تفاصيل خطة التنمية الخمسية في العراق.. هل يمكن التخلص من هيمنة النفط على الواردات؟
انفوبلس/ تقرير
أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، مضي حكومته ببناء شبكة من العلاقات الاقتصادية مع بلدان العالم. وفي كلمة ألقاها، في المؤتمر الأول لخطة التنمية الوطنية الخمسية الذي عقدته وزارة التخطيط بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أكد السوداني اهتمام الحكومة بالخطط والمشاريع الاستراتيجية التي تنسجم مع "رؤية التنمية المستدامة 2030"، داعياً الجميع إلى المساهمة الفاعلة في بناء خطة وطنية خمسية للتنمية، تتناسب وحاجة العراق إلى تنمية حقيقية مبنية على أسس سليمة.
السوداني يطلق خطة التنمية الوطنية الخمسية وتعزيز الشراكات الاقتصادية
وقال السوداني، إن "حجم التحديات يتطلب خططاً متكاملة تستهدف تحقيق النهضة الشاملة على المديَين المتوسط والبعيد"، لافتاً إلى أن "العراق شهد انقطاعاً تنموياً منذ ثمانينيات القرن الماضي بسبب الحروب والحصار وعمليات مواجهة الإرهاب، وهو ما جعل الحكومة (الحالية) تعمل على إعادة التنمية إلى مسارها الصحيح، بما في ذلك رفع وتيرة تنفيذ المشاريع الموجودة، وعددها أكثر من 7 آلاف مشروع، وتنفيذ مشاريع جديدة تمثل قيمة تنموية وخدمية عليا".
وحول المشاريع بعيدة المدى، قال السوداني إن "الحكومة أَولَت اهتماماً بالمشاريع الاستراتيجية التي تنسجم مع (رؤية التنمية المستدامة 2030)، ومن بينها مشاريع البنى التحية، والطاقة النظيفة، وطريق التنمية، وميناء الفاو... وغيرها"، داعياً إلى توفير "أفضل الظروف لتحقيق أهداف الخطة الخمسية من قبل الجهات المعنية بتنفيذها، بما فيها المحافظات".
*التنوع الاقتصادي
وفي الوقت الذي أكد فيه السوداني أن حكومته ماضية في بناء شبكة علاقات اقتصادية مع دول العالم، أكد "آن الأوان لتكون خطة التنمية الجديدة ذات أبعاد اقتصادية تستند إلى فلسفة التنوع الاقتصادي، حيث وضعت الحكومة أساسات للتنوع الاقتصادي، ومن بينها تأسيس الصندوق العراقي للتنمية، الذي يهدف إلى تكوين بيئة استثمارية متكاملة في البلد، كما جرى إطلاق المبادرات التي تستهدف تغيير نمط الاقتصاد الريعي، كمبادرة (ريادة) التي تساعد الشباب في استثمار أفكارهم بقطاعات منتجة بالإضافة إلى دعم القطاع الخاص من خلال منحه ضمانات سيادية، ستُسهم في تشجيع بيئة الأعمال والاستثمار في البلد".
وأضاف: "إذا نجحنا في تحقيق التنوع الاقتصادي، ووفّرنا بيئة استثمارية خصبة، وأدخلنا القطاع الخاص بقوة في المشهد التنموي، فإن واقع الحال سيتغير، وإننا في الوقت نفسه ماضون في بناء شبكة من العلاقات الاقتصادية بين العراق وبلدان العالم، مبنية على أسس المصالح المتبادلة".
ومن سُبل تحقيق الأهداف الاقتصادية والتنموية، حدَّد السوداني الإجراءات التي قامت بها حكومته كـ"العمل على إصلاح القطاع المصرفي والمالي، عبر أتمتة جميع الفعاليات والأنشطة الاقتصادية والخدمية، حيث جرى الشروع بأتمتة العمل في المنافذ الحدودية، والتأسيس للتحول نحو استخدام الدفع الإلكتروني، في جميع التعاملات السوقية والتجارية"، وقال: "الخطة التنموية الخمسية يجب أن تُبنى على أساس التحول الرقمي، من خلال اعتماد الأنظمة الإلكترونية في جميع مفاصل الحياة".
