تعديل قانون الانتخابات يعود للواجهة.. هل يسعى دولة القانون لتحجيم نفوذ السوداني؟
انفوبلس/ تقارير
مجددا، عاد مقترح تعديل قانون الانتخابات إلى الواجهة لكن بتطورات لافتة هذه المرة، فمطالبات التعديل انطوت على حسابات سياسية وليست جوانب فنية وتقنية كما وصفها البعض، لكن المتبني لهذه الفكرة يرى غير ذلك، فماذا حملت المستجدات؟ وهل فعلا يهدف دولة القانون إلى تحجيم نفوذ السوداني عبر التضييق عليه بقانون الجديد؟ إليك ما كشفته المصادر والأوساط السياسية بهذا الشأن.
مجلس الوزراء يرسل المقترح إلى البرلمان
في آخر مستجدات قانون الانتخابات، اكد القيادي في ائتلاف دولة القانون النائب السابق جاسم محمد جعفر، ان مجلس الوزراء ارسل الى مجلس النواب مقترحا لتعديل قانون الانتخابات الذي يتضمن احتساب 20% للمرشحين الحاصلين لاعلى الاصوات في الدائرة الواحدة و80% تخضع لنظام سانت ليغو المعدل .
وقال جعفر في تصريح له تابعته شبكة انفوبلس، إن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ارسل الى مجلس النواب مقترح لتعديل قانون الانتخابات والتعديل يخص باحتساب 20 % الحاصلة لاعلى الاصوات في الدائرة الانتخابية ، فيما يتنافس 80% على احتساب الاصوات بنظام سانت ليغو المعدل مع ترك الخيار لمجلس النواب بتحديد نسبة 1,7 أو 1,9".
وأضاف، أن "قضية اعتماد المحافظة ذات الكثافة السكانية العالية قد تكون دائرتين وهذا متروك لمايراه مجلس النواب ".
وأشار إلى أن "مقترح تعديل قانون الانتخابات بصيغته هذه كان مقترحا قد ارسله رئيس الجمهورية الى مجلس النواب الشهر الماضي، والذي سيضمن للمستقليين والقوى السياسية الناشئة الحصول على مقاعد داخل قبة البرلمان".
وأكد جعفر وجود رغبة كبيرة لدى كافة القوى السياسية بـ"تعديل القانون وهي مع هذا التعديل المقترح حيث ان تمريره سيكون سهلا خلال الفصل التشريعي المقبل" وفق قوله.
أبرز مقترحات التعديل
بعد ذلك، كشفت اللجنة القانونية، عن تطورات جديدةلتعديل قانون الانتخابات، بعد حديث ودعوات من قوى سياسية نافذة.
وقال عضو اللجنة، عارف الحمامي في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "هناك الكثير من المقترحات السياسية المقدمة لتعديل قانون الانتخابات، ومن ضمن هذه المقترحات العودة إلى نظام الدوائر المتعددة في المحافظة الواحدة، كما جرى في الانتخابات التشريعية للعام 2021".
وأضاف الحمامي، أن "هناك مقترحاً آخر مقدماً من أحد الجهات، وهي تقسيم بعض المحافظات ذات الكثافة السكانية العالية إلى دائرتين انتخابيتين، مثل العاصمة بغداد، تكون دائرة انتخابية في الكرخ ودائرة انتخابية أخرى في الرصافة".
وأشار إلى أن "هناك مقترحات أخرى من ضمنها تعديل نظام (سانت ليغو) واحتساب أصوات الناخبين حسب النظام الانتخابي"، مؤكداً أن "جميع المقترحات المقدمة بشأن تعديل القانون قيد المناقشة وغير رسمية ولم يتم حسمها بعد، وسيتم التطرق لها في الفصل التشريعي المقبل لمجلس النواب".
من جانبه، قال النائب عن ائتلاف دولة القانون مهند الخزرجي، إن "هناك مقترحات لتعديل قانون الانتخابات، إلا أن أي اتفاق أو قناعات بهذه المقترحات لم تتم، وإنها مجرد مقترحات وأفكار بدأت تنشط خصوصاً بعد إجراء التعداد السكاني، وظهور الأرقام الحقيقية للكثافة السكانية في المحافظات".
وأضاف الخزرجي، أن "هناك مقترحات عدة للتعديل منها العودة إلى قانون الدوائر المتعددة، وهناك آراء تفضل أن تنقسم المحافظات ذات الكثافة السكانية الكبيرة إلى دائرتين انتخابيتين، وهناك مقترحات أخرى قيد المناقشة".
المتبني الأساس لفكرة التعديل
وبهذا الصدد، اتهم مصدر نيابي مقرب من رئيس الوزراء، القوى الداعمة لتعديل قانون الانتخابات، بمحاولة إضعاف السوداني، فيما أكد خبير قانوني أن أي "تعديلات محتملة تنطوي على حسابات سياسية، وليس جوانب فنية وتقنية".
وقال المصدر الذي طلب عدم كشف هويته، إن "المتبني الأساسي لفكرة تعديل قانون الانتخابات الحالي، هو ائتلاف دولة القانون، لكن الحديث حتى الآن ما زال هادئاً بشأن هذا التعديل، لأنها ليست فكرة جميع الأطراف السياسية.. ولم نلمس أي تأييد لها من باقي القوى، لذا فإن الحراك البرلماني لا زال ضعيفاً".
