تفاقم الصراع السني على خلفية التنافس لرئاسة البرلمان.. والحلابسة يهددون بالاقتصاص من مثنى السامرائي وأحمد الجبوري
الخلافات السياسية تتحول إلى عشائرية
انفوبلس/..
بعد فشل مجلس النواب العراقي في اختيار رئيس له، خلال جولات التصويت المتعددة نتيجة الصراعات والتشابكات بين الأعضاء، ارتفعت حدّة هذه الصراعات حتى تطورت إلى اشتباكات بالأيدي بين النواب في الجلسة، ليُبدي العديد من السياسيين والخبراء قلقهم من استمرار هذا الصراع وتأثيره على أداء السلطة التشريعية.
ورفع مجلس النواب العراقي، جلسة انتخاب رئيسه، مساء السبت الماضي، إلى إشعار آخر، بعد أن أخفق في عقد جولة ثالثة "حاسمة" ترجح كفة أحد المرشحَين النائب سالم العيساوي عن حزب السيادة، ومحمود المشهداني المدعوم من حزب تقدم، إثر اندلاع مشادة كلامية وتضارب بالأيدي بين نواب من تقدم وزملاء من كتل أخرى.
وتسببت جلسة انتخاب رئيس جديد للبرلمان، باندلاع خلافات عشائرية بعد أن توعد عدد من أبناء عشيرة النائب هيبت الحلبوسي بالقصاص من النائبيَن أحمد الجبوري ومثنى السامرائي.
الخلافات السياسية تتحول إلى عشائرية
وقال الشيخ عبد الحميد سالم الدليمي، في حديث صحفي، إن "عددا من أبناء عشيرة النائب هيبت الحلبوسي نظموا تجمعا عشائريا، بقضاء الكرمة شرقي مدينة الفلوجة، متوعدين بالثأر من النائبَين أحمد الجبوري ومثنى السامرائي".
وأضاف الدليمي، إن "عشيرتي النائبين الجبوري والسامرائي، حذرتا من تصعيد المواقف، على اعتبار أن ما حدث هو خلاف سياسي".
وتابع، إن "الخلافات السياسية السنية انتقلت بشكل خطير الى خلافات عشائرية وسط تحذيرات من عواقب وخيمة".
وفي التجمع الذي وقف فيه مجموعة من أبناء عشيرة الحلابسة، وصف المتجمعون اعتداء مثنى السامرائي وأحمد الجبوري على هيبت الحلبوسي بـ "ولية بعورة" متوعدين بالاقتصاص منهم.
صراع سُني يتصاعد
وصوت مجلس النواب على مرشحي رئاسة مجلس النواب، إلا أنه لم يحصل أي مرشح على النسبة القانونية (النصف زائد واحد)، أي بواقع 166 صوتا، لتبوُّء هذا المنصب.
وحصل مرشح كتلتي عزم والسيادة، سالم العيساوي على 158 صوتاً ومرشح حزب تقدم الذي يرأسه رئيس مجلس النواب المقال محمد الحلبوسي، محمود المشهداني على 137 صوتاً.
ووضعت المادة 55 من الدستور العراقي، والمادة ثالثاً/ 12 من النظام الداخلي لمجلس النواب، البرلمانيين في حيرة عند انتخاب رئيس المجلس لكونهما اشترطتا حصول المرشح على النصف زائد واحد من أصوات النواب ليصبح رئيساً للمجلس، حتى وإن حصل المرشح على أصوات أعلى من غيره من المرشحين في نتائج الاقتراع، إلا أنه ما لم يجتَز حاجز الـ "نصف+واحد" لا يُعد فائزاً.
عدم حسم موضوع الرئاسة، دفع أعضاء تابعين لحزب الحلبوسي، افتعال مشادات ومشاجرة داخل البرلمان تدخلت على إثرها القوات الأمنية المكلفة بحماية المجلس ما اضطر رئيس البرلمان الى رفع الجلسة الى إشعار آخر.
ما حدث يعبّر عن عمق الخلافات والانقسام بين الكتل السنية، والصراع على منصب رئاسة مجلس النواب الذي يرى كثيرين أن من يحصل عليه فإنه يحصل على الزعامة السنية.
