نقل النفط مع الفوائد المتراكمة منذ تسعينيات القرن الماضي وهو أمر غريب لأن العراق لم يصدّر برميلا واحدا للنفط خلال النصف الأول من عقد التسعينيات وبعد ذلك تم التصدير بإشراف الأمم المتحدة من خلال برنامج النفط مقابل الغذاء وبالتالي لم يحصل العراق على دولار واحد من صادراته النفطية وإنما كانت تذهب مباشرة لحساب أممي خاص ومن خلاله يستورد العراق السلع الأساسية".
والجدير بالذكر أن المحكمة الدولية قد حددت احتساب دفع الفوائد وفق تواريخ محددة على أساس أسعار الفائدة السنوية المركبة للسندات التركية المقوّمة بالدولار الامريكي إلا أنها لم تحدد متى وكيف ومَن يقوم باحتساب هذه الفوائد ومتى يتم تسديدها وهو ما يتطلب التعاون بين وزارة النفط والجهاز المصرفي العراقي لإنجاز هذه المهمة، وفقا للمرسومي.
كما يبين الخبير في الشأن النفطي كوفند شيرواني، اليوم السبت 9 أيلول/ سبتمبر 2023، أن قرار محكمة التحكيم الدولية في باريس ألزم تركيا بدفع التعويضات للعراق بغرامة قدرها مليار و400 مليون دولار.
ويضيف شيرواني، أن "الحكومة التركية في بداية الأمر، أعلنت التزامها بالقرار وأوقفت تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي، لكنها أصدرت بيانا أكدت خلاله أن قرار المحكمة قد جاءت فيه خمسة بنود لصالح أنقرة"، مشيرا الى أنه "وفقا للقرار والبنود التي نشرتها تركيا فإن هناك تعويضات يجب على العراق دفعها لصالح الحكومة التركية تبلغ أكثر من 950 مليون دولار".
ويشير إلى أن "كل الزيارات للمسؤولين الأتراك لم يُفضِ عنها اتفاق وتسوية لغرض استئناف تصدير النفط" مضيفا، أن "التوقف يلحق أضرارا بالأطراف الثلاثة، بغداد وأنقرة وإقليم كردستان"، لافتا الى أن "قضية الخلاف النفطي لن تُحل عن طريق المحاكم لأن وقتها سيطول وسنحتاج لأموال ومصاريف تتحملها الأطراف كافة". ويوضح، أن "الحل هو بالجلوس على طاولة المفاوضات وحل الأزمة بشكل جذري".
ويأتي هذا الإعلان في ظل تضارب الأنباء بشأن زيارة كشفت عنها بغداد مؤخراً، للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العراق، حيث في 25 يوليو/ تموز الماضي، كشف بيان للحكومة العراقية، عن زيارة مرتقبة لأردوغان إلى العاصمة بغداد، قال إنها "لعقد مباحثات"، مع المسؤولين العراقيين، دون كشف أي تفاصيل عنها وعن موعدها الرسمي.
فيما أن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان وهو صاحب لقب "حلّال العُقد" بالنسبة لأردوغان، أجرى زيارة رسمية إلى العاصمة بغداد، يوم الثلاثاء 22 آب/ أغسطس 2023، لبحث عدة ملفات مشتركة و"عالقة" بين البلدين.
*توقّف الإمدادات لميناء جيهان
في 25 مارس/ آذار الماضي 2023، توقفت صادرات نفط كردستان العراق إلى ميناء جيهان التركي عبر خطوط الأنابيب -والتي تصلها في المعتاد، ثم تحملها ناقلات عملاقة إلى مناطق متفرقة- وذلك إثر حكم من غرفة التجارة الدولية في فرنسا.
وكانت السلطات العراقية قد حرّكت دعوى اتّهمت فيها تركيا بالحصول على النفط الخام من إقليم كردستان دون موافقتها، الأمر الذي استندت عليه غرفة التجارة الدولية في حكمها الصادر بوقف الصادرات.
وأدى قرار الغرفة إلى انقطاع إمدادات تبلغ نحو 400 ألف برميل يوميًا من النفط الخام، كانت تأتي من المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة إقليم كردستان، بخلاف 70 ألف برميل يوميًا تسوّقها الحكومة الفيدرالية في العراق.
في الوقت نفسه، تتمسك بغداد بالحصول على تعويضات ضخمة من تركيا، تبلغ نحو 1.47 مليار دولار، وذلك تعويضًا عن خرق أنقرة صفقة خط الأنابيب الثنائية، الأمر الذي أعاقَ المفاوضات بين البلدين، وجعلها لا تحرز تقدمًا حتى الآن، في ظل إقامة دعوى تحكيم ثانية.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد ألقى بالكرة في الملعب العراقي، بعدما أعلن في 12 يوليو/ تموز الماضي 2023 أن التأخير في عودة الإمدادات ودفع التعويضات يرجع إلى استمرار الخلافات بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الفيدرالية في العراق.
يشار إلى أن الخلاف بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الفيدرالية العراقية يتصاعد، لاسيما بشأن ملف النفط والغاز، إذ تواصل بغداد إغلاق خطوط الأنابيب، في وقت بدأت أربيل تستشعر به تصاعد الأزمة بشأن استقلالها السياسي والجغرافي.
ووقّعت الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان اتفاقًا، في 4 أبريل/ نيسان، يمهّد الطريق لاستئناف الصادرات، لكن ذلك لم يتحقق بعد. ونصَّ الاتفاق بين بغداد وحكومة كردستان على أن نفط كردستان شبه المستقل سيُصَدَّر بشكل مشترك من قبل وزارة الموارد الطبيعية في حكومة إقليم كردستان وشركة سومو.
وبموجب الصفقة، يُفتَح حساب في البنك المركزي العراقي لعائدات نفط كركوك، تديره حكومة إقليم كردستان، ولكن يكون لبغداد حق الوصول إلى مراقبته ومراجعته.
وكان عدد من الخبراء والمتخصصين في مجال الطاقة قد توقعوا أن يتسبب استمرار توقُّف تصدير نفط كردستان من خلال ميناء جيهان التركي حتى نهاية العام الجاري (2023) بخسائر فادحة، من الممكن أن تتكبدها خزينة العراق، قد تصل في مجملها إلى ما يناهز 8 مليارات دولار.
وتشكّل واردات "إسرائيل" من نفط كردستان العراق جزءًا مهمًا لتلبية الطلب المحلي وتأمين الإمدادات، في ظل تنامي الطلب على مصادر الطاقة، كما تُعدّ تركيا المصدر الأول لشحنات النفط الخام في "إسرائيل"، والتي تأتي عبر خطوط الأنابيب من أذربيجان والعراق، وتحديدًا من إقليم كردستان العراق.