وكان نائب رئيس الوزراء السابق، بهاء الأعرجي، قال بتصريحات تلفزيونية، في أغسطس الماضي، إن "هناك صفقة بين الإطار التنسيقي ورئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد يجري العمل عليها، لتعديل قانون الانتخابات، وتحجيم نفوذ السوداني انتخابياً، ما أثار غضب رئاسة الجمهورية"، والتي وصفت ذلك بـ"الشائعات من أجل إرباك الساحة السياسية، ولوحت بمقاضاته".
إما النائب النائب الخزرجي، فلم يستبعد فيما إذا كانت الغاية من تعديل القانون، تحجيم نفوذ السوداني، قائلاً: "قد يكون هذا الدافع موجوداً، لكن أي رأي أو اتفاق على قانون للانتخابات من أجل تحقيق هذه الغاية لم يطرح في العلن، وبين الأوساط السياسية".
جدل بشأن القانون
المحلل السياسي، عائد الهلالي، أكد أن "التغيير المقترح في قانون الانتخابات يثير الكثير من الجدل بشأن تأثيره على القوى السياسية الرئيسية، ومن بينها السوداني، إذ تشير بعض التحليلات إلى أن تعديل القانون قد يكون محاولة للحد من نفوذ بعض الأطراف".
وقال الهلالي في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "أبرز الجهات التي قد تكون وراء الضغط لتعديل قانون الانتخابات، هي القوى السياسية التي تشعر بأن النظام الانتخابي الحالي لا يخدم مصالحها بما فيه الكفاية".
وأضاف: "بعض الأطراف، قد تسعى إلى تعديل النظام الانتخابي، ليشمل المزيد من القوائم الحزبية، أو تعديلات في توزيع المقاعد، ما يتيح لها التمدد السياسي على حساب قوى أخرى، وقد تكون هذه القوى تحاول استخدام التعديلات لجعل النظام الانتخابي أكثر ملاءمة لها في المنافسة الشرسة على السلطة، بما في ذلك سحب البساط من تحت أقدام السوداني".
واعتبر الهلالي، أن من بين القوى التي قد تسعى وراء هذه التعديلات، الكتل التي تمثل المعارضة أو التي تنتمي إلى تيارات سياسية متنوعة، سواء داخل "الإطار التنسيقي" أو خارجه، في حين أن بعض الأطراف قد تسعى إلى تعديل القانون من أجل إضعاف رئيس الحكومة أو إضعاف تحالفه".
ولفت إلى إن "الآخرين قد يسعون إلى تحقيق مصالحهم الخاصة في النظام السياسي العراقي، الذي يتميز بالتعقيد، والتهديدات السياسية المتعددة". ماذا قالت المفوضية؟ بدوره، أكد رئيس الفريق الإعلامي للمفوضية العليا للانتخابات، عماد جميل، أنه "لم يصل أي شيء للمفوضية بخصوص تعديلات أو قانون جديد للانتخابات، فهذه الإجراءات من اختصاص البرلمان، ويصل القانون بعد التصويت عليه في البرلمان لغرض العمل بموجبه وتنفيذه، والمفوضية جهة تنفيذية تنظم الانتخابات بحسب القانون النافذ".
وبالنسبة للمعوقات والصعوبات، بسبب التغيير المستمر للقوانين، لفت جميل إلى أن "المفوضية وجميع موظفيها أصبحت لديهم خبرة في التكيف مع تنفيذ أي قانون، لا سيما بعد أن عملت على تطبيق قانون الدوائر المتعددة في انتخابات 2021، الذي يعتبر من أصعب القوانين تنفيذاً وتطبيقاً على أرض الواقع".
وصوت مجلس النواب، خلال جلسته التي عقدت في 27 مارس 2023، بحضور 218 نائباً على قانون "التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والأقضية رقم (12) لعام 2018".
وشملت التعديلات الأخيرة إلغاء النظام المعمول به في انتخابات أكتوبر 2021، واعتمد بموجب النظام الانتخابي الجديد نظام الدوائر المتعددة، وقسم البلاد جغرافيا إلى 83 دائرة بدل النظام القديم الذي حدد أن كل محافظة تمثل دائرة انتخابية واحدة. 6 قوانين انتخابية منذ سقوط النظام.
وتم تشريع 6 قوانين انتخابية في العراق منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، بدءاً من المرحلة الانتقالية، حين كان العراق كله دائرة انتخابية واحدة، مع إقرار قوائم انتخابية مغلقة.
ولكن القانون الانتخابي (رقم 16 الصادر في عام 2005) أقر القوائم المغلقة ونظام القاسم الانتخابي في احتساب الأصوات وتوزيع المقاعد، إذ قسم العراق إلى 18 دائرة انتخابية بحسب عدد محافظاته، واستمر العمل به حتى عام 2010، ليشهد بعدها تعديلاً تمثل باعتماد القوائم الانتخابية شبه المفتوحة.
وفي 2014، شرّع البرلمان قانوناً جديداً للانتخابات، اعتمد على نظام "سانت ليجو" حسب معادلة 1.7، والذي تغير في انتخابات 2018 إلى قانون جديد يعتمد معادلة 1.9.
وعقب احتجاجات تشرين 2019، تم تعديل القانون ليتماشى مع المطالب الشعبية في عام 2020، والذي اعتمد على الأكثرية، بدلاً من النسبية، وأقر تقسيم المحافظة إلى عدة دوائر انتخابية.