تشابك بالأيدي
ورفض رئيس مجلس النواب بالإنابة محسن المندلاوي، تقديم أكثر من مرشح في الجولة الثالثة لانتخاب رئيس للبرلمان.
وشهدت الجلسة تلاسُناً وتشابكاً بالأيدي بين أعضاء القوى السياسية السنية في مجلس النواب، وكان بطل هذه الحادثة هو النائب هيبت الحلبوسي، الذي وصفه الجميع بالبلطجي، بعد أن قام بالاعتداء على النائب مثنى السامرائي.
وأقدم نواب حزب تقدم على إثارة ضجة ومنع عقد جلسة الجولة الثالثة لانتخاب رئيس البرلمان، السبت، بعد أن حصد المرشح سالم العيساوي على أصوات أعلى من محمود المشهداني الذي دعمه تقدم لمنصب رئيس البرلمان.
وأدت الضجة الى نشوب خلاف وشجار عنيف بين نواب تقدم من جهة ونواب القوى السنية الأخرى من جهة ثانية، ما أدى الى رفع الجلسة وفشل انتخاب رئيس البرلمان مرة أخرى بعد مرور 6 أشهر دون رئيس برلمان عقب إنهاء عضوية الحلبوسي من المجلس.
أسباب خشية الحلبوسي من العيساوي
وتؤكد مصادر سياسية، أن "خشية الحلبوسي من وصول العيساوي لهذا المنصب، له سباب كثيرة، منها فقدانه للزعامة السنية من جهة، وكذلك فقدانه لمكانته في الانبار على اعتبار أن العيساوي من نفس المحافظة".
وهذا الأمر فصّله القيادي في تحالف الانبار الموحد، محمد دحام، الذي رأى أن ارتباط الزعامة السنية بمنصب رئيس البرلمان.
وقال دحام، في حديث صحفي، إن "البيت السني اعتاد منذ عام 2005 والى يومنا هذا على الزعامة، حيث إن من يمتلك رئاسة البرلمان يكون زعيما على المكون".
وأضاف، إن "المكون السني لا يمتلك زعامة عشائرية ولا دينية ولا سياسية، بل إن رئاسة مجلس النواب هي الزعامة لهذا المكون".
وتابع، إن "فقدان المكون السني لرئاسة مجلس النواب هو فقدان هذه الزعامة".
البرلمان نحو جولة ثالثة
وأكد الخبير القانوني علي التميمي، أحقية مجلس النواب إجراء جولة ثالثة لاختيار أحد المرشحين لرئاسة البرلمان، مشيرا إلى أن لا اعتراض قانونياً على ذلك.
وقال التميمي، إنه "في حال عدم انتخاب رئيس ستكون هناك جلسة جديدة في موعد آخر". مبينا، إن "الشرط الأساسي هو حصول المرشح على 166 صوتاً ويكون الاقتراع سرّي ومباشر".
ولفت إلى، أنه "كانت هنالك جلسات جديدة يجب أن يحصل من خلالها المرشح على هذه النسبة".
الصراع السني عميق جدا
رئيس مركز أفق للدراسات جمعة العطواني، أكد أن الصراع السني السني حول رئاسة البرلمان كبير وعميق جدا.
وقال العطواني في حوار متلفز، إن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لم يتدخل في جلسة اختيار رئيس البرلمان ولا يوجد أي دليل يشير إلى تدخل الحكومة الاتحادية في اختيار رئيس البرلمان".
وأضاف، إن "الشخصيات المستقلة في داخل البرلمان هي من تفتعل الشوشرة في البرلمان دائما للابتزاز المالي والسياسي، وإن إشاعات تدخل رئيس الوزراء باختيار رئيس البرلمان كاذبة ولا يوجد أي دليل على ذلك".
وتابع، إن "الصرع السني السني كبير وعميق جدا ويجب أن يُحل في أسرع وقت من أجل حل أزمة البرلمان، لافتا الى أن بقاء مجلس النواب حاليا على ما هو عليه قانوني ودستوري".