*إجراء التعداد السكاني في 2024
وعلى طريق تحقيق بيانات ومؤشرات تنموية سليمة من أجل إنجاح الخطط التنموية، أعلن السوداني عن اتخاذ حكومته قراراً بـ"إجراء التعداد السكاني في العام المقبل 2024، ووجهنا بتوفير جميع المتطلبات المالية واللوجستية لإنجاحه".
وبحسب السوداني، فإنّ "خطة التنمية الخمسية، ينبغي أن تضع مساحة لتحقيق الحكم الرشيد، وتضع الآليات المناسبة لمحاربة الفساد، وتجفيف منابعه حيثما كانت"، مشيرًا إلى "وجود خطة خمسية للتنمية، قابلة للتحقق، يشير إلى حالة من الاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي، ويجب أن تنعكس نتائج الخطط التنموية إيجابًا على الشرائح الهشَّة في المجتمع، من خلال توفير السكن والتعليم، والصحة، وتحسين مستوى الدخل، وتقليل آثار التغيرات المناخية".
ما هي الخطة الخمسية؟
الخطة الخمسية، هي مجموعة إجراءات تضعها الحكومة لتنفَّذ في خمس سنوات، من أجل تطوير فروع الاقتصاد الوطني، وتحسين البنى التحتيّة، وتنظيم جميع الأعمال التربويّة والنشاطات الثقافيّة والعلميّة التي تُسهم بشكل فعّال في تطوير البلاد وتقدمها.
وأطلق العراق 3 خطط خمسية، الأولى 2010- 2014، والثانية 2013-2017، والثالثة (2018-2022).
*أهداف خطة التنمية الوطنية الخمسية
وفي هذا الشأن، أكد المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهراء الهنداوي، أن "المؤتمر هو الأول من نوعه في العراق والذي يناقش متطلبات تحسين أداء السلطتين التشريعية والتنفيذية للسنوات الخمس المقبلة"، مؤكدًا أن "نتائج المؤتمر من شأنها بلورة أفكار جديدة تعزز الأداء الحكومي في مختلف المجالات".
وقال الهنداوي، إن أعمال المؤتمر مستمرة منذ يوم الأحد الماضي على أن يُختتم اليوم الثلاثاء وبمشاركة كل الجهات ذات العلاقة في السلطتين التشريعية والتنفيذية ومنظمات المجتمع المدني"، لافتًا إلى أنه "بعد هذا المؤتمر ستكون هناك نشاطات ومؤتمرات أخرى لاحقة قبل الوصول إلى المرحلة الأخيرة وهي مرحلة الإعداد النهائي للخطة".
وأشار إلى أن "الهدف من عقد المؤتمر هو تحديد متطلبات جميع مفاصل الدولة وضمان إمكانية تطبيقها قبل تضمينها في بنود الخطة".
وبحسب خبراء اقتصاد، فان "المعيار الأساسي والرئيسي الذي تعتمده الحكومة في رسم السياسة الاقتصادية لاسيما ذات المساس بالتنمية الاقتصادية، هو خطة التنمية الخمسية، وهي الأداة والمرتسم الذي يؤشر غايات جوهرية وفي مقدمتها سعادة الشعب ورفاهيته".
*العراق يخطط لزيادة إنتاج النفط إلى 6.5 مليون برميل بحلول 2028
كشف مسؤول عراقي أن العراق يخطط لزيادة إنتاج النفط إلى 6 ملايين و500 ألف برميل يوميا في إطار خطة حكومية خمسية اعتمدتها الحكومة العراقية للسنوات 2024-2028.
وقال المدير العام لدائرة تخطيط القطاعات في وزارة التخطيط، باسم ضاري محمود، خلال محاضرة في مؤتمر "خطة التنمية الوطنية للأعوام 2024-2028"، إن "العراق يعمل على تحقيق خطة التنمية الوطنية في قطاعي النفط والغاز لغاية عام 2028 بالوصول بمعدلات إنتاج النفط الخام تدريجيا إلى 6 ملايين و500 ألف برميل يوميا مع الأخذ في الاعتبار محددات الإنتاج من قبل منظمة أوبك ورفع الطاقة التصديرية إلى 5 ملايين و250 ألف برميل يوميا".
