تزامناً مع وصول قاآني والتعاقد مع سيمنز.. خفايا زيارة ماكغورك لبغداد وأربيل: ماذا عن جنرال إلكتريك؟
انفوبلس/ تقرير
منسّق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بريت ماكغورك، وصل بغداد يوم الإثنين الماضي على رأس وفد أميركي رسمي كبير في زيارة تزامنت مع وصول قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني، ما أثارت العديد من التساؤلات حول الملفات التي تمت مناقشاتها في العاصمة وأربيل أيضاً والنتائج لهذه الزيارة "الخاطفة".
*نبذة عن لقاءات ماكغورك
والتقى ماكغورك كلاً من رئيس مجلس وزراء محمد شياع السوداني ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي فيما لم يلتقِ رئيس الجمهورية لأسباب تتعلق بزيارة الأخير إلى سويسرا للمشاركة في اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، كذلك التقى بمستشار الأمن القومي قاسم الاعرجي.
أما في أربيل..
فقد انتقل الوفد الأميركي إلى أربيل، وعقد لقاءً مغلقاً مع رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني، ومن المرتقب أن يجري لقاءات مماثلة مع مسؤولين آخرين، أبرزهم رئيس "الحزب الديمقراطي الكردستاني" مسعود بارزاني، وزعيم حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني" بافل الطالباني، وسط ترجيحات بأن يتطرّق المسؤول الأميركي للأزمة السياسية داخل الإقليم.
*أسباب الزيارة
مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤسسة "غالوب الدولية" منقذ داغر يقول إن زيارة المبعوث الامريكي جاءت "بسبب التصريحات والمواقف الأخيرة للسوداني التي اعتُبِرت إيجابية تجاه واشنطن"، واصفاً تصريحات السوداني الأخيرة بشأن بقاء القوات الامريكية بأنها "قفزة كبيرة تجاه أمريكا لم يفعلها رؤساء حكومات قد سبقوه".
وتأتي الزيارة أيضاً في وقت إعلان الحكومة العراقية توقيع مذكرة تفاهم مشتركة مع شركة سيمنز الألمانية، في مراسيم جرت بالعاصمة الألمانية برلين، وذلك في إطار الزيارة الرسمية لرئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني إلى العاصمة الألمانية برلين قبل أيام، في وقت تحذر جهات سياسية عراقية، من مغبّة الحيلولة هذه المرة دون تحويل مذكرات التفاهم مع سيمنز إلى اتفاقيات ملزمة.
ومن أسباب الزيارة أيضا الخلافات الكردية المستمرة في إقليم كردستان بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني، كما أن هناك قلقا أميركيا أيضا من الخلافات السياسية الدائرة في الإقليم، والتي تؤثر بشكل كبير على عدد من المشاريع التي ترعاها واشنطن هناك.
*خفايا الزيارة
زيارة بريت ماكغورك، منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى العراق حملت رسائل طمأنة للحكومة الاتحادية، كما عكست الزيارة انشغالا أميركيا بالصراع الجاري في إقليم كردستان، والذي ينذر بالعودة إلى نظام الإدارتين، ومن الممكن أن تؤثر الخلافات المستمرة بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني على جهود توحيد البيشمركة، وهو ما يمثل أحد الهواجس الأميركية التي عبّر عنها ماكغورك خلال لقائه بارزاني، بحسب "العرب" اللندنية.
وتشهد العلاقة بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الذي يقوده بافل طالباني توترا متصاعدا فشلت التدخلات الأجنبية حتى الآن في احتوائه، ما يثير قلقا من إمكانية عودة نظام الإدارتين.
كما أوضح ماكغورك بحسب البيانات الرسمية أن الإدارة الأميركية تجدد التزامها باتفاقية الإطار الإستراتيجي، ودعم إصلاحات الحكومة العراقية في مجال الطاقة والبنية التحتية ومواجهة التغيرات المناخية"، وتأتي هذا التصريحات بعد التعاقد العراق مع شركة سيمنز الألمانية في مجال الطاقة الكهربائية.
*نتائج الزيارة
وبحسب عدد من المسؤولين العراقيين فإن أجواء اللقاءات، وما تسرّب منها، تشي بأن حكومة السوداني قررت عدم الدخول في أي شدّ مع الجانب الأميركي، وإبقاء المسافة على ما كانت عليه خلال حكومة مصطفى الكاظمي السابقة.
كما أن الحكومة العراقية تتخوف من الإجراءات المالية الأميركية على العراق، التي تؤدي إلى تراجع آخر لقيمة الدينار العراقي، كما أكدت أيضاً الحكومة، استمرار برنامج تدريب وتأهيل وحدات الجيش، الذي يمثل السلاح الأميركي فيها أكثر من 80 بالمائة، مثل مقاتلات "إف-16"، ووحدات الدروع، ودبابات "إبرامز" المرتبط عملها باستمرار تزويد واشنطن لها بالذخيرة والصيانة.