وأضاف، إن الخطة تشمل أيضا "زيادة إنتاج الغاز الطبيعي بمعدل 4 مليارات و250 مليون قدم مكعب لتخفيض حرق الغاز إلى أدنى مستوياته وضمان وجود إمدادات من الغاز الحر على المدى الطويل وتأهيل أنابيب الغاز الجاف والسائل لاستيعاب الزيادة في كميات الغاز الجاف والسائل المخطط بموجب مشاريع استثمار الغاز الجديدة".
وقال محمود، إن الخطة الجديدة تعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاع التكرير وتصدير المشتقات وصولاً إلى طاقات تصفية تصل إلى مليون و250 ألف برميل يوميا بعدما كانت 705 آلاف برميل يوميا وتعزيز الطاقة التخزينية لتأمين تخزين يصل إلى 30 يوما المشتقات نفطية ورفع الطاقة التخزينية للنفط الخام على المدى الطويل إلي 40 مليون برميل".
ويمتلك العراق من احتياطيات من النفط الخام تبلغ 153 مليار برميل وهو ما يشكل ثالث أكبر احتياطيات للنفط الخام بعد السعودية وإيران. واحتياطيات مثبتة من الغاز تصل إلى نحو 127 ترليون قدم مكعب تضع العراق في المرتبة العاشرة عالمياً.
ماذا عن الصناديق السيادية؟
ويواجه الاقتصاد العراقي الكثير من المشكلات التي أفرزتها المتغيرات السياسية والأمنية والتشريعية التي كانت لها انعكاساتها المباشرة في رسم ملامح الاقتصاد في المرحلة الراهنة، فضلا عن تعرضه لخطر الصدمات الخارجية الناجمة عن تقلبات أسعار النفط في السوق العالمية، وهو ما جعل من الحاجة إلى صندوق ثروة سيادي حاجة ماسّة يتطلبها الاقتصاد العراقي حالياً ومستقبلاً.
ويكتسب موضوع الكتاب أهميته في العراق (بصفة خاصة) كونه يعتمد أساساً على النفط في توليد إيراداته ومازال يعاني الكثير من الاختلالات الهيكلية، وبحاجة ماسّة إلى إنشاء صندوق ثروة سيادي بإدارة كفؤة ومستقلة تعمل على تحقيق أهداف الصندوق والمساهمة بالتنمية ومعالجة مشكلاته والخروج من أزماته المتكررة.
وصناديق الثروة السيادية هي صناديق استثمارية تدير فوائض الدولة المالية من خلال أصول خارج حدود دول المنشأ، لكنها لا تكون تابعة لوزارات المالية أو البنوك المركزية، كما تختلف عن الاحتياطي الأجنبي النقدي.
وامتلك العراق بعض الصناديق الصغيرة التي تأسست خلال العقود الماضية، مثل صندوق العراق للتنمية الخارجية الذي يمتلك استثمارات مع شركات عربية مشتركة بحدود 3 مليارات دولار ويتلقى أرباحا لكنها ليست كبيرة، ولا يمكن اعتبار تلك المبادرات تتماشى مع شروط الصناديق السيادية بسبب ضخامة استثماراتها، وفق خبراء.
كما تمتلك بعض الدول العربية صناديق سيادية تبلغ أصولها مئات المليارات من الدولارات، مثل الصندوق السيادي التابع للهيئة العامة للاستثمار الكويتية، وكذلك صندوق الاستثمارات القطري، وصندوق الثروة السيادية في أبو ظبي، وآخر في السعودية.
وكان يمكن للعراق استثمار مئات المليارات من الدولارات في حال امتلك مثل هذا الصندوق منذ سنوات، لكنها ذهبت هدراً، وسط مساعٍ لاستعادة بعض تلك الأموال المنهوبة بالتعاون مع دول أخرى.