وخلال نتائج زيارة المبعوث الأمريكي إلى بغداد، أعلنت الحكومة العراقية، أجراء تعاقدات مع شركات أميركية وقروض لإنشاء 400 محطة طاقة، وذلك بعد التعاقدات التي أجرتها مع الشركات الألمانية بحسب الوكالة الرسمية.
ويقول وزير الكهرباء زياد علي فاضل، إن "الوزارة لديها مباحثات وعقود مع شركة جنرال إلكتريك ومع شركات أميركية أخرى"، لافتاً الى أن "هذه الشركات سوف تُسهم في تنفيذ مشاريع بمواصفات عالية لضمان استقرار المحطات لسنوات طويلة".
كما مهّدت هذه الزيارة لزيارة عراقية "مرتقبة" إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، حيث أكد مسؤول حكومي عراقي بوزارة الخارجية، انتهاء بلاده من تسمية وفد رفيع برئاسة وزير الخارجية فؤاد حسين للتوجه إلى واشنطن في الأيام المقبلة، حاملاً معه جملة من الملفات التي يُراد بحثها، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية، ليس لديها أي موقف سلبي مسبق من حكومة السوداني، وتتعامل معها على ضوء نتائجها وخطواتها.
وبحسب مسؤول عراقي لم يكشف عن اسمه، فإن السوداني لم يتطرق خلال اللقاء إلى مسألة سحب القوات الأميركية من العراق، حيث تمت مناقشة الملفات الآتية: ملفات العقوبات الأميركية على طهران، وضرورة ضمان العراق عدم استفادة طهران من الحوالات المالية بالدولار الأميركي، والعلاقة مع أربيل، ودعم مشاريع الكهرباء في العراق، وحماية المصالح الأميركية في العراق والتأكيد على الالتزام الاتفاقية الاستراتيجية بين البلدين.
وتحتكم علاقات بغداد وواشنطن إلى بنود اتفاقية الإطار الإستراتيجي الموقّعة عام 2008 والتي نظّمت طبيعة العلاقات بين البلدين، وسحب القوات الأميركية من العراق بحلول نهاية عام 2011، مع الإبقاء على عدد منها ضمن مهام استشارية.
وكل هذا الملفات سيتم بحثها من خلال وزير الخارجية بزيارته المرتقبة إلى واشنطن، التي تُعتبر تمهيداً لزيارة رئيس الوزراء المرتقبة إلى الولايات المتحدة، بحسب المسؤول.
*تزامُن زيارة ماكغورك وقاآني لبغداد لم يكن صدفة
مسؤول بارز في الإطار التنسيقي، قال إن زيارة ماكغورك وقاآني لبغداد في وقت متزامن "ليست صدفة وإنما مخطط لها مسبقاً".
وأضاف المسؤول إن "وجود الشخصيتين هو لفتح حوار مباشر بين الطرفين، لكن ليس علنياً، فيما بيّن أن "اللقاءات في بغداد ستمهّد لوضع الخطوط العريضة بين الجانبين الامريكي والإيراني لبدء جولات حوار جديدة حول الملف النووي، مقابل ذلك تخفيف الضغط على العراق بقضية تداول الدولار واستيفاء إيران إيرادات الغاز المصدّر للعراق بالدولار بدلاً من الدينار".
ويؤكد المسؤول في الإطار، وجود بنود أخرى "غير مخوّل بالإفصاح عنها" وراء زيارة ماكغورك وإسماعيل قاآني، لكنه قال إن "السوداني سيكشف قريبا جزءاً من إيجابيات الزيارة".
كما رجّحت مصادر عربية، أن يُجري منسق البيت الأبيض للشؤون الأمنية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك وفريقه، زيارة لمناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وذلك عقب انتهاء الاجتماعات التي يعقدها المسؤول الأميركي مع الأطراف العراقية، خلال زيارته العراق التي بدأها الإثنين الماضي.
ويُعرف عن ماكغورك علاقاته الوثيقة مع "قسد"، وعند تعيينه من قبل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في فريق مجلس الأمن القومي مطلع العام 2021، اعتبرت وكالة "الأناضول" التركية الخطوة أنها "تبعث برسائل سلبية"، وقالت إن ماكغورك من "أشد المتحمسين لتسليح جماعات "قسد" الكردية الانفصالية المسلّحة، وساهم في تقديم أشكال الدعم كافة والتخطيط والتوجيه لإبعاد شبهة الإرهاب عنها، وإكسابها صفة سياسية تحت مسميات